تعوّد أن يضع هاتفه المحمول في الجيب الواسع الممتد مع فخذه الأيسر في البنطلون المتسخ والملطخ بألوان الدهان وماتخلفه السيارات التي ينبطح لمرات ومرات أسفلها من الصباح حتى المساء. شعر بإهتزاز الهاتف، وعرف إنه إشعار من حبيبته، نظر الى الفناء الواسع في مرآب السيارات، ولم يكن رب العمل موجودا حينها. ربما كان يمارس عادته السرية اليومية حين يتوجه الى الحمام، ويطيل المكوث فيه. فهو مصاب بداء السكري اللعين، ويضطر للإختباء في الحمام، ويظل يتبول من حين لآخر. كان صديقه أخبره أن الدارسين المستورد من جزيرة سيلان ينفع في تخفيف نسبة السكر في الدم، ويساعد في إنتاج المادة التي تساعد على حفظ التوازن لمادة الأنسولين.
قرأ الفتى الملطخ بالدهان الرسالة التي وصلته من حبيبته طالبة الماجستير في الجامعة. كتبت، بينما كانت تقرأ وتراجع موادها الدراسية، أحبك ياسيد الرجال.. فجأة، وبينما كان منشغلا في تفسير العبارة، سمع صوتا مدويا ومزلزلا آتيا من جهة الحمام، إشتغل ياحمار، يالك من كلب حقير، تنشغل بهاتفك وتترك سيارات الناس دون أن تجهد نفسك في تصليحها. وأسرع الى هاتفه ووضعه في جيبه الممتد مع إمتداد فخذه الأيسر، وواصل المهمة، لكنه ظل يفكر في معنى، سيد الرجال، وقد فهم كما يفهم كل الذكور أن تقول أنثى متعطشة لرجل، أحبك. لكنه لم يفهم، أو لم يتسع فهمه لكلمة ياسيد الرجال، ففي لحظة قراءته للكلمة سمع كلمة أخرى مناقضة، وغير مرغوبة، وتثير فيه كوامن الرغبة بقتل صاحب المرآب حين يسمعه كل يوم وهو يكرر ياحمار ياحمار ياحمار، وفي أحيان أخرى يقول، ياحمار ياإبن الحمار.
كانت البنت طالبة ماجستير في إختصاص مهم جدا وتقوم بالدراسة والبحث المعمق لعدة ساعات يوميا، لكنها كانت ضحية الفيس بوك كغيرها من النساء اللاتي تعودن أن لايدرسن الشخصيات الذكورية وينسقن الى رغبة حمقاء، فتجد الواحدة منهن تجري خلف ملطخ بالدهان، وأخرى لديها تحصيل علمي وتعمل في مؤسسة، وقد تعلقت بسائق سيارة أجرة بالكاد يوفر لقمة عيش أسرته ويدخر لتصليح الأعطال اليومية في سيارته المتهالكة، ومثلهن كثيرات. وهذا مايثير الإستغراب في بعض الشخصيات التي تتعمد الذهاب الى المنطقة الخطرة، ولاتفكر بالند، أو الشخص المقابل، وتندفع مع من هب ودب، وتقع في مطبات غريبة للغاية ومدهشة، وهو مايدعو الى التساؤل عن نوعية النساء اللاتي يفكرن بهذه الطريقة، وجدوى البحث في نوع التفكير الذي يتبعنه في تقرير نوع العلاقات الإجتماعية.