20 مايو، 2024 4:58 م
Search
Close this search box.

آرب آيدول .. القومية العربية والكردي عمار الكوفي

Facebook
Twitter
LinkedIn

خروج المتسابق الشاب العراقي ــ الكردي عمار الكوفي من منافسات البرنامج الغنائي ( آرب أيدول ) الاكثر شعبية في ليل العوائل العربية من تطوان وعنابه الى الجبايش ومسقط والذي يبث من قناة الأم بي سي في بيروت.

خروجه كان صدمة للكثيرين ومفاجأة حد الذي جعل لجنة تقييم الأداء تمتنع عن التعليق احتاجا على هذا الظلم الذي لحق بعمار الكوفي بعدما أظهر أدائه الساحر لأغنية كاظم الساهر ( مدرسة الحب ) أنه الأوفر حظا ليكون آرب ايدول هذا العام.

وبعيدا عن الحماس والتكهنات وفي قراءة أجتماعية معتمدة على رؤى الدكتور علي الوردي في تفسير ظواهر الانتماء المجتمعي والميول اليها ، سنكتشف أن عمار الكوفي نال أكثر من حقه ووصل الى مرتبة قد لايصل اليها غيره من غير العرب عن طريق التصويت في وطن اكثر من 90 بالمئة منه يرتدون العقال العربي ، وربما اقل من اثنين بالمئة منه يرتدون الشروال الكردي. بالرغم من أن الكوفي كان يؤدي أغانٍ باللغة العربية بأجادة وسحر وعِربٍ فصيحة قد لايستطيع مطرب عربي محترف آخر من أداءها ، ولكن أداءه لأغنية كردية في الجولة الاخيرة قبل خروجه المفاجيء ربما هي القشة التي قصمت ظهر البعير وأبعدته عن منافسات الجولة الأخيرة.

فإذا أفترضنا أن التصويت الذي لانراه ولانسمعه كان عادلا ، فهذا يعني أن المصوتين من اغادير الى الدمام قد انحازوا الى أبناء جلدهم حتى لو كان هذا الصوت ملائكيا ، وهو شعور متوارث في ثقافة الحس القومي لدى الشعوب ، وخصوصا العرب ، فيما هذا الشعور يكاد يختفي تماما عند الشعب الاوربي مثلا ، وعلى سبيل المثال أن برنامج شهير للمواهب يدعى ( سوبر تايلنت ) تعرضه القناة الألمانية ( RTL ) .

العام الفائت منه فاز فيه متسابق آتِ من جمهورية نيكاراغوا في امريكا اللاتينية من خلال عزفه بآلة موسيقية بدائية المقطوعة الموسيقية التي تصاحب تايل واحداث الفيلم الشهير (اخر رجال الموهيكانز ).

وحتما الكوفي الذي ظهرت في بداية المسابقة بعض التغريدات الطائفية النشاز والقليلة التي تقول أن هذا من أهل الكوفة فلا تصوتوا له ، ولكنهم اكتشفوا أنه كردي ولاينتمي للكوفة سوى باللقب كما كان أحد وزراء العهد الملكي المغربي يلقب بالبصري .

أقول حتما أن صوته على مستوى الحس والجمال والأداء والعذوبة افضل ممن بقي في المسابقة إذا لم نقل هو افضل من متسابقين أثنين بقيا في المنافسة الأخيرة ، ولكنهما بفضل حنان وانحياز القومية العربية ( نالا ) أصوات أكثر منه ، ليخرج بحزن غريب وهدوء خجول وغصة في الصدر قد يعرف سببها أو لايعرفه.

أعتقدُ أنَ من بعض اسباب خروج عمار الكوفي في هكذا تصويت ظالم الى أشكالية العلاقة بين القومية العربية والكردية ، وما شابها من نزاع تأريخ مرير ، حتم على الكرد أن يعيشوا عزلة المكان والثقافة فيما يخص علاقتهم ببقية المناطق العربية التي تختلف عنهم عرقا ولغة ، إذ ابقوا تواجدهم المعرفي وأحتكاكهم فقط بعرب العراق وسوريا نتيجة لظروف تأريخية املت عليها قسرية التعامل بين الانظمة العربية في هذين البلدين أن لايمدوا طرقات علاقاتهم الثقافية والاجتماعية مع باقي اقطار الوطن العربي ، فأنكَ لو سألت عربا من أهل الطائف والصعيد وبنغازي والدوحة وصفاقص وحضرموت وام درمان مثلا . السؤال التالي :من هم الكرد .؟

أفضل الردود يقول لك :أنه سمع بهم فقط ، وسمع بهم الآن أكثر بعد سقوط صدام حسين ، وهجوم داعش التكفيرية على المدينة الكوردية ـ السورية ، عين العرب ــ كوباني . وغير هذا هم عرفوا الكرد قبل عام من خلال صوت متسابقة كردية في نفس البرنامج غنت بالعربية ايضا ولكن ليس بأجادة الكوفي تدعى برواز حسين.

فأي عربي عدا بعض المختصين الاكاديميين لم يقرأ مترجما من الكردية الى العربية الادب الكردي مثل اشعار شيركو بكه سه وجيكر خوين و زاهد محمد زهدي وعبد الله كوران ورهط كبير من شعراء الصوفية حيث نمت هذه الطقوس الروحية في الاوساط الكردية الدينية والاجتماعية بشكل واسع.

وكذلك لم يقرأوا أي رواية لروائي كردي امثال عزيز ملا ره ش ، وكوران عبد الله ، خسرو الجاف وغيرهم.

وربما يعود الى جهل الأغلبية العربية بسؤال :منهم الكرد ؟ الى أشكاليات أخرى تعود الى تعمد الساسة الكرد لسبب غامض عن السعي الحثيث لاستثمار الواقع العراقي الجديد الذي مكن لهم شيئا من الآمان والتطور السياحي والاقتصادي في فضل فوضى وعدم استقرار باقي مناطق العراق ، وابقت بعض النفسيات المهيمة على المرافق السياحية والثقافية والدوبلماسية على افق أقل من الضيق في تطوير العلاقه بين الكرد والعرب من غير العراقيين والسوريين. وليبعدوا عنهم اتهاما ربما جائرا يقول أن علاقة الكرد بيهود أسرائيل أفضل بألف مرة بعلاقتها مع العرب.

وأتذكر مزحة اطلقها رئيس ليبيا السابق معمر القذافي عندما كان يدعم المقاومة الكردية برئاسة مام جلال ضد حكم نظام صدام حسين قوله لأحد زواره الكرد قوله :اتصور انني وحدي في ليبيا وبعض مسؤولي جهاز المخابرات من يعرف من هم الكرد.

إذن عمار الكوفي سقط بضربة قاضية من ملاكم من الوزن الثقيل أسمه ( القومية العربية ) ، وربما هذا السقوط لعمار القصير والنحيف الجسد والجميل الملامح ، أشارة لدرس عميق ينبغي أن يتعلم منه الساسة الكرد ،ليفتحوا نوافذ أوسع الى العالم الذي يجاورهم من جهة العراق وسوريا ، وحتى يحصلوا على لقب أرب آيدول أن حضي كردي آخر بالوصول الى مراتب المنافسة الأولى ، وحتى يفهم العرب من نواكشوط الى الفحيحيل الكويتية أن شابا يؤدي الاغنية العربية بهكذا جمال وأجادة دليل على أن الكرد يستوعبون الثقافة العربية بأرواحهم كما يفعلوها مع ثقافتهم الكردية وعلى العرب أن يفعلوا بالمثل………!
( نقطة رأس السطر )

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب