مرعي مقالًا بعنوان ” لا تنتقدوا الفاسدين لكي لا يضعوكم في السجن”، فرد عليه أحدهم وقال: “إنهم أجبن المخلوقات”
المقال مزامنا ليوم حرية الصحافة، التي يأمل منها العراقيون أن تكون سلطة رابعة، قادرة على انتقاد السلطات وتقويم العملية السياسية، التي لم يعد الإعلام لوحده ينتقد عيوبها، بل باعتراف قادتها بأن معظمهم فشل في أداء مهامه، إن لم يكن شريكًا في الفساد والفشل، فهو لم يستطيع تشخيص الخلل وإيجاد حلول لمعوقاتها.
ينعقد الأمل على الصحافة،كي تكون رائدة وقائدة للرأي العام للتأثير على صناعة القرار وتقويم المسار، ولا ننسى أنها سلطة رابعة تنطلق من الشعب وتعيش وسط معاناته، وكل الذين يعملون بهذا المجال ويبتعدون عن أولئك المتملقين والعائلين على فتات موائد الفاسدين، فهم ينطلقون من الحياة اليومية بحلوها ومرها، ورحمة مسؤوليها الذين فسدوا ولا يتلفتون الى شعب يواجهة غلاء الأسعار وانقطاع الكهرباء والعواصف الترابية وفقدان الأمن والحالات الطارئة على المجتمع، وبذلك لا ينتظرون ما تقوله السلطات ويملي على الشعب جديده القاسي وكل ما فات عليه مات، فيكشف الإعلام ما يخفى على الشعب، لا ما تكشفه خلافات الفاسدين من تبادل اتهامات، وقنابل موقوتة تطيح بالكبار وتسقط شعاراتهم.
من جملة الأخطاء الكبرى، ترى البرلمان يتخذ قرارات من خارج أسواره، وبعض الكتل مأمورة تنتظر متى يتفوه قائدها، كي تبدأ فلسفات تفسير ( الأطروحة) والأمزوحة وساعة الغضب ورد الفعل، وحديث الالتفاف والتحايل وخداع الشعب، حتى تصبح الحكومة ليست شكلاً لرأي الشعب، بل فعلاً لإرادة بعض القوى، أو أداة لإرادة خارجية.
إن القرارات والمواقف والتفاوض والتناحر، صارت محصورة بين رؤوساء الكتل، وأي اجتماع يريد تشكيل الحكومة ويتجنب الإنسداد السياسي، تراه ينحصر باجتماع ثلاثة قادة، أو اتصال هاتفي بين اثنين وسكوت الثالث، وهكذا بالنسبة للمخالفات ومنها الدستورية، فلا اعتراض على مخالفة حليف سياسي، وبغض النظر عن شعارات الإصلاح وتقويم العملية السياسية.
عُدَّ النائب بمثابة مدير أعمال المواطن، ويفكر بالحل قبل أن يطالبه، ويناقش ويبحث ويسهر على راحة المواطن، لكن معظمهم لا يملكون إرادة وكتلهم فرضت عليهم أن يكونوا مستمعين مطيعين وببغاوات لا تجد على ألسنتهم سوى ما لقادتهم يمتحدون، وليس لهم رأي وفي الاجتماعات لا يُستدعون، بل منهم من يمنعون حتى في التعليق على صفحات التواصل الاجتماعي، وإذا كان من ينوب الشعب بهذا الشكل ومهدد بالطرق من الكتلة أو الاغتيال وبذلك يقبلون ويخضعون، فإنهم بالفعل أجبن المخلوقات، وهم سجناء تحت وصاية كتلهم، وجبناء لأنك أن انتقدتهم سيلجؤون الى محاولة سجنك وإسكاتك، وبالفعل إنهم سجنوا شعبًا بفرض شعاراتهم وكسروا إرادته بإضعافة إقتصاديًا وإجتماعيًا وخدميًا، ولسان حال المواطن يقول اجتمعوا بمدير أعمالي، ولا يقرر مصيري أجبن المخلوقات السياسية، الذين يخافون من نقد فسادهم، فيسعون لتكميم كل الأفواه.