10 ديسمبر، 2024 12:22 م

يامراجع الدين في النجف: عرّقي الحوزة !!

يامراجع الدين في النجف: عرّقي الحوزة !!

حسين البروجردي، هو الكروموسوم الأول في حوزة قم التي أسسها عبد الكريم الحائري، ولقد لعِب دور الجدار العازل، ومخفف الصِدام، مابين الشاه الكبير والصغير، ومابين طلبة العلوم الدينية في إيران، ويعترفُ رجالات الثورة الخمينية في إيران، بأنّ لولاه.. لما كان لثورة الكاسيت الخمينية التي تشبهُ تفاحة نيوتن.. أن تسقط وتفجّر أعظم مفاجأة في القرن العشرين !!
رجالُ الدين في إيران – أتباعُ الخميني تحديداً، نجحوا في قصقصة كلّ الريش الإيديولوجي الذي كانت تمورُ إيرانُ بهِ، ضدّ النظام الشاهنشاهي، كان كُلّهُ سهل النتف، إلّا إنّ البروجردي وطيلة فترة حياته،لم يُطفأ الضوء الأحمر امام رجالات الخميني، ليكونوا قوّة سياسية، وقد شكر هاشمي رفسنجاني ذلك له، مُعترفاً بأن ذلك الضوء لو انطفأ مُبكراً، ربّما لماتت ثورةُ الخميني ، وأصبحت مجرد ظلالٍ تداعبُ نظيراتها من ظلال العباءات الدينية، الأهم بأن خليفة البروجردي المتوقع – كان لا إيراني، بل كان عراقي الجنسية، هو محسن الحكيم- المرجعُ الديني الأبرز للمذهب الجعفري الإسلامي وقتها، وحتى أكثر من الخميني، فقد كان الود مابين الشاه والحكيم عامراً، وتوسط للكثيرين من رجالات الخميني، عندما كان الشاهُ الكبير والصغير، يقومان بجرّ أذنيّ كلّ رجال الدين الإيرانيين عموماً، بين فترة وأخرى، وكان المرجح، ليكون كبير حوزة قم بعد وفاة البروجردي، إلّا إنّ المشروع تمّ إغتيالهُ بواسطة رجالات ثورة الخميني، ومن هنا نبدأ الحكاية معكم..
كيف نجح رجال الدين في إيران بزعامة الخميني من أن يقوموا بثورة، استطاعت النجاة من كلّ  أجندة توازنات الكِبار !؟ ربّما لدى” حنّة أرِنْدت”- الكاتبة الالمانية ذات الديانة اليهودية ، إطارٌ ما للإجابة، فهي وعبر كتابها ” في الثورة “، حاولت أن تحلل أسباب عدم قيام الثورة الأمريكية بأفتراس ابنائها، كما حصل غالباً في كلّ الثورات ، لتجد بما مفادهُ، أنها ” نجحت في جمع نقيضين، جعلت من كلّ أمريكي، مُشاركاً في الشأن العام، وعادت في نفس الوقت وفي سنين تالية، لتحافظ على الخاص من سُلطة الشأن العام”، واذا ترجمنا ذلك إيرانياً، لقلنا بأن رجال الدين في إيران حضروا جنازة الغفير، وشاركوا في عُرسِ أبن الوزير، بل اذا أردنا أن نكون طمّاعين أكثر، وذهبنا الى العراق، فسنجدُ حكاية شعبية.. كثيراً مايتداولها الإنسانُ البسيط المنتمي الى المذهب الجعفري الإسلامي، عندما يُحاججُك عن سبب أختياره لهذا المرجع الديني دون الآخر، وإليكم الملخص المفيد : ذهب رجلٌ الى مرجعٍ يسألهُ عن سعر كغم الطماطم، وعندما لم يجد إجابة، ذهب الى آخرٍ، وسألهُ نفس السؤال، أجابهُ المرجِعُ الثاني: سمعتُ بأنّها بكذا، فغادرهُ صاحبنا، وذهب الى الثالث الذي فصّل لهُ الأسعار- بحسب جودة مايباع منها، ليقرر صاحبنا بعدها تقليد هذا المرجع حصراً..
أذاً نستطيعُ أن نقول، بأنّ ثورة الخميني، مهّدت لنفسها، بأنّ شاركت في كل شيء، ودسّت أنفها في شؤون الشعب، بل والعهدةُ على هاشمي رفسنجاني ومُذكّراته، بأنّ ” ثورتهم استفادت من جميع تجارب وخبرات الحركات السياسية الإيرانية، وجعلتها في جيب عباءتها، تُخرجُ منها ما يناسبها عند اللزوم، والأهم بأنها رفضت العناصر اللا إيرانية لقيادتها- محسن الحكيم” ، رغم أنّها كإسلامية النوايا، لاتعترفُ بالحواجز مابين المسلمين، ولا بالقومية ولا الجنسية، بل وأغلقت الثورةُ الإيرانيةُ، أذنيها بالطين والعجين عن وصايا الرسول : ” لافرق بين عربيٍ وأعجميٍ إلّا بالتقوى” !!
السببُ الآخر للنجاح، بحسب الكاتب العراقي سليم مطر-  (وبتصرفٍ منا في اللغة): ” إنّ طبعة إيران الشيعية، هي طبعةُ أسماعيل الصفوي- السلطة والقوّة والسيف، وبأنّ الطبعة الإيرانية ومنذُ نعومة أظفارها، تربت في حِجر البأس الصفوي، بعكس الطبعة العراقية، خوفٌ وقهرٌ”، واذا تركنا مطر، نستطيعُ أن نقول، بأنّ فولتية 1400 سنة من المظالم في المخيال الشعبي الشيعي، هي من أعطت القوة للسلطان الصفوي، ليصعق بها الروح الإيرانية، أمّا السببُ الآخر وفيما يخصُ العراق ( سنعود الى الزمن الحاضر) – الأكثرُ إحراجاً، وقليلاً مايتمُ التطرقُ له، بل ويصلُ الى حدّ رفض الجميع للحديثِ بهِ علناً، هو إنّ الطبعة الشيعية في العراق والتي تعتبرُ مرجعية السيستاني قمةُ هرمها، هي لا عراقية.. رغم أنّها كانت صمام الأمان، ومنعت إنفجار الطوائف الإسلامية في وجهِ بعضها الآخر، بل أنّها وحالما سمعت صُراخ العراقيين من ظُلم شيعة السياسة، نفضت عباءتها، وقررت أن تكون في صفّ المغلوبين على أمرهم، كما يجبُ أن نُقرّ ونعترف، بأنّ المجموعات المسلّحة.. تلك التي تشكّلُ العصب في جسد الحشد الشعبي العراقي، تدينُ بالولاء لطهران وولي الفقيه، وقد حاولت طهران من خلالهم، أن تُنهي عصر حوزة النجف، وتعلن سيادة حوزة قم الى الأبد.. أيّ إنّ حوزة النجف تعرِفُ بأنها تخوض الآن صراعاً مصيرياً !!
المهم مهما كانت الأسباب التي ذكرناها، وغيرها التي لانعرف، فأنّها قد وفّرت لجميع المتظاهرين العراقيين، خاصة المثقفين منهم – العلمانيون تحديداً، طريقاً مُعبّداً، يستطيعون السير فوقه، ولو الى نصف الطريق.. الى أن تحقق تلك التظاهراتُ جميع أهدافها- ستحققها عاجلاً أم آجلاً، فلا محالة من قرب تغيير النظام السياسيُ الذي يحكمُ العراق في الفترة الحالية – إمّا بمعجزة من داخله وهذا مستبعد، أو بتأثيرٍ خارجي، ليس شرطهُ هذه المرّة أن يجيء على ظهر دبابة أمريكية !! فلقد وجدت مرجعيات الدين في النجف- خازنةُ مظالم الـ 1400 سنة، بأنّ أستثمارها في شيعة السياسة الذين يحكمون الآن غير مجدٍ، وبأن ثروات تلك المظالم ستضيعُ الى الأبد، بعد أن قدّموا اسوء نموذجٍ في التاريخ ، أذاً ما العمل ؟ وقبل أن يتهمنا البعض بأننا نروّج لشيءٍ شبيه لـ “نهاية التاريخ” للكاتب الأمريكي فوكوياما ، لكنهُ من النوع الديني، سنجيبهم، بأنّ الحلّ هو تجنسُ مراجع النجف الكِبار بالجنسية العراقية، وعن مبرراتنا لذلك وبدونِ تأخير:
1-    إيقافُ ذلك الصراع النفسي وفوبيا الرعب التي يستخدمها شيعةُ السلطة في تحشيد وتنويم الشارع الجعفري من حولهم، بأنّ مصيرهم الاضطِهاد.. إن جاء غيرهم الى سدّة الحكم، فهم كصدام حسين يظنون نفسهم مُخلّدين.
2-    مراجع النجف ستكسب السطوة، وسيكونون رقماً صعباً في معادلات أيّ نظامٍ يأتي الى العراق، ولن يستطيع احدٌ اتهامها بعد اليوم، بالانتماء والعمالة الى أيّة جهة.
3-    إجبار الجميع.. عرباً وأجانباً،بالكفّ عن أعتبار العراقيين بيادقاً لطهران، فهي ستمتلكُ السلطة المعنوية التي ستؤهلها مثلاً لا حصراً، برفع قضايا في المحاكم الدولية المختصة، ضدّ الخطاب الإعلامي الذي تتبناهُ بحقّ اتباع المذهب الجعفري الإسلامي- الطبعة العراقية، بل وسنعطي أشقائنا العرب مثلاً على الخلاص من صِدام المذاهب، وزراعتهِ في تربة الوطن ..
4-    تذكيرُ الجميع وأعترافٌ شجاع من مراجع النجف الكِبار – وهذا ليس عيباً مع كلّ الأحترام والتقدير لشخوصهم، بأنّهُ لولا العراق لما كان هنالك في التاريخ شيءٌ أسمهُ حوزة، وبالتالي فأن العراقيين حصراً، هم من يحقُ لهم تقلّدُ أعلى المناصب الدينية في حوزة النجف.
5-    تحقيقُ وصية الرسول” ليست العربية بأبٍ وأمٍ لكم.. إنّما كلُّ من تكلم بلسانها عربي”.
الخلاصة
إنّ الظروف التي يعيشها العراق، والتقلبات في حسابات الكِبار العالميين، ونوايا تقسيمه، والذنب الذي سيكون برقبة المذهب الجعفري الإسلامي.. إنّ حدثت هذه المؤامرة لا سامح الله.. الموتُ أشرفُ لنا من الحياة بعدها، توجبُ على مراجع النجف، أن تتحمل مسؤولياتها التاريخية كاملة غير منقوصة، وأن لاتكون كالشيوعيين في العراق.. في ستينيات القرن الماضي- 1968م، عندما أنتظروا من الكرملين أن يعطيهم ساعة الصفر للاستيلاء على السلطة في العراق، لكن موسكو وعبر حساباتها وتفاهماتها مع واشنطن، طحنت تلك الساعة، وبزغ التاريخُ الذي نعرفهُ منذُ الستينيات وحتى 2003م (البعث)، والذي مازال شمّاعة شيعة السياسة .. اولئك الذين لاوطن لهم إلّا جنسياتهم الثانية، وأموال السحت، وسعفاتُ دبي !!