لم تکن الاجواء التي سادت في إيران والتي سبقت إبرام الاتفاق النووي في تموز 2015، مشابهة أبدا لأجواء الحالية التي تخيم على طهران، إذ کان هناك للنظام الايراني خط رجعة أو بالاحرى خيارات وإن کانت قليلة، ولکن الاجواء السائدة حاليا في ظل الازمة القائمة مع واشنطن، تتسم بعدم وجود أية خيارات بديلة ومتاحة الى جانب إنه ليس هناك من أي خط رجعة للنظام، ولذلك فإن توسع دائرة الخلاف والاختلاف بين الجناحين الرئيسيين ومظاهر التخبط والتوتر والانفعال تظهر واضحة على التصريحات الصادرة من جانب القادة والمسٶولين الايرانيين.
الشعب الايراني لم يکن غاضبا وحانقا على النظام قبل الاتفاق النووي بالدرجة التي هو عليها الان حيث يبدو إن النظام يتخوف منه کثيرا ولاسيما وإن هذا الغضب والنقمة ترافقها التحرکات الاحتجاجية المستمرة من جانب مختلف أطياف وشرائح الشعب الايراني الى جانب نشاطات معاقل الانتفاضة لأنصار مجاهدي خلق والتي قد باتت تٶثر هي الاخرى کثيرا على النظام وتجعله يحذر من عواقبها لأنه قد تکون واحدة من هذه الاحتجاجات بمثابة عود الثقاب الذي يشعل النار في هشيم غضب الشعب الايراني، والذي يزيد الطين بلة بالنسبة للنظام هو العقوبات الامريکية التي صارت آثارها تظهر على النظام وتزامن کل ذلك مع دور وتحرك ونشاط غير إعتيادي للمجلس الوطني للمقاومة الايرانية على الصعيدين الداخلي والخارجي، بما صار ذلك يدفع للإقتناع بأنها تمثل بديل النظام، وهو أکثر شئ يصيبه بالرعب، ولذلك فإن المساعي المحمومة التي يبذلها النظام الايراني من أجل دفع بلدان المنطقة والعالم للإقتناع من إنه لايوجد بديل له وإنه ستسبح المنطقة کلها في حالة فوضى عارمة فيما لو إنهار!
المشوار الحالي الذي يسير في طريقه النظام الايراني بخطوات متثاقلة يختلف عن المشاوير السابقة التي کان النظام يخرج منها کما يتم إخراج الشعرة من العجينة، إنه مشوار يتسم بصفات خاصة جدا لم تتوفر في المشاوير السابقة، إذ أن النظام لايستطيع أبدا في هذا المشوارمن العودة ولو خطوة واحدة للخلف وهو يعلم إنه کلما تقدم أکثر کلما صار أقرب للسقوط في الهاوية السحيقة، وإن الخيارات الوحيدة المتاحة له کي يعود عن هذا المشوار کلها صعبة وتقترب من المستحيل، إذ لايستطيع مواجهة واشنطن لأنه يعلم إن في ذلك نهايته الحتمية کما يدري جيدا بأنه لايستطيع الجلوس على طاولة التفاوض لأنه سيقوده الى تنفيذ المطالب ال12 لواشنطن والتي تعني أيضا نزع کل أسباب قوته وجبروته وتنمره على المنطقة، کما إنه لايستطيع أيضا تهدئة الشعب ولا إنهاء الاحتجاجات ونشاطات معاقل الانتفاضة لأن کل أسباب وعوامل إستمرارها موجودة، وبإختصار فإن هذا المشوار هو آخر مشوار للنظام فلا مشوار بعده أبدا!