سبر أغوار الملف الايراني و البحث في جوانبه المختلفة، تضع المرء أمام حقائق و وقائع مفجعة تثير الحزن و السخط و الالم معا، ذلك إن الذي يجري في إيران اليوم و بعد 38 عاما من حکم نظام الجمهورية الاسلامية يميط اللثام عن مشاهد مأساوية تبين في خطها العام بأن الاوضاع في إيران قد وصلت ليس الى المرحلة الحرجة للحياة الانسانية وانما تجاوزتها أيضا.
جدران المدن الکبيرة في سائر أرجاء العالم تزين بإعلانات لمواد صناعية و زراعية و مستحضرات التجميل و غيرها، أما جدران المدن الايرانية المختلفة فهي تزخر بإعلانات لو علقت أية واحدة منها في أي بلد من بلدان العالم فإنه سيثير ضجة تنشغل بها وسائل الاعلام و البرلمان لأيام، حيث إن إعلان من قبيل:” أبيع أبني ذو ال5 أعوام”، أو إعلان من قبيل:”أبيع کليتي بأي ثمن تطلبونه”، أو:”أبيع قرنية عيني لإنني لاأمتلك ثمن رغيف واحد من الخبز”، بل إن الامر قد وصل الى حد بيع الاجنة وهي في بطون أمهاتها!! هذه الاعلانات أو ماشابهتها تملأ جدران المدن الايرانية وهي وکما قلنا توضح ماقد قلناه بأن الاوضاع في إيران قد تجاوزت المرحلة الحرجة وهو مايعني بإن إيران صارت أمام مفترق بالغ الخطورة خصوصا فيما لو إستمر الحال على بعضه کما يقول المثل.
مايجري حاليا في إيران، هو حاصل تحصيل شعب يعيش أکثر من 70% منه تحت خط الفقر فيما يعاني 15 مليونا آخرين من المجاعة و تعاني 11 مليون عائلة إيرانية تحت وطأة الادمان على المواد المخدرة، الى جانب أکثر 36% من البطالة و مشاکل و أزمات حادة أخرى، والاسوء من ذلك ليس هنالك من أي أمل بتحسن الاوضاع وانما يعلم الجميع بأن الامور ستسوء أکثر و ينتظر الشعب الايراني الکثير من الويلات و المصائب الاخرى، ولذلك فإن بقاء هذا النظام يعني بالضرورة توقع کل ماهو أسوء، ولذلك فإن الشعب الايراني يتطلع للتغيير الذي طرحته و تطرحه المقاومة الايرانية کحل وحيد لکافة مشاکل و أزمات إيران، والذي يثير السخرية أن يبادر النظام وخلال هذه الايام للإعتراف بأن هناك 11 مليون مواطن إيراني يعيشون تحت خط الفقر، وفي هذه الايام أي التي صادفت هذا الاعتراف النسبي بحقيقة و جريمة أکبر من ذلك بکثير، فإن هذا النظام يجري تجارب إطلاق صواريخ بالستية مطورة تکلف الملايين ولاتنفع الشعب الايراني بشئ الى جانب تصعيد التدخلات في المنطقة، وهو مايعني إن النظام بات يسير في طريق مسدود نهايته المواجهة مع الشعب الايراني نفسه قبل غيره.
المراهنة على حدوث تغييرات إيجابية في هذا النظام من خلال مزاعم الاعتدال و الاصلاح الکاذبة و التي هي في الحقيقة مجرد غطاء من أجل التستر على هذا النظام لکي يواصل مخططاته المشبوهة، فإن مريم رجوي، زعيمة المعارضة الايرانية قد أکدت لأکثر من مرة و في أکثر من مناسبة ولاسيما فيالتمع العام الاخير للمقاومة الايرانية و الذي إنعقد في 1تموز الجاري، بأن تغيير النظام وإقرار الديمقراطية في إيران هما المفتاح لأزمات المنطقة والتغلب على التطرف الديني، ذلك إن النهج الاستبدادي الذي يحکم البلاد و يصادر کافة أنواع الحريات، يدفع الشعب الايراني نحو مستقبل مجهول ولذلك فإن التغيير ليس فقط هو قدر إيران و الشعب الايراني وإنما لشعوب المنطقة أيضا خصوصا وإن هذا النظام و بموجب کل المٶشرات و المعطيات المختلفة قد وصل الى آخر الخط.