اليتيم, عندما يفقد أباه ويرتحل الى بارئه, تاركاً خلفه عائلة لا تجني لنفسها ضراً ولا نفعاً, ألا أنه ترك لهم داراً وذكريات يستطيعون من خلالها تعلم الصبر والسلوان, وعند مرورهم عند أشارة فيها مصاعب, تتناثر دموعهم ممزوجة بتمني رجوع أباهم.
هكذا العراق فقد آية الله العضمى السيد محمد باقر الحكيم “قدس” لذلك أجد العراق يتيماً فاقداً المشروع الذي رسمه بجهاده, وفقدان عائلته في سجون الطاغية هدام, وأرتقى منبر النجف منادياً بصوت شجي, سوف أرسم البسمة وأزيل الغبار عن وجوهكم.
أرى الشجوى تدخل فؤادي حين قال وهو مستقبلاً لأمير المؤمنين علي “عليه السلام” و يقول ( أترحب بي؟ كما يرحبون بي؟ فأنا عبدك وجنديك) وهو ينظر الى ترحيب الحشود له, وتتناثر الدموع على كريمته, وهو يتألم شوقاً لتحقيق المشروع المنشود.
نجد الهدف العام عند شهيد المحراب “قدس” هو تحقيق العبودية الخالصة للمعبود تعالى في حياة الأنسان, وقيام الأنسان بمهامه المختلفة لعمارة الكون, وتأكيده بالرجوع الى العقل, و أعتبره هو من يمكن الأنسان, بتميزه بين المصالح والمفاسد.
في منهجه؛ ضرورة التخطيط للمناهج والبرامج السياسية والتربوية, لمواجهة التنوع, والتعدد, في الأوساط السياسية والتعليمية, وأن في فكره التعليم والسياسة عملية ممارسة أجتماعية, لكي يجدون حل للمشكلات القائمة, بين الناس وهي أساس شخصية العالم.
تحرير أرادة الأمة من الطغيان والتشبث بالمناصب, والإستبداد الداخلي الذي حدث منذ ثمان سنوات, والتحرر من الهيمنة الأجنبية والتسلط الخارجي الإستكباري, و التحرر من سيطرة الفرد الواحد على مقدرات الأمور والسلطة, وكذلك سيطرة الحزب على مفاصل الدولة.
المشروع الذي رسمه شهيد المحراب “قدس” كان أنطلاقة شرارة لأنهاء الشهوات وميول الأهواء, والتحول الى مجتمع التوحيد والتقوى, وكانت للحرية منزلاً في جهاد فكره النير, على إن لا تتحول الحرية الى حالة صراع و أحتكاك وأصطدام.
الأختلاف في الرأي رحمة لكن؛ أن لا يؤدي الإختلاف في الرأي الى وهن أو ضعف الجماعة المسلمة, بحيث يجعلها خطر الهيمنة للأعداء وتسلطهم, وتكون هذه الحرية ضمن الحدودية الشرعية, المعبر عنها عند شهيد المحراب بــ ” التقوى السياسية”
المعروف والمنكر, الذان يكونان في السلوك الشخصي للسياسيين, حيث محاسبة من تصرف بسرقة الأموال العامة, سواء كانت في المؤسسات العامة التي تقدم الخدمات, أم مرتبطة بالأموال العامة للمسلمين, والذي قام بإتلاف وإفساد المرافق العامة.
وكان له دور في توحيد المسلمين ورأي المرجعية, ومنع هتك حرمة العلماء واللزوم لجماعة المؤمنين, تحت خيمته, حين قال السيد الحكيم “قدس” (يجب إن تكون مراجعنا يداً واحدة, ونحن في خدمة مراجعنا), هذا ما كان مبتغاه حين دخوله أرض الوطن.
أجـــــل يا أبا صادق فقدناك أباً حنوناً, وقائداً محنكاً, وسياسياً له الخبرة في كل المجالات, وكبف لا وهو أية الله محمد باقر الحكيم نجل زعيم الطائفة السيد محسن الحكيم “قدس”