19 ديسمبر، 2024 6:40 ص

{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة “دماء لن تجف” في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
حمل القرار 1034 / 4 ، الصادر عن لواء الحرس الجمهوري، في العام 1991، بشرى زفاف الملائكة المسومين، لعروس كربلاء.. آمنة صالح حسين محمد تقي الحكيم، من ثرى الارض الى ثريا السماء، محفوفة بحوريات رب رحيم، كحلن جفونها بإسم الرحمن، وطيبن جوانحها بإيمان عامر، خلدها في جنان النعيم.
ولدت الشهيدة الحكيم، في كربلاء.. حي الحسين، العام 1961، حملت إنوثتها الطاهرة، التي لم يمسسها بشر، الى علياء الرحمة، مظلومة من طاغية العصر.. المقبور صدام حسين؛ جزاء مشاركتها.. هي وإخوتها، في الانتفاضة الشعبانية، التي إشتعل فتيل شرارها، من الشعب العراقي، ضد الديكتاتور، عقب هزيمته، في غزو دولة الكويت الشقيقة!
ربة بيت، لم تطق رؤية إخوتها، وحشد المجاهدين، يتمنعون بضريح الإمام أبي عبد الله الحسين.. عليه السلام، بمواجهة نظام البعث الجائر، فشاركتهم الموقف والبطولة، مثلما أشركتها بنادق الجبناء بالإعدام، من دون ان يرعوا حرمة لكونها إمرأة.
تحمل الشهيدة، درجة البكلوريوس، متنوعة الثقافة، بين التربية المنزلية الإسلامية الرصينة، تكاملا مع الأجواء الإيمانية السائدة، في مدينة كربلاء المقدسة، مضجع الحسين وأخيه العباس.. بطلا واقعة “الطف” التي تعيد تكرار نفسها، كل ساعة ويوم وعام؛ إذ يعاد ذبح ابي عبد الله، كل عصر، ما دام الشر مداد نسغ الظالمين.
أقدمت آمنة الحكيم على مشاركة إخوتها في الانتفاضة الشعبانية.. 15 آذار 1991، تأكيدا لموقفها الايماني من الاسلام والجهاد الوطني، في سبيل العراق، متبتلة: “أمن يجيب المضطر إذا دعاه، ويكشف السوء” قائلة فاعلة، وهي تقدم مع المؤمنين نحو مواجهة الباطل، يدحره الحق، ملوما مذموما.
فكشف السوء، يوم الاربعاء 9 نيسان 2003؛ لأنه يمهل ولا يهمل…
غيبها لواء الحرس الجمهوري، مع عشرات الآلاف، من المنتفضين، ضد الكفر والجور، اللذين مارسهما النظام السابق ضد العراقيين، الى أن عثر على جثمانها الطاهر، بكامل نقاء بدن الشهداء، لم تمسسه آفة الأرض، وسط أشقائها، في واحدة من المقابر الجماعية، التي طمرت فيها عناصر الحرس الجمهوري، لألئ من درر كربلاء، عند حدود المدينة، وأطراف أحيائها، لأن الله متم أمره.
لم تدع تنظيمات حزب البعث الجائر، نهاية آمنة الحكيم وأخوتها تمر، من دون ان ينكلوا بمن تبقى من العائلة أحياءً؛ فالعقوبة في عهد صدام، تبدأ بالإعدام ولا تنتهي به؛ ومن يحكم بالشنق، ويوارى الثرى، يلحق البعثية بعائلته، مرارة تعذيب، ينزلهم الى أسفل السافلين، في دولة الأقبية السرية، والموت المعلن.
عانى ذووها مضايقات، كادت تنسف كيان العائلة، لولا رحمة الله، عليه توكلنا وهو ارحم الراحمين.. خلدت آمنة، واحدة من حلقات الشهادة، في تاريخ عائلة الحكيم، المرتبط.. سلسلة نور، شهيدا يقبض كف شهيد، من لب الأرض الفانية، الى سمت السماء الخالدة.

أحدث المقالات

أحدث المقالات