هل حقا أن من يدافعون عن حقوق المرأة اليوم بعد حادثة “ملاك الزبيدي” الكارثية المؤسفة وحادثة إنتحار شابة في كركوك بسلاح رشاش ، وأخرى في ديالى بمسدس شخصي ، ومقتل رابعة بنزاع عشائري جنوبي العراق، ويعلنون حبهم لها وتضامنهم معها ووقوفهم الى جانبها في السراء والضراء ، هم صادقون في ما يدعون ، وواثقون بما يزعمون ؟ وأسألهم جميعا عن أسباب صمتهم المطبق على مدار سنين طويلة إزاء ملايين النساء النازحات والمعنفات والأرامل والمطلقات والعوانس والمشردات والمهجرات والمسنات واليتيمات والمريضات والمعاقات والفقيرات وعن زوجات المختطفين والمفقودين والمغيبين والمختفين قسرا بل وأسألهم عن المغتصبات والمختطفات والمغيبات ، عن النساء الفصلية ، عن ضحايا زواج الكصة بكصة ، عن ضحايا بنت العم لأبن العم ، عن ضحايا النهوة العشائرية ،عن إرغام الصغيرات في السن على الزواج برجال بأعمار اجدادهنَّ ،عن ما يسمى بجرائم الشرف وقتلهنَّ لمجرد الشك وسوء الظن مع ان الظن لايغني من الحق شيئا ،ووصل الحال في بعض الأماكن الى إرغامهن على الانتحار للتخلص منهنَّ وتسجيل الحالة على إنها انتحار طوعي بملء إرادتها ، أسأل ماذا صنعتم لهنَّ وماهي مواقفكم منهن َّ..وحبذا لو تذكرون لنا موقفا واحدا وفي أي منها فحسب لإقتباس تجاربكم الانسانية في ذلك !
رحم الله ملاك الزبيدي ، واسكنها فسيح جناته ، فهي ليست واحدة في العنف الأسري والتعنيف العائلي والظلم الإجتماعي والطغيان المجتمعي ..بل بضعة ملايين !
ولأنني متابع لملف المرأة منذ 15 عاما تقريبا فأكاد أجزم بأن لا مخلوق على وجه الأرض ظُلم ويُظلم يوميا وعلى مدار الساعة كالمرأة العراقية إطلاقا ..انقذوا ما تبقى من أقران ملاك فما زلنَّ يواجهنًّ بمفردهنَّ العاصفة ..أنقذوهنَّ قبل نضج التين والعنب فملاك ليست الأولى ولن تكون الأخيرة ! !
الخلفية العباسي المعتصم رحمه الله لم يكن بحاجة الى عشرات المنظمات الانسانية والجمعيات النسوية المعنية بحقوق المرأة المحلية منها والاجنبية ، ولا الى منظمات مجتمع مدني ، ولا الى يوم عالمي للمرأة ليذكره بمأساتها أرملة كانت أم مطلقة ، نازحة أم مغتصبة، مختطفة أم مهجرة ، وامعتصماه واحدة فحسب كانت كفيلة لأن تداعب نخوة المعتصم وتلهب حماسته رغما عن أنف الشعوبية الحاقدة التي تصب جام غضبها وسمها الزعاف على التأريخ المجيد كله لاسيما على أصحاب المواقف التأريخية والعمرانية والاصلاحية المشرفة وتختلق لهم قصصا وهمية ما انزل الله بها من سلطان للنيل منهم ، كيف لا وهي وعلى الدوام حليفة الصائلين والمعتدين والمستدمرين وعينهم وخارطتهم ودليلهم !
لقد جهز لها جيشا عرمرما سنة 223 هـ قوامه 130 الفا من الاسود التي ندبت نفسها للدفاع عن عرض الطاهرات في كل مكان ، فخرج بهم من طرطوس متوجها الى عمورية غير آبه باكاذيب المنجمين من امثال (ابو علي الشيباني ، وحجي ثقب وبقية شلة المشعوذين وقراء الكف والحظ والبرج والطالع ) حين نصحه هؤلاء بعدم الخروج قبل نضج التين والعنب لأن الطالع لا يبشر بخير فوصل عمورية لانقاذ المرأة الاسيرة واطفالها من براثن الروم المعتدين وحاصرها 12 يوما، ثم دك حصونها واقتحم اسوارها وعاد بعدها ظافرا الى عاصمة الخلافة وقتئذ (سرَّ من رأى) فاستقبل استقبال الابطال وانشد ابو تمام في حضرته ملحمته الخالدة التي حمل فيها على المرجفين والمنجمين والمخذّلين على سواء :
السيف اصدق إنباءً من الكتب ..في حده الحد بين الجد واللعب
تسعون الفا كآساد الشرى نضجت…جلودهم قبل نضج التين والعنب
ولا يعدو ما قيل ويقال في الكثيرمن التجمعات النسوية التي تجتهد المنظمات الناشطة في مجال حقوق المرأة على إقامتها دوريا بين الحين والآخر أن يكون (اشأم من عطر منشم) و(أشأم من خبز الحولاء).
أما الأولى فامرأة عطارة اسمها منشم كان قومها اذا ارادوا حربا أخذوا من عطرها وغمسوا فيه ايديهم دلالة على تحالفهم حتى الموت، وأما الثانية فخبازة بخيلة أرادت الانتقام من جائع سرق منها رغيفا من الخبز بقولها :ما اردت من سارق الرغيف غير اهانة الشيخ فلان بن فلان” فثارت ثائرته وقتل السارق فقام أهله وثأروا له حتى نشبت بين القبيلتين حرب ضروس قتل فيها الف رجل!!
فكم وابرلماناه، وواحزباه، وواعشيرتاه، واجماعتاه ، واتحالفاه ، وا تياراه ، واإئتلافاه صدحت بها حناجر النساء العراقيات المظلومات عبثا لم يداعب أي منها نخوة من يهمهم الأمر كما داعبت وامعتصماه واحدة ..واحدة فحسب ..نخوة المعتصم .. انقذوا قوارير العراق وحرائره بعيدا عن عطر منشم وعن خبز الحولاء وقبل نضج التين والعنب خشية ان يرسل علينا الله بعد الكورونيات والجائحات والبلاءات والرياح المتربات سيلا من الشهب . اودعناكم اغاتي