لم تكن كارثة الامطار الاخيرة مفاجئة ولامباغتة ،فالانواء الجوية العالمية في العام الماضي عممت الخبر قبل اسبوع وربما اكثر،مؤكدة على وصول المنخفض الجوي الى العراق خلال اربعة اوخمسة ايام بعد ان يمر على المملكة العربية السعودية ،وصار الحدث مؤكدا ومضمونا بعد هطول الامطار في السعودية وتحولها الى سيول جارفة اتت على عدة قرى واحدثت خسائر فادحة في الارواح والممتلكات،كل هذا لم يشكل لدى المسؤولين امرا ذا اهمية.. وزارة الزراعة تركت الوف الاطنان من محاصيل الحنطة والشعير مكدسة في العراء برغم المراجعات المكثفة للفلاحين الى السايلوات،ومناشداتهم المستفيضة للمسؤولين بضرورة تدارك الامر قبل هطول الامطار لكنهم لم يجدوا آذان صاغية لتأتي الامطار على شقاء العمر وتجرفه وتتلف تلك النعمة وليخسر العراق ملايين المليارات التي هو احوج ما يكون اليها في اعادة اعماره ومعالجة ازماته ومشاكله،
وزارة الري التي تعلم علم اليقين بحاجة العراق الى قطرة الماءخاصة بعد شروع تركيا ببناء السدود وحجز معظم مياه دجلة والفرات واللذان سيتحولان الى جدولين صغيرين بمرور الزمن ..وزارة الري صاحبة الاختصاص لم تقم باي دور ولم تبادر الى انشاء خزانات وبناءا لسدود تحسبا لمثل هذه الحالات و لحجز هذه المياه للاستفادة منها في مواسم الجفاف ،هي لم تفكر اصلا بحجز مياه دجلة والفرات وتركهما يصبان في الخليج بسبب عدم اقامة المشاريع الاروائية على شط العرب وحجز مياهه على الاقل في بحيرات اصطناعية !.وفي هذا العام تكرر المشهد غرقت البصرة وانقطعت اقضية ومدن عن بعضها وعن مركز المدينة ودخلت المياه الى صالات المستشفيات وصفوف المدارس والكليات ومكاتب الدوائر الرسمية ،وتعرضت بعض احياء بغداد والمحافظات الى حالات مشابهة .
يبدو اننا في العراق بحاجة الى استحداث وزارات جديدة خاصة بالكوارث الطبيعية.. واحدة للامطار واخرى للعواصف وغيرهما للزلازل والهزات الارضية..اذ ان وزاراتنا التي قاربت الاربعين غير كافية ولاتفي بالاغراض المطلوبة.
الجميع يعرفون واجباتهم ومسؤولياتهم ويعون المخاطر وحجم الكوارث لكن انعدام الضمير و الشعور الوطني عند البعض ، وغياب المحاسبة والرقابة وانزال العقاب عن الذين اعتادوا العمل تحت سياط الزيتوني والفصل والطرد المزاجي من الوظيفة..هذان السببان اديا الى هذا التسيب واللا مبالاة والاهمال والتقصير و الى ما يشهده العراق من خراب شامل على يد ابنائه قبل اعدائه .