7 أبريل، 2024 9:51 ص
Search
Close this search box.

آليات صناعة ( التميز ) في جامعة الفرات الأوسط التقنية

Facebook
Twitter
LinkedIn

في حياتنا العامة ينقسم الناس في أدائهم لأعمالهم  إلىأصناف وأنواع ، والباحثون عن التميز والإبداع  excellence and a creativity ربما تلهمهم مقولة معروفة مفادها ( تكونالسفن آمـنة عندما تكون راسية على الموانئ ، ولكن السـفنلم تصنع لهذا ، انطلق إلى البحر وأفعل أشياء جديدة ، افعلالأشياء التي تحب فعلها حقا )  ، والتميز مهارة أو سمةغالبا ما تكون ايجابية  و تتجاوز المعايير العادية وتقومعلى أساس معرفة وفهم لأهم الكفاءات والقدرات المتوفرةلديها وكيفية استخدامها لصياغة قيم مشتركة لخدمةالمجتمع كافة ، ويتطلب التميز استيعاب مفاهيم الاستدامةفي المحتوى الأساسي لاستراتيجياتها وسلسلة القيمةوتصميم العمليات ومن ثم تخصيص الموارد اللازمة لتحقيقأهدافها المنشودة ، والأشخاص الذين يعتقدون أن كل شيءممكن هم القادرون على الاكتشاف والإبداع ،   والناجحونهم الأكثر ترجيحا للتميز فالنجاح يعني لهم إنك لا تخسرحقاً إلا إذا توقفت عن المحاولة و إن النجاح يجر النجاح ، إنالأشخاص الذين يعتقدون أن كل شيء ممكن هم القادرونعلى الاكتشاف والإبداع  فالناجحون يقدرون على النجاحلأنهم يعتقدون إن النجاح ممكن  عندما لا نفقد الأمل ، و لاعلاقة للنجاح بما تكسبه في الحياة أو تنجزه لنفسك فالنجاح هو ما تفعله للآخرين ، إن النجاح لا يحتاج إلىأقدام بل إلى إقدام والمثابرة والنجاح توأمان الأولى مسألةنوعية والثاني مسألة وقت تتجسد فيها عبارات عن قوةالإرادة والناجحون يُصنعون من أشياء عميقة في داخلهمهي ( الإرادة والحُلم والرؤية ) .

وليس القصد من هذه المقدمة الاسترسال بمحاضرة نظريةعن التميز والإبداع ، ولكنها محاولة  لتسليط وتفسير التميزالذي تشهده  إحدى الجامعات ( الفتية ) في تاريخ تأسيسهاوالكبيرة بعطائها والتي اتخذت من التميز صناعة يتمولوجها في كل الأنشطة والفعاليات والتشكيلات ، وهيجامعة الفرات الوسط التقنية التي ولدت من رحم ظروفصعبة كانت تمر بها البلاد عام 2014 في تصدي العراقيينلداعش الإجرامي ، والجامعة تقع في مدينة الكوفة بمحافظةالنجف الاشرف وتتكون من رئاسة وأقسام متخصصةوتشكيلات عديدة  ففيها ( 8 ) معاهد و( 4 ) كليات تقنيةوتتوزع تشكيلاتها في محافظات ( بابل ، النجف الاشرف ،كربلاء المقدسة ، الديوانية ، السماوة ) ، ورغم إنها تأسستقبل 9 أعوام إلا إنها تمكنت إن تؤسس لنفسها التألق فيالمجالات العلمية والبنى التحتية والبيئة الجامعية وفيخدمة المجتمع ، وعند المتابعة لها تجد أنها تضيف لنفسهاالكثير من الأشياء ، وخلال السنوات الأربعة الأخيرة ( رغمظروف كورونا ) استطاعت إن تنجز 40 مشروعا ليست كأيةمشاريع وإنما بمواصفات الرصانة العلمية والعمارةالمعاصرة والجدوى المطلوبة والحداثة في مواكبة ما هوموجود وبعضها متقدم على السائد في الجامعات العالمية ،ويتم انجاز ما يتم انجازه رغم الموارد المحدودة وحجمالتخصيصات المالية ، حيث تعتمد الكفاءة في اختزال الزمنوالتكاليف والنزاهة في توظيف الأموال بمكانها الصحيحوالخبرة في بلوغ الجودة بأعلى المستويات والعملالجماعي لإسناد الأعمال الإبداعية والمبادرات الفردية ،ولمعالجة القصور في تمويلها المركزي فقد ولجت التمويلالذاتي من خلال الفعاليات الإنتاجية وخدمة المجتمع ،فالشعار والهدف هو العمل بروحية الفريق في التخطيطوالتنفيذ وتحمل المسؤولية ، وليس غريبا أن تدخل إلى حيزالوجود معالم وتخصصات وفروع واستحداثات كانت مننسج الأمنيات ولكنها تحولت لواقع فعلي بفترات زمنيةقياسية ، وأمثلة ذلك كثيرة وتسر الناظرين و تثلج صدورالمخلصين من داخل الجامعة او من قبل محافظة النجفوبقية المحافظات والجهات المعنية بوزارة التعليم ، ومن يزورالجامعة ويشهد ما تحقق فيها  يشعر أن هذه الكلمات قليلةبحق الانجاز الفعلي .

والجامعة أوجدت يوم ( التميز ) وهو يوم يتم فيه تشخيصحالات التميز و تكريم المتميزين من العاملين والطلبة ، ويتماختيار الأعمال المتميزة والمتميزين بضوء معايير محددةومعلنة   بما يعطي الفرص لجميع الفئات للتنافس علىالتميز في جوانب العمل والإبداع ، وهو تقليد تم تكراره هذاالعام حيث تقام احتفاليات في مقر الجامعة وتشكيلاتها ،واشتملت الاحتفالية لهذا العام تكريم أكثر من ( 300 ) منتسب من التدريسيين والفنيين والإداريين وموظفيالخدمات بشهادات تقديرية ومكافئات نقدية لخلق الحافزعند المتميزين للمزيد ودفع الآخرين للتميز بموجب تلكالمعايير ، وكانت للطلبة حصة في التميز فمن وجهة نظرقيادة الجامعة فان الطلبة هم عصب الحياة في هذا المجتمعويمثلون مستقبل العراق ومستقبل الأمة وهم سفراءالمؤسسة الجامعية إلى المجتمع والجامعة التي لا تخدمالمجتمع لا خير فيها وبدون ولاء وانتماء للوطن لن نستطيعتقديم أي شيء ، وتكريم رئيس جامعة الفرات الأوسطالتقنية لأبنائه الطلبة يعكس الاعتراف بقيمتهم ومساهمتهمفي مجتمعنا ويشجعهم على مواصلة العمل الجاد والتفوقفي مجالاتهم المختلفة ، ومن مخرجات التميز وتآزر عملالجميع بروح الفريق استطاعت الجامعة أن تحقق الكثير ،ففي مجال الرصانة والاعتمادية  أظهرت نتائج تصنيفTimes Higher Education: Arab University Rankings 2023، تقدم الجامعة ،  حيث ارتقت بمركزها بأربع مراتبمقارنةً بالنسخة السابقة وفقًا للتصنيف و حلت الجامعة فيالمرتبة 22 من بين 32 جامعة عراقية والمرتبة 161 من بين 330 جامعة عربية .

 وفي كل يوم تعيش الجامعة قصة نجاح ، فهي تستلهمالعبر والحكم من أمير المؤمنين عليه السلام في الالتزامبمقولته ( من تساوى يوماه فهو مغبون ) ، والنجاح يمتدليشمل كل الأهداف والوسائل و يبدأ بالإنسان أولا ثم بمايحتاجه من أدوات ومستلزمات ، والتطوير الذي يفضيللنجاح شمل المناهج والتدريب والتعليم المستمر وطرائقالتدريس والمختبرات والأجهزة وكل ما يجب ويمكن توفيرهمن متطلبات ، وامتد التميز للبيئة الجامعية إذ تم افتتاحالحدائق والمساحات الخضراء التي دأبت الجامعة علىزيادة رقعتها في إطار تحقيق أهداف التنمية المستدامةحيث بلغت المساحات الخضراء المضافة ١٠٠٠٠ عشرة آلافمتر مربع شملت زراعة أشجار النخيل وأنواع أخرى دائمةالخضرة يتم توفير المياه لها باستخدام منظومات الريالحديثة ، وقبل أيام تمت ولادة مشروع ( المجمع العلمي ) الذي يتضمن ثلاث قاعات دراسية نموذجية وبطاقة إجماليةتقرب من (٥٠٠ ) خمسمائة طالب وطالبة ، فضلاً عن قاعةلدورات التعليم المستمر ومكتبة إلكترونية   ومكاتب علميةوإدارية ومرافق خدمية أخرى تم تجهيزها بالمستلزماتالحديثة من أجهزة وأثاث ومعدات من أفضل المناشيء ، وفيإطار الفعاليات والأنشطة التي تشهدها الجامعات العراقيةبمناسبة الأسبوع العالمي لريادة الأعمال والذي انطلق فيالثاني عشر من الشهر  الحالي برعاية كريمة من لدن معاليوزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور أفتتح السيدرئيس جامعة الفرات الأوسط التقنية معرضا لعدد منمشاريع أنتجها الطلبة والمنتسبون ، وتضمنت المعروضاتمجموعات من الأجهزة والنظم والبرمجيات التي يمكن أنتشكل نواة حقيقية لمشاريع ريادية واعدة .

 وفكرة التميز التي تصر الجامعة على تبنيها وتنفيذبعضها بأشهر بدلا من سنوات من قبل كل مستوياتهاومكوناتها لتحويلها للواقع الفعلي وبالاعتماد علىالخبرات والإمكانيات الذاتية  تنطلق من الإيمان  بأننانعيش في عالم يزداد تنوعا وتعقيدا يوما بعد يوم ، ولايوجد شك في أن الإنسانية تحتاج إلى قوة وشجاعةلمواجهة التحديات وتجاوزها ، وفي هذه الصورة نرى قوةإرادة الإنسان الذي يستعيد ثقته بالنفس ويحقق أحلامه ،وهي قصة لا تقدر بثمن وتعبر عن قدرة الإنسان على تحقيقالتفوق والنجاح بغض النظر عن الظروف التي يعيش فيها ،وتلعب القيادة المميزة للأستاذ الدكتور مظفر صادقالزهيري دورا فيما يتحقق ، ففي سجله نجاحات عديدة فيالتعليم العالي وبالذات في التعليم التقني  منها ما تمبلوغه حين عمل رئيسا لجامعة الجنوب التقنية التي شهدتفي عهده وما تزال نهضة تنطلق من إيمانه وفكره في معنىالقيادة حيث يعبر عنه بكلمات لها معنى مفادها ( إنوجودنا بأي منصب هو نعمة إذا استخدمت لخدمة الناسوهي نقمة لاسمح الله إذا استغلت او تم سوء استخدامها ،وعلينا أن نفكر إننا في يوم  ما مغادرون لهذه المواقع لذاسوف لا يبقى إلا الأثر الطيب والذكر الحسن والعمل الصالح، ولا خير من مسؤولية إذا لم تحقق عدالة وإنصاف ورفعالمظلومية ومنفعة الناس ، وهذه رسالتنا الحقيقية منالمسؤولية فهي أمانة والمسئول يجب أن يعمل ويبذل كلالجهد بشكل استثنائي خلال توليه المسؤولية لكي لا يقولفيما بعد يا ليتنا قدمنا ، وسبحانه وتعالى خص المسؤولبواجب الأمانة ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِوَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (الأحزاب: ٧٢) .

مبارك لجامعة الفرات الأوسط التقنية التميز  الذي يريحالنفوس ، ومن واجب العرفان والوفاء الإشادة بالجهودالقيادية التي تبذلها الجامعة ومن فيها ، وفي المقدمةالأستاذ الدكتور مظفر صادق الزهيري رئيس الجامعة حيثيجسد دور القائد الوطني والأب والأخ و المسؤول فيالمجالات العلمية والتربوية والإنسانية وفي العلاقة معالبيئة المحيطة بما يحقق السبق ، كما تبذل جهود تستحقالتقدير من قبل مساعديه وعمداء الكليات والمعاهد وكلالإدارات والمنتسبين بكل المستويات والتخصصات ، كمانبارك لطلبة الجامعة وهم يعيشون زهو الانتماء لجامعةتلازم طلبتها أثناء الدراسة ولم تتخلى عنهم بعد التخرج منخلال معارض الوظائف وبرامج الريادة  بالتنسيق مع كلالجهات المعنية في المحافظات ضمن بيئتهم المحيطة  بمايسهل سعيهم في ولوج أسواق العمل عند التعريفبأنفسهم والجامعة التي تخرجوا منها كونها مميزة و منضمن تسلسل الجامعات التي دخلت التصنيفات العالمية ،وان ما يتحقق ليس امتيازا يتم الاحتفاظ به للذكريات وإنمايضيف اعباءا وواجبات أكثر من ذي قبل في تحقيق المزيدوإكمال الاستراتيجيات التي وضعت لحصد النتائجبمختلف المجالات ، فالتميز مهر وعربون لنجاحات أخرى ينتظر الجميع قطف ثمارها في قادم الأيام والسنين وهيبذرة يجب الاعتناء بنموها وثمارها وزراعها لكي تعيشوتكبر ولا تذبل او تموت ، وهناك المزيد مما يتطلب مواصلتهفي مجال  صناعة التميز التي أخذت شموعها تضيء منجديد ونتمنى أن تمتد أنوارها بالانجازات ، ولا يمثل ماتحقق كل الطموحات ولكنه يؤشر توافر القدرة على تحقيقالمزيد بالتخطيط وإتاحة الموارد وتوفر الإرادة والقيادات ذاتالخبرة والولاء والفكر القادرة على تمكين الآخرين في البذلوالعطاء ، ومن الله التوفيق .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب