19 ديسمبر، 2024 4:34 م

“أثاث ” نزارباييف قد يقلب المعادلة الدولية!

“أثاث ” نزارباييف قد يقلب المعادلة الدولية!

أفضت الاحتجاجات على غلاء المعيشة والفساد في كازاخستان، الى خفض سريع لأسعار الطاقة وإقالة الحكومة؛ وإلقاء القبض على آلاف المتظاهرين،وقتل أعداد غير قليلة من المسلحين، بعد ان أمر الرئيس الكازاخي قاسم توكاييف بإطلاق النار دون سابق إنذار.
واذا كانت حركة الاحتجاجات السلمية، تلطخت بعصابات النهب والسلب، وحرق ممتلكات عامة، ومحلات تجارية،تحت سمع وبصر أجهزة حفظ النظام، فانها في المحصلة النهائية، حققت للرئيس الذي كان قبل الثالث من الشهر الجاري، يوصف بانه ” اثاث”للحاكم الحقيقي نزارباييف،فرصة لانتزاع صلاحيات واسعة من ألرئيس السابق،مؤسس كازاخستان ما بعد الحقبة السوفيتية، وإطاحة شخصيات متنفذة، وعزل مسؤولين ، كان الرئيس المتقاعد، زرعهم في أجهزة الدولة، صمام أمان لاستمرار حكم أسرته.
اذا واصل توكاييف،حملته على مراكز القوى،فانه قد يعيد الاستقرار الى كازاخستان في وقت ليس بالبعيد، على وقع الأحكام الثقيلة التي تنتظر المعتقلين والموقوفين،وتصل الى السجن المؤبد،وفقا لما اعلنه الادعاء العام الكازاخي.
جاءت أحداث كازاخستان،قبل اسبوع من المباحثات الروسية الأميركية المزمعة في العاصمة الأوربية للامم المتحدة، جنيف، الاثنين القادم، على مستوى نواب وزراء الخارجية، لبحث الضمانات التي تطالب بها موسكو من حلف الناتو والولايات المتحدة بعدم توسع الناتو، نحو حدود روسيا، والتخلي عن مشروع ضم الجمهوريتين السوفيتيين السابقتين، أوكرانيا وجورجيا، الى المنظومة العسكرية والامنية للحلف.
واضح ان الاضطرابات الدموية في كازاخستان،تخدم المفاوض الروسي في جنيف، فقد عزز التدخل العسكري لقوات معاهدة الامن الجماعي، وفي مقدمتها روسيا، موقف موسكو أمام الناتو، بان الكرملين، هو القادر وحده ، على ضبط إيقاع،التطورات في الساحة السوفيتية السابقة.
يذكر ان الرئيس فلاديمير بوتين، كان دعا الغرب والولايات المتحدة في خطابه أمام الدورة العمومية للامم المتحدة عام 2013 الى عدم عرقلة الدور الروسي في المجال السوفيتي السابق، مقابل عدم تدخل روسيا في المجال الحيوي لحلف الناتو.
حينها لم تجد دعوة بوتين اذانا صاغية ، بل اعتبرتها واشنطن، إعادة تقاسم العالم، وكأن اليانكي الأميركي، حمل وديع، وليس كلب حراسة، يسوق أنظمة بكاملها، كالقطيع.
اليوم، يبدو ان المفاوض الأميركي، مضطر للاستماع باهتمام الى انذارات بوتين، اثر الدور الحاسم للقوات الروسية في الحدث الكازاخي المدوي، والذي فاجأ الجميع، بمن فيهم الرئيس المتقاعد نزارباييف، الذي اعتقد ان نقل السلطة، لوريث يضمن مصالح أسرته وسدنة نظام استمر ثلاثة عقود، سيحقق الاستقرار حتى نهاية العمر.
بفضل احداث كازاخستان،تحول تجمع معاهدة الأمن الجماعي، من كيان شكلي، يعقد مؤتمرات دورية بروتوكولية، الى منظمة متحركة ، قادرة على التدخل السريع، بقرار من موسكو، وقبول غير مشروط من الحلفاء في المعاهدة،أرمينيا وبيلاروس، وطاجيكستان، وكازاخستان وقيرغيزستان التي تاخرت قرابة يومين ، قبل ان ترسل قوات رمزية من بضع مئات في عداد قوات ” حفظ السلام” الى الجارة القريبة، حدوديا وعرقيا ودينيا، وتاريخيًا ، كازاخستان.
وليس بعيدا ، ان يشهد العالم قيام حلف عسكري، نواته منظمة معاهدة الأمن الجماعي، تضم في عضويتها، دولا في آسيا، تشعر هي الاخرى بخطر العربدة الأميركية وزحف الناتو.
و من غير المستبعد أيضا ؛ ان يراجع الرئيس الكازاخي توكاييف، اذا تمكن من القضاء على المراكز المالية لصيقة الصلة بسلفه،مبدأ أفضلية الاستثمارات الاميركية على الروسية في اقتصاد بلاده، مخالفا بذلك سياسة نزارباييف الذي كان يفتح يديه على وسعها مرحبا ببوتين، لكنه يضيق على الاستثمارات الروسية، خوفا من تعزيز النفوذ الروسي في بلد، يعتقد القوميون الروس، وبوتين معهم ، ان جزءا من سيبيريا الروسية ضُم الى اراضيه ، بجرة قلم مجحفة من البلاشفة الأمميين، حقبة الدولة السوفيتية.
تهدأ مدن كازاخستان الواحدة بعد الأخرى، ويتم حساب الخسائر والأرباح، ليس على مستوى العدادات الداخلية، فحسب؛ بل إقليميًا وعالميا، ذلك لان مبدا مصائب قوم عند قوم فوائد، قائم منذ بدء الخليقة.
الم يُطرد آدم من الجنة،بتحريض من إبليس ؟!

أحدث المقالات

أحدث المقالات