23 ديسمبر، 2024 12:33 ص

آمِن ،،ولا تنتظر ان ترى الله جهرة(التدبّر)

آمِن ،،ولا تنتظر ان ترى الله جهرة(التدبّر)

“قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ” ، قبل قرون و دهور ، وفي كل حين يأتي اناس مثلك ويطالبون الله بدليل عيني مباشر على وجوده ويحاججون الله (الذي خلقهم) و بوقاحة وربما عن جهل او لربما عن طلب للحقيقة (بظن بعضهم)، ورغم رؤيتهم لضعفهم أمام هذا الكون المذهل اللامتناهي الدقيق الصنع . ولم ولن يلبي لك الله هذا الطلب ، فلاتنتظر وتمني نفسك او تغالطها “يسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ ۚ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَىٰ أَكْبَرَ مِنْ ذَٰلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ”
نعم ،،الله يقدر تساؤلات العقل الانساني ، ولايريد ان يضعك في فخ الكفر ثم يعذبك كما يروج البعض ويقولون والا لأرانا نفسه او لبعث آية مبيّنة ، ولكن الله سنّ طريقا واحدا للايمان ولم يغيّره ، هو (التدبر) فقال :” قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” و”.إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ” و مثل ذلك كثير .
فلا تكن جاهلا وكن من الذين يعقلون “وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ ۗ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ ۘ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ۗ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ”
صحيح ان الله ميّز عباده المؤمنين بالغيب “الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ” وميز عباده المستسلمين دون جدل كما في اسلام سيدنا ابراهيم “إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ” . ولكنه مامنع التساؤل كطريق للايمان ، ولاحجب التدبر . وان قلت لماذا اؤمن انا فما بال القرون الاولى؟ “قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى”
انت غير مسؤول ، انت انسان حياتك قصيرة مُر على هذه الدنيا وتدبر في ماوصلك وما امامك ثم ارحل كما رحلوا ، تلك امم خلت ورحلت ” لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ” . لا احد سيسالك الا من باب الاعتبار ، وان قلت مابال الامم التي لايصلها القران ! وصلها شيء اخر قد لا نعرفه ، ولن تزر انت اوزارهم “وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً ” “فيقول تعالى ذكره وما كنا مهلكي قوم إلا بعد الإعذار إليهم بالرسل، وإقامة الحجة عليهم بالآيات التي تقطع عذرهم”*
كما انهم مكلفون ان يبحثوا ، ومن لم يبعث له رسولا او نبيا فحسابه على الله ، لايظلم عنده احد . ارسلَ “رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا” ، ولم يقطع الله الرسل والنبيين الا بعد ان اتم الدين وبعد ان تقاربت الامم المتناثرة وانتشرت الكتابة في القرون الاخيرة ، واليوم كما ترى بامكان كل ذي حجى وقلب واعي ان ينقر نقرة واحدة ليرى كل الاديان (التي يدعيها البشر) الحقيقي منها والمزيف ، والمنطقي منها والمهلهل ، الصالح منها والطالح ،
وان كان الله قطع الايات المنزلة مع رسله فما قطع الايات التي يبعثها كل يوم وفي كل مكان ، مما يكتشف العالم من عجائب خلقه واعجاز قدرته ، فكانما الامر انك ايها الانسان واذ وصلت الى هذه المقدرة في اكتشاف بواطن الارض ومجاهل الفضاء وطلاسم البحار ، فلا حاجة لك بعد بنبي ، فهذه كلها انبياء ،،فمَن خلقَ كل ذلك ياترى ؟ دارون الذي مات ولم “يطوّر ” خلاياه ليمدّ في عمره ولا “تكيّف” مع الطبيعة ليخلد ، ام ترامب الذي سيموت ولن ينقذ نفسه في طائرته الكبسولة التي لاتغرق ولاتحترق ولا تتحطم ، ام اينشتاين الذي مات متحيّرا ، ام هوكنك الذي مات معاقا لم يستطع ان يعالج نفسه ، ام فرعون الذي غرق ام قارون الذي خسف الله به الارض ، ام نمرود الذي صار اثرا بعد عين “وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ”
ام الطبيعة خلقت نفسها وهي لاتعقل شيئا و تصارع كل يوم وتتصارع ، ام المسيح الذي قتله بشر مثله “وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ” . فدعك من القرون الاولى واخشَ على نفسك لانك تبلّغت ، فان قلت ولماذا تبلغت انا ؟ “يختص برحمته من يشاء”
اليهود حسدوا العرب على الدين الجديد، وما هو بجديد “مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ” وقال الله يخاطبهم واشياعهم “أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِۦ ۖ فَقَدْ ءَاتَيْنَآ ءَالَ إِبْرَٰهِيمَ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَءَاتَيْنَٰهُم مُّلْكًا عَظِيمًا” و “بِئْسَمَا ٱشْتَرَوْاْ بِهِۦٓ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بَغْيًا أَن يُنَزِّلَ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ”
فهو الخالق وهو يصطفي من خلقه من يشاء “إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰٓ ءَادَمَ وَنُوحًا وَءَالَ إِبْرَٰهِيمَ وَءَالَ عِمْرَٰنَ عَلَى ٱلْعَٰلَمِينَ ” حتى النساء يطهر منهن من يشاء من عباده ويصطفيها “وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ” فلا تتمنوا او تعترضوا ان فضل الله هؤلاء على اولئك بل اسالوا الله ان يتفضل عليكم “وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا” .
والله يفضل من يشاء حتى في الرسل “تِلْكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍۢ ۘ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُ ۖ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَٰتٍۢ ” ويستخلف من يشاء “وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ” وهو الاعلم بما يريد وهو اعلم بما يفعل “قالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ” فاراد ان يفضلنا ويبتلينا وهذا شأنه “وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ”
إذهب الى القرآن فان وجدت فيه اختلافا فاذن هو ليس من عند الله “أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْءَانَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلَٰفًا كَثِيرًا” ! كتاب بالاف الايات ومئات القوانين وعشرات القصص واخبار الغيب والقرون والاشارات التدبرية العلمية والتربية الروحية والمواعظ والتاييد والوعيد و و و ، كل ذلك ولن تجد فيه حرفا يناقض حرف او كلمة تخالف كلمة او خبرا يعاكس خبر ، واذهب الى مقالي هذا الذي امامك وهو من بضعة اسطر ، وان كنت خبيرا فستجد فيه عشرات الاخطاء، او ارسل لي كتابا او نصا وقل لي ابحث في اخطاءه وانا سارسل لك عشرات الاخطاء في بضع دقائق واتحداك .
وليذهب الاخر لكتابه ، والاخر يتدبر في خلق السموات والارض “وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَٰحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ” قد يكون خصّ بني اسرائيل او العرب او غيرهم ممن وصل علمنا ، وماذا في ذلك وان كان ؟ “يختص برحمته من يشاء” وهو يفعل في ملكه مايشاء “وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَٰكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ ۚوَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ” .
ولكنه قطعا لايظلم ، ولعله ارسل لهم مالم نعلم ، او لعله اختار لهم طريق هدي اخر ، او لعله لن يحاسبهم ان تركهم بدون تبليغ وهذا شانه “وماكنا معذبين حتى نبعث رسولا” ، ولكنه يريد التدبر ، ولذلك يعطيك أدلة تدبرية عقليه غير حاسمة ولكنها واضحة بالغة ، وهذا ماحدث دائما فهو لا يريك فديو لخلق الكون ولكنه اخبرك انه الخالق وقال ان لم تؤمن بانني الخالق ،أرني من خلق هذا الكون ان كنت صادقا “قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ۖ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَٰذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ”
ولم يثبت في عصور البشرية كلها ان احدا اثبت معرفته التجريبية العلمية لخالق اخر (ظهر له) الا المعرفة التدبرية اليقينية الحسية ، وهذا مايقوله لنا الله “هَٰذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ ۚ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ”
ف آمن بالتدبر ايها الملحد والمنكر والمعاند ولا تنتظر ان ترى الله جهرة ، فان ذلك لن يحدث ، فلا تكن في ضلال مبين .