7 مارس، 2024 11:41 ص
Search
Close this search box.

آفات إجتماعية قاتلة (11)

Facebook
Twitter
LinkedIn

من شكسبير الى” ربا سبير” شايلوك المرابي ينهض من جديد !

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ).

كنت وعندما أقرأ ذهابا وإيابا -فوق السطح- رائعة الشاعر والمسرحي الانكليزي الشهير وليام شكسبير ، ( تاجر البندقية ) ضمن المنهج الدراسي المقرر لمادة الانكليزي للسادس الاعدادي بفرعيه العلمي واﻷدبي آنذاك ، وكلما مررت بسيرة المرابي شايلوك اليهودي ومؤامراته ضد غريمه انطونيو التاجر الرحيم الذي يقرض الناس قرضة حسنة من دون فوائد ما أضر بمصلحة الأول وأفسد عليه تجارته ، كنت أتساءل” أيعقل أن يكون هناك مخلوق ببشاعة وﻻ إنسانية شايلوك المرابي، أم تراها مبالغات – شكسبيرية – يراد منها التشويق فحسب إضافة الى إثارة موضوعة الصراع المسيحي- اليهودي في أوربا والعمل على تأجيجه مسرحيا ليجسد أحد طرفي المعادلة فيه التاجر المسيحي السمح اﻷخلاقي ، يقابله شخصية التاجر اليهودي المرابي الذي لايمتلك ذرة من أخلاق وﻻضمير ؟” واذا باﻷيام تمر بنا مسرعة لتفعل فعلها فيظهر بيننا اﻵف – الشايلوكيين – ومن جميع المذاهب واﻷديان والقوميات في عصر الـ “ربا سبير “الذي إنتهج معاصروه بخل وﻻ إنسانية المصرفي والتاجر شايلوك ، ووحشية السياسي ، ماكسميليان روبسبير ، الذي أعدم وفصل رؤوس 6 الاف من رفاقه في الثورة الفرنسية على المقصلة بتهمة الخيانة ليتفرد بالسلطة من دون منافس حتى إقتاده من تبقى منهم بدوره الى نصلها الحاد بعد أن ضاقوا به وبهمجيته وغدره ذرعا وكذلك هي حال الدنيا كما تدين تدان !!.
المسرحية الانكليزية عن ربا البندقية الإيطالية ، وبشاعة المقصلة الفرنسية التي أكلت كالقطة أبناءها واحدا تلو اﻵخر مدشنة عهدها الدموي بالملك لويس السادس عشر ، والملكة ماري انطوانيت ، تسمح لي بنحت مصطلح جديد يليق بواقعنا المأساوي المعاش أﻻ وهو “ربا سبير ” حيث تجتمع اﻷفتان المالية الشايلوكية الربوية ، والسياسية الروبسبيرية الفوضوية لقطع أعناق وأرزاق العراقيين على مقصلة الدم ..قراطية ، وﻻ أقول الديمقراطية كونها غير متحققة بشكلها المعروف اوربيا حتى اللحظة في العراق واقعا !
اليوم غرق العراقيون اﻻ ما رحم ربك بطوفان القروض الربوية المحرمة شرعا محاولين تجميل وجهها الكالح بمسميات شتى تارة – السلفة – وتارة – الفائدة – وأخرى – تسهيلات مصرفية – برغم ما جاء فيها من تحذير إلهي جامع مانع في قوله تعالى : (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) ، وبرغم تحذير النبي الاكرم صلى الله عليه وسلم من مغبة التعامل بها كما جاء في الحديث الصحيح، “لعن رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ ، وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ: (هُمْ سَوَاءٌ) ” وتحذيره من السبع الموبقات – أي المهلكات – وبينها أكل الربا كما جاء في الحديث الصحيح ” إجتنبوا السبع الموبقات” قلنا: وما هن يا رسول الله؟ قال” الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات” .
المواطن العراقي المسكين لم يغرق بـ – فايز – التجار الجشعين والبنوك الربوية وإحتكارهم فحسب وإنما غرق هو وبلاده ببرك البنك الدولي وصندوق النقد الآسنة ، حيث كُبل العراق بفعل فساد البيروقراطيات المحلية – الروبسبيرية – أو كما يطلق عليهم الاشتراكيون واليساريون الـ” كومبرادور ” وهي الطبقة التي تتحالف مع رأس المال الأجنبي لتحقيق مصالحها والسيطرة على السوق المحلي لصالح الشركات الاحتكارية ، وبما حذر بمجمله كتاب ( عولمة الفقر ) لمؤلفه عالم الاقتصاد الكندي ميشيل تشوسودوفيسكي ، وبما كشف سلبياته كتاب ( فخ العولمة ) لهارالد شومان, وهانس بيتر مارتن ، وبما فضح كوارثه التي لاتحصى كتاب ( صناعة الجوع ) لجوزيف كولنز ، وفرانسيس مور ..وبمجموعها ركزت على قضية إصطناع وإثارة حروب وفتن وقلاقل داخلية لتدمير اقتصاد بلد ما تمهيدا لإغراقه بالقروض الربوية عبر المؤسستين الدوليتين اﻵنفتين مشترطة خفض قيمة العملة المحلية ،رفع الدعم الحكومي وما يترتب عليهما من تضخم وركود اقتصادي وخصخصة وغياب الصناعة الوطنية وتركيز رأس المال بيد ثلة قليلة – شايلوكية + روبسبيرية – تتحكم بأقتصاد البلد وتحتكر سياسته تعمل لصالح القوى الكبرى المُقرضة على حساب ملايين الفقراء والجياع المتعبين وذلك مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم “ما ظهر في قوم الزنا أو الربا إلا أحلوا بأنفسهم عذاب الله”، وقوله صلى الله عليه وسلم ” ما أحد أكثر من الربِّا إلا كان عاقبة أمره إلى قلَّة”.
فبعد أن يحترق الفقراء بأتون الجوع – المصطنع – روبسبيريا ، تتاح أمامهم فرص – شايلوكية – لمد يد العون لهم عبر قروض وسلف مصرفية تزيد من معاناتهم وتثقل كواهلهم بفوائدها المرهقة وهكذا ضمن دائرة مغلقة من لم يأكل فيها الربا فإنه سيختنق بغباره كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه أصحاب السنن: ” ليأتين على الناس زمان لا يبقى أحد إلا أكل الربا فإن لم يأكله أصابه من بخاره ” وروي من غباره ايضا ، والربا اصطلاحا ” كلُّ قرضٍ جرّ منفعة فهو ربا ” وأبرز أشكاله ربا القرض – النسيئة – وربا الفضل المتعلق بالذهب والفضة والمواد الزراعية التي لاغنى للناس عنها .
الحديث عن القروض الربوية الدولية التي كبل الفاسدون والمفسدون ” الروبسبيريون ” العراق بها بعد إهدارهم أو إختلاسهم أكثر من 1000 مليار دولار على مدار 16 عاما ، يجرنا الى الحديث عن الشركات المنضوية والمتحالفة مع البنك الدولي وشقيقه التوأم صندوق -الحقد – الدولي والمؤسسة لهما ، وهي كل من عائلة آل روتشيلد الماسونية التي تسيطر على البنوك ، ، اضافة الى عائلة مورغان الماسونية التي تمتلك شركة ” جنرال الكتريك ” الفاعلة في العراق ، وآل بوش وأفرادها أعضاء بارزون في منظمة ” الهياكل والعظام ” الماسونية التي كانت تطلق على نفسها سابقا ” اخوية الموت ” ويمتلكون شركة ” هاليبرتون” التي كان لها الدور الاكبر في تدمير اقتصاد العراق وإستنزاف موارده ونشر الفقر بين ابنائه منذ غزوه عام 2003 ، وآل روكفلر الماسونية التي تملك شركات (إكسون موبيل، وتشيفرون، وبريتش بتروليوم) والتي – لعبت طوبة – بإقتصاد العراق منذ عام 2003 والتي تمول منظمة بيلدربيرغ الماسونية ، وهذه اﻷخيرة هي الحكومة الخفية الحقيقية للعالم التي تجتمع سنويا لتقرير مصير الشعوب وإثارة الفتن والحروب منذ إنطلاقها عام 1954 في هولندا وتضم أقوى – شايلوكات وروبيسبيرات – اﻷرض بلا منازع بينهم ملوك ورؤساء دول عظمى ،، إضافة الى منظمة ايباك السرية أو اللوبي الصهيوني الضاغط في امريكا لصالح الكيان المسخ المؤجج لكل الحروب في الشرق الاوسط ..كل هذه المنظمات والعوائل الشيطانية وغيرها تسيطر على اكبر الشركات والمصارف وحركة المال حول الكرة الارضية لتنشر الحروب المصطنعة الممهدة للدمار والنزوح وانهيار اقتصادات الدول ونشر الجوع والعوز والفاقة بين الشعوب تتبعها بإغراق الدول بالقروض الربوية تحت عنوان براق – مد يد العون للدول المنكوبة واعادة اعمارها ومساعدتها للنهوض مجددا – لتبدأ بعدها عملية ابتلاع ثروات البلاد لعقود طويلة وخصخصة مصانعها واشتراط اعادة اعمار – مادمروه – بحروبهم عبر شركاتهم أو من يفوضونه منها مقابل نسبة كبيرة لهم حصرا !!
الطريف أن شايلوك اليهودي وإن لم يذكر ذلك شكسبير قد إستعان بنص يجيز له منح القروض الربوية لغير ملته فيما يحرمه على أبناء جلدته كما جاء في التوراة وتحديدا في سفر التثنية (23: 19-20) “لا تقرض أخاك بربا، ربا فضة، أو ربا طعام، أو ربا شيء ما مما يقرض بربا، للأجنبي تقرض بربا ولكن لأخيك لا تقرض بربا، لكي يباركك الرب إلهك” ، فيما الشايلوكيون المحليون بيننا يحللون أكل الربا للجميع من دون إستثناء برغم تحريم القرآن الكريم له بآيات قاطعة لا إجتهاد في معرض نصها البتة لوضوحها التام ، قال تعالى :” وأحَلَّ اللهُ البَيعَ وحَرّمَ الرِّبَا ”، وقوله صلى الله عليه وسلم ” (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ) والعينة هي نوع من انواع التحايل لتحليل الربا ، أما المقصود بالزرع هنا فهو الركون الى الزراعة كليا على حساب القضايا الكبرى وبقية الضرورات الملحة .
المشرع العراقي وضع عقوبة للتعامل بالربا الا أنه قيدها بالفائدة التي تتجاوز الحد القانوني كما جاء في المادة 465 من قانون العقوبات المعدل ” يعاقب بالحبس وبغرامة لا تزيد على مليون دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين، من اقرض آخر نقودا بأية طريقة بفائدة ظاهر أو خفية، تزيد على الحد الأقصى المقرر للفوائد الممكن الاتفاق عليها قانونا…” .
وختاما أقول لاتهدروا الثروات الوطنية ، لاتسرقوا ثروات البلد ، حافظوا على الصناعات الوطنية وإدعموها ، لاتتعاملوا بالربا بتاتا ، ﻻتقترضوا ربويا من البنك الدولي أو أية دولة في العالم ﻷن الربا المحرم سيكبل العراق ويرهن إقتصاده وخيراته وثرواته وشعبه واجياله لعقود طويلة مقبلة وﻻت حين مندم . اودعناكم اغاتي

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب