23 ديسمبر، 2024 10:02 ص

( لقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز ( القرآن ) وهو جزءا من كتاب واحد في السماء عنده لا يعلمه إلا هو فقد أنزل منه بعض الشرائع والتعاليم على البشر منذ نشأت أبونا آدم عليه السلام وحتى نبينا محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه أفضل السلام فكل الرسل والأنبياء عليهم السلام جاءوا وبلغوا ما كلفهم به الحق عز وجل من بعض هذا الكتاب الجامع على كل الكائنات والأجناس البشرية والغير بشرية والموجودات الحية التي نعيش معها على كوكبنا أو الخارج عن منظومتنا الأرضية المجاورة لنا نحن البشر من تعاليم مبينة واضحة المعاني والأغراض تحث الجميع على توحيد الله الخالق الواحد الأحد لا شريك له في الخلق والملك وسنن صحيحة هادية لطريق مستقيم الذي يوصل إلى النجاة في دار الخلود الأبدية التي وعدها الله تعالى لعباده وخلقه المتقين المتبعين له والمخلصين في عملهم وعبادتهم وفكرهم وتوحيدهم . وبما أن جميع الكتب السماوية والصحف منذ آدم عليه السلام إلى خاتم الرسل محمد بن عبد الله هو خطابا موحدا لا يتجزأ أبدا ولا يمكن أخراجه من النسق الواحد المبلغ من قبل الواحد الحق والخطاب هو واحد لا يميز بين عرق أو جنس أو طائفة وعلى فترات ومراحل تواكب تطور الإنسان وعقليته فهو واحد إلى البشر في الأرض بالإضافة إلى الملائكة والجان لذا نجد بعض آيات القرآن الكريم تخاطب الجان والملائكة دلالة على شمولية الرسالة الألهية منها ( وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولو إلى قومهم منذرين ) الأحقاف 29 ( يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ) الأحقاف 30 ( يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب اليم ) الأحقاف 31وبما أن كل الرسالات السماوية قد انحرفت عن مضمونها وسياقها والمراد منها من قبل الله تعالى وتعرضت إلى تشوهات فكرية وعقائدية بأيادي خفية خبيثة على مر العصور وشوهت مبادئها ومرادها وموادها وحرفتها عن مسارها التشريعي الألهي فقد أحتاج البشر إلى مصحح جديد يعيد هذه الأمور إلى جادة الصواب والحق والمقوم لها والمبين لما دُرس ما فيها من تعاليم حقيقية وتزوير للحقائق التشريعية لكل الرسالات التي سبقت الرسالة المحمدية فقد أرسل الله تعالى النبي محمد بن عبد الله عليه أفضل السلام وجعله صاحب وجامع كل الرسالات والتشريعات ومنها صحف إبراهيم وتوراة موسى وإنجيل عيسى بن مريم وزبر داود عليهم السلام ليعيد الإنسانية إلى الفطرة النقية السليمة التي فطر الله تعالى عليها الإنسان وهي فطرة الدين الإسلامي الحنيف الخالص لتوحيد الله تعالى وحده ( أن الدين عند الله الإسلام وما أختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فأن الله سريع الحساب ) آل عمران 19 لهذا جعل الله تعالى محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه السلام هو خاتم الرسالات وهو المكلف لكل البشر ليصحح ما أنحرف من الرسالات التي سبقته ( إنا أرسلناك رحمة للعالمين ) و ( يا أيها الذين آمنوا أمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي نزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ظلالا بعيدا ) سورة النساء 136 علما أن ثلثا القرآن الكريم ذكر ما كان من أخبار الأولين وأعمالهم الخارجة عن التعاليم الألهية التي كلفها الله تعالى بها وعتوا عن أمر ربهم وخالفوا شرائعه وأوامره فاستحقوا العقاب والتدمير وتغيرهم بأقوام أخرى وما زال الإنسان يتخذ طرق الضلالة والكفر والإلحاد والابتعاد عن الله تعالى بالفعل والعقل والإصرار على هذه الأفعال التي أنزلت من السماء فقد كان المنهج المنزل على رسول الله محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه هو الطريق المستقيم الهادي والمهدي والمنقذ للبشرية لكن تصدوا لهذه الدعوة المحمدية الجديدة بنكرانها ومحاربتها وتشويهها مع العلم بها والانتظار لها لقرون من الزمن من قبل اليهود والنصارى والديانات الأخرى حيث كانوا على معرفة مسبقة لهذا النبي الكريم المسمى في كتبهم والمنتظر بعهد وميثاق أخذوه على أنفسهم من الله تعالى بتصديق هذه الدعوة الجديدة الخاتمة ونصرت نبيها .( يريدون أن يطفأ نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ) سورة التوبة 32(ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوه أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون ) المائدة 81( يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير ) المائدة 19( وإذ اخذ الله ميثاق النبيين لما أتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرونه قال أأقررتم وأخذتم على ذالك إصري قالوا أقررنا قال فأشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ) سورة آل عمران 81( ألم تر إلى الذين أتوا نصيبا من الكتاب يُدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريقا منهم وهم معرضون ) سورة آل عمران 23( يا أيها الذين أمنوا أمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا ) سورة النساء 136 فقد كانت هذه الرسالة الجديدة الخاتمة ثقيلة على عاتق صاحبها المبلغ لها وهو النبي محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والتسليم منذ تكليفه وحتى وفاته رسالة واضحة وشاملة للبشرية تحمل كل ما هو مفيد ومنقذ ومصحح للانحراف ومقوم للتشويه العقائدي ومعيد للنهج الألهي الذي شوهته المؤسسات المعادية للبشرية والدين فقد أدى النبي الكريم رسالته ودعوته للبشرية على أتم وأكمل وجه وتحدى صعابها ومقاومتها من قبل أعدائها حيث قال سبحانه وتعالى ( نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين * وأنه في زُبر الأولين ) سورة آل عمران 96,95,94,93 وبعد هذا الهرج والمرج الذي يعصف بالبشرية والتخبط بالمفاهيم العقائدية والتدني في الأخلاقيات والتراجع في الإنسانية هو نتيجة الابتعاد عن الله تعالى وتعاليمه والنواميس التي وضعها في رسالاته على لسان أنبيائه وتشويه الحقائق تقطيع أوصال مبدأ الإسلام الفطرة التي فطر الإنسان عليها ومحاولة إعادة هذا الكائن البشري إلى الأخلاق الحميدة والألباب المنيرة وصناعة الحياة السعيدة التي أرادها الله تعالى له عن طريق إعادة كل ما هو حقيقي والتخلص من هذه الصراعات الفكرية والدينية والعقائدية المتعصبة الغير مجدية ووأد الاحتقان الطائفي العرقي المقيت والذي تُأجج نيرانه أيادي خفية ومعلومة في بعض الأحيان تتلاعب بها القرارات السياسية المتنفذة والمستفيدة والمهيمنة على مقدرات شعوب العالم والاحتكام إلى نداء العقل ونقاء السريرة وصفاء النية وحرية التفكير الصحيح والخروج من جلابيب المؤسسات الدينية التي أصابها الهرم والكبر والمؤسسات الظلامية البعيدة ونعيد إنارة الطريق الصحيح المعبد بمنهج واحد مقبول لكل الأديان والطوائف والملل والنحل بعيدا عن فكرة ال ( أنا ) التي جلبت الويلات لشعوب العالم القديم والمعاصر والاتفاق على خارطة طريق واحد لاختيار الأصلح وجمع شتات الرسالات السماوية القديمة الصحيحة النقية والتقصي عنها وإظهارها للناس عامة تلبية لاحتياجات الأمم والشعوب وإبعاد شبح الصراعات الدينية والعرقية والفتن التي أدت إلى الدمار خلافا لما أراده الله تعالى في توحيد الإنسانية والرقي بالإنسان والحفاظ عل سموه ورفعته وتهذيب نفسه على المبادئ الإنسانية واحترام البشرية وتسخير العلم والمعرفة وتطبيقاتها خدمة للمجتمعات وبنائها وضمان مستقبل أجيالها القادمة وبعدما رأينا أن الغرب قد عزف عن الدين والمعتقد أضاعها وألتزم العمل بالإنسانية والأخلاق الحميدة المزيفة البراقة من الخارج والتكافل الاجتماعي واحترام خصوصية الإنسان وقيمه بالرغم من الملاحظات التي تشوب هذه العملية مقابلها نرى أصحاب الرسالة المحمدية الحقيقية الشاملة بنظريتها العمومية لكل البشر في مجتمع أختاره الله تعالى بعناية ودراية لحمل هذه الرسالة الكبيرة لكن نراهم قد أضاعوها وزوروها بيد المتربصين بها في محاولة لطمس الحقيقة معها لذا يجب أن تكون هناك دعوة صادقة وملحة لجميع الأطراف المعنية التي اعتنقت الديانات السماوية وغيرها أن تتجرد من العقد النفسية الضيقة والأفكار المحدودة الفهم ومغادرة التعصب الأعمى النفعي التي رافقته على طوال عقود من الزمن ابتعدت البشرية عن ربها وخالقها )