لا نريد البحث عن كيفية اختيار السيد حيدر العبادي لرئاسة مجلس الوزراء ومن هي الجهات الداخلية والإقليمية والدولية التي كانت ضاغطة لوصوله إلى المركز التنفيذي الأول في العراق وما هي طبيعة التوافقات التي أنتجت رئيس الوزراء الحالي وما هو دور المرجعية الدينية و التحالف الوطني وتحالف القوى والتحالف الكردستاني في دعم هذا الاتجاه والإصرار على إحداث تغير في البنية السياسية بالرغم من فوز دولة القانون في الانتخابات وتصدر رئيس الوزراء السابق نوري المالكي لقائمته .
العبادي حصل على دعم غير مسبوق من كل الجهات ألاعبة في المشهد العراقي من أميركا إلى إيران مرورا بتركيا ومجلس التعاون الخليجي ، لم يكن له بصمة واضحة في العملية السياسية التي أريد لها أن تكون أنموذج للشرق الأوسط والتي لم يقدر لها الخروج من صالة عمليات تناقضات المصالح والأجندات الخارجية لدولة الاحتلال ودول الجوار وانعكاساتها السلبية على النسيج الداخلي للشعب العراقي بعد أن ولدت قادة طوائف ومكونات مشوهين أشعلوا نيران الفتن الطائفية واستباحوا قوت الشعب ومزقوا الوحدة الوطنية وأشاعوا الفساد في الأرض أو ما بقي من ارض العراق.
وبالرغم من الأزمات الخانقة و الاهتزازات وأحيانا الانكسارات التي عصفت بالنظام السياسي العراقي الهش وكادت أن تسقطه على وحدة العراق أرضا وشعبا أو تقلعه من جذوره بفعل تقدم داعش على كل الجبهات وانهيار القوات المسلحة بشكل أذهل العالم في 6حزيران 2014 و ارتداد هذا الحدث الكبير والخطير على مجمل الأوضاع في العراق وتزامنه مع أزمة اقتصادية خانقه بفعل وصول الفساد الإداري والمالي في مؤسسات الدولة إلى ذروته وصعوبة السيطرة على ما تبقى من البنى التحتية التي انخرها الفساد وبفعل المداخلات الاقتصادية العالمية التي ضربت سوق النفط التي أوصلت أسعار النفط إلى أدنى مستواها.
في اعتقادنا أن اختيار السيد العبادي لم يكن ضمن خطة مدروسة معدة إنما جاء ضمن توافقات وسط متناقضات حادة كان الهدف منها كسر حدة المزاج العراقي الذي يتفاعل سريعا مع صناعة زعامات سياسية ليس على أساس ما تحدثه من تنمية في النظم والأساليب والإدارة والبنى التحتية والتشريعات القانونية ولا على أساس المقدرة في اتخاذ القرارات وسرعة تنفيذها من الأجهزة الحكومية سواء ما يتعلق منها في تشكيل مؤسسات الدولة وفق المعايير الدولية في تقديم الخدمات للمواطن وخلق فرص العمل للشباب واستتباب الأمن والأمان والتعايش السلمي أو ما يتعلق بربط العراق ضمن منظومة العلاقات الدولية كدولة فاعلة ضمن إقليميه أو العالم وفق سياسة حسن الجوار وضمان المصالح المشتركة وعدم التدخل.إنما الاصطفاف وراء الزعامة وتلميعها
بقدر حماستها الطائفية وتبنيها للشعارات التي تغلب مكون على باقي مكونات الشعب وما أنتج عنها من دماء لم تنشف .
إذن جاءت حكومة السيد العبادي بزعامات في داخلها وفي محيطها وأريد لها أن تسير باتجاه اطمئنان للمكونات وإنقاذ ما يمكن إنقاذه . ولكن في قراءة سريعة للأشهر القليلة من عمل الحكومة نرى إن السيد العبادي وربما لاستيعابه السياسات غير الموفقة للحكومات السابقة وما ألت إليه من فشل على كل الأصعدة وقناعته في إحداث تغيير في نهج الحكم دفعه إلى تصدر الزعامات التقليدية المحيطة به وبدأت تتشكل في الشارع العراقي بمختلف مكوناته مقبولية باتجاهه فاجأت تلك الزعامات ونرى تراجع في صورتها حتى ضمن مكوناتها .ونعتقد الهتافات التي صدحت في محيط جامع أبو حنيفة النعمان المرحبة بزيارة السيد العبادي في ذكرى المولد النبوي الشريف وما سبقها من ترحيب في المحافظات الجنوبية وتفاعل العشائر والشخصيات في المحافظات الساخنة مع توجهاته رسالة واضحة إلى أمكانية ظهور زعامة وطنية في هذه الظروف الحرجة .