19 ديسمبر، 2024 1:00 ص

آفة الفساد…. وتعثرعجلة الإصلاح

آفة الفساد…. وتعثرعجلة الإصلاح

ينتشر خطر الفساد المالي والإداري في عموم الدول العربية بشكل مخيف,حاملا معه زيادة في المعاناة الإنسانية والاجتماعية لمعظم المواطنين العرب,إضافة إلى تصاعد وتيرة الجريمة المنظمة والحركات الإرهابية الخارجة من رحم المعاناة والحرمان,كنتيجة طبيعية لحالات الفقر والعوز والبطالة والإهمال الحكومي,
وتكاثر المجتمعات العشوائية(الحواسم باللهجة العراقية),ولكن يعتبر الفساد الحكومي والوظيفي الموجه رسميا إلى المواطن,معول تهديم أركان ومؤسسات هذه الدولة,فجاء الربيع العربي لينهي أنظمة مستبدة عبثت بمقدرات ومصائر شعوبها لعدة قرون.
خطوات النظام السوري ومحاولات بعض دول الخليج العربي لإصلاح ماافسده الدهر(شرحت محاضرة ضاحي خليفان مدير شرطة دبي في مصارحته لأنظمة مجلس التعاون الخليجي في مؤتمر الأمن الوطني والإقليمي مؤخرا في البحرين,بعض جوانب فساد هذه الدول),لن تجدي نفعا لان عجلة الإصلاح لايمكنها أن تسير دون أن تقتلع جذور وقواعد هذه الأنظمة,
ففي مسألة وعود الرئيس بشار الأسد الإصلاحية الذي يواجه خطر الحصار والعزلة الدولية مع الاحتجاجات الجماهيرية الداخلية(وعلى الحكومة العراقية إن تتوقف عن هذا الحد من الدعم حتى لاتخسر الشعب السوري في حال تغيرت المعادلة السياسية هناك),لا يمكن لها أن تنجح ,أو تأخذ مداها ومجالها في التطبيق,لأسباب عديدة منها,
إن الجماهير لايمكنها أن تثق بمن مارس(على الأقل من وجهة نظرهم)معهم لعقود لعبة السيد والعبد,وسمح بتجاوزات كثيرة لمن يحسبون على دولته وأجهزته الأمنية والوظيفية, من خلال نشر غسيلهم وفضائحهم بين أفراد المجتمع,
فضلا عن إن مناطق الالتقاء والتواصل والثقة معدومة بين الطرفين,في معادلة صعبة وغير قابلة للحل إلا بتنازل وانهيار احداهما,بين قوتين لايستهان بها,قوة الجماهير الغاضبة الكبيرة,وقوة الأجهزة الأمنية والعسكرية المضطربة والمهددة بالقوانين والعقوبات والمحاكم الدولية,
لهذا يصعب على الرئيس السوري أن يقدم إصلاحات تكتيكية غير كافية لتخفيف حده التوتر الشعبي,بل كان عليه مثلما قلنا في عدة منا في عدة مقالات سابقة إن يعمل على إعطاء تنازلات مصيرية (تقترب من كرسي الحكم),لفتح أبواب الخيارات المتاحة أمام الشعب السوري لاختيار النظام الذي يريده(ولعله يختار نفس النظام إن لم يقتنع بشكل ونمط وفكر الجهات المعارضة),علما إن كتابات عديدة صدرت من قبل ابرز الشخصيات المعارضة حاليا(ومنهم برهان غليون عراب الديمقراطية الغربية)حول التحفظات العربية المفروضة على تطبيق الديمقراطية ٯيمقراطية في بلادهم,حيث كان يشدد في أكثر من مناسبة على ضرورة التدرج في مسألة تطبيق النظام الديمقراطي يبدأ بتحديث وتأسيس المؤسسات الحكومية والمدنية,وتثقيف المجتمع وتهيئته لهذه المرحلة التاريخية الغائبة عنه وعن وعيه.
العراق يسير على خطى سوريا وأي دولة ينخرها الفساد من كل جانب وفي كل مجال يعب عليها قيادة عجلة الإصلاح,لأنها ستصطدم بعقبات وحواجز وبيئات حاضنة لبؤر الفساد,لأنها ثقافة سيئة انتشرت بشكل سرطاني بين جميع مؤسسات وأجهزة الدولة,دون إن تواجهها الحكومة في بداياتها,
إنما هي أصدرت عفوا غريبا عن العديد من المفسدين سارقي المال العام,ويحاولون جاهدين في إصدار قانون برلماني جديد للعفو العام.
الحقيقية التي يجب إن تستوعبها جميع الأنظمة العربية الفاسدة,هي إن الفساد المتجذر كظاهرة رسمية في عموم دوائر الدولة ومؤسساتها,لاتنفع معها عمليات الإصلاح الترقيعية,إنما هي بحاجة إلى ثورة جماهيرية وقانونية وقضائية لتغيير تركيبة الدولة والنظام السياسي العام,
بطريقة أخرى إن لم تتغير الوجوه والأسماء والكتل والأحزاب السياسية لن تمحى صورة المسؤول السارق,ولن تنفع أية محاولات شخصية, أو اجتماعية لتقليل خطر الفساد ,بل يجب قلع الجذوره وتجفيف منابع الدعم والإسناد الحكومي والسياسي لها
ومن هنا يمكننا القول إن مشاكل الأنظمة العربية لأتحل بالإصلاح الظاهري,وببعض الخطوات والإجراءات والوعود والبرامج الدعائية,
ولكن عبر ممارسات واقعية تصدر عن مراكز البحث والتخطيط والتنمية البشرية,لانتشال الأمة التي فاقت الأمية فيها حدود المنطق والحسابات المعقولة.
ترى لماذا تجاوزت دول الجوار على الحكومة العراقية,وبدئت تتحدث وكأن بلادنا ليست فيها حكومة شرعية منتخبة,كما تجاوزت من قبل على دول الربيع العربي,
نعتقد بأنها تعرف إن الفساد الحكومي في هذه الدول لايجعل لسياسييها سمعة محترمة في دول المحيط الإقليمي,حتى مع وجود الشخصيات الوطنية المتصدية لمثل هكذا ملفات خطيرة,ولكن سفينة بأكثر من قبطان فاسد لاتصل بر الأمان,
(مع إن الصدام الحاصل بين السيد المالكي ورئيس وزراء تركيا اردوغان لاتمثل هذه الصورة المشار إليها,لأنها مؤامرة خبيثة تجعل من صورة الشخص العادي إمبراطور للشر,�ختلفة تماما تجعل من أكذوبة هذه الصور حقيقة,تماما كما قيل للشعب الأمريكي إن صدام يمثل خطر وتهديد كبير على المجتمع الأمريكي والدولي, سوف يعمل على تعليب مادة الانثراكس في زجاجات العطور ويرسلها إليهم مع الطرود البريدية,كل ذلك لغايات معروفة في نفوس حائكي التوترات والأزمات الداخلية والخارجية المصدرة)

[email protected]