لم يجد القادة الكرد وسيلة سياسية ديبلوماسية ولا مناسبة دينية ولاوطنية وعالمية الا وسلكوها من اجل تطبيع العلاقات المتدهورة دائما مع بغداد ، لانهم ادركوا من خلال تجاربهم المريرة وصراعاتهم العسكرية الطويلة مع الحكومات العراقية المتعاقبة ، ان الحل الأمثل للتعايش السلمي المجتمعي في بلد متعدد الشعوب والقوميات والطوائف لا يأتي عن طريق المواجهة الميدانية واستعمال القوة وعمليات التهجير والتعريب القسرية وتغيير الخارطة السكانية في المناطق والمدن المشتركة ومن خلال اشعال الحروب المدمرة وقصف المدن الآمنة بالصواريخ والقنابل الكيمياوية ، وقد خاض الشعب الكردي اهوال هذه التجارب المريرة وتعرض للابادة الجماعية مرات ومرات على يد الأنظمة السياسية القمعية العروبية في بغداد ، ولكن الحل الانجع يكمن في الحوار والتفاهم وتطبيق القانون والدستور والإصرار على مواجهة الازمات العالقة وحلها لا التهرب منها وتأجيلها لاهداف سياسية وطائفية توسعية ، هكذا فعلت الحكومات البعثية العنصرية على مدار السنوات ال35 الماضية من حكمهم الأسود ، وهكذا تفعل الحكومات الطائفية التي تصدرت للمشهد السياسي بعد 2003 وكأن النظامان البعثي والشيعي نظام سياسي واحد ، خرجا من مشكاة واحدة ، وينطلقان من نفس العقلية الشوفينية وألاسلوب القمعي ضد الحقوق المشروعة للكرد.
فاذا كان النظام البعثي الصدامي قد قصف المناطق الكردية بالقنابل الكيمياوية ، فان النظام الطائفي المالكي قد استعمل سياسة التجويع الشاملة ضد الشعب الكردي بقسوة بالغة ، والنظامان في النهاية يستهدفان الوجود الكردي وحرمان حقه الطبيعي في الحياة ، لو أجرينا احصاءا بعدد زيارت الوفود الدبلوماسية الرفيعة وغير الرفيعة التي أرسلها حكومات إقليم كردستان منذ 2003 الى بغداد وخاصة الحكومات الكثيرة التي شكلها نيجيرفان بارزاني لايجاد مخرج سلمي للمشاكل العالقة ، فانها تعد بالعشرات ان لم تكن بالمئات ولكن في كل مرة تعود هذه الوفود الى أربيل بخفي حنين خالية الوفاض لا طالت عنب اليمن ولا بلح الشام!
وتستمر العملية العبثية بهذا الشكل دون تحقيق أي شيء! أربيل تسعى وتتحمس لايجاد حل وبغداد تتملص وتمارس التقية السياسية معها ، والنتيجة ان الطرفان يدوران في حلقة مفرغة ، لا يصلان الى حل مشترك ابدا ، فلا الدستور استطاع إيقاف هذا التسابق ولا الاتفاقيات السياسية .
ورغم المكانة المرموقة التي يشغلها رئيس إقليم كردستان “نيجيرفان بارزاني”لدى القوى السياسية العراقية والدينية والعلمانية على حد سواء ، فان الدعوات والمناشدات التي يطلقها في كل مناسبة لا تلقى استجابة لدى أصحاب القرار العراقي ، ويظلوا في طغيانهم يعمهون .
وكما اطلق تغريدة بمناسبة عاشوراء “لنبذ الخلافات وثقافة العنف والتطرف وتوطيد أواصر المحبة ومباديء التسامح والتعايش بين أطياف الشعب لارساء الاستقرار والسلام في بلدنا” وقد كرر دعوته بمناسبة عيد الأضحى المبارك للقوى السياسية وشرائح المجتمع العراقي بانتهاز فرصة حلول العيد السعيد لتدشين”بداية جديدة للتعاون والشراكة بين جميع قوى وأطراف مكونات البلد من اجل حل المشاكل واجتياز المصاعب وحفظ الامن والاستقرار وتحقيق الأمان والاطمئنان”، فهو لم ينسى ان يخاطب ضمير حكام بغداد ان كان لهم ضمير أصلا ولم تحجبه طائفيتهم المقيتة ، بضرورة احترام حقوق الانسان الكردي التي طالما انتهكت خلال الحقب الماضية ، والعمل على الحفاظ على خصوصياتهم العرقية والثقافية والسياسية في اطار ما نص عليه الدستور، ونبذ العنجهية الطائفية والتعالي القومي ومعاملتهم كمواطنين عراقيين وليسوا غرباء وعملاء لإسرائيل والقوى الغربية! وسواء اردنا ام لم نرد فنحن نعيش في بلد واحد ومصير واحد ، ف” كلنا تشرق علينا شمس واحدة وتظلّنا سماء واحدة وينتظرنا مستقبل واحد!”. كما على حد قوله .