بقدر وجود الكثير من الصفحات المضيئة في تاريخ الأمة العربية الزاخر بالأمجاد والبطولات والمواقف الكبيرة والعظيمة ، ألا انه ومع الأسف توجد أيضا الكثير من الصفحات السوداء المخزية والتي ظلت ملتصقة بتاريخ هذه الأمة يجلّلها العار! ، الى يومنا هذا الذي يعيش فيه العرب، أكثر عصورهم أنحطاطا وذلة وسقوطا وجبنا وعمالة! ، حيث كان بيع الأوطان والعمالة للأجنبي والتعاون معهمقابل البقاء في الحكم والسلطة والجاه والمال ، هي أكثر صور التاريخ العربي وساخة وعارا الى يومنا هذا! . وقد بدأت قصة خيانة العرب لأوطانهم منذ عهد (أبو رغال) ،وهو من أهل اليمن العرب الأقحاح! ، حيث لم يألف العرب منذ الجاهلية أن خان أحد منهم قومه وباعهم وتعاملوتعاون مع الأجنبي ضدهم! ، ألا أبو رغال هذا ، الذي قبل أن يكون دليلا لجيش أبرهة الحبشي الذي جاء لهدم الكعبة! . ويبدو أن أبو رغال هذا قد قص شريط الخيانة والعمالة وفتح الطريق للكثيرين من بعده من العرب على مر العصور والأجيال والتاريخ ، بأن يتفقوا ويتعاونوا مع الأجنبي على حساب مصلحة أوطانهم وشعوبهم ، فصرنا نجد أكثر من أبو رغال ورغال بين العرب في زمنناالحاظر!. وهكذا أستمر مسلسل الخيانات العربية وبيع الأوطان مقابل الجاه والمنصب والمال! ، من أبو رغال مرورا بالسلطان (الكامل الأيوبي) وهو من أسرة الناصر صلاح الدين الأيوبي وأحد أحفاده الذي سلم القدس الى قائد الصليبيين الألماني فردريك الثاني!! مقابل أن ينتصر على بقية أخوته من الأيوبيين بعد أن دب الخلاف بينهم ، من أجل السلطة والجاه والبقاء على كرسي الحكم! ، ثم جاء دور وزير الدولة العباسية مؤيد الدين أبن العلقمي الذي خان وطنه وشعبه وتعاون مع التتار من أجل أسقاط بغداد وكان ذلك سنة 656 هجرية! ، وغيرها الكثير الكثير من الخيانات المخزية والمعيبة!، وهكذا أستمرت أحوال العرب بالتقهقر والتراجع والأنحطاط الى أيامنا هذه التي نعيشها.ولقد كان للخيانة العربية والعمالة الدور الكبير في موضوعضياع فلسطين! وجرحها العميق الذي يزداد أيلاما من 1948 والى يومنا هذا ، وقصة فلسطين وبيعها وعمالة الكثير من أهلها معروفة للجميع! ، وهو والذي مكن أسرائيلمن السيطرة على فلسطين وأستحكام قوتها عليها ، الى أن وصلت الأمور والأوضاع الى ما وصلت أليه الآن! . وهنا لابد من الأشارة بأن الخلافات التي حدثت بين منظمة حماس وكتائب الأقصى وباقي الفصائل الفلسطينية المسلحة ، كان لها أثرا كبيرا ليس في تقوية أسرائيل أكثر وأكثر بل في تصفية الكثير من القيادات الفلسطينية!المهمة والتي كان وجودها يشكل قلقا دائما وصداعا مزعجا لأسرائيل ،( مثل الشيخ أحمد ياسين أغتيل عام 2004 وعماد عقل عام 1993 ويحيى عياش قتل عام 1996 بهاتف ملغم عندما كان يتحدث مع والده في الضفة! وعبد العزيز الرنتيسي في 2004 وعدنان أبوالغول وأسماعيل أبو شتنب2003 وجمال منصور في 2001 وغيرهم الكثير) ، صحيح أن أسرائيل تمتلك أقوى الأجهزة المخابراتية والأستخباريةفي العالم وهي ( الموساد والشاباك) ، ولكنها لم تستطعأغتيال وتصفية خصومها ، ألا بوجود خونة وعملاء من الداخل تعاونوا معها ، وأستطاعوا رصد التحركات السريةلهؤلاء لحظة بلحظة وأبلاغها لأسرائيل ، حتى استطاعت أغتيالهم بأكثر من طريقة وطريقة وتخلصت منهم لكونهم كانوا يشكلون عبئا ثقيلا وكبيرا وخطيرا على أسرائيل! . ونفس الشيء يحدث الآن في لبنان وما يتعرض له ( حزبالله) من خيانات واضحة أدت الى تصفية الكثير من قياداته المهمة والهامة والتي تشكل العمود الفقري العسكري والأمني للحزب! بدأ من صفقات شراء أجهزة ( البيجر والهوكي توكي) والتي أدت الى مقتل المئات من عناصر الحزب وأنتهاء بتصفية القيادات التي تعتبر الأذرع القوية للسيد حسن نصرالله ومنهم ، (أبراهيم عقيل ، فؤاد شكر، محمد ناصر ، محمد ضيف ، طالب عبد الله ، العاروري ، ومحمد حسين سرور قائد وحدة الصواريخ )، أضافة الى عناصر من (قوة الرضوان) التي تعتبر اليد الضاربة والقوية لحزب الله ، ومسلسل الأغتيالات مستمر ولم يتوقف لحد الآن! ، وحقيقة أن اغتيال هؤلاء القادة ، شَّل كثيرا من حركة الحزب وأربك عمله! ، لا سيما وأن السيد حسن نصرالله تفاجأ عندما وجد نفسه وحيدا يقاتل العدو الصهيوني بلا ناصر وبلا معين!!؟ . ولا بد من الأشارة هنا بأن أسرائيلقد سجلت فرقا شاسعا وتفوقا كبيرا على حزب الله فيموضوع تكنلوجيا المعلومات التي تعتبر سلاح الحرب الحديثة الآن ، حتى وصفوا حزب الله بأنه يعيش في العصر الحجري بالمقارنة مع أسرائيل!! . وحقيقة أن مقولة(القلاع والحصون لا تسقط ألا من الداخل) تجسدت بشكل واضح في كل ما جرى ويجري وسيجري وما تعرض له حزب الله وقبلها أيضا في غزة من خروقات أدت الى ما أدت أليه من فواجع وفقدان الكثير من قياداتهم! . فمع قوة الأجهزة المخابراتية والأستخبارية ألا أن أسرائيل تعتمدبشكل رئيسي في تصفية خصومها أيا كانوا ! على المعلومة الداخلية عن طريق تجنيدها للكثير من العملاء من الداخلوالذين لديهم كل الأستعداد للتعاون مع أسرائيل!!؟ ، وقد تم القاء القبض على عدد من هؤلاء الخونة والعملاء!! ، من قبل القوات اللبنانية وعناصر حزب الله . أخيرا نقول : ما يؤسف له أن الخيانة والعمالة للأجنبي ، لم تعد تشكل عائقا نفسيا واجتماعيا واخلاقيا لدى الكثيرين من مواطني أمتنا العربية ، في زمننا الحاظر ، لا لهم ولا لعوائلهم! ، فالعميل والخائن مستعد ان يبيع وطنه ، أو يلحق الأذى والضرر به من أجل حفنة من الدولارات! . ويبقى السؤال قائما ويحتاج الى جواب : لماذا تكثر الخيانات العربية على مر التاريخ لصالح أعدائها؟؟! ، ولكن لم يحدثنا التاريخ عن خياناتحدثت في صفوف الأعداء لصالحنا؟؟ وأن وجدت فهي لا تعد على أصابع اليد! ، وليدلني أحد ان إسرائيليا تعاون معنا ضد بلده منذ 1948 ولحد الآن ؟؟.