لايمكن مقارنة فجيعتنا بماحدث في الحويجة بفجيعة العربي الذي قال :-
قومي هم قتلوا أميم أخي … فلئن رميت يصيبني سهمي
ولئن عفوت لآعفون جلالا ؟
كذلك لاينطبق القول الحكيم ” العفو عند المقدرة ” على تفاصيل ماجرى في حادثة “الحويجة ” التي يريد البعض لها أن تكون فتنة وغطاء لما جرى من تحرك يحمل كل علامات التمرد طيلة ألاربعة أشهر الماضية في كل من ألانبار ونينوى وصلاح الدين التي أصبحت مختطفة بنزق ألارهاب ومن معه من المفلسين وطنيا وأخلاقيا من الذين كانوا عونا للآمية السياسية التي عبر عنها المقبور الفاجر ” عدي ” عندما وجد مختبأ في جامع بلال الحبشي في ألايام ألاولى للآحتلال وهي يصيح مخمورا : قلنا للبيك : يعني صدام : أعطي النفط لآمريكا وأسرائيل وخلصنا ؟
فللذين لايزالون في سكرتهم وغيهم يعمهون ويرددون بهذيان فاضح مقولة “القائد الضرورة ” و” السيد الرئيس ” ويترحمون على من لايستحق الرحمة ممن ترك لنا كل هذا القيح الذي نراه يدمي قلوب أخواننا في المنطقة الغربية التي صاح أحد رؤساء عشائرها بوجه مراسل قناة التحريض الشرقية قائلا : كيف تريدوننا نوافق على أطلاق سراح قتلتنا من السجون ليعودوا يمارسوا هوايتهم المفضلة بالقتل لآنهم لايعرفون غيرها ؟
في حادثة “الحويجة ” حصحص الحق لمن يريد أن يعرف الحق : ملثمون يحملون قطعا من حديد يرفعونها بوجه أفراد الجيش العراقي الذي أعتدي على سيطرة له بالقرب من مسجد في الحويجة بعد خطبة تحريضية كتلك التي سمعنا مثلها في مسجد تكريت في ألايام ألاولى للتظاهرات مثلما سمعنا مثيلات أخرى في مسجد سامراء والفلوجة والموصل ومنصات الخطابة المنكرة للمتظاهرين الذين قطعوا الطريق السريع وهو من أعمال الحرام التي لم يعد بعض المعممين يعرفونها بمقدار معرفتهم بالفتنة والتحريض ,ومن خلف الملثمين كان يقف الذين يحملون السلاح وبعضه المسروق من جنود السيطرة الذين قتل بعضهم بأيدي هؤلاء الذين يتباكى البعض عليهم حبا بالفتنة وأمعانا بالوقيعة بأهل العراق .
أن الجيش الذي صبر من الخميس الى الثلاثاء وهو يطالب بتسليم القتلة والسلاح ولم يلق جوابا لايمكن أن يلام عندما يريد أن يسترجع هيبة الدولة والقانون ويعاقب المعتدين من المتلاعبين بأمن العراق , وللذين لايعرفون الحكمة في مثل هذه المواقف نذكرهم بقوله تعالى :” وأن طائفتان من المؤمنين أقتتلوا فأصلحوا بينهما فأن بغت أحداهما على ألاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ الى أمر الله فأن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا أن الله يحب المقسطين “- 9- الحجرات –
وفي هذا المعنى قال ألامام علي عليه السلام :” أذا شغب شاغب عوتب , فأن أبى قوتل ” .
ومن بغى أصبح معروفا لايحتاج الى شهادة ودليل , فالوقوع أدل دليل على ألامكان , ووجود ملثمين يحملون السلاح بوجه الجيش النظامي لمدة خمسة أيام في تحد واضح , هو واقع مدان أيا يقف خلفه ومعه على كل المستويات , ولايمكن أن يكون هذا الصنف من الناس حريصا على أمن وحرية وحقوق العراقيين وهو يقتل أبنائهم من أفراد الجيش العراقي والشرطة المكلفين بحماية وحراسة الشعب والوطن دستوريا وقانونيا
وأصحاب ألاحتجاجات المفتعلة في المنطقة الغربية نصحوا فلم يسمعوا النصح , وعوتبوا فلم يسمعوا , وأصروا على التحدي وكسر هيبة الدولة والنظام لا لشيئ ألا لتنفيذ أجندات خارجية معروفة ألاهداف والنوايا , ولم يقابلوا بعنف وهم من تعمدوا ألاساءة للجيش والشرطة في مواقع كثيرة حتى تجرأوا على القتل ولم يقابلوا بمثله , حتى أنطبق عليهم المثل ” من أمن العقاب أساء ألادب ” ونتيجة لذلك وقع الذي وقع في حادثة ” الحويجة ” فمن يسأل عن دماء وجراحات جنود الجيش العراقي وهم من أبناء الحويجة ؟ ومن يسأل عن هيبة الدولة والنظام بعد الذي جرى من عصابات لايعرف لها تاريخ سياسي ولا هوية مطالب وطنية سوى التحريض والعصيان والتنابز بألالقاب سعيا وراء فك عرى الوحدة الوطنية العراقية .
هل يمكن أن يكون من يدعي بأن الحرس الثوري ألايراني كان مع الجيش العراقي في الحويجة : أن يملك ذرة من المصداقية والعقل ؟ وهل من يقول أن الشهيد عيفان العيساوي الذي أعترفت ” القاعدة ” بقتله : أن أيران هي من قتلت عيفان العيساوي ؟
وهل يمكن قبول مقولة من يقول : نحن نقطع الطريق السريع لآن مواكب العزاء تقطع الطريق , ولهذا نقول أن الحكومة والمرجعية الدينية لاتقبل بقطع الطرقات من قبل مواكب العزاء , ومن يقول :نحن نرفع راية القاعدة وصور أوردغان ردا على من يرفع صور الخامنئي ؟
ولهذا النوع والمستوى من التفكير نقول : أن الحكومة والمرجعية في العراق لاتطلب من أحد أن يرفع صور الخامنئي , ومن يرفع تلك الصور هو أجراء شخصي يبرر أحيانا كون السيد الخامنئي مرجعا دينيا وليس لآنه مسؤول أيراني , وهذا المستوى من الفهم الناضج يبدو أنه غير متوفر عند من يطلق تلك التصريحات التي نعرف أنها لاتمثل رأي الغالبية من أهل السنة في العراق , ولذلك نرى أن أهل السنة في العراق أصبحوا مبتلين بمن لايمثلهم حالهم حال ما يحصل في مصر وتونس وسورية .
أن حادثة ” الحويجة ” المؤلمة هي عار وطني بحقنا جميعا يتحمل مسؤوليته كل من شارك في هوس ألاحتجاجات غير المبررة في مدتها وغير المبرة في أغلب مطالبها , وغير المبررة فيما يجري فيها من حراك وغير مبررة فيما تتداوله بعض فضائيات الفتنة والتحريض التي تكشف غسيلا غير حضاري عن أهل العراق .
وحادثة ” الحويجة ” نأمل أن تكون نهاية مشاكسة غير محببة , لايفتخر بها عقل العقلاء , ويأنف منها الفهم السياسي الناضج , وتعافها النفوس الحرة ألابية التي تعرف أن شرف النزال لايكون ألا في ساحات المجاهدة للعدو الصهيوني المتربص بنا شرا , أو في ساحات النضال والمواجهة مع أعداء الوطن من الطامعين بخيرات وثروات العراق من ألاجانب الذين عرفت هويتهم من أتباع المحور التوراتي وأذنابهم الذين أجتمعوا في مؤتمر مايسمى بالواهبين والمانحين وبالغوا في الشعار وقصروا في الوصال والوفاء فظلت نساء وأطفال ورجال عزل في خيام لاتسترهم من برد ومطر وشمس ناهيك عن قلة الطعام والدواء , فضلا عن بدعة زواج المناكحة الذي أنتبهت له بعض المرجعيات الدينية مؤخرا فحرمته ؟
أن الذين يصرون على أحتجاجات المنطقة الغربية , بات واضحا يريدون أخذنا الى كشف عورة العراقيين بأفساد وحدتهم وتفرق شملهم , وجعلهم يضربون رقاب بعضهم بعضا كما حدث في ” الحويجة ” حتى ينطبق علينا قول رسول الله “ص” لاتعودون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ” وماجرى في سورية هو المثال العملي , ومن يريد لآهل العراق مثل ذلك , فليس منهم .
لاتجعلوا حادثة ” الحويجة ” تستنسخ , فهناك من النفوس من تريد ذلك , ولاتساووا بين جيش العراق , وبين من خرج أشرا وباطلا يحمل أجندات ليس لآهل العراق من الشيعة والسنة , ولا من الكرد والتركمان والكلدو أشوريين مصلحة فيها , لاتسمعوا لفضائيات الفتنة , ولا تنتظروا من فشل عبر خمس وثلاثين سنة أن يجلب لكم خيرا , ولا من فشل في أفغانستان والشيشان وتونس وليبيا واليمن ومصر ولبنان وسورية وتركيا أن يجلب لكم خيرا , فالفاشل ثلاث مرات فاشل لايجرب .
فيا أهلنا في الموصل والرمادي وصلاح الدين والحويجة , ويا أهلنا في كل العراق حذار من الفتنة التي نشب قرنها في حادثة ” الحويجة ” أقطعوا قرنها وتعالوا على جراحكم تكسبوا المستقبل , وبدون ذلك فالهوان وشناعة العار , وبعدها نار حامية وقودها الناس والحجارة ؟
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]