جاء فى كتابات يوم أس الاربعاء بأن مجلس الوزراء اقر أمس أتفاقية تنظيم الملاحة فى خور عبد الله بين العراق والكويت بعد جدل سياسى أستمر عامين بين البلدين ، وقال أمين عام مجلس الوزراء فى مؤتمر صحفى مع نائب رئيس الوزراء بان أهم قرارات مجلس الوزراء الموافقة على الاتفاقية التى وقعت بشكل أولى فى وقت سابق ،
ليس من المعروف تفاصيل هذه الاتفاقية ولكن فيما يبدو بأنها تجيز ما قامت به الكويت ببناء ميناء مبارك الكبير فى جزيرة بوبيان وهو ما يؤثر حتما على الممر الملاحى الى ميناء أم قصر ويضيق على مداخل ومخارج هذا الميناء الذى يعتبر الميناء العراقى الرئيسى على الخليج العربى ،لقد صدرت تقارير وتصريحات مختلفة من الجانبين العراقى والكويتى عن هذا المشروع الكويتى وبعضها تصريحات هستيرية ، وبنظرة موضوعية للامر فأن الكويت ليست بحاجة الى هذا الميناء ولا يشكل لها اية أهمية الا الحاق الضرر بميناء أم قصر كما أن الجدوى الاقتصادية للمشروع غير متوفرة ألا فى حالة واحدة وهى أستخدامه كمنفذ للتجارة العراقية على حساب ميناء أم قصر ، فالجزيرة غير مسكونة ولا تتوفر بها أية مادة اقتصادية معدنية أو غير معدنية ولا حتى مياه الشرب أو أقامة مشاريع أقتصادية فكل مقومات الميناء ستأتى من خارج الجزيرة وحتى الايدى العاملة فيه ، أذا فالثلاثة مليار دولار التى ستنفقها الكويت لن تستفيد منها شيئا اللهم الا أذا أعتبرتها من أموال التعويضات العراقية التى لا تستحقها أصلا وبذلك ينطبق عليها المثل الشهير ” مال الماء للماء ومال اللبن للبن ” ، والامر المثير للاستغراب هو تصريحات بعض المسؤولين العراقيين غير المبالية أو المؤيدة لهذا الميناء ، ويصاب المرء بالدهشة عند ما يقارن بين هؤلاء وبين رجال عظام فى الثلاثينات والاربعينات الذين لم يتنازلوا ابدا عن حق العراق فى خور عبدالله وجزيرتى وربة وبوبيان وفى ميناء أم قصر ، فقد أصدرت مديرية الموانىء العراقية فى 12 / 5 / 1942 بيانا فرضت فيه رسوما على السفن التى تدخل خور عبدالله الى أم قصر وأحتجت السفارة البريطانية على البيان وأعتبرته أستفزازيا وطلبت من الحكومة العراقية سحب البيان وكان جواب نورى السعيد أن رفض الاحتجاج بشدة وقال أن سحب البيان يعنى تخلى العراق عن جزء من سيادته . أما وزير خارجية العراق توفيق السويدى فقد حصل على وعد من وزير خارجية بريطانية ( اللورد هاليفاكس ) عام 1938 بتعديل الحدود بين العراق والكويت لتدخل الجزيرتين وما يقابلهما على الارض فى حدود العراق ( لكن المسؤولين الانكليز كعهدهم سرعان ما تراجعوا عن هذا التعهد رغم اصرار العراقيين عليه وتذكير المسؤولين الانكليز فى لندن وسفارتهم فى بغداد مرارا وتكرارا بضوروة تنفيذه (1) . يصاب المرء بلا شك بالدهشة لهذه التنازلات غير المبررة ولمصلحة من تقدم وما هو الدافع لها وهل هانت المصلحة الوطنية الى الى الدرجة التى لم يعد التمييز فيها بين مصلحة الوطن ومصالح الذين يسعون الى الاضرار به بل أن الاضرار بمصالحه أصبح نهج سياسى لا تخفيه العين ونشكر أجهزة الاعلام الكويتية التى تعبر عنه بصراحة بين الحين والاخر وكلما طرأت مشكلة أو موقف أختلاف بين البلدين بل أنها مشكورة تنقل لنا ما يدارى مسؤولى بلدنا أن يقولوه ويعلنوه صراحة اذا ما تعلق الامر بعلاقات البلدين المرتبكة . رحم الله ساسون حسقيل وزير مالية العراق الذى أصر عام 1921 على تسجيل ميناء أم قصر بأسم الحكومة العراقية رغم أعتراض السفارة البريطانية على ذلك . (1 )
( 1 ) يمكن الرجعوع الى كتابنا الحدود العراقية الكويتية / دراسة وثائقية تأريخية ، شواهد التأريخ وحقائق الجغرافية ، وفيه تفاصيل عن حقوق العراق