23 ديسمبر، 2024 5:39 ص

أثر الحشود الشعبية على الأفراد

أثر الحشود الشعبية على الأفراد

تبدأ الجماعة تكوينها من وجود فردين أساسيين أو أكثر تضمهم علاقة صريحة واضحة تجمعهم في نطاق شعور نفسي متبادل سواء أقام ذلك الشعور في هدف اقتصادي أو تعليمي أو راحة أو سلالة في قرابة أو مصاهرة أو صلة جغرافية أو مكانية وصولا الى سكان المخيمات والكرفانات.

فأفراد الأسرة وطلاب المدرسة وعمال المصانع وموظفو المكتب وجنود الجيش والحشد الشعبي والعشائري ..كل هذه الأمثلة وأشباهها تقدم لنا نماذج من الجماعة الإنسانية التي تعتبر مرجع للفرد.

وحياة الجماعة تشبع دافعا أساسيا في التكوين النفسي للإنسان كما أن دوام حياة الإنسان وتحقيق رغباته ووسائل عيشه تعتمد أساسا على حياة الجماعات بشتى أنواعها ومستوياتها.

كل فرد يشعر بوجود غيره من الناس ويتكيف في سلوكه معهم. كما أنه يتوقع من الآخرين أنواعا من السلوك. فهو فرد له بيئته النفسية الاجتماعية التي هي كل ما يتصل بعلاقاته وآماله وصدق أعماله من سخط أو إعجاب وما يتعلق بذلك من حقوق وواجبات. البيئة النفسية الاجتماعية تلازم الإنسان حيث كان لا تنفصل عنه ولا هو ينفصل عنها ولا يستطيع إنسان أن يقوم بسلوكه دون أن يهتم بأعمال الآخرين سلبا وإيجابا. بل ان كل إحساس وإدراك وانفعال لدى الإنسان انما هو نتيجة تفاعله مع محيطه النفسي والاجتماعي بحيث لو زال ذلك المحيط لزال معه كل شيء حتى الإنسان نفسه كإنسان. البيئة الاجتماعية تتألف من جماعات داخلية متعددة هي أشبه بالحلقات التي قد يلتقي بعضها في حياة الإنسان مثل جماعة الأسرة الوالدية أو الزوجية أو الصداقة أو الزمالة أو الجوار أو مع جماعة أو فرد معاد له.

ان البيئة النفسية مع الأفراد المحيطين في التجمعات السابقة وأمثالها على اختلاف درجاتها ومساحاتها ومستواها تتألف من مواقف. من أمثلتها: موقف الأم من رضيعها، الزوج مع زوجته، الأب مع أبنائه، المعلم وهو يلقي درسه على طلابه، القائد مع جنده، المتكلم مع سامعيه أو الكاتب مع قرائه، التاجر مع زبائنه أو البرلماني مع ناخبيه..الموقف هو الظروف والعوامل النفسية الاجتماعية التي يتفاعل معها الإنسان، وما يصدر عنه من استجابات سليمة أو شاذة. فالموقف النفسي الاجتماعي يتضمن ثلاثة عناصر أساسية هي:

1ـ المثيرات المنبهات:

هي كل تغير في البيئة المحيطة سواء أكانت مادية طبيعية أو إنسانية أو نفسية داخلية وخارجية.

2ـ التكوين النفسي للإنسان:

هو يستقبل المثيرات مهما كان مصدرها حيث تقوم الفعالية المركزية للفرد في أبعاده الجسمية والإدراكية والروحية والانفعالية والخلقية وما لدى الإنسان من خبرات وإطار مرجعي حين يتفاعل كل ذلك في نوعية استقبال المثيرات ودرجتها وبالتالي في نوعية الاستجابات المختارة.

3ـ الاستجابة الإنسانية:

هي ما يظهر على الإنسان من ردود أفعال قولية أو سلوكية أو تعبيرية ظاهرة أو باطنة. تعمل العقيدة والتنشئة والتربية والثقافة السائدة والأخلاق العامة أثرا كبيرا في تحديد الاستجابات، اعتيادا أم شذوذا واستقامة أو انحرافا.

ان هناك نوعا من التوافق والترابط بين عوامل التحريك المثيرة وبين الإنسان نفسه وبين الاستجابات. فالفرد قد يستجيب لبعض المثيرات في محيطه دون غيرها، بينما غيره يستجيب لأنواع أخرى، لكن وحدة التربية الاجتماعية والروحية والفكرية تجعل أفراد المجتمع أكثر انسجاما وتقاربا مما يحقق وحدة الجماعة في بنائها النفسي وهذا أساس كل وحدة أو تضامن أو تقارب.

الفرد يعيش مع المجتمع ضمن جماعة شخصية خاصة به، بشعوره وعواطفه واهتماماته، يتأثر بها ولو كان بعيدا عنها الى أجل قريب أو بعيد وهذه الجماعة النفسية يرتبط الفرد بها طواعية إذا شاء مثل الحشود الشعبية والعشائرية أو قسرا مثل المخيمات والكرفانات، وفي كل الحالات واجب رعايتها رسميا وشعبيا.