مهما تنوعت وتباينت رغبات وطموحات وتطلعات الشباب وأمانيهم والمخططات التي يرسمونها لمستقبلهم ويبذل أغلبهم جهودآ مضنية في سبيل تحقيقها تبقى لكل محطة من محطات هذه التطلعات والمخططات بوابة لدخولها ، ولا تتوقف طموحات الشباب عند باب واحد وسقف محدد بل تكاد تكون تطلعاتهم متجددة ومخططات حياتهم تتوالد نحو مستقبل واعد وعيش رغيد وسعادة لا تتوقف وعطاء لا ينتهي وتأمين لحياة زوجية بهيجة وبناء أسرة هانئة ، هذا ما جبلت عليه النفس الإنسانية بكافة أعراقها وقومياتها وأديانها ومذاهبها ولونها وجنسها ولغتها وجغرافية تواجدها . ربما في العراق الأمر يختلف على ضوء المعطيات الملموسة والحاضرة دائمآ ومتقلبات الأوضاع وأعتقد أن الشباب العراقي على مدى عقود من الزمن المعاش لا تتخطى طموحاتهم المستقبلية أبعد من الشعور بالأمان على حياتهم دون خوف أو وجل في يومهم والإطمئنان على غدهم والرضا بالحد الأدنى من الإستقرار المعيشي وسقف يحميهم من حرارة صيف وبرودة شتاء وقبول غير مقنع بهذا الواقع وعلى مضض لتسير بهم دوامة الحياة ويحسبون أيامها الى أن يحين سقوط أوراق شجرهم في خريف أعمارهم ، ومع بديهية وبساطة هذه الأمور إلا أن فقدانها جعل الكثير من الشباب إما أن يتشبثوا بالبقاء تبعآ لظروفهم المقيدة لهم ولا مناص من تمني النفس بالسعي الى حلحلتها والخلاص منها أو يشدون الرحال كلما سنحت لهم الفرصة دون رقيب أو حسيب هروبآ نحو المجهول مما يلاقوه إن عاجلآ أو آجلآ وبالتالي لا تشكل الحياة أي طعم لهم لولا الشهيق الذي يتنفسوه والزفير الذي يتبعه وتبقى طموحاتهم ومخططاتهم لا تتعدى نسج خيالاتهم في اليقظة والمنام ، وحتى وهم في المهجر وعبر البحار والمحيطات تبقى نزعاتهم النفسية غير مستقرة وتوجسهم مما يحيط بهم وأقل مايقال في توصيفهم يعيشون حالة من الإنعزال الفردي والأسري داخل المجتمع الذي لاذوا به ولا يستطعمون السعادة إلا بقدر محدود لا تفتأ أن تتخللها حالة حزن ممزوجة بألم فراق الأحبة والوطن .