19 ديسمبر، 2024 3:02 ص

أبناء مدينة  ( الرمادي ) يصلون من اجل مدينتهم

أبناء مدينة  ( الرمادي ) يصلون من اجل مدينتهم

تصاعدت وتيرة السخرية والاشمئزاز والقلق من قبل المواطنين في جميع مناطق مدينة الرمادي كبرى مدن الأنبار بعد الانقسامات والسجالات والاحتقانات والشقاقات التي نشبت بين السياسيين المعارضين والموالين لحكومة الانبار المحلية بعد التردي في تقديم مستوى الخدمات الضرورية للمواطنين ، الكل في مدنية الرمادي يتهمون الدخلاء والغرباء والعملاء بافتعال هذه الأعمال وجدتني اليوم مضطراً إلى الكتابة عن هذا الموضوع بتكليف مباشر من قبل عدد كبير من أبناء الانبار المخلصين من المثقفين والكتاب والصحفيين والأدباء من أجل أن يعرف العالم قصة هذه المدينة وفرط ما تعانيه في كل ساعة ودقيقة وثانية من تدميرٍ مبرمج وضياعٍ لا حصر له لمعالمها التي تقع على مفترق طرقٍ تبدأ من الشرق ولا تنتهي إلا في البيوت العامرة ، قبل أن تدنسها أقدام الاحتلال ، يشطر هذه المدينة شارع حيوي ويسمى وعلى الطريقة العراقية (الشارع العام) ولا تعود أهميته إلى تواجد الناس فيه أو اكتظاظه بالسيارات والعجلات أو تواجد المحلات والدكاكين والدوائر الرسمية فيه ، بل لاعتباره النقطة الدالة والمركز العمراني والحضاري والسكاني للمدينة ، لكن القوات الأمريكية أسمت الشارع العام في وسط المدينة طريق رقم (10) لأنها فقدت فيه العشرات من جنودها، وأطلقت عليه اسماً آخر (شارع شهداء واشنطن) ، وحالياً وأنت تتجول في هذا الشارع يلفت انتباهك خلوّ هذا الشارع المهم من الحياة لإغلاقه بشكل تام . وهذه القصة الأولى التي كتبتها ضمن سلسلة قصص نشرت في كتابي الجديد الأغبياء أصدقائي والأغنياء أعدائي عن مدينتي الرمادي التي أصبحت (لواء) في عام (1869) في عهد الوالي مدحت باشا أُطلق عليه فيما بعد (لواء الدليم) ولم تكن المدينة سوى محلات وبساتين ومخافر حكومية وفروع لدوائر عثمانية محدودة قبل هذا التاريخ . وبعد أن أضحت لواءً ، هي ومدينة الناصرية في الجنوب ، بدأت حركة العمران تزداد وتضطرد عاماً بعد عام ، إذ تم شق أول طريق يربط بين شرقي العراق وغربيّه ، وبين العراق والدول المجاورة من الغرب ، في عام (1892) ولم يكن الطريق معبداً آنذاك بل تمت تسوية جانبيه بالتراب الخشن (السبيس) بمسافة عرضها (15) متراً، أما بداية ونهاية الطريق فقد تطورت أسوة بمداخل ومخارج مدينة الرمادي عمرانياً . بداية الطريق كانت تبدأ من ساحة مدينة الألعاب حالياً وحتى ساحة النصر وبمسافة (218) متراً ثم بدأ بالامتداد الطولي من الجهتين ، الشرقية والغربية والجهة الشرقية تربط الطريق حتى الوصول إلى مدينة الفلوجة ، وقد تحقق ذلك تحديداً وبطريق معبد في عام (1944) أما الجهة الغربية فقد رُبطت بالشارع العام حتى مدخلي مدينتي القائم غرباً و(الرطبة) جنوب غرب ، والطريق الأول عُبّد في عام (1957) والثاني في عام (1954) ونتيجة لأهمية الطريق الكبرى أشّرت عليه مديرية المساحة العسكرية في ترقيمها لطرق العراق في خرائط عام (1934) المعتمدة دولياً بالطريق رقم (10) وهو الموصل إلى جنوبي العراق ومنه إلى الخليج العربي وإلى بغداد ثم إلى شمالي العراق وشرقيّه وغربيّه وإلى سورية وجنوب غربي العراق حيث الأردن  و(الجادة)  وهو الاسم الذي كان يطلقه أهل الرمادي على الطريق رقم (10) حتى ستينيات القرن الماضي ، شهد تطوراً كبيراً منذ افتتاحه وحتى احتلال القوات الأمريكية له عام (2005) بعد أن قامت باحتلال وتدمير أجزاء منه منذ عام (2003) فالشارع العام أصبح باتجاهين للذهاب والإياب وبعرض (26) متراً ، وقد وُضعت في منتصفه وعلى جانبيه أرصفة مؤشرة وعلامات ودلالات مرورية ، ويبدو أن قوات الاحتلال عرفت أهمية هذا الشارع وماله من تأثير كبير على حركة الناس بين طرفي المدينة ، وأن احتلالها للشارع العام يأتي ضمن قائمة احتلالات محتملة له قد تؤثر في ماكنتهم العسكرية ويعيق تحركهم بين جهتي المدينة بعد تعرّض هذه القوات إلى مئات الكمائن والعمليات العسكرية التي دمرت عشرات الدبابات والآليات وأودت بحياة مئات الجند .. ويذكر التاريخ أن هذا الشارع سبق وأن احتلته القوات العثمانية والبريطانية فقامت بتدميره وإغلاق الشوارع الفرعية المؤدية إليه واحتلال أهم بنايتين فيه تسيطران على الطريق وهما بناية ديوان المحافظة وبناية مديرية الجنسية وتمركز عدد كبير من قواتها فيه ، وإذا كان الناس في الرمادي قد أعيتهم الحروب والاحتلالات فقد أعياهم تدمير هذا الشارع وفتح ممرين صغيرين فيه للسابلة . بداية هذا الشارع تبدأ من ساحة الزيوت ، ويتفرع منها إلى جهة الجنوب شارع المعارض وإلى جهة الشمال شارع 17 تموز، وبدايته من جهة اليمين أُسست فيه أول ثانوية في الرمادي سميت فيما بعد بـ(المطورة) وقد تأسست في عام 1933 ، وتقع على الجانب نفسه بناية محافظة الأنبار والجامع الكبير (جامع عبد الجليل) وجامع عمر بن عبد العزيز ومتحف الرمادي ومديرية الجنسية والمكتبة العامة وكلية المعارف وجامع الدولة الكبير ومدرسة الرشيد الابتدائية، وهي أول مدرسة في الرمادي والتي ينتهي إليها الشارع في ساحة الأسواق المركزية ، إذ يبلغ طوله عند هذا الحد (802) متراً أما في جهة اليسار فتقع بناية التقاعد (قسم داخلي دُمّر بالكامل) ومدرسة الرسول العربي (التطبيقات سابقاً) وهي ثالث مدرسة أُسست في الرمادي بعد الرشيد والعزة ، وعشرات الدكاكين والمحلات حتى مصرف الرشيد ومديرية البلدية وبناية الخضراء ، وهي أعلى بناية في الرمادي وقد تعرضت للتدمير شبه الكامل على يد قوات الاحتلال ثم ساحة النصر والسينما الوحيدة في الرمادي ثم بناية المعهد (متوسطة الطليعة سابقاً) وأبنية أخرى تتفرع عن جانبي الشارع طرق ودروب وشوارع عدة تبدأ بأول الطريق من اليمين إلى جانب بنايتي النشاط وقاعة كولبنكيان (1966) وهو شارع التربية ، ويؤدي إلى مديرية تربية الأنبار ومديرية الشرطة والحراسات والتسفيرات ، ويقع قرب الزاوية الغربية لبناية المحافظة (الوحدة سابقاً) والشارع الآخر وهو شارع المحافظة ويُعَدّ مركزاً عمرانياً مهماً يؤدي إلى المشفى القديم ودائرة الصحة والمصرف الزراعي وأحياء المعلمين والحوز ومناطق سكنية أخرى , أما الشارع الأهم على هذه الجهة فهو شارع المستودع نسبة إلى أول مستودع أو قاعدة للتدريب العسكري في الرمادي ، وهو شارع عريض بممرين عريضين يبدأ بمشفى المصطفى الأهلي وتحفّه من الجانبين عشرات المحلات والأسواق والعيادات الطبية والدور، وتحاذيه أحياء المعلمين والأندلس، وكان يضم بين جناحيه آخر حمّام رجالي تحول قبل أشهر إلى عيادات طبية متخصصة ، ويبدأ من ضفة شارع المستودع الشرقية حتى الجناح الغربي لشارع البريد إزاء واجهة جامع الرمادي الكبير بمنارته الشامخة وساحته الواسعة التي كانت تكتظ بالمصلين، شارع البريد المحاذي للجامع تقع على جهته اليمنى مديرية الماء والكهرباء القديمة والمصرف الإسلامي وفندق البلدية القديم، وهو بالضبط باتجاه ساحة النصر التي ألغيت قبل أعوام وعلى الجهة المقابلة للمصرف ، أي بداية شارع البريد شمالاً ، تقع محطة تعبئة الوقود القديمة ولا زالت تعمل حالياً ، كما يتواجد على جهة اليمين فندق صلاح الدين الذي بقي صامداً أكثر من نصف قرن ثم تحول إلى مركز لبيع قطع غيار السيارات بعد إغلاقه نهائياً لحدوث تدمير شبه كامل فيه بسبب العمليات العسكرية في المدينة . يمتد شارع البريد طولاً باتجاه واحد حتى منطقة الإسكان القديمة وباتجاه حي العادل ، ويضم عشرات المحلات الصناعية والمطاعم ومئات البيوت الشارع الآخر هو شارع الجزائر نسبة إلى فندق الجزائر الذي تحول إلى مطعم ومحلات مغلقة حالياً على بداية الجانب الأيسر لهذا الشارع يقع جامع عمر بن عبد العزيز وإلى جانبه تماماً مقبرة الرمادي القديمة ، على بعد مئات الأمتار من حديقة الثورة ، ثم أحياء العادل و14 رمضان والجمهوري والإسكان القديمة . الشارع الفرعي الآخر شارع المكتبة ، وهو شارع ضيق محاذٍ للمكتبة العامة في الرمادي التي مُسحت من على خريطة المحافظة، وبدأت محافظة الأنبار قبل أشهر بإعادة بناء المكتبة من الأساس وهذه حسنة يجب ذكرها ، وتقع مقابل المكتبة بناية كلية الإمام الأعظم وجامع صغير باسم (الرابطة) ، وهذا الشارع الفرعي على الرغم من قصره ، إذ لا يتجاوز (80) متراً، لكنه مهم جداً كونه يؤدي إلى طرق عدة باتجاه الطريق الدولي (10) باتجاه بغداد ونهايته تستدير من جهة الخلف إلى شارع الجزائر، والشارع المذكور يضم الجانب الشرقي من المقبرة وجزءاً كبيراً من حي الجمهوري المؤدي إلى حي الملعب وشارع عشرين وفي نهاية هذا الاتجاه أُنشئت ساحة كبيرة في وسطها حديقة تقسم الشارع إلى قسمين ، اليمين مدخل إلى شارع الملعب ، واليسار يرتبط باستدارة طريق رقم (10) إلى جهة بغداد ، وقد كانت هذه الساحة (ساحة الأسواق) من الساحات المهمة جداً كونها تفضي إلى الطريقين المذكورين سابقاً ، كما تؤدي إلى طريق الصوفية والجهة الجنوبية من شارع 17 تموز، والمدخل الأول إلى الشارع العام من جهة الشرق، ويبدأ هذا الشارع بجهته تلك بأبنية وعمارات عدة، وعلى مسافة قريبة من الساحة يبدأ أول شارع من جهة اليمين ، وهو شارع (المعاونية) وهو اسم قديم لشارع يؤدي إلى مناطق القطانة والعزيزية والتل والثيلة الشرقية والطوبجية والأسواق القديمة ، وينتهي بحديقة (حسن مسطور) التي تحولت بسبب ظروف الاحتلال إلى أمكنة للباعة المتجولين وأكشاك لبيع الدجاج والخضراوات ويقع على جانبي هذا الشارع عدد كبير من محلات بيع المواد الإنشائية وسوق لبيع المواد المستعملة ومعمل ثلج الجلبي (1951) الذي توقف عن العمل بشكلٍ كامل  الشارع الآخر هو شارع الفاروق ، ويكاد أن يكون أهم شارع على الجانبين نظراً لما يحمله من أهمية تجارية لوقوع أغلب المحلات والمطاعم والأسواق التي يرتادها أهل الرمادي فيه الشارع الآخر شارع الأطباء ، وسمي بهذا الاسم لوجود معظم عيادات الأطباء والمختبرات الطبية فيه ، ويقع على جانبيه أرخبيل من الباعة ، وهو مزدحم في ساعات النهار للمارة والمرضى والمتسوقين والتجار، وينتهي باتجاه جامع الرمادي القديم (جامع الشيخ عبد الملك) أما شارع الاوروزدي (شارع الرازي سابقاً) فقد اختص باعة وتجار هذا الشارع ببيع الأقمشة والملابس والعطور ومواد الزينة والساعات والزجاجيات والسجاد ، ثم شارع ميسلون الذي يقع أمام شارع المحافظة تماماً والذي سمي نسبة إلى مقهى قديم باسم ميسلون كان أهل الرمادي يقضون بعض ساعات فراغهم وسجالاتهم الثقافية والشعرية فيه ، واشتهر هذا الشارع بالمكتبات والنجارين والمصورين وباعة الزهور وباعة الأثاث ومحلات الندافة ، وينتهي في منتصف شارع الكص .. وإلى جانب الشارع العام شارع الأقسام (القائممقامية حالياً) الذي يعود بك باتجاه شارع الكص شرقاً .. الشارع العام أو الطريق رقم (10) يحتضر الآن فقد حولته عجلات وسرف وجنود الاحتلال إلى عمود فقري مصاب بالشلل التام أصاب معه آلاف العوائل ، من الذين يسكنون في محيطه من الذين يبغون الرزق الحلال ، بالفقر والبطالة والدمار .. وأخيرا أضع رسالتي الصحفية بين أيادي المسؤولين الحكوميين في الانبار من السادة رئيس وأعضاء مجلس الانبار والمحافظ والمجلس البلدي في المدينة ورجال الاستثمار والأعمار إلى الإسراع لمعالجة الشارع العام وإعادة الحياة فيه من جديد لان أبناء مدينة ( الرمادي ) اليوم يصلون من اجل مدينتهم 

أحدث المقالات

أحدث المقالات