23 ديسمبر، 2024 5:58 ص

آراء شخصية عن المرأة الأميركية، ثانيا

آراء شخصية عن المرأة الأميركية، ثانيا

منطق المرأة الأميركية بهذا الشكل: لنفرض أنها بعمر 50 سنة والرجل الذي تلتقيه 35 سنة، فإنها تقول إن الناس تقدرني ب 40 سنة، وإن النساء عادة ما يعشن أكثر من الرجال كمعدل بخمس سنين، لذا أننا ننسجم ونليق لبعضنا جدا! والمسخرة لا تتوقف إلى هذا الحد إذ تزيد وتردف لتقول ولكي تطمئن أكثر إنني بجينات ممتازة، حيث أخبرتني شركة الضمان الصحي بعد أن رأت الفحوصات التي أُجريت لي مؤخرا بأنني سأعيش إلى مائة سنة لذا عليك أن لا تقلق بالمرة بشأن عمري. المرأة الأميركية طالما هي شابة ومدمنة فإنها جذابة- ليس كل الشابات طبعا- وخفيفة الظل وحلوة المعشر وإذا لم تكن مدمنة فمن يستطيع الاقتراب من غطرستها وعنجهيتها وصفاقتها وعبادتها للذة الجنسية، قصدت بشابة من سن 18-35، بعد ذلك العمر أو حتى قبله بقليل تبدأ التعقيدات وحينما تصل المرأة منتصف الأربعينات أو الخمسينات تصبح نكدة متأذية متشكية من الحياة والعلاقات العاطفية وكأنها تريد أن تثأر وتسقط آلام عواقب علاقاتها الفاشلة أو تقدمها بالعمر على كل من تلتقي به.
ثقة المرأة الأميركية المبالغ فيها في مرحلة الشباب لا تدوم طويلا، تعال إليها وزرها حينما تكون بعمر 50 سنة أو 55 أو 60 أو 70، لترى كم هي تستدر الرأفة والتعاطف وهي تحمل قباحة الجسد الذي أوهمها كثيراً وآمنت به وأمضت السنين تصلي متخيلة أنها في سيطرة تامة عليه وبوسعها أن توقف عوامل الشيخوخة فيه وأنه ملكها ومن أخص خصوصياتها ولن يتغير، لكنه غدر بها في النهاية. تطلع إليها وأنت تقابلها في أحد الأسواق وهي بعمر 60 سنة مثلا أو حتى قبل ذلك لترى كيف أنها ترتاب في مشيتها وتستجدي نظرة حنان أو القبول منك، فأي سعادة خادعة ممكن أن يوقعها الجسد البشري بصاحبه؟! أليس انه ليس أكثر من كيس جلدي مملوء بالعظام والأعضاء القبيحة-كالرئتين والطحال والبنكرياس الخ- والقيح والدم والبول والغائط والعرق كما يرى البوذيون حقيقته الغائبة عن عيون الجميع!
قد يقول قائل هذا الكلام ينطبق على الرجل أيضا، إن الرجل ايضا يشيخ ويصبح منفّرا,, أقول هذا صحيح لكن الرجل لا يعلق كل رأس ماله على الجسد وحده، إنه يدرك بوقت مبكر خداع الجسد وينمي اهتمامات أخرى قد تفيده وتعزيه عند الكبر والشيخوخة. لكن ما الذي سيعزي المرأة التي تضع كل رأس مالها وثقتها في الجسد عند الشيخوخة؟ الأولاد؟. الأحفاد؟ كل هولاء لا يشفون الجرح الغائر عميقا في نفسها، الشرخ الذي يقول لها انك لم تعدي مرغوبة وذلك الدلال والغنج السابق والغطرسة والأنانية والتمركز على الذات والنرجسية والتكبر والغرور، كل هذه الاشياء ذهبت في مهب الريح دون رجعة. الرجل ممكن أن يلتجأ إلى الاهتمامات الذهنية كالتأمل والتعبد والمعمار والسياسة والفلسفة التي قلما تهتم المرأة بها وإن فعلت يبقى جرح الجسد الشائخ ماثلا في ذهنها. طبعا أنني لا أتحدث عن امرأة بعينها، إن ما أقوله يستند إلى وقائع وتجارب عايشتها بنفسي، أنا لا أعمم ذلك على جميع النساء الأميركيات، وأعترف هنا بأنني لدي تحيزات ممكن أن يحملها معظم الشرق أوسطيين ضد المرأة الأميركية أو الغربية على وجه العموم.
قد تكون هذه التحيزات طبيعية أو ربما بسبب التربية التي نشئت عليها، لا أعرف. أعتقد أن حركات تحرير المرأة كانت هي السبب غير المباشر وراء ذلك حيث تقول للمرأة أنك مساوية للرجل ومن حقك أن تدخني وتشربي الكحول وتقامري وتتخذي العشاق وتشتري الأعضاء البلاستيكية وتقحميها في.. ومن حقك كذا و.. و.. و.. الخ من اللغو.
من ذا الذي يستطيع أن يكلم المرأة الأميركية إذا كانت شابة وطبيبة أو محامية أو مهندسة وكان دخلها 150 أو 200 مائتي ألف أو ربما حتى اكثر من ذلك؟ لا وجود للحب الحقيقي في هذا المجتمع، كل شيء يتقاضى بالمال والجاه والجاذبية الجسدية، إن وجد الحب هنا فإنها حب تعلّق وشهوات جسدية لا أكثر وإلا لماذا يحدث الطلاق بنسبه العالية وتحدث الخيانات أو النفور الشديد والكراهية عقب العلاقة الفاشلة بفترة قصيرة. إذا كانت المرأة دكتورة وشابة فعلى الرجل الذي يتقدم إلى الزواج منها أيضا ان يكون شابا أو حتى أصغر سنّاً منها وبمرتب مثل مرتبها أو يفوقها، أن يكون إيرادها وإيراده متقاربان وحبذا لو أنه اكثر، لكي يشتريا بيتا جميلا وينجبا الذرية الصالحة التي ستكون مثلهما..

لكن ذلك لن يدوم طويلا فان الله او الكون- أو أي قوة أخرى أوجدت الحياة- جعل الناس سواسية في البداية والنهاية وان الإنسان خلق عاريا وسيرحل عاريا، وان ما أنت فيه وتختبره هو مؤقت وزائل وعابر إن كان خيرا أم شرا، وان الإنسان زائر خلال الفترة التي يقضيها على الأرض، كما أن وعيه زائر أيضاً أو مقيم بشكل مؤقت في الجسد الذي يشغله. وأعتقد أن الموت هو اللطمة القوية والحقيقية العادلة لجميع المتكبرين التافهين أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة الذين لا يرون في الحياة شيئا مهما ولا هم لهم سوى جمع المال، كما للذين يتباهون بأولادهم وأحفادهم وكأنهم مخلديهم أو سيدخلوهم الجنة، حتى الكلاب والزرافات والقطط والقرود بوسعها أن تنجب أطفالا لا يتطلب ذلك سوى فعل ميكانيكي قصير جدا لتكون الثمرة. لكن الحيوانات لا تتباهى بأطفالها، تنجبهم وتعيلهم لفترة قصيرة ثم تتركهم لحالهم. لكن ذلك لن يدوم، سيفارقون ذات يوم النقود التي جمعوها على حساب أنفسهم أو معاناة المزيد من البشر كما سيفارقون الأولاد والأحفاد وسيكون مصير الجميع التراب والعدم آجلا أم عاجلا كحال ال 120 مليار إنسان الذين عاشوا من قبل على الأرض.
في المجتمع الأميركي، وقد يكون هذا في كل مجتمع لكن الأمر هنا مضخم وواضح جدا للعيان.. ثمة رجال من التفاهة التي لا حدود لها ولا يعنيهم من الحياة سوى البحث عن متعة الحواس الخمس وجمع المال من غير أدنى اهتمام بأي قيمة سامية أو نبيلة في الحياة، وانهم لا يتورعون عن ارتكاب أبشع الجرائم من أجل الفوز بإعجاب امرأة ذات جسد جذاب.

وفوق كل ذلك مسألة الدراجات الهوائية التي لم تكن مألوفة للنساء الأميركيات بهذا الانتشار حينما وصلتُ قبل عشرين سنة تقريبا إلى هذا البلد. هنا ترى النساء بمختلف أعمارهن حتى العجائز يقطعن الشوارع بدراجاتهن وهن يكشفن عن أفخاذهن المكرمشة، ولو كان سيجموند فرويد يعيش في الوقت الحاضر لأخذ يطيل الحديث عن الرموز والشعور باللذة ودخول السرج أو احتكاكه بالفخذين الخ.
أما مسألة اقتناء الكلاب فحدث ولا حرج، كثيرا ما تساءلت ما السر من وراء الاهتمام المبالغ بها؟ حيث تجلس في مقدمات السيارات وهي تمد رؤوسها خارج النوافذ أو حينما يصطحبونها في المناطق المخضوضرة من أجل التنزه وهم يربطون الحلي والأطواق في أعناقها فتأخذ بالدلال وتتوقف متشممة العشب أو متبولة فوقه أو يأخذونها للحلاق من أجل أن يغسل أجسادها بالشامبو ويقص لها وبرها. هل هو الاهتمام بالحيوان لذاته؟ أم الاحتماء به، طبعا انه معتنى به من قبل الجنسين. هل فشل الإنسان من إقامة علاقة حميمة صادقة مع الإنسان لكي يلتجأ إلى الكلب ليتخذ من رفيقا وأنيسا..؟ ثمة رأي أو على الأقل ما تعرضه الأفلام الإباحية بان للكلب دور جنسي في حياة المرأة فضلا عن دور الحماية أو الانشغال به كي تهرب من نفسها وأفكارها.
والطامة الكبرى التي لا علاج لها ولا شفاء منها هو شرعنة زواج الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة!؟ تذهب المرأة مع المرأة للقاضي ليكتب لهما عقد الزواج وكذلك يتأبط الرجل الرجل ويذهبان للمحكمة. فإلى أي درك وصل إليه الإنسان في هذا البلد الذي يتشدق بالحريات وفي الوقت نفسه يشن الحروب على البلدان ليدمر بنيتها ويريد منها أن تتبع مثاله الذي يثير الاشمئزاز في النفس. هل يستطيع أحد أن يريني نصا دينيا واحدا أو قانونا طبيعيا واحدا يبيح ذلك؟ أكرر أنني لا أدين أحدا ولا أصدر أحكاما بصدد أي إنسان، في النهاية كل إنسان انه حر بجسده، ومن حقه أن يفعل به ما يشاء ويشارك به من يريد ويرغب، لكن أن تبيح الدولة ذلك قانونيا يعني ذلك أنها تشجع عليه وتعزز هذا الميل في نفوس المواطنين من أجل تدمير بنية الحياة الطبيعية. صحيح أن الناس يولدون بدرجات مختلفة من الأنوثة والذكورة لكن لا أعتقد أن الأمر ممكن أن يتضخم أو يبالغ فيه ليدعو للزواج المثلي.
الإنسان العربي الذي مازال يعيش داخل الوطن العربي حينما يرى الأفلام الهوليودية وهي تعرض الشوارع الواسعة المتلألئة بالأضواء والسيارات والقصور الفخمة والنساء المتحررات في سلوكهن وثيابهن يخدعه عقله ويقول له هذا المكان المثالي للعيش أو هذا هو الفردوس الأرضي. الإنسان ليس بوسعه أن يحكم على تجربة ما بشكل موضوعي ودقيق وصحيح حتى يعيشها بنفسه ويسبر أغوارها وأبعادها، على سبيل المثال لو كنت بعمر35 سنة وآخر بعمر 50 سنة ويخبرك عن ما يشعر به ويحسه في عقله أو جسده فإنك لن تستطيع إدراك ذلك تماما، انك تبني وتقيم تصورات وتخيلات وتوقعات فحسب.. هذا الأمر ينطبق تماما على الإنسان الذي يعيش في بيئة عربية بسيطة ومتواضعة، ويحلم بهجرانها أو بتغييرها من غير أن يعرف البيئة الأخرى معرفة جيدة عبر الإقامة والمعايشة الكافية فيها ليتبين صفات البديل الذي هو يرغب فيه أو مقدم عليه.

الحياة في أميركا حياة إدمانية، أميركا هي أم الإدمان، نظام العمل والعلاقات الأسرية وحياة المجتمع مبنية هكذا على الإدمان بكل أنواعه وأصنافه الغريبة، لا تبحث في أي مكان آخر بالعالم عن الإدمان تعال هنا وعايش المجتمع لكي تعرفه، لا تذهب إلى آسيا ولا إلى أوروبا تعال هنا: المجتمع الأميركي نافد الصبر وينشد الحلول السريعة في أغلب مجالات الحياة وخصوصا في الحصول على المتعة الفورية وان كلفته عواقبها الكثير في المستقبل.
الأغلبية الساحقة من المجتمع الأميركي هي طبقة فقيرة، أناس يعملون بجهد وتعب من أجل دفع إيجار السكن والتغذية والبنزين وتصليح السيارة أو أجور المعالجات الطبية الغالية الثمن. وحينما يبلغون منتصف الستينات أو قبلها ترميهم الحياة ليعشوا على الكفاف والمساعدات. بينما النخبة البرجوازية هي من تستمع بالرحلات والنساء والإجازات والضمان الصحي وحياة البذخ والمتعة.

مجموعات اقتصادية ودينية متنفذة هي التي صدرت الإرهاب إلى الوطن العربي، عصابات رجال السياسة وأصحاب رؤوس الأموال، حينما تنتقد المجتمع الأميركي وأنت قادم من مجتمع عربي إسلامي في الحال سيردون عليك لكن ما البديل هل هو الإسلام.؟ الإسلام دين إرهابي، تطلع إلى الأخبار وسترى ما يفعله المسلمون في كل مكان.. وأنا أقول إن الذين يقومون بالإرهاب وحتى الأغلبية الساحقة من المسلمين والسياسيين بعيدين جدا عن الإسلام الحقيقي. الإسلام الحقيقي لا يدعو إلى ذلك.. الإسلام شُوه كثيرا ومازالت القوى الظالمة تريد تشويهه وتدمير المجتمعات العربية لأنها ما زالت محافظة على بعض القيم الإيجابية الأصيلة. من يستطيع أن يأتي ببلاغة وأحكام ولغة وإحاطة بحياة الإنسان مثل القرآن؟! إنني أقول ذلك كمراقب وشاهد، أنا غير متدين بأي دين. اقرءوا القرآن بلغته الأم وليس مترجما وستندهشون من بلاغته، لكني عرفت وقرأت واستمعت إلى كثير من المتشدقين بالإلحاد العرب وغيرهم الذين ليس بوسعهم كتابة جملة واحدة أو فقرة صحيحة فضلا عن جهلهم الكبير بأنفسهم وبالحياة بشكل عام.. لكن مَنْ الذي كتب القرآن الإعجازي أو المدهش ببنائه وتركيبه ولغته ومفاهيمه ورؤاه ومعالجاته؟

90% من الأميركيات ينتهين عند الكبر بإدمان ما أو أكثر، قد يكون الكحول أو القمار أو الطعام أو المهدئات أو السايتات أو المواقع الإباحية الخ من الادمانات والأخيرة نسبتها أقل عند المرأة ومعظمها عند الرجل لأنه يعتمد على النظر والرؤية بشأن إثارة مراكز اللذة في الدماغ بعكس المرأة التي تحتاج إلى عوامل أخرى. هذا هو حال الحرية المبالغ فيها الممنوحة للمرأة الأميركية والتي تتلهف النساء الأخريات لبلوغ ما وصلت إليه. لحد هذه اللحظة لم أرَ في حياتي امرأة عربية واحدة كحولية وإن وجدن الآن فإن نسبتهن قليلة جدا. اذهب إلى شارع فان بيورن في مدينة فينيكس أو 16 ستريت أو 27 أفنيو وسترى كيف أن الفتيات بمختلف الأعمار والألوان والأشكال يتمشين على الأرصفة في الظلام أو في الضوء وهن يكشفن عن سيقانهن أو أثداءهن محاولات إغراء وجذب الزبائن لبيع أجسادهن لهم، أو لا داعي للذهاب إلى تلك الشوارع المشبوهة، بإمكانك أن ترى ذلك في الدوائر الحكومية والمقاهي والمكاتب أيضا مع بعض التقيد بالطبع. اكرر للمرة العاشرة أو اكثر أنني لست ضد المرأة أو أتحدث عن فراغ انما أحاول قراءة الواقع من أجل فهمه وتشخيص الأمراض فيه. ثمة صفات جيدة كثيرة في المجتمع الأميركي.. مثل بذل الجهود الصادقة والتفاني في العمل، قلة الكذب أو الخداع، القدرة على تفهم الغريب.. انفتاحه على جميع أطياف المجتمعات العالمية، كما نظام الرعاية للمسنين والعلاج المجاني في المستشفيات المتطورة بالنسبة للذين دون موارد للعيش. فضلا عن الاهتمام بالبيئة وتوفير الماء النقي والكهرباء والاهتمام بالحدائق والمتنزهات.

المرأة بشكل عام وخصوصا الأميركية تعرف جيدا أن رأس مالها هو الجسد لذا هي تكشف الكثير منه في الشارع والعمل والنوادي الرياضية او الليلية وأمكنة أخرى.. انه طعم ترميه أمام الرجل كي تلقيه في حبالها أو على الأقل تجذب به الكثير من الرجال من أجل أن تختار من بينهم. لكن شباب الجسد وجاذبيته لن يدوما إلى الأبد. قبل سنوات حينما كنت أزور الكازينوهات رأيت الكثير من النساء بعمر 60 أو 70 أو حتى 80 سنة، يعكفن جالسات خلف مكائن القمار وأمامهن كؤوس الشراب وفي أيدهن السجائر ويقامرن، منهن ما تخسر كل ما جمعته بالعمل الشاق للتقاعد ومنهن من تخسر بيتها وسيارتها وممتلكاتها، أو حتى تختلس وتسرق لتنتهي في السجن أو بدء العمل من جديد وهي بهذا العمر المتقدم من اجل إعالة نفسها والعيش على الكفاف وإلا سيكون مصيرها الشارع أو الحياة الضنكة. الرجل ممكن أن يفعل هذا وأكثر بكثير من ذلك، وهناك الآلاف منهم مستغلون في عالم البونوغرافي الظلامي.
لاشك انه سيخرج عليّ أحد ليقول عني أنني عنصري ومتحيز ضد المرأة وأعادي تحريرها وهذا خلاف الحقيقة، لكوني أعشق المرأة عشقا جما وأتمنى لها كل الخير إنما أريد أن أبين جوانب الواقع الذي أعيش فيه وأبحث عن مجتمع مثالي يعيش فيه الإنسان بكرامة ومن غير أن تستهلك قواه بالاستغلال من قبل رؤوس الأموال وإذلاله والتنكيل به. هل الصورة التي رسمتها المجتمعات الغربية البرجوازية للمرأة مثالية ؟
الرجل الأميركي الاعتيادي ضحية وأنه واقع تحت ثلاث مطارق، الأولى، القانون الذي هو بصالح المرأة، الثانية هي المرأة نفسها؛ طمعها ومناشدتها التي لا تنتهي لحياة المتعة والترف، والثالثة الفئة البرجوازية التي لديها المال.
الرجل الأميركي في أحيان كثيرة يكون ذليلاً خانعاً للمرأة راغبا أم كارها، وحينما تمل من تولهه وعبادته لها فإنها تريد أن تتذوق رجالا آخرين أكثر جاذبية واغراءً ومالا منه، وعليه أن يغض النظر عن ذلك- وان فعل وأطاعها ستحتقره ولم يفعل ستحتقره أيضا؟!- يتذلل ويضحي بحياته لا لشيء فقط من أجل أن ترأف عليه معبودته وترضى عنه وترمي إليه القليل من المتعة والتي لولاها لمد لسانه مثل كلب جوّع لأيام عديدة راغبا بعظمة يقضم فيها.
الرجل الأميركي بشكل عام غير سعيد لهذا تراه يدمن على الكحول والمخدرات والقمار والبوغرافي وأشياء أخرى مماثلة. وترى الكثير من الرجال والنساء ينامون على مصاطب وقوف الباصات أو يقفون في تقاطع الطرق وهم يمسكون بقطع الكارتون المكتوب عليها أرجو المساعدة انني متشرد او انني بدون طعام. لو كان الرجل سعيدا في حياته وعمله وعائلته لما التجأ إلى هذه الأساليب صدقا أو احتيالا.

المجتمع الأميركي مجتمع غير هانئ في حياته على الرغم من كل الإنجازات العلمية والتقنية، صحيح لديه سيارات حديثة، بيوت فخمة، أموال كثيرة وتنوع جغرافي هائل ووسائل ترفيهية لا تحصى لكنه لا يعرف معنى السعادة الحقيقية وإلا لما انتشرت فيه الادمانات بجميع أنواعها لاسيما الادمان على المهدئات أو مضادات الاكتئاب أو العقاقير قاتلة الألم- الإدمان هو آلية للهروب من الواقع الصعب الذي يعيش فيه الإنسان، ولو كان سعيدا في حياته لما أدمن على أي شيء، بل استمتع بالأشياء بحدود معقولة- ولو كان سعيدا لما ارتفعت نسبة الطلاق فيه إلى 70%، ومرد ذلك ربما التركيز على الفردانية والأنا.. أنا، ، أنا ، أنا ومناشدة المزيد من المتع الدنيوية والشعور بالملل السريع من الآخر والبحث عن ملذات جديدة، والجهل وعدم التفكير في الغرض أو الهدف الذي خلق من أجله الإنسان، أو من أين أتى قبل هذه الحياة وإلى أين سيذهب.
من الأشياء التي لاحظتها في هذا المجتمع أن التلاميذ لا يحترمون مدرسيهم بل انهم يسخرون منهم أو حتى يستهزئون بهم، وراحت للأبد تلك الأوقات التي كان يتردد فيها على ألسنتنا بيت الشعر” قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا” أقول راحت تلك الأيام إلى الأبد التي كنا فيها حينما نرى معلمينا في أحد جانبي الشارع نعبر إلى الجانب الآخر خوفا منه واحتراما له.

العائلة الأميركية مفككة إذ يغادر الأولاد والبنات في سن الثامنة عشرة، ومنهم من لا يرون والديهم إلا في كل 5 سنوات أو أكثر أو أقل، كذلك انتشار دور التمريض حيث ينتهي الوضع بالآباء والأمهات المرضى الذين لا يستطيعون الاهتمام بأنفسهم بتلك الدور الموحشة، لأن الأبناء مشغولون بالعمل ولا يتمكنون من بذل العناية المتواصلة بالوالدين أو يريدون أن يستحصلوا على المزيد من اللذائد دون أن يضايقك الأبوان بشأن ما. صحيح قد يدفعان الأجور أو القيام بالزيارة لكن ذلك لا يكفي، وكأن الوالدين لم يضحوا في يوم ما بكل ما لديهم من أجل أطفالهم! لكن المشكلة بعد كل هذه المقدمات أين البديل؟ أفي العراق الملوّث بيئيا والممزق دينيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا؟ أين البديل.. أفي حكومات العراق الفاسدة وعصاباتها التي سرقت الأموال وتركت الأغلبية تعاني الذل وشظف العيش وجعلت الوطن – الذي كان ذات يوم- خرابا لا ينعق فيه إلا البُوم والغربان.