الجهل , تحنيط العقول ,الإيمان بالغيبيات , التخلف ..  عدم الإيمان بالذات .. كل هذه الأمور هي أساسيات المجتمعات المتخلفة التي بقيت رهينة الماضي تتصارع فيما بين تخلفها وحاجاتها الإنسانية ..
هنا يبرز مَن يستغل تلك الظروف ليحلل لنفسه ما يراه وشيطانه .. من امتلاك لمقدرات الناس وطاقاتهم .. لينقاد الى ترهات معجزاته وعلمه للغيب وشفاءه للمرضى ضارباً العلم الذي كافحت وتكافح البشرية بكل ما تملك للوصول إلى انجازات من اجل إعمار الأرض التي أراد سبحانه وتعالى أن تكون .. مبنية بالعلم والعقل والإيمان وليس بالتخلف والجهل ..
في أيام العصور الوسطى بزغ نجم احد العرّافين وهو اليهودي نستراداموس كانت له تأملات تتحول إلى توقعات وتنبؤات غزت عقول من عاش تلك الفترة المظلمة في أوروبا .. وتغزو الزمن لتصل إلينا عبر أبيات شعر مشفّرة ليفسرها من يريد وكيف يريد لتخرج له تنبأ فينبهر إعجابا ..
وإذا قرأت كتاب تنبؤات نستراداموس لتجد أن احد الأسماء التي تحدث عنها في أبياته وهو mabus لتكتشف أن هذه الكلمة لو قرأت بالمرآة لأصبحت sudam .. ألا تلاحظ كيف أن النفس تفسر ما تريد في مثل هذه الخزعبلات ..
أن القصد الذي نريد .. أن إيماننا بالله وهو عالم الغيب والشهادة سبحانه وتعالى .. والغيب لله وحده ، لا يعلمه إنس ولا جن (  قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ) , وهذه آية قرآنية واضحة ومن يحاول أن يتجرأ عليها , فهو دجال أشر .. قال المصطفى (ص) »مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً«..رواه مسلم في صحيحه
والقصد أن شعوب العالم المتطورة بَنَت مجتمعاتها بعد القضاء على هذه الخزعبلات و التي هي دون سند علمي ..
وبما إننا مسلمون لدينا القرآن المعجزة أساس حياتنا , وهو الكتاب الذي لا ينطق عن هوى , وانه كلام الله دون تحريف منذ أكثر من 1400 عام , فكان دستورنا العلمي والعملي في قيادة أفكارنا إلى الحياة.
هنا نتطرق إلى ما يشابه هذه الخزعبلات وهو المدعو أبو علي الشيباني الذي ذاع صيته خلال السنوات الماضية وهو يصدح في فضائيات تعتبر محترمة بأسماء مالكيها من المثقفين الذين عرفوا بالالتزام الثقافي ومقدمي برامجها , التي تتبنى لبرامج الشيباني هذا .. وعلى أعوام طوال ..
اخذ الشيباني ليدعي علم الغيب ضمنياً ناكراً ذلك علنياً , وهو يسأل عن اسم أم المتصل ليقول للمتصل , أن لك تابعة أو قرين ولديك ألم في الظهر وانك متعب طوال حياتك وسيكون أولادك متعبين .. وهذه الكليشة تمر على كل متصل وقد دفع دولارات كثيرة من أجل الوصول للتحدث مع الشيباني .. فكم من متصل اسمه علي وأمه فاطمة مثلا… إذن , يتوقع لهم الشيباني نفس الأمراض ونفس الحياة والممات والتابعة !! أية سذاجة هذه .. وكيف ننسى تأثير الوراثة والبيئة والطبيعة النفسية للشخص والتي تختلف عن غيره .. ونقول من منا ليس له ألم في الظهر ومن منا ليس متعباً في حياته ومن منا يأمن أن يكون أولاده منعّمين بالخير والنعمة والأمان …
أن الشيباني يدعي الإيمان والتقوى والتقرب إلى آل البيت وانه من النجف الاشرف ويصيح بأعلى صوته بالصلاة على محمد و آل محمد جذبا لمجموعة من البسطاء , الذين يضعون من يبّجل آل البيت بدرجة التقدير العالي .. فنقول لو كنت ما تدعي , لما بعت دواء السرطان الذي تقول انه يشفي الناس .. ألا يمكنك شراء جنتك عند رب العِزة بنشر هذا الدواء وتضرب عرض الحائط الشركات التي تقول إنها تشارك معها أنتاج الدواء ؟ ..
أن دعاوي المنجمون تكون سوقا رائجة لدى البسطاء والجهلة في اغلب الأحيان .. لكن هناك من له إيمان بالله يرفض تلك القصص ..
 ولا ننسى من ذِكر حادثة فتح عمورية من قبل الخليفة العباسي المعتصم وقد نصحه المنجمون بعدم تناسب الوقت بحساباتهم .. لمسير الجيش , ولكنه كذَّبهم , وسارَ بجيشه لفتح عمورية .. وقد خلده الشاعر أبو تمام قائلاً … السيف أصدق أنباء من الكتب … في حده الحد بين الجد واللعب …
ونقول حتى لو كان كلام الشيباني صحيحاً ويصدق التوقع نسأل هل تكذب آيات الله ( لا يعلم الغيب إلا الله ) ولا أحد يعرف ساعة الموت غيره سبحانه .. وهذا الشيباني قال مرة .. لأحد مخالفيه , سأصيبه بسرطان في رأسه !! نقول له لماذا لا تجعل نفسك ملكاً على هذا العالم مادامت لديك هذه القدرة الخرافية  وتحل مشاكل العراق أولاً ,  بما إنه أنت ابن النجف ..
إنه يقحِم الدين ويختبأ وراءه ويتظاهر بالصلاح ويدّعي أن للآيات خدام .. أو يستخدم الجن المسلم .. ويحسبه البعض تنجيماً أو فتوحات ربانية أو إلهامات فيصدقه البعض ولكن هو في الحقيقة دجال مشعوذ يستغل جهل الناس بالدين ..
فنقول اعرف دينك تعرف حقائق الدجالين والمشعوذين الروحانيين ..
قبل أيام وفي أحدى البرامج التلفزيونية لقراءة الكف ومعرفة علم الغيب التي تقدمها القنوات العراقية طلب ضابط في الجيش توضيح عن موعد نقله من الفرقة التي هو فيها فحدد له الدجال المشعوذ موعد النقل بأيام ، مما يدلل على مدى انحدار المستوى المهني للبعض !!
 
في الختام نستذكر الآية الكريمة
 ((إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى))
 صدق الله العظيم