23 ديسمبر، 2024 10:42 م

آل الخضراء

آل الخضراء

هم ( لملوم ) من بعض الأقوام والعشائر المتفرقة .. بعضها عريق لها جذور طاعنة بالتاريخ ، واكثرها لا يعرف لها اصل او كنية او حتى مكان .. كثرت اسمائهم وعناوينهم ومهنهم وشكولاتهم بحيث ضاع المنادي واحتار بين اسم حركي لهم وآخر رمزي وثالث من اسماء الدلع .. تشابهت طريقة وصولهم الى الأنترناشنال زون أو المنطقة الخضراء كما يحلو لهم ان يوسموها ، مع طريقة وصول المهاجرين الى ( العالم الجديد ) عن طريق سفن طيب الذكر كولومبس ، مع فارق بسيط هو قيام المذكور باستبدال السفن واستخدام الدبابات بدلها .
عشقوا هذه المنطقة وهاموا باسمها الأخضر ، وخيراتها وكنوزها التي لا تعد ولا تحصى .. بل وقعوا بغرام كل شيء أخضر او يمتاز بالخضرة .. فازداد طموحهم وتوسعت احلامهم مدفوعة بامكانيات تلك الكنوز التي سرقوها ، فوضعوا اعينهم على جزيرة النخلة في دبي وابراج شارع الشيخ زايد والفلل والقصور الخضراء في عبدون عمّان وعمارات وشوارع روشة بيروت وقصور فيكتوريا رود في لندن .. على ان طموحهم الأهم هو ملاعب الغولف الراقية المتميزة ومنتجعاتها في بعض المدن المشهورة .. لكن قلة خبرتهم في لعب الغولف وصعوبة تعلمهم قد حدّ من ذلك الطموح بصورة كبيرة ، خصوصا وأنهم قضوا اعمارهم وهم لا يعرفون سوى لعب التوكي والشبطيط والدعبل .
لهم قوانين خاصة بهم .. بل هم فوق القانون وفوق من سنه أو عمل به او حتى فوق شرائع السماء والأرض .. صنعوا ديموقراطية خاصة بهم لم نقرأ عنها لا في دائرة المعارف البريطانية ولا حتى في كتاب كليلة ودمنه .. خروجهم من خضرائهم يكلف العراقيين كثيرا .. فكم من مسكين اخذ رصاصة في بيبي عينه لمجرد انه عبر سهوا من امام احد مواكبهم ( وما اكثرها ) ، وكم من شرطي او جندي بسيط قد حصل على خلطة منوعة من الدفرات والبوكسات لأنه لم ينتبه لمرورهم ولم يسهل لهم ذلك المرور ، رغم ان لهم ممراتهم الخاصة في الشوارع وفي السيطرات ونقاط التفتيش .. محصنين من بيروقراطية الدوائر الحكومية ، وطلباتهم ومصالحهم تنجز قبل ارتداد البصر .. ويا مسهل عبورهم من المطارات وابواب اجهزة الأمن ومداخل مواقع الدولة السيادية .. عندهم مناعة خاصة من السونار ومن شمّات الكلاب ونظرات الضباع .
لا يعلمون بما يجري خارج خضرائهم .. عفوا .. عفوا .. هم يعلمون حتما ما يجري وفق ما رسموه لأنفسهم او آخرين لهم من أدوار خسيسة ظالمة ، وربما قد اعمت بصيرة بعضهم حجم اموال السحت الحرام وكبرها .. المؤكد انه كلما ازداد تحصينهم لخضرائهم وارتفعت  حصونها ، تزداد معه صرخات المعوزين والجياع والأرامل والأيتام والمعدمين ، وتعلوا أصداء الدعوات عند شبابيك اولياء الله الأطهار مصحوبة بدموع الأمل والفرج .. ويقترب ( هدير ) تلك الأصوات منهم يوميا أكثر فأكثر لترتجف منه اسوار الظالمين و ( صبّات ) الذل الكونكريتية .. هم بالتأكيد يستشعرون أن ( خضرتهم ) لن تدوم .. لذلك تكاثروا سفاحا باعداد متزايدة .. فربما ستؤمن لهم تلك الأعداد مسالك الهروب الى جزرهم الأخرى حين تهب عليهم رياح من سجيل قد لا تبقي فيهم فردا ولا تذر .. وما أقربها