23 ديسمبر، 2024 11:57 ص

أتركوا التلَ أنزلوا …لم يعد الملك عقيم

أتركوا التلَ أنزلوا …لم يعد الملك عقيم

قبل يومين ذهبت مع زوجتي ومعي أبنتي فاطمة التي أصرت أن أخذها الى متنزه الزوراء وتحديداً حديقة الحيوانات كانت الاجواء مريحة وهادئة وعلى شفاه الاطفال ابتسامة أمل وفرح لغداً ملؤه الألق ,قالت لي أبنتي أبي لاتفارقني أريدك بقربي دائماً سألتها لماذا ؟قالت :أخاف يجي واحد من هذولة الوحوش ويخلي عبوة ويفجرنة ,هذا ما سنخلفه ونورثه لأطفالنا خوف وفزع من القادم حتى تحول هذا المجهول المؤلم الى منهج يومي وثقافة تعيش في داخلنا لأنه واقع فرض علينا ,وتساءلت من يستطيع الفرار والنجاة والوقوف أمام الله جبار السموات والأرض في يوم الحساب بساعة الحشر والمعشر إذا سأل عن ما أقترفته يداه لسوء أعماله وأفعاله ,لاتوجد هنالك وساطات للتهرب أو دفع رشى الجميع سواسية والسرائر ستنفضح والنيات ستتحدث فعدالة السماء لامفر منها ,هل نسوا أو تناسوا أننا على هذه الأرض في مهمة أما أن نوفق فيها أو نفشل لأنها ليست موطننا الأصلي الذي سنستقر فيه بعد رحلة العناء والمشقة التي يقضيها المرء في صراعات وتحديات مع الزمن ولكن ماذا بعد ؟ وهم مثقلين بالذنوب وأية ذنوب… دماء الابرياء وآهات الامهات الثكلى وأنين الارامل ,من لديه المقدرة شجاعة ألانسحاب ليعترف بخطئه وإخفاقاته ,والمجيء بمن يستطيع تحمل المسؤولية الشرعية والاخلاقية وينتقل بنا لبرالأمان أم أن الملك عقيم ,لم يعد التل يجدي نفعاً فالصعود عليه لايحمي الناجين من الغرق ,فالطوفان قادم لامحال قد يأخذ أشكال متعدد ومتنوعة ,ولن يرتبط بزمان ومكان في مده الجميع مهدد بالاندثار أذا تخلفوا عن ركوب السفينة …هي سفينة الانتماء لهذا الوطن وتناسي الاحقاد والاقتناع بأن عقارب الساعة لايمكن أن ترجع للوراء ,أم أن الملك عقيم كما يقال لذة المنصب وسطوته والوجاهة الاجتماعية وغيرها من الامتيازات الدنيوية غيرت نفوس كثيرة عن مواطنها ومواضعها …آآآآه من الملك ماذا فعل ؟ ما كان هذا الظن بهم والمعول عليهم ,يقول أبن منظور في معجم لسان العرب: “ويُقال: المِلك عقيم لا ينفع فيه نسب لأن الأب يقتل ابنه على المِلك. وقال ثعلب: معناه أنه يقتل أباه وأخاه وعمه في ذلك,والعقم: القطع، ومنه قيل: المِلك عقيم لأنه تقطع فيه الأرحام بالقتل والعقوق”,يُنسب لهارون الرشيد العباسي قوله لابنه المأمون: “يا بني المِلك عقيم ولو نازعتني أنت على الحكم لأخذت الذي فيه عيناك”،

أي لقطعت رأسك,في التاريخ العربي الإسلامي حوادث تؤكد أن هذا القول لم يكن مجرد صيغة ,فالخيزران: “شهرزاد” التي قتلت ابنها الخليفة قصتها نموذج للمرأة المتسلطة التي صعدت من القاع إلى القمة,المروي عنها أنها كانت فتاة من اليمن اختُطفت في حداثة سنها وتلقفتها أيدي تجار النخاسة لتجد نفسها جارية في قصر الخليفة العباسي الثالث المهدي الذي هواها حتى تمكنت منه، خاصة بعد أن أنجبت له ابنين هما موسى وهارون. وقيل إنها كانت مصدر إلهام لصياغة شخصية شهرزاد المتحكمة بشهريار,حملت اسم الخيزران، وهو نبات مستوي القامة ممشوقها، لاعتدال وامتشاق قوامها, وغرست حبها في قلب زوجها الخليفة المهدي حتى أقنعته بأن يجعل ولديها موسى الهادي وهارون الرشيد وليين لعهده. واشتركت مع زوجها في الحكم وإن كان ذلك من خلف الستار,وعندما توفي المهدي وتولى موسى الهادي الحكم، صار أصحاب الحوائج يطرقون بابها وهي تبلّغ الخليفة برغباتهم حتى أصابه الضجر من ذلك وبدأ يحس بالغيرة على مكانته فكان أن رفض أحد طلباتها، فقالت له مهددة: “إذن لا أطلب منك شيئاً أبداً” فردّ: “إذن والله لا أبالي”. وأبلغ رجاله سخطه على ما يجري من وقوف الناس بباب أمه وأقسم بنسبه للرسول بأنه سيقتل مَن يفعل ذلك. ثم استدعى أمه وقال لها: “أما لك من مشغل يشغلك أو بيت يصونك أو مصحف يذكرك؟” وعنّفها مبلغاً إياها قراره السالف الذكر فانصرفت من عنده وهي لا تعي ما تقول من فرط غضبها,ويذكر الطبري في كتابه “تاريخ الأمم والملوك” أن الهادي أرسل لأمه طعاماً فكادت أن تأكل منه لولا أن نبهتها جاريتها، فجاءت بكلب وأطعمته منه فمات فوراً، فأرسل لها ابنها يسألها إن كان قد أعجبها الطعام فأجابت بأنه قد أعجبها فكان رده هو “بل لم تأكلي منه ولو أكلتيه لاسترحت منك! متى أفلح خليفة له أم؟”,ثم بعدها جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير حين أراد الهادي خلع أخيه هارون الرشيد من ولاية العهد وتعيين ابنه جعفر مكانه، وكان هارون هو المفضل عند الخيزران. هنا تقول الروايات إن الخيزران استغلت وعكة أصابت ابنها الخليفة ودست عليه بعض الجواري وأمرتهن بخنقه، فجلسن على وجهه حتى اختنق ومات وكان في الثالثة والعشرين من عمره,وفي عهد ابنها هارون الرشيد، امتلكت نفوذاً كبيراً لكنها ماتت بعد سنتين من توليه العرش,رحل ملك العباسيين العقيم ولم يبقى منهم سوى أطلال تذكر الناس بهم وبملكهم الذي زال بعد أن دام أكثر من أربعة قرون ,وتذكرت

شذرات من كلماتٌ لأميرالمؤمنين الأمام علي (ع) صوت العدالة للإنسانية الذي اتخذناه عنواناً لمنهجنا فهل كنا بمستوى المنهج والسلوك ؟:

النفس تبكي على الدنيا وقد علمت.. ان السعادة تـرك مـا فيهـا لا دار للمرء بعد الموت يسكنها.. الا التي كان قبل الموت بـانيهـا فأن بناها بخير طاب مسكنها .. وان بناها بشر خـاب بـانيهـا اموالنا لذوي الميراث نجمعها .. ودورنـا لخـراب الدهـر نبنيهـا اين الملوك التي كانت مسلطنة..حتى سقاها بكاس الموت ساقيها كم من مدائن في الافاق قد بنيت .. امست خراب وافنى الموت اهليها