23 ديسمبر، 2024 1:49 م

أبجديات الخطاب الوطني عند محطة الطائفية

أبجديات الخطاب الوطني عند محطة الطائفية

عندما يؤمن الرجل بالتضحية كإيمانه بالإيثار، فإن ذلك يعني أن المسيرة، تقف على أساسها الصحيح، الذي يتطلب تجاوزاً للمصالح الشخصية والفئوية، ومنطلقاً قوياً نحو صناعة وطن آمن، يحتضن مكونات العراق دون تهميش أو إقصاء، والقصة التي كتبها أبناء الجهاد والمقاومة في الجنوب الثائر، ترويها أعظم ملاحم البطولة ضد الطغيان البعثي، ومازالت منابع الفداء والعطاء، تهطل علينا بالعطايا الثمينة، وآل الحكيم العظام في مقدمة هذه المنابع الجهادية.
لقد تعلمنا من السيد عبد العزيز الحكيم(طاب ثراه)، أن الحرية، والكرامة، والوحدة، والحفاظ على النسيج الإجتماعي للعراق، هو نتاج ثمين يصنع المجد في مرحلة خطيرة كهذه، لذا لم يكتفِ سماحته بالدعوة الى الإصلاح، بل نزل للميدان ليقود التغيير، فكلنا يتذكره بذلك الدور الكبير في زمن المعارضة، وكيف عمل بإمكانيات بسيطة، على إنشاء المركز الوثائقي لحقوق الإنسان في العراق بعد عام( 1991)، ليتابع بنفسه نشر مظلومية الشعب العراقي.
كان عزيز العراق(قدس سره)مؤمناً بأن العمل الصامت يتكلم بلا لسان، فكان عليه العمل بجد وبكتمان، وليكن التصفيق لغيره فلا يهم، فالمهم نجاح العمل الجهادي، الذي سيلقي بظلاله على مستقبل العراق، وهم ينتظرون يوم الخلاص فكان لهم ذلك، فيكرر دائماً جملة(أنا الخادم)في خطاباته، لا لشيء إلا لغرس هذه الثقافة الراقية، لأن المتصدي للعمل السياسي، يجب أن يكون في خدمة الشعب وليس العكس، فالأساس في المشروع بناء الوطن والمواطن.
الضياء الذي إنبعث من هذه الشخصية الكريمة، كان ساطعاً ودائمياً، لدرجة إن الإعلام المضلل، لم يكن بإستطاعته التغلب عليه، لأن عمله قبل( 2003) وما بعدها، يؤكد في كل سطر يكتبه، على قيمة الإنسان وأهميته السامية، بغض النظر عن دينه، ومذهبه، وقوميته، على أن مرضى الشهرة الطارئة، حاولوا بكل الطرق إزاحة صفحاته المشرقة، من تأريخ العملية السياسية الجارية في العراق، وعبثاً كانت محاولاتهم، فالشمس لا تحجب بغربال الطائفية.
العملية السياسية الجارية في العراق، بعد سقوط الطاغية(2003)كانت بحاجة لرجال أشداء، لا تستهويهم الإنفعالات السريعة والقرارات المتهورة، بل أن الخطاب الوطني المعتدل، الذي تعامل به عزيز العراق، السيد عبد العزيز الحكيم(قدس سره)، كان أحد الأسرار الإلهية، لبقاء وحدة المجتمع العراقي، رغم ما ألمَّ به من مخاطر الإرهاب والتكفير، التي عصفت ببلادنا وراح ضحيتها الآف الأبرياء، وقد فوت الفرصة على الأعداء، وخرجنا من مربع الطائفية، ونحن منتصرون.