18 ديسمبر، 2024 7:43 م

” أبراهيم عيسى ” وتحطيم صنمية الموروث الأسلامي

” أبراهيم عيسى ” وتحطيم صنمية الموروث الأسلامي

مقدمة : تناقلت وكالات الأخبار كسريان النار في الهشيم ، ما قاله الكاتب والباحث أبراهيم عيسى في برنامجه ” القاهرة والناس – يوم 17.02.2022 ” ، حين أنكر معراج رسول الأسلام – محمد بن عبدالله ، مسترسلا ، بما يمليه شيوخ الأسلام على العباد من خرافات ، لا تستند الى ثوابت وأسانيد . وفيما يلي بعض المحطات من تطورات قضية الكاتب أبراهيم عيسى : 1 . أن المعراج قصة تستحق التوقف عندها ، لما بها من خيال وأخفاقات ، وملخصها ( أن الرسول بعدما مضى عليه عشر 10 سنين في مكة ، يدعو الناس الى توحيد الله .. أسري به إلى بيت المقدس ، ثم عرج به إلى السماء ، وجاوز السبع الطباق ، وارتفع فوق السماء السابعة ، معه جبرائيل ، فأوحى الله إليه ما أوحى ، وفرض عليه الصلوات الخمس : الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، فرضها الله خمسين ، فلم يزل النبي يسأل ربه التخفيف ، حتى جعلها خمسًا .. / نقل من موقع الأمام بن باز ) .
2 . هذا الوضع جعل من أبراهيم عيسى في فوهة المدفع ، حيث تعرض لهجوم لاذع ، من قبل شيوخ الأسلام ، بدءا من مؤسسة الأزهر ، ببيان منشور على الميديا ، أنقل مقطعا منه ( وشدد الأزهر : كل ما ورد في القرآن الكريم وسنة سيدنا النبي الثابتة من المسلمات التي لا يقبل الخوض فيها مطلقا ، ولا يقبل تفصيل أحكامها وبيان فقهها من غير المتخصصين ؛ سيما إذا كانوا من مروجي الأفكار والتوجهات المتطرفة ، التي تفتعل الأزمات ، وتثير الفتن ، وتفتقر إلى أبسط معايير العلم والمهنية والمصداقية ، وتستثمر الأحداث والمناسبات في النيل من المقدسات الدينية ، والطعن في الثوابت الإسلامية بصورة متكررة ممنهجة .. / نقل من موقع العين الاخبارية ) ، أضافة للشيخ الأزهري عصام تليمة ، والشيخ عبدالله رشدي .. والنائب أبراهيم بكري وغيرهم ، حتى علاء مبارك ، نجل الرئيس الأسبق حسن مبارك ، أنبرى مهاجما أبراهيم عيسى ، وللعلم أن علاء مبارك ، كان سجله القضائي يعج بالقضايا ، منها ( ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية السبت أن محكمة جنايات القاهرة أمرت بالقبض على علاء وجمال ، نجلي الرئيس الأسبق حسني مبارك ، وحبسهما على ذمة قضية باتت معروفة باسم “التلاعب في البورصة”. ) و ( وصدور حكم برئاسة المستشار وجيه حمزة شقوير وعضوية من المستشارين .. بعد تصالح حما علاء مبارك مع لجنة استرداد الأموال المهربة ، وقيامه متضامنا مع آخرين بسداد مبلغ مليار و315 مليون جنيه للدولة ، بحسب موقع بوابة “الأهرام ” المصرية ) كان بالأحرى لعلاء مبارك أن يرد أموال المصريين ! ، أما د . سعدالدين الهلالي بحواره مع عمرو أديب / كان رأيه بشكل أو بأخر ، يحتمل أكثر من جانب ! .
3 . وقد قدم ضد الكاتب أبراهيم عيسى بلاغا قضائيا / من أجل محاكمته قضائيا ، وهذا تطور مفصلي للقضية .. أنقل فيما يلي ملخصه ( تقدم المحامي فهمى بهجت ، بأول بلاغ للنائب العام المصري المستشار حماده الصاوى ، يطالب فيه بفتح تحقيق مع الإعلامى إبراهيم عيسى في اتهامات بـ ” ازدراء الدين الإسلامي وإنكار ثوابته ونشر أخبار كاذبة ” ) .
القراءة : أن الكاتب المتنور أبراهيم عيسى ، لم يرتكب جرما ، ولم يهين أحدا بالتحديد ، ولم يقدم تصريحا يهدم به أركان الأسلام ! . أنما سرد رأيه بمرويات التراث الأسلامي – موضوعة المعراج / المختلف عليها أصلا ! . وهنا أنا ليس بصدد الدفاع عنه ، لأن موقفه لا يحتاج الى دفاع من أي أحد ، فهو الأخبر بما يقول ، ويستطيع الدفاع عن نفسه ، و شخصيا أنا معه بما قال / من جانب حرية الرأي ، وسوف أسترسل بموضوعة الأسراء والمعراج – علما أن المعراج مرتبط بها تحديد عدد الصلوات . أولا – أن صحابة الرسول بذاتهم لم يتفقوا على الإسراء والمعراج ، هل كانت بالروح والجسد ، أم كانت بالروح فقط ، أو كانت مجرد حلم ! . ومن موقع / أسلام ويب ، أنقل ملخصا مما ورد بهذا الصدد (( من معجزات النبي التي حارت واختلفت وانحرفت فيها بعض العقول ، فزعمت أنها كانت مناماً ، أو كانت بالروح فقط .. ويستدل بعضهم بأثر عن عائشة ، بخصوص الإسراء والمعراج تقول فيه : ما فقدتُ جسد رسول الله ولكن أُسْرِيَ بروحه )) ، أذن زوج رسول الأسلام تقول أن الواقعة كانت ” بالروح ” وذلك لكون الرسول كان في فراشها . ويؤكد هذا الرأي معاوية بن أبي سفيان ، حيث يضيف ذات الموقع التالي (( وقال الشيخ محمد رشيد رضا: قد تجد حديثين عن عائشة ومعاوية يُفْهِمان أن الإسراء لم يكن بجسده الشريف ، وهما حديثان ليسا مما يحتج بمثلهما أهل العلم بالحديث .)) . ورأي أخر يقول أن الأسراء والمعراج ، كان والرسول نائم أي مجرد ” حلم ” (( وكذلك استدل البعض على أن الإسراء والمعراج كانا مناماً ببعض روايات الأحاديث ، كما في رواية شريك: وهو نائم ، وفي رواية أخرى قوله صلى الله عليه وسلم: أنا عند البيت بين النائم واليقظان )) . أما الرأي الأخر ، فيقول قولا مختلفا عما سبق (( وقد أجمع أهل العلم سلفاً وخلفاً على أن الإسراء والمعراج كانا في ليلة واحدة ، وأنهما كانا في اليقظة بجسده وروحه ، ونقل الإجماعَ على ذلك القاضي عياض في ( الشفاء ) ، والسفاريني في ( لوامع الأنوار ).. وأقوال أهل العلم في أن الإسراء والمعراج كانا في اليقظة بجسده وروحه كثيرة .. )) .
ثانيا – مما سبق ، نرى أنه لا يوجد أي أتفاق بالرأي حول الأسراء والمعراج ( هل كان بالروح ، أم بالروح والجسد ، أم كان مناما / أي أن الرسول كان نائما ! ) ، والتساؤل هنا ، أن العشرات من الصحابة والتابعين بينوا رأيهم في هذه الواقعة ، بشكل مغاير ومختلف / الواحد عن الأخر ، ومن ثم المئات من الفقهاء والمحدثين والباحثين كتبوا في هذا الشأن ، والجميع لم يتفقوا على مسار أو أتجاه واحد ، فلم عندما قال أبراهيم عيسى قوله ” قامت الدنيا وأرى أنها سوف لن تقعد ” .. أن السبب الرئيسي لهذه الهجمة ، لأن هذا الكاتب المتنور ، يشكل مفهوما جديدا للموروث الأسلامي بترك الغض منه .
ثالثا – من جانب أخر ، أن البعض يقول أنه هناك أكثر من عملية أسراء – أيضا غير متفق عليها ، وهذه أشكالية أخرى ! ، فمن موقع أسلام أون لاين ، أنقل التالي (( وكان الإسراء مرة واحدة وقيل مرتين : مرة يقظة ومرة منامًا ، وأرباب هذا القول كأنهم أرادوا أن يجمعوا بين حديث شريك وقوله : ( ثم استيقظت ) وبين سائر الروايات ، ومنهم من قال بل كان هذا مرتين : مرة قبل أن يوحى إليه ومرة بعد الوحي كما دلت عليه سائر الأحاديث ، ومنهم من قال بل ثلاث مرات: مرة قبل الوحي ومرتين بعده )) .
رابعا – أرى أن موضوعة تحديد عدد الصلوات ، التي تمت في عملية المعراج ، أيضا مثيرة للجدل ، أذا لم نقل أنها خيالية ( في الحديث الصَّحيح الذي رواه أنس بن مالك فقال : فُرضت على النبي ليلة أسري به خمسين صلاة ، ثم نقصت حتى جعلت خمساً .. وكذلك حوار سيِّدنا محمد مع سيِّدنا موسى في حادثة الإسراء والمعراج .. ) وللتوضيح : حيث كان النبي موسى يلقن محمدا لكي يناقش الله ، أن ينقص عدد الصلوات ، حتى أستقرت بعد رحلات مكوكية مع الله من خمسين الى خمس صلوات . التساؤل هنا : هل يعقل أن أمرا تساوميا ، كهذا ، أن يحدث مع الله ! .
خاتمة : مؤسسة الأزهر وشيوخ الأسلام يقولون ، بأن ” كل ما ورد في القرآن الكريم وسنة سيدنا النبي الثابتة من المسلمات التي لا يقبل الخوض فيها مطلقا ، ولا يقبل تفصيل أحكامها وبيان فقهها من غير المتخصصين ” هنا أتساءل هل كان حبر الأمة بن عباس مرورا بأبن كثير والطبري وأبن تيمية والأمة الأربعة ، هل درسوا بجامعات أو مؤسسات دينية أسلامية فقهية ، أم أنهم تعلموا وطالعوا وبحثوا ومن ثم أجتهدوا .. ، هنا أنا لا أقارن أبراهيم عيسى بهم ، ولكني أقول أن لكل فرد أجتهاده ، وعيسى أيضا كان له عشرات البرامج / القاهرة والناس و مختلف عليه ، يناقش بها كبار الكتاب والباحثين . من جانب أخر في تأريخنا الأدبي الكثير من الأدباء لم يكن لهم أي تحصيل أكاديمي ، ك عباس محمود العقاد – وهو أشهر من نار على علم .. خلاصة القول شيوخ السلفية وجماعة الأخوان ، يريدون لجم الأفواه بأي شكل كان ، أما قتلا / د . فرج فودة ، أو أغتيالا / كطعن نجيب محفوظ ، أو تهجيرا / د . نصر حامد أبو زيد ، أو سجنا / أسلام بحيري ، أو تكفيرا / د . سيد القمني ، والقائمة تطول ، والأن وصل الأمر الى المبدع ” أبراهيم عيسى ” الذي بدأ بتحطيم الصنمية الفكرية للموروث الأسلامي .