في أجواء ربيعية رائعة وساحرة، وأنت تراقب رذاذ المطر ينهمر على زجاج سيارتك، ترى من النافذة مشاهد الشتاء ممزوجة بأجواء ربيعية خلابة، لتأخذك السيارة بعد ذلك إلى منطقة جنوب الموصل، حيث تنعطف يسارًا إلى جسر الشهداء، هذا الجسر الحيوي الذي نجح في ربط الجانب الأيمن بالأيسر، موثقًا صلة الأرحام بين أبناء العمومة هناك…
نعم، عبرنا بالسيارة نهر دجلة، ونحن نستحضر الذكريات إلى عالم قريب من الماضي، إلى ذلك الصيف الذي كنا نقضي فيه معظم أوقاتنا على ضفاف النهر ورماله الحارة في ليالي الصيف الحارقة، وأمامنا مشهد البساتين الخضراء لقرى الساحل الأيسر…
أيام وذكريات جميلة قد غمرتها واستعمرتها التكنولوجيا الحديثة، فلم أشاهد للبساتين أي أثر هناك، ولم أجد سوى أراضٍ غير مزروعة وحويجة خالية من نبات الطرفة والحليان… أين هم أصحاب الأراضي وأين الفلاحون الذين وصلت منتجاتهم إلى خارج العراق؟
توجهنا بعد عبور الجسر إلى قرية الذيبانية، ومررنا في الطريق بقريتي حويجة الحصان والرزاقية لنصل بعدها إلى وجهتنا المقصودة، إلى أحد مضائف قبيلة الجبور، أحد مضائف عمامنا الجدوع، هذه العائلة العريقة التي أثبتت وجودها من خلال الأفعال والأعمال الجليلة التي قام بها في حينها جدهم الأول الشيخ جدوع الكليب وخليفته الشيخ أحمد الجدوع، الملقب فانوس الحاوي، هذه العائلة التي يعود لهم الفضل في تثبيت تلك القرى لذريتهم وأبناء عمومتهم قبل أكثر من قرن من الزمن.
وما إن توقفت سيارتنا عند مضيف الأخ ضياء سالم الجدوع، صاحب الدعوة، حتى وجدنا حسن الاستقبال الذي نعجز عن وصفه بكلماتنا، وحفاوة المستقبلين لنا هناك من صاحب المضيف وأبنائه الكرام وجميع أبناء العمومة من أهالي قرية الذيبانية…
ما أجمل تلك المناطق بطبيعتها الخلابة، وما أجمل طيبة أهلها بقلوبهم البيضاء الصافية ومضايفهم العامرة بجودها، وما أكرم الجدوع وأنت تدخل بيوتهم لتجد حفاوة الاستقبال والكرم الذي ليس له حدود،
نعم إنهم خير خلف لخير سلف. وبعد أن جلسنا في مضيف الأخ ضياء سالم أحمد الجدوع وأولاده، توافد علينا وجهاء القوم وأصحاب المقامات الموجودة في القرية، وكان في مقدمتهم الشيخ أحمد إبراهيم يوسف التركي الجدوع، وعدد من أبناء عمومته وهم كل من الإخوة سبهان وفيصل ومحمد وسعد وأحمد وفارس ووعد وسعد، أحفاد آل جدوع، وحضر الدعوة أيضًا الاخ والصديق الأستاذ باسم العطية، والأستاذ مثنى النجم، والأخ طه العطية، وكل من الإخوان حسين العزيز، والأخ يحيى الجمعة من قرية أرفيله، والأخ نوفل العبيدي، وابن الأخت عادل الخضير…
نعم يا آل جدوع، إن كل ما نكتبه بأقلامنا هذه لننقل الحقيقة لكل القراء الأكارم ونقول بكلماتنا البسيطة والمعبرة عن الواقع وبدون مجاملة أو انحياز لأحد، إن هذه العائلة التي حافظت على عاداتها وتقاليدها رغم الظروف التي مرت بها البلاد إلا أنهم ما زالوا متمسكين بعراقيتهم ووطنيتهم ولا يقبلون المساس بأصالتهم وعاداتهم وتقاليدهم لا من بعيد ولا من قريب…
هكذا عرفناهم وهكذا هم باقون في طريقهم الوطني الطريق الذي رسمه لهم أجدادهم العظام بكل مسمياتهم ومقاماتهم…
شكرًا للأستاذ ضياء سالم أحمد الجدوع ولكل أبناء عمومته ولكل أهالي قرية الذيبانية ولكل قرى الساحل الأيسر في منطقة جنوب الموصل الذين ما زلنا نتواصل معهم في كل المناسبات والمحافل الاجتماعية…