22 ديسمبر، 2024 10:09 م

آلية مواجهة التخرصات الايرانية تجاه العرب/2

آلية مواجهة التخرصات الايرانية تجاه العرب/2

تفكيك الخلايا النائمة في دول المنطقة سيما دول الخليج العربي
الخلايا النائمة رغم كونها مصطلح جديد دخل عالم الحروب السرية لكنها في الحقيقة ترتبط بمفهوم آخر اشمل منه وهو ما يسمى بالطابور الخامس او طابور العملاء، وهذه الخلايا أشد فتكا من القوات العسكرية وهي تخلف عنها في ان الأخيرة تمثل قوات منظورة في حين ان الخلايا هي قوات غير منظورة تتخفى بملابس مدنية، كما إن القوات العسكرية معروفة العدد والعدة ومميزة في تجهيزاتها العسكرية في حين ان هذه الخلايا من الصعب معرفة عددها وعدتها، والقوات العسكرية تجابه الأعداء في جبهات قتال خارجية معروفة في حين ان الخلايا تفتح عادة جبهات داخلية، وفي الوقت الذي ترتبط فيه القوات النظامية بوزارة الدفاع أو الحرب فأن الخلايا النائمة تربط بأجهزة مخابرات معادية وعدة واجهات منها السفارات وفروع الأحزاب الداخلية المرتبطة بأجندات خارجية. وعلى العكس من القوات النظامية لايوجد هيكل تنظيمي لهذه الخلايا فهي تشكل وحدات منفصلة عن بعضها وتوزع في عدة مناطق حيوية لذلك فأن التوصل الى خيط خلية ما، لا يفيد في كشف بقية الخلايا. وغالبا ما تتخذ الخلية شكل وحدة تنظيمية سرية صغيرة تضم عناصر بحدود عشرين شخصا كي يصعب كشفها وتؤمن الحرية الكافية لتحرك عناصرها دون مراقية الأجهزة الأمنية، وتتكون عناصر الخلية من مواطني الدولة الزارعة والمتجنسين بجنسياتها أو من مواطني الدولة الهدف ممن يرتبط بالدولة المجندة لهم بنوازع دينية او مذهبية او عنصرية أو تحت إغراءات مالية أو ووعود بالحصول على إمتيازات ومناصب لاحقة.
بطبيعة الحال ان هذه الخلايا النائمة سرعان ما تستيقظ ناشطة، وتتحول الى ميليشيات ولائية عندما يمسك الولي الفقية بمقدرات البلد الذي يضم تلك الخلايا، وهذا ما حصل في لبنان والعراق واليمن، فقد تحولت الخلايا النائمة الى ميليشيات حزب الله والحشد الشعبي الحوثي. مما يستوجب القضاء عليها قبل أن يستفحل أمرها. ولم يعد وجود هذه الخلايا سرا، فقد كشف السفير الإيراني السابق (عادل الأسدي) أمر هذه الخلايا معترفاً بها ومقدما تفاصيل دقيقة بشأنها من حيث وجودها وتوزيعها وارتباطاتها ونشاطاتها وتمويلها والغرض منها، مؤكدا بأنها لا تقتصر على طائفة محددة، شغل الاسدي مناصب عدة منها سفير ايران في لشبونه ومستشارا لوزير الخارجية وقنصلا عاما في دبي، وهذا المنصب الأخير سمح له بالإطلاع بدقة على الخلايا الموجودة في الخليج العربي والتي ترتبط بخيوط مع السفارات الأيرانية. وجزم الأسدي بأن هذه الخلايا موجودة في كل دول الخليج العربي غير مستثنيا أحدا، موضحا بأنها ترتبط بالحرس الثوري الإيراني من خلال ما يسمى (قسم حركات التحرر) الذي أسسه المقبور (مهدي هاشمي).
في الوطن العربي وبصورة خاصة في دول الخليج العربي المغلقة أبوابها أمام العرب والمفتوحة على مصراعيها أمام الإيرانيين والهنود والنغلادشيون وغيرهم من الجنسيات، ساعدت العمالة الكبيرة من الإيرانيين على نشر الخلايا النائمة في معظم مفاصل الدول الخليجية. وقدرت مصادر إستخبارية المانية بأن “عملاء إيران (الخلايا) في دول مجلس التعاون الخليجي ما بين (2000- 3000) معظمهم من الشيعة العرب سيما من حزب الله اللبناني” والحقيقة إن هذه العدد غير صحيح مطلقا. وسيكون من حسن حظ دول المجلس لو كان العدد كما قدرته المانيا. وأضافت المصادر بأن النظام الإيراني قد جند ” 800 عميل إيراني معظمهم يعملون في السفارات والقنصليات الايرانية في الخليج تحت حصانات دبلوماسية. وهم يشرفون على تمويل الخلايا وتزويدها بالسلاح والمتفجرات والخطط المطلوب تنفيذها حسب توقيتات نظام الملالي”.
لنعود بالذاكرة الى الوراء قليلا ونستذكر انه في عام 2011 اكتشفت قوات الامن الكويتية خلية تجسس تعمل لصالح ايران، وكان (7) من الكويتيين على اتصال مع دبلوماسي ايراني يعمل في السفارة الايرانية وتبين ان الخلية سلمت معلومات مهمة عن الجيش الكويتي الى الدبلوماسي الايراني، وتم التموية عن نتائج التحقيق. وفي 13/8/2015 ألقي القبض على أعضاء خلية ارهابية في منطقة العبدلي، وتم العثور على أسلحة ومتفجرات، وتبين ان الخلية المتكونة من ايراني و(25) كويتي تم تدريبهم في لبنان وكانت تجمعاتهم السرية تتم في السفارة الايرانية في الكويت، وقد هرب (14) مجرما ـ بعد خروجهم من السجن بكفالة من المحكمة ـ بزوارق كانت تنتظرهم الى ايران، وعلى أثرها خفضت الكويت علاقاتها الدبلوماسية مع ايران من (19) الى (4) دبلوماسيين. وكانت الخلية تمتلك (19) طن من الذخيرة و (144) كغم من المتفجرات، و(68) سلحا مختلفا و(240) قتبلة يدوية اضافة الى اسلاك وصواعق كهربائية. انها أسلحة ومتفجرات كافية لإبادة منطقة العبدلي عن بكرة أبيها، ويبدو ان إطلاق سراح المتمهين بالتجسس من قبل محكمة كويتية تثير العشرات من علامات الاستفهام، لأن الأمن القومية مسألة خطيرة ولا يجوز اطلاق سراح المتهمين الا بعد إنتهاء التحقيق.كالعادة انكر نظام الملالي علاقته بالخلية وان لا أساس له من الصحة معتبران ان بعض النواب في مجلس الأمة الكويتي ووسائل اعلام محلية تأثرت بالدعايات المغرضة. ولكن نظام الملالي لم يوضح كيف هرب المتهمون بزوارق ايرانية الى ايران، ولماذا لم تسلمهم السلطات الايرانية الى الكويت؟ لاحظ ان جميع الإرهابيين والفاسدين في دول المنطقة يهربون الى ايران فقط عندما يلاحقهم القضاء، الا يحق لنا ان نسأل لماذا واجهتهم ايران؟

أهم نشاطات هذه الخلايا:
ـ ضرب المصالح الإستراتيجية الحيوية في البلد الذي تتخفى فيه كالمشاريع الصناعية الكبرى والمطارات والموانيء ومحطات القطارات والمناطق السياحية، كما جرى في العراق بحرق المزارع في موسم الحصاد، وتسميم أحواض الأسماك، وتفكيك مصفى بيجي ومحطة كهرباء صلاح الدين وغيرها.
ـ شنٌ هجمات إرهابية في مناطق مكتظة بالسكان لإثارة الفزع والهلع بين الناس. كما جرى في الكويت وما يسمى بخلية العبدلي التي تحدثنا عنها..
ـ تحريض الأقليات الأثنية والعنصرية والطائفية الموالية لدولة الخلايا ضد حكومتهم المركزية مما يساعد على فتح جبهة داخلية ترهق تلك الحكومة وتستنزف امكاناتها، كما حدث في البحرين.
سبق ان إدعى الخامنئي” أن التدخّل في البحرين حقّ لإيران غير قابل للتصرف”، وطالب مسؤولون في النظام وقادة في الحرس الثوري بإسقاط الحكم في البحرين وضمّها كولاية إلى إيران. وفي تدخل سافر في الشأن الداخلي البحريني صرح (كريم عابدي) عضو اللجنة البرلمانيّة لشؤون الأمن القوميّ والسياسة حول دخول الجيش السعودي البحرين بموجب معاهدة دول التعاون الخليجي” إن حدث من دخول جيوش من دول الخليج إلى البحرين لن يتكرر، ولن نسمح بتكراره في الكويت، فظروف وموقع البحرين جغرافيًّا وعسكريًّا تختلف نهائيًّا عن الكويت، ومن حقّ الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة الدخول إلى الكويت لحماية الشيعة هناك مثلما برّرَت دول من الخليج دخولها إلى البحرين بأنه لحماية أهل السمة”.
ـ القيام بحملة تصفيات وأغتيالات ضد أركان الدولة التي تعمل بها الخلايا وإستهداف كبار المسؤولين والعسكريين والأكاديمين والعلماء. فقد تم إغتيال ما يقارب (500) عالم وقائد عسكري وكبار المختصين في المجالات الطبية والهندسية والعلمية في العراق) عام 2003.
ـ نشر الإشاعات والبلاغات الكاذبة لأرباك القوات الأمنية وزعزعة الأمن الداخلي. الغرض منه رسم صورة كاريكاتيرية للحكومة وبيان ضعفها، سيما ان وسائل الاتصال الحديثة سهلت هذا الأمر عبر الجيوش الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي.
ـ تنظيم التظاهرات والمسيرات الاحتجاجية ضد السلطات المحلية ورفع شعارات لنصرة الدولة المجندة للخلايا كما جرى في البحرين (للمزيد مراجعة دراستنا حول هذا الموضوع بعنوان: أخلايا نائمة أم قنابل موقوته؟).
ـ نشر المعلومات المضللة عن دور النظام الايراني في تحرير القدس ودعم القضية الفلسطية، ومن المعروف ان القضية الفلسطنية أمست تجارة رائجة. زعم النظام الايراني في البداية ان تحرير القدس يتم عبر كربلاء، وحولها الى بيروت، ومن بعدها الى دمشق وانتهى اخيرا الى صنعاء. ان فيلق القدس الايراني وحزب الله والميليشيات العراقية والافغانية والباكستانية تركت الجولان المحتلة وتقاتل في حلب، انهم يقتلون السوريين وليس الصهاينة.
ـ نشر المذهب الشيعي الصفوي، وحله محل التشيع العربي عبر الكتب والكراسات التي تدعم ولاية الفقيه، وسنتحدث عن ذلك بالتفصيل.
لصعوبة معالجة موضوع الخلايا النائمة بسبب كثرة عدد الإيرانيين في دول الخليج وتعثر طرق تحديدها ومعرفة فيما إذا كانوا مجندين للمخابرات الإيرانية من عدمه، أو تقدير مدى ولائهم للنظام الإيراني. يمكن للدول العربية أن تواجه النظام الإيراني بنفس إسلوبه. أي من خلال زرع خلايا عربية في إيران بعدة طرق معروفة من قبل أجهزة المخابرات العربية، ولسنا بحاجة الى الخوض فيها فهم أعرف منا بها. ان من يمتلك المال يتمكن بسهولة من صناعة التجسس، فمن أهم انواع التجنيد هو التجنيد بالمال. ونظن أن من يمتلك الموارد المالية الهائلة كدول الخليج لا يصعب عليه شراء الذمم. وقد لفت مؤخرا الأستاذ عبدالله النفيسي إنتباه دول الخليج العربية حول هذه النقطة بضرورة ” منع دخول الوافدين الإيرانيين إلى بلدان الخليج العربي”. وإستغرب النفيسي من عدم اتخاذ قرار خليجي بهذا الشأن حتى الآن! الحقيقة إن الأمر لا يتعلق فقط بمنع دخولهم بل بتصفية الموجودين منهم، نقصد أولئك المشكوك في ولائهم لدول الخليج وهم برأينا ليسوا بقلة.

تفكيك الأحزاب الموالية للنظام الإيراني
وابرزها حزب الله اللبناني وحزب الدعوة الإسلامية والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية والتيار الصدري وحزب الفضيلة. ومنظمة العمل الإسلامي، وجمعية العمل الإسلامي وجمعية الوفاق الوطني البحريني والتحالف الإسلامي الوطني وحركة أنصار الحرية وبقية الأحزاب التي تمولها إيران داخل الوطن العربي. مع حظر الإنتساب إلى تلك الأحزاب لأنها تنفذ أجندة خارجية تدخل في نطاق الخيانة العظمى. فهذه الأحزاب تشكل طابورا خامسا وتزداد مخاطرها لإن عناصرها مدربون تدريبا عسكريا جيدا، ويمتلكون خرائط لجميع مفاصل الدولة التي يتواجدون فيها، علاوة على إمتلاكهم الأسلحة والذخيرة مما يمكنهم من القتال بضراوة ولمدة طويلة. من المعروف إن فصائل المعارضة الإيرانية كتنظيم حزم العربستاني ومنظمة مجاهدي خلق وبقية الأحزاب الكردية والبلوشية محظورة تماما في إيران. لذلك مبدأ المقابلة بالمثل مبدأ مقبول في التعامل الدولي. ولابد من التنويه إلى نقطة مثيرة للإهتمام بهذا الصدد وهي إن جميع الأحزب الموالية لإيران في المنطقة العربية مسلحة تسليحا كاملا ومدربة تدريبا عسكريا عالي المستوى؟ كفروع حزب الله وفيلق بدر وجيش المهدي وجيش فاطمة وثأر الله وعصائب أهل الحق والحوثيين وغيرها، ويمد النظام الايراني حلفائه من الميليشيات بالصواريخ البالستية والطائرات المسيرة ومختلف انواع المتفجرات، كما حصل في تفحير مرفأ بيروت، وفي العراق توجد منطقة جرف الصخر التي تسيطر عليها كتائب حزب الله العراقي، وتمتلك صواريخ بالستية ومعمل لإنتاج المتفجرات وسجون سرية، وهذا ما يقال عن الحوثيين.
يعنل النظام الايراني على إيجاد جيش رديف في المناطق التي يفرض سيطرته عليها، ويموله بأسلحة متطورة لا توجد عند جيوش تلك الدول، حيث ينقل تجربة الحرس الثوري الايراني الى هذه الدول، غالبا ما نسمع تصريحات من قادة الحرس الثوري الايراني، وإجراء مناورات حربية وغيرها من النشاطات والفعاليات، دون ان نسمع شيئا عن وزارة الدفاع الايرانية، بل ان وزير الدفاع الايراني مجرد ديكور لا معنى لوجوده، وسبق أن عبر الرئيس روحاني عن هذه الحقيقة، بل صار الحرس الثوري مسيطرا على الإقتصاد الإيراني، وقد نجح النظام الايراني في إيجاد رديف للحرس الثوري أقوى من الجيش، في لبنان متمثلا بحزب الله، والعراق متمثلا في الحشد الشعبي، واليمن متمثلا بأنصار الله او ميليشيا الحوثي, مما يتطلب تفكيك هذه الأحزاب واضفاء سمات الإرهاب عليها، وتطبيق تهمة الخيانة الكبرى على أعضائها.

حظر زيارات المسؤولين الايرانيين
لابد من حظر زيارات الزعماء والسياسيين الايرانيون الذين يطلقون تصريحات معادية للعرب من دخول الدول العربية مهما كان مستواهم ومسئوليتهم. أسوة بما تفعله الإدارة الامريكية، فهناك عدد من المسئولبن الإيرانيين الذين دأبو على إطلاق تهديدات لبعض الأنظمة العربية أو أعلنوا بصراحة عن مطامعهم التوسعية في منطقة الخليج العربي أو أثاروا الفتن الطائفية أو تدخلوا في الشأن العربي الداخلي. ومن تلك الشخصيات علي لاريجاني وفيروزآبادي ومحسن رضائي واللواء محمد علي جعفري والفريق يحيى رحيم صفوي وحسين همداني ومحمود نبويان والعميد غلام علي رشيد وعلي يونسي ومحمد كريم عابدي عضو اللجنة البرلمانية لشئون اﻷمن القومي والسياسة الخارجية و علي رضا زاكاني مندوب مدينة طهران في البرلمان اﻹيراني وعلاء الدين بروجردي، رئيس لجنة الأمن القومي الإيراني والسياسة الخارجية في البرلمان والدبلوماسيين الأيرانيان محمد رضائي ومهدي صفري وغيرهم. وكذلك رجال الدين المعادين للعرب والمثيرون للفتن الطائفية مثل محمد محمدي كلبايكاني و مرتضى آقا طهراني وآية الله علي سعيدي ومهدي طائب وعلي جنتي ومير أحمد حاجتي هؤلاء وغيرهم يمكن إدخالهم في قائمة سوداء ومنعهم من دخول دول الخليج العربي تحديدا وإتخاذ هذا الإجراء كمنهج ثابت في التعامل مع كل من يسئ للعرب و يهدد أمنهم أو يتدخل في شأنهم الداخلي. ولا شك إن هذه الخطوة من شأنها ردع البعض من الإساءة للعرب خشية من مغبة النتائج. وكخطوة ثانية مناقشة تلك التخرصات في الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة المؤتمر الإسلامي من ثم تبني مشاريع قرارات لإدانة التهديدات الإيرانية المستمرة وأطماعها التوسعية في المنطقة كذلك التدخل الإيراني السافر في الشئون الداخلية العربية كلبنان والعراق وفلسطين واليمن والسعودية وبقية الدول.
للكلام تابع.