22 نوفمبر، 2024 2:39 م
Search
Close this search box.

أبعدوا غير المؤهلين عن التصويت

أبعدوا غير المؤهلين عن التصويت

ربما سيكون سؤال ساذج لو عرفنا ان الانتخاب سيكون عبر الطرق التقليدية، او كما كان في عقود القرن العشرين الاولى وما قبلها، حينما كان يُحرم بعض الرجال من الادلاء بأصواتهم، باعتبارهم غير مؤهلين للانتخاب فضلا عن كل النساء.

 

ولو كان الامر بيدي لأرجعت عقارب الزمن الى الوراء، وجعلت الانتخاب حق للمؤهلين فقط، سواء من الرجال او النساء، فمن لا يؤمن بالاختيار ويترك الناس تختار له من يقوده، باعتقادي هو انسان غير سوي ولا يحق له الادلاء بصوته.

 

هناك من يقول لماذا ننتخب؟ اذا لم يتغير الحال فربما ستُزور الانتخابات، وهو يريد هنا ان يحصل على النتائج قبل ان يعمل، ويريد ان يحصد قبل ان يزرع، هناك ايضا من يدعي ببدعة الانتخابات ويسميها الكذبة الكبرى، وهي كلمة سمعها ولم يتحقق منها، وظل يرددها مثل الببغاء فهو لا يستحق الانتخاب ايضا لأنه لم يأت بالبديل.

 

كما ان هناك مجموعة كبيرة من الناخبين تذم الاحزاب، وتدعو عليها بالويل والثبور، لكنها بنفس الوقت تتغزل بالديمقراطية صبحا ومساء وتتعاطى كؤوسها في المقاهي والجلسات حد الثمالة، والبعض منهم متحزب حد النخاع، والادهى من ذلك منهم من يعبد سياسيين من دون الاحزاب، وهذا اشد انواع الشرك الديمقراطي.

فلو جمعنا اعداد هؤلاء لضاق بنا العد كما قالها احد المطربين، وهم برأيي المتواضع غير مؤهلين للانتخاب، فمن لا يعرف ان الاحزاب هي اساس الديمقراطية في كل بلدان العالم، غير مؤهل ان يصوت في يوم الانتخاب، وعليه ان يعرف بأن بديل الاحزاب خياران لا ثالث لهما، اما الفوضى التي اكتوينا بنارها بعد التظاهرات ولازلنا نعاني منها، او الديكتاتورية وحكم العسكر.

 

كل تلك الأنواع تؤكد أن غير المؤهلين كثيرون، وهم سبب رئيسي في تراجع نتائج الانتخابات عما قبلها، وتأثيرهم هو الاكبر في عدم تغيير حال البلد نحو الافضل، فالعودة الى القرون الاولى وتقسيم الناس بين مؤهل وغير مؤهل ضرورة قصوى لبلد مثل العراق، لان الديمقراطيات الكبرى كبريطانيا وفرنسا وسويسرا مرت بهذه الحالة، واصبحت لدى مجتمعاتهم خبرة تراكمية كبيرة، وبات الانتخاب وسيلة للتغير واختيار الحزب الافضل والمرشح الافضل هو الشغل الشاغل للمواطن، والسبب الرئيسي في ذلك هو ان الشعوب الديمقراطية ايقنت أن الانتخاب هو الطريقة الوحيدة لتغيير بلدانها نحو الافضل، بينما في وضعنا الحالي، بدلا من لعن الديكتاتورية الذي سلبت نصف اعمارنا، ندعو بالعودة اليها، لأن الانتخاب بالنسبة لنا صعب مستصعب، فحن كتنابلة الرشيد حينما انقذهم رجل ثري من براثن النهر، قالوا له لو كان الثرد علينا عد بنا الى النهر!

لذلك فإن الانتخاب ثقافة مجتمعية وبذرة ديمقراطية توضع في قلب المواطن، فإن وجدت الحرص والمسؤولية والمواطنة الحقة نبتت واخضرت وازهرت واثمرت واينعت بالتغيير نحو الافضل، سواء بالانتخاب او المقاطعة “الواعية” وإن لم تجد غير اليأس والنكوص والبلادة والبلاهة وترديد مصطلحات غبية مؤدجلة، ماتت هذه البذرة، وبقيت الاصوات النفعية والمصلحية غير المؤمنة بالديمقراطية تتحكم بمصير البلد وشعبه وتقلبه ذات اليمين وذات الشمال ماليا وصحيا واجتماعيا وتحوله من سيء الى اسوء.

أحدث المقالات