23 ديسمبر، 2024 7:03 ص

أبعاد البروتوكول العسكري بين واشنطن وأربيل

أبعاد البروتوكول العسكري بين واشنطن وأربيل

لم يأخذ الاتفاق الامريكي الجديد مع اقليم كردستان نصيبه الكافي في الاعلام بالرغم من أهميته بالنسبة للكورد ومن ناحية الوقت بالنسبة للحكومة العراقية المركزية في بغداد.
أبرم يوم الثلاثاء 12 يوليو تموز 2016 اتفاقا عسكريا في اربيل ستقدم واشنطن بموجبه مساعدات سياسية وعسكرية ومالية تقدر بأكثر من 450 مليون دولار لقوات البيشمركة وقد تم توقيع الاتفاق بحضور رئيس اقليم كوردستان مسعود بارزاني، حيث وقعه من جانب الاقليم وزير البيشمركة بالوكالة كريم سنجاري فيما وقعه عن الجانب الامريكي مساعدة وزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي أليسا سلوتكين.
أن القوانين العراقية المتعارف عليها تنص على أن أي اتفاق من قبل الإقليم مع أي دولة يجب أن يكون من طريق الحكومة المركزية حصراً، لكن هذا الاتفاق يعتبر الاول من نوعه في تاريخ كوردستان كونه تم بشكل رسمي وبمعزل عن الحكومة المركزية وهذا ما تسبب بصدمة كبيرة لبغداد، جعلت من الصمت عنواناً عريضاً للموقف، ولم يصدر عن بغداد حتى الآن أي تعليق رسمي على الاتفاق، الذي سيثير حفيظة بعض مسؤولي الحكومة العراقية الرافضين لمثل هذا التعاون المباشر بين الإقليم وواشنطن، والذي يعتبر بنظرهم تمهيداً لانفصال كوردستان عن العراق، الخطوة التي يسعى إليها أكراد العراق منذ عقود.
جاء توقيع الاتفاق عقب إعلان وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر عزم واشنطن إرسال 560 جندياً إضافياً لمساعدة العراق في معركة استعادة الموصل، في إشارة واضحة الى أن واشنطن ستعتمد بشكل أساسي على قوات البيشمركة الرسمية على حساب القوات العراقية وما تضمه من فصائل مسلحة خارج نطاق القانون والدستور وأن مفاتيح الموصل سيتم تسليمها لقوات البيشمركة كونها الأكثر ثقة وحرفية بالنسبة للجانب الأمريكي.
لم يكن هذا لاتفاق وليد الصدفة بل إن حكومة اقليم كوردستان عملت بصمت وذكاء منذ سنتين لولادة هذا البروتوكول الذي يلزم واشنطن بدعم أربيل لمحاربة الإرهاب، والتعاون المشترك في عملية تحرير الموصل، مركز محافظة نينوى الحدودية مع الإقليم ومعقل تنظيم “داعش” الرئيسي في العراق.
البروتوكول الامريكي الكردي له أبعاد سياسية مهمة بالنسبة لرئيس الاقليم مسعود بارزاني من ناحية التوقيت كونه مرتبط بذات الوقت الذي يردد فيه البرزاني نيته لإجراء استفتاء على استقلال الإقليم عن الأراضي العراقي.
أما بالنسبة للبيت الكردي فقد أحرج البروتكول كل من الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني وحركة التغيير برئاسة نشيروان مصطفى على أن تحالفهم الاخير بمعزل عن الحزب الديمقراطي الكوردستاني بزعامة مسعود البارزاني لا جدوى منه، ولا يحظى بأهمية لدى الجانب الأمريكي والمجتمع الدولي، حتى وأن كانت الأغلبية من نصيبهم.
أن توقيع الاتفاق العسكري بين واشنطن وكوردستان، جاء بعد التطورات العسكرية الميدانية الناجحة لقوات البشمركة في حربها ضد تنظيم داعش، وذلك لسعي واشنطن لتحسين صورتها أمام الرأي العام العالمي بإظهار جديتها من خلال دعم الأكفاء الذين يحاربون التنظيم المتطرف بكل حزم، ولكي تبعد واشنطن التهمة عنها التي انتشرت منذ فترة وهي إضعاف تنظيم داعش فقط وليس القضاء عليه كلياً، من أجل استخدامه لمصالح استراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، فاختارت واشنطن التعاون المباشر مع قوات البيشمركة كون هذه القوات لا غبار عليها.
أن توقيع البروتوكول العسكري بين واشنطن وأربيل كفيل بجعل باقي الدول الكبرى تفكر جدياً في التعاون مع أربيل بشكل مباشر دون الحاجة للرجوع الى بغداد، في الوقت الذي تشهد بغداد توتراً أمنياً وسياسياً وإقتصادياً بسبب سياساتها المبنية وفق نظرية المؤامرة.