26 ديسمبر، 2024 2:03 م

ولم ترق قطرة نفط واحدة!

ولم ترق قطرة نفط واحدة!

فجّر الكاتب الصحفي ياسر أبو هلالة مفاجأة بالكشف عن مصدر الشريط المسرب للثواني الأخيرة في حياة صدام حسين، قبل ان يسقط مع حبل المشنقة.
وعلى مدى سنوات من تأريخ اعدام الرئيس العراقي الذي حوكم وأدين بقتل مواطنيه في بلدة الدجيل؛ترددت روايات مختلفة حول مصدر الشريط.
حامت الشبهات حول مستشار الأمن الوطني سابقا موفق الربيعي، المقيم حاليا في العاصمة البريطانية مع عدد كبير مِن المتعاونيين مع الاحتلال ممن شغل مناصب في حكوماته المتعاقبة ويتهمون بالفساد بعلم ومعرفة السلطات البريطانية المتسترة على جرائم الاحتلال الانغلوسكسوني من قتل وتعذيب وإخفاء قسري ما تزال أعداد غفيرة من العراقيين تعاني من ويلاته، على خلفية نهب منظم لثروات البلاد.
ومع ان الربيعي في اتصال هاتفي مع قنوات عربية، تحدث عن إنهيار صدام حسين قبل الصعود الى حبل المشنقة، ثم قيام قناة الجزيرة ببث الشريط الصادم، الا ان الشبهات حامت حوله وسط شائعات عن مبلغ مالي ضخم حصل عليه مقابل بيع الفيديو النادر.
لعل الانطباع السائد في أوساط الرأي العام عن دناءة خدن الاحتلال وعشقهم غير المحدود للمال؛ ساعد في تداول تلك الرواية.
بيد ان الكاتب الصحفي ياسر أبو هلالة وكان يدير مكتب القناة القطرية في العاصمة الأردنية عمّان، يقدم رواية مختلفة ومثيرة الى حد بعيد، في مقابلة مع برنامج ” قصارى القول ” ضمن سلسلة حلقات توثيقية مكرسة لعشرينيه غزو واحتلال العراق.
يكشف أبو هلالة ان الشريط كان متداولا بين جماعة التيار الصدري وان أحدهم أبلغ عنه، وجرى عرضه على شاشة القناة بعد وقت قصير من تصريحات موفق الربيعي ولياتي الشريط ويقلب رأسا على عقب في أقل من دقيقة، ما ذكره “المستشار”.

القاضي منير حداد ، يتهم هذا المستشار بالكذب والادعاء. وكان حداد أشرف على إعدام صدام حسين واستعان به نوري المالكي في البحث عن تكييف قانوني لإعدام مواطن عراقي صباح عيد الاضحى الامر المحرم وفقا للقوانين العراقية المعمول بها.

ويفسر حداد القرار بان الحاكم الأمريكي بريمر جمّد العمل بالقانون العراقي وبالتالي فان لرئيس وزراء العراق حينها الحق في توقيع حكم الإعدام وتنفيذه خلافا للاعراف والقوانين.

وبغض النظر عن البعد القانوني لقرار التنفيذ، وتهرب جلال طالباني من الإمضاء على كتاب الإعدام ؛ فان المالكي كان قرر تنفيذ الحكم تزامنا مع عرس نجله أحمد، ولا قيمة لكل التبريرات المتناقضة التي صدرت عنه وعن حاشيته من قبيل اكتشاف
” خطة أميركية ” لتهريب صدام وغيرها من الخزعبلات اللازمة للزمرة الحاكمة.
يستحق صدام حسين المحاكمة على كم هائل من الجرائم المرتكبة في عهده بحق كل العراق والعراقيين، والمفارقة ان مجرمين أميركان حاكموه، وأفراد عصابات أعدموه، دون ان يتركوا للضحية الكبرى؛ شعب العراق، فرصة التعرف على حقيقة ما جرى خلال قرابة أربعة عقود من حكم الرئيس الراحل؛ الذي فوجيء العراقيون وكذلك العالم بارتقائه المهيب لحبل المشنقة وسط هتافات تفوح برائحة الانتقام.

وفقا لمعلومات متطابقة، فان جهودا عربية وأخرى دولية بُذلت لتاجيل تنفيذ حكم الإعدام وان مستشارة الأمن القومي الأميركي كوندليزا رايس كانت على خط ساخن مع بغداد وعواصم عربية وعالمية؛ حتى اخر لحظات تسليم المارينز صدام حسين الى جلاديه في مبنى المخابرات السابق بمدينة الكاظمية.

ان روح الانتقام سمة أساس لسياسة الحكومات المتعاقبة على عراق ما بعد الاحتلال والى اليوم، فقد انتقم نوري المالكي واجهزته من صدام ومن ضباط وطياري الجيش العراقي ومن كل محسوب على النظام السابق بمن في ذلك شقيقان من مدينة المجر الكبير بمحافظة ميسان كانا يعملان في مطبخ أحد القصور الرئاسية، تمت تصفيتهما دون ذنب.

ومثلما مارس صدام حسين شتى صنوف الانتقام حتى مع أقاربه ورفاقه في الحزب؛ فان خلفائه واصلوا نهج الانتقام بتعميمه على ملايين العراقيين دون أستثناء، وكانوا بذلك يثأرون من شعب تحمّل آلام وويلات الحروب والحصار؛ بينما كانت الزمرة القادمة مع المحتل تتنعم بمساعدات بلديات وسلطات عواصم وحواضر أوربية وعربية كانت تربي ثيران عربة الاحتلال.
مر عقدان على غزو واحتلال العراق، أريقت خلالهما أنهار من الدماء.
” ولكن شكرا للرب لم ترق قطرة نفط واحدة”.
هكذا صرح يوما فيشر مندوب شركات النفط العاملة في العراق، معلقا على إنقلاب شباط 1963 الدموي في العراق.
ورد ذلك في كتاب الراحل إبراهيم كبة الموسوم ( هذا هو طريق 14 تموز).

رابط المقابلة

أحدث المقالات

أحدث المقالات