23 أكتوبر، 2024 7:24 م
Search
Close this search box.

نص مسرحية – الأيدي الملطخة

نص مسرحية – الأيدي الملطخة

اهداء
الى جميع من اتصل سائلا عن حالتي الصحية او كتب عبر الايميل او الفيسبوك اهدي مسرحيتي هذه التي هي احدى صرخاتي ضد التعسف اللانساني الذي يقطن البسيطة وخاصة في وطني
الشخصيات
الأب
الأم
البنت
الأبن الأول
الأبن الثاني
المهرب
شخصيات أخرى تظهر وتختفي بفعل الحاجة والزمن

سينوغرافيا العرض المفترض من قبل المؤلف ويمكنكم إلغاء كل ما دون أدناه والإتيان بما هو أفضل
تجزئ خشبة المسرح إلى أجزاء عديدة ومختلفة
1- تبنى على خشبة المسرح منصة عالية من ثلاث خلايا تشبه خلايا النحل وترتب ترتيبا تصاعديا وسنسميها بالمنصة الثانية ويكون موقعها على يمين المتلقي
2- تكون المنصة أعلاه مجوفة بحيث يمكننا استغلال المساحة السفلى لأداء مشاهد أخرى وستكنى بالمنصة الأولى
3- وعلى الجهة الأخرى تبنى منصة عالية أيضا من خمسة مثلثات ترتب ترتيبا تصاعديا ونطلق عليها بالمنصة الثالثة
4-  وتكون المنصة أعلاه مجوفة كسابقتها وتحيطها من جميع الجوانب نوافذ بحيث يمكننا استغلال المساحة السفلى لتجسيد بعض المشاهد ،ونطلق عليها بالسجن الثاني
5- ينطلق من وسط كل المنصتين ممرين  خشبيين وهما مرتفعان أيضا حوالي نصف متر لاستغلال أسفله في صناعة السينوغرافيا ومشاهد أخرى ليصل إلى عمق المسرح
6- تصنع دائرة خشبية تربط الممرين وبنفس الارتفاع لتكون حركة وانتقالات الممثلين سهلة بين منصة وأخرى إذا اقتضت الضرورة ونسميها المنصة الأساس وهي الأخرى مجوفة ومحاطة بالشبابيك وننعتها بالسجن الثالث
7- ستبني اغلب المشاهد على البقع الضوئية تعويضا عن مونتاج المشاهد كما يستخدم في الفيلم السينمائي

الإنماء الأول
ليل / خارجي وداخلي
نسمع من خارج خشبة المسرح صوت الأب والبنت
صوت الأب:وأخيرا وصلنا بيتنا
صوت البنت:بعد أكثر من عشرين عاما سأدخله لأشم رائحته أولا
الأب:(يدخل من عمق المسرح  مرتديا بزة عسكرية برتبة جنرال وعلى صدره العديد من الأوسمة ويجر خلفه حقيبة سفر كبيرة ماشيا على الممر اليمين ومتجها إلى المنصة الأولى )
كما قلت لك يا أبنت كل شيء على ما هو عليه
البنت:(تدخل خلف أبيها وهي الأخرى تجر حقيبة سفر اصغر من السابقة ماشية على الممر الأيسر وملتحقة بابيها ) كلا يا أبت
( وهي تشم المكان)
الرائحة ليست كما هي
الأب:(يضحك) بعد كل هذه السنين والرائحة تبقى على حالها ؟
البنت:اجل هذه الأمور لا تتغير، اعرف باني تركته منذ زمن ولكن صورته ورائحته وذكرياته كانت معي ليل نهار
الأب:(يحاول تغير الموضوع) اعتقد كان دخولك سهلا عبر الحدود ؟
البنت:حقا
الأب:كي تعرفي أهمية أبيك في هذا البلد
البنت:وما علاقتك بهذا الأمر؟
الأب: لأنهم عرفوا أبيك الناطق باسم الحكومة وصوتي وصورتي يوميا في جميع الصحف والفضائيات، وشاهدوا الرتبة العسكرية، وخلاف ذلك سوف لا يسمحون لك بالدخول بهذه البساطة
البنت:لدي جواز سفر سليم وهو نفس جواز سفرك إن لم يكن أكثر منه صحة، بل صدر من نفس المدينة وليست لدي أية مشكلة بالسفر إلى أي بلد
الأب:انك لا تعرفين حجم الذي حدث هنا
البنت:اعرف
الأب:يستحيل، أنت لا تعرفين شيئا
البنت:بل كل شيء
الأب:ما تسمعينه من أخبار ليس حقيقة ومصدرك الأخبار فقط أليس كذلك ؟
البنت:لا تنس بأنني اعمل في محطة فضائية الآن، وتصلنا الأخبار أول بأول، بل ما يصل إلينا أوضح وافضح، مما يصل إليكم 
الأب:(يبتسم الأب) أكيد وربما لهذا السبب أنت هنا؟
البنت:اجل لإنجاز فيلم وثائقي عن التغيرات الجديدة
الأب:يعني ليس شوقا لنا وللوطن
(يرد على اتصال عبر هاتفه النقال)
– اجل نحن في البيت،أشكرك
(يصغي)
وصلنا بأمان
(يصغي) 
ربما اتصل بك لاحقا
البنت:من هذا؟
الأب:ستعرفين فيما بعد، أين كنا
البنت:أنت أكثر العارفين بصلتي بكم فانا لا أتأخر بالاتصال بمن لي صلة بهم في هذا المكان الذي صارت مشاهدته بالنسبة لي فريضة
الأب:أنا مصّر على قولي بأنك……
البنت:وأنت تعرف إصراري، تذكر يوم اختلفت مع الجامعة وما كنت تسميه أنت بالمشاكل، واسميه أنا بالمواقف
الأب:هنا كل شيء تغير، ذهب عصر، ودخل علينا عصر جديد
البنت:(تحاول تغير الموضوع وهي تتجول في المكان ترد هي الأخرى على مكالمة عبر هاتفها الجوال)
اجل أستاذ
(تصغي)
وصلت بأمان وباشرت عملي
(تصغي) 
حاضر أستاذ
الأب:من هذا ؟
البنت:ستعرف لا حقا(برهة)أين صوري وصور أمي وأخوتي، الجدران عارية
الأب:بعد التغير، تغير كل شيء
البنت:وضح أكثر لابنتك
الأب:أولم تقولين بأنك تعرفين كل شيء، ها أنت تسالين، هناك…………….
البنت:أسالك أولا عن صور أخواني أين هي
الأب:(بتلعثم) موجودة ولكنها في المخازن
البنت:وهل يمكنني معرفة السبب
الأب:لان أصحابها داخل السجون
البنت:(كأنها تقدم إعلان فاتحة يديها وكأنها تمسك يافطة الإعلان)
الجنرال يغتال أبناءه، حقا انه أجمل عنوان لفيلمي الوثائقي

(إظلام)

الإنماء الثاني
نهار / داخلي
(في الحال تركز بقعة ضوء على المنصة الرابعة في بيت البنت وهي  واقفة والى جانبها أبيها الذي يرتب حقيبة سفره على يوم كانت خارج الوطن)
الأب:يبدو أننا لسنا مخيرين
البنت:هل هذا قرارك الأخير
الأب:ليس قراري ولكنه الأخير
البنت:تتركني وحدي ؟
الأب:انه الوقت المثالي للعودة للوطن
البنت:القرار لك ولكن………….
الأب:سأكون معك على تواصل حتما……………….
البنت:ربما إلا أني…………..
الأب:لا تخافين على أبيك
البنت:الخوف ليس عليك ولكن………….
الأب:سأرتب كل متعلقاتك قبل سفري
البنت:(تضحك) تعرفني جيدا باني لست بحاجة ولكن يا أبت……..
الأب:اترك عندك ما تريدينه من مال
البنت:يبدو انك نسيت، لا أنا ولا أنت بحاجة إلى المال، إننا نأكل ونشرب بسلام ودون عوز
الأب:(يكمل حقيبته وينتصب واقفا)
سأعود إلى الوطن وهذا قراري وقرارهم النهائي
(يحمل حقيبته ويخرج)
البنت:اعرف ذلك ولكن
( إظلام يعم مكانهما وبالوقت نفسه تتم العودة إلى الإنماء الأول..حيث لازالت البنت وكأنها تمسك يافطة الإعلان )

عودة إلى الإنماء الأول
ليل / داخلي
البنت:كل شيء عاد كما كان قبل هربك
الأب:لم تتغيري أبدا لازال لسانك ليس لك، ولكن الأشياء تغيرت وهنا ليس كما كنا هناك
البنت:تهددني يا أبت
الأب:أنصحك فقط حفاظا عليك كما نصحت أمك التي لم تصغ إلي
البنت:(تصرخ)وماذا فعلت بها هي الأخرى وأين صورها؟
الأب: ولأنها رفضت البقاء معي لذا أخفيت صورها أيضا
البنت:هل سجنتها
الأب:كلا ولكن………….
البنت:ماذا أيها الجنرال
الأب:لم ترض التخلي عنهم وواكبت زيارتهم في السجن
البنت:ولهذا أتلفت صورها
الأب:بل خزنتها
البنت:اقسم انك أتلفتها، وأين هي ألان هل …………
الأب:مستحيل
البنت:إذا اشرح لابنتك ما حل بأمها في عصركم الجديد
الأب:لقد استأجرت بيتا قريبا من السجن ليسهل عليها الذهاب إلى الخارجين عن القانون ولو لم تكن أمك ل…….
البنت:اعرف رحمتك لا تحدثني عنها
الأب:ليس هكذا يا أبنتِ
البنت:وهل يعلم الجنرال خلف أية قضبان يقف الأبناء
الأب:(بصوت شبه مسموع)
اعرف
البنت:وهل زرت أبناءك في سجنهم وهل عرفت شكواهم وأي صنف من التعذيب يتلقون
الأب:(بنفس الطرية السابقة)
كلا
البنت:هذا واضح بالنسبة إلي، لأنك تخاف على هيبتك ومركزك في سلطة الوطن، ولكن هل يمكن معرفة سبب سجن أخوتي
الأب:لأنهم خرجوا عن القانون
البنت:أي قانون يا أبتِ؟ وهل تعتقد هناك قانون؟
الأب:اجل وعلينا جميعا الالتزام به أنا وأنتِ وهم دون استثناء
البنت:وزوجتك التي حرصت عليك وعليهم ؟
الأب:قلت لك سكنت بيتا قريبا من السجن لأنها……….
البنت:تزورهم يوميا ولهذا اختارت بيتا قريبا منهم
الأب( بخجل)
اجل
إظلام

الإنماء الثالث
نهار / داخلي خارجي
(في السجن الأول، تشغل إضاءة حمراء لتكشف عن غرفة السجن الانفرادي وقضبانها تحيط بالدائرة ووسطها يجلس الأب القرفصاء ولا يقوى على الوقوف..وفي العمق عند التقاء الممرين ومن الأسفل أيضا نشاهد راس  الأم التي تتحاور مع صوت ضخم  يدوي في أرجاء القاعة والمسرح وكأنه قادم من عمق كهف)
الأم:أرجوك
الصوت:للمرة الألف أقول لك:لا نعرف شخصا بهذا الاسم
الأم:لا ترحم بي بل بأطفاله فهو معيلنا الوحيد
الصوت:يبدو انك لا تفهمين، ربما غرضك إزعاجنا
الأم:مستحيل لا اطلب منكم غير الإجابة على سؤالي، لان زوجي اختفى وهو يمشي في الشارع وقالوا بان ……….
الصوت:ربما صدمته سيارة ومات، أو انتحر أو رمى نفسه في النهر وربما يكون زوجك مجنونا هائما في الشوارع
(خلال هذا المشهد يبقى الأب جالسا دون حركة لأنه لا يعرف ماذا يحدث خارجا)
الأم:هذه ليست صفاته، اعرفه جيدا
الصوت:إذا ابتعدي وإلا أشبعتك ضربا
الأم:إذا ضربتني تكون العاشر الذي يمارس هواية الضرب معي ولا اعتقد بأنك الأخير، وأنا امرأة ليس لي سوى سؤال
الصوت:وما هو؟
الأم:دلني إن لم يكن مسجونا عندكم فأين يمكنني البحث عنه
الصوت:ابحثي عنه في الجحيم
الأم:أشكرك
(إظلام سريع على الزوجة واختفاء الصوت مع اختفاء تدريجي لمشهد السجن الانفرادي)

عودة إلى الإنماء الأول
ليل / داخلي
البنت:وهل زرت بيتها أم انك تخاف على منصبك أيضا
الأب:كلا، حال خروجها من هنا زرتها في خرابتها
البنت:خرابتها ؟
الأب:اجل ولهذا رجوتها بان تعدل عن قرارها والعودة إلى بيتها القديم، لكنها عنيدة
البنت:تعني أصيلة وصادقة ووفيّة
الأب:(بصوت عال) كان عليها أن لا تقف إلى جانب من لم يحترم العصر الجديد
البنت:هل أذكرك إن نسيت ؟
الأب:بماذا؟
البنت:أو صمتي يكون ابلغ إليك
الأب:ذكريني فان مهامي أنستني حتى اسمي
البنت:هذه المرة الأولى التي تقول فيها كلمة حق
الأب:ذكريني أرجوك
البنت:قبل أن أذكرك لدي سؤال، ترى هل يمكنني سؤالك
الأب:أكيد
البنت:من أين لك رتبة الجنرال، وأنت لم تكمل الإعدادية بسبب اعتقالك حسب ما كنت تسرد حكاياتك البطولية علينا
الأب:ها أنت تذكرين نضال أبيك وسنوات الاعتقال في سجونهم المظلمة
البنت: وما علاقة النضال برتبتك العسكرية ؟
الأب:ومن أصلح باستلام المناصب القيادية
البنت:للمرة الثانية تقول قولت حق (مع نفسها) ولهذا فقد البيت رائحته الأصيلة
الأب:هل قلت شيئا ؟
البنت:كلا، فقط أراجع ما قلته وأقارنه بأبنائك السجناء (برهة) هل تسمح لي أيها الجنرال بسؤال آخر
الأب:من حقك ولا تنسي نحن في عصر جديد

إظلام
الإنماء الرابع
ليل / داخلي
 (على المنصة الرابعة ونفس أجواء الإنماء الثاني يجلس الأب وابنته وهما يحتسيان الشاي ويشاهدان التلفاز)
الأب:الفرق كبير، كلما اشعر بلحظة سعادة، هنا أتذكر أيام السجن هناك
البنت:أتمنى أن تنسى يا أبتِ
الأب:مستحيل لأنها حفرة في الذاكرة
البنت:حاول قضاء أيامك هنا بسعادة
الأب:أشبعوني ضربا وأهانوا كرامتي كنت أنام مع أكثر من 100 سجين وبالكاد يجد جسدي مكانا له، وإذا ازداد العدد نقسّم الليل بيننا، مجموعة تنام، وأخرى تقف، وهكذا حتى طلوع الصباح
البنت:أتمنى أن لا تتكرر هذه الأيام
الأب:مستحيل أن تعود هذه الوحشية
البنت:ولكنها منحتك تجربة حقيقية وصلابة أليس كذلك ؟
الأب:كنا ننام في المكان الذي نتبول فيه ولم نفرق بين الرواح الزكية والكريهة
البنت:اترك هذه الأيام السود وحاول ممارسة الحياة حتى ولو بالكلمات
الأب:أتمنى
(إظلام تدريجي)

عودة إلى الإنماء الأول
ليل / داخلي
البنت:يقال بان السجون فاقت عدد المدارس
الأب:قد يكون صحيحا وهذا من اجل الحفاظ على النظام
البنت:وهل تعلم في أي سجن يناموا، أو يقف أبناءك، كما كنت تقف حتى طلوع الصباح
الأب:اجل اعلم
البنت:هل السجن هو نفس السجن الذي ناضلت فيه من قبل؟ وهل يمسك أبنائك القضبان نفسها الآن؟
الأب:(بخجل وبصوت منخفض) اجل
البنت:(بحزن)أشكرك، حقا ذهب عصر وجاء عصر جديد
الأب:لو انك تجولت في الشوارع والأزقة لعرفت قيمة التغير
البنت:حتما سأتجول في الشوارع والأزقة التي تعنيها
الأب:الآن بدأنا نتفق
البنت:أكيد
الأب:ومتى ستلتقين الناس
البنت:عندما تطلق سراحي
الأب:وهل أنت سجينة ؟
البنت:اجل
الأب:أنت أبنتِ وجميع طلباتك مستجابة
البنت:وهم أبناءك أيضا(برهة) هل يمكنني إضافة سؤال آخر
الأب:(يضحك)ها أنت تمارسين الصحافة معي………….
البنت:أنا باحثة عن الحقيقة والصحافة عملي
الأب:(يضحك أيضا) أية حقيقة (برهة)أنا مثلك ابحث عنها ولكنها تهرب مني
البنت:لأنك لا تريد الإمساك بها
الأب: يمكنك إضافة سؤال آخر للإيضاح
البنت:اشكر تعاونك
الأب:(بشكل رسمي )
هذا واجبنا
البنت:ترى هل دفعكم واجبكم لتنظيم إحصائيات
الأب:(بسرعة)أكيد لقد كانت إحصائيات الانتخابات السابقة………..
البنت:اعرف كل إحصائيات الانتخابات السابقة واللاحقة، ولا أريد أن أسالك عنها
الأب:إذا عن أية إحصائيات تسالين
( بخطابية)
أبناء الوطن ازداد عددهم بسبب الرخاء والترف……….
البنت:عليك أن تعرف باني ابنتك التي تسألك وليس صحفيا عابرا يستدعيك لهذه الشعارات
الأب:أراك حاقدة على أبيك، هل حجرت الغربة قلبك

(إظلام تدريجي )
الإنماء الخامس
نهار / خارجي
(على المنصة الثانية تقف البنت وبيدها هاتفها النقال وعلى المنصة الرابعة الأب واقف إلى جانب”كابينة”الهاتف الخارجي وبيده سماعة الهاتف أيضا)
البنت:أخاف عليكم، عليك أن تحترس يا أبتِ
الأب:اتصل بك من هاتف خارجي
البنت:قد يكون مراقبا أيضا
الأب:المهم لا وقت لدي أريد الوصول إلى عمك
البنت:(تضحك بهدوء وهي تضع يدها على سماعة الهاتف)
يقصد الوصول إلي هنا يحاول استعمال شفرات، حسنا يفعل
( تواصل الحديث مع أبيها)
كما تعلم بان عمي مستعد لاستقبالك وسيسعى إلى وصولك إليه بخير وسلام
الأب:اعرف طيبته انه تربيتي
البنت:(تضحك لكنها تتدارك الموقف)
حقا انه أخيك الصغير
( إظلام في الجانبين وبالحال يضاء المشهد الرئيس)

عودة إلى الإنماء الأول
ليل / داخلي
البنت:هل تصدق باني لازلت أخاف عليك
الأب:(يضحك)تخافين عليّ وأنا…………….
البنت:لهذا السبب ازداد خوفي
الأب:أنا الذي أخشى عليك من أفكارك التي ستقودك إلى التهلكة
البنت:لا تنسى إنها ثمار أفكارك، لم أكن اعرف شيئا عن الوطن والناس الفقراء والمظلومين والمساكين، لو لم تشرح لي كل هذا، كنت الأرض الخصبة لأفكارك
الأب:(يشعر بالاعتزاز) شكرا لك يا أبنت على هذا المديح
البنت:لكنك لست هو
الأب:أنا بعينه
البنت:كيف؟ وأنت الذي أصدر قرار السجن والنفي، هذه ليست أفكار أبي، أسالك بالله هل غيروا لك ( تشير إلى الرأس)…………….
الأب:(يصرخ بها) إلى هذا الحد وكفى عليك معرفة حدودك، إن لم تضع اعتبارا لأبيك، وجوبا عليك احترام الجنرال الذي إذا مشى في درب تهتز له الأكتاف
البنت:إلا كتفي
الأب:أنت مغرورة ومصيرك…………
البنت:السجن
الأب:كلا
البنت:لأنك لا تستطيع، هناك من يفضحك ويطالب بي، لكن المساكين اللذين ضحوا بحياتهم من اجل رجوعك، لتستحوذ على رتبة الجنرال
الأب:لكل واحد منا دوره في هذه الحياة………..
البنت:الحياة(تكررها) الحياة التي حفظت دور الأقوياء فقط، والقادة الذين يقودون الرعية إلى التهلكة، كي تسجل في النهاية كل الانتصارات بأسمائهم
الأب:لا أتذكر باني سممت عقلك بهذه الأفكار
البنت:أنا أبنت هذه الحياة التي علمتني الكثير، ولا تنس الغربة ذلك الدرس البليغ
الأب:تغربت معك وذقت وحشة الليالي
البنت:أيها الجنرال سأنسى كل شيء، واعتبر نياشينك هي اقل ما تستحق، إذا ذكرت لي خمسة أسماء ممن أعدمهم الجنرال السابق بحجة أنهم يؤيدون أفكاركم، كي ازور عوائلهم وأسجل واقع الظلم السابق
الأب:(بهستيريا)هل أنا في امتحان؟ ليس من حقك محاورتي بهذه الطريقة
البنت:(ببرود) علمّني إذا بأية طريقة يمكنني مخاطبة حضرتك
إظلام تدريجي

الإنماء السادس
ليل / داخلي
تكشف الإضاءة المعتمة بعض الشيء عن السجن الأول والثاني بوجود القضبان التي تحيط بعدد من السجناء المرميين على الأرض بشكل غير منتظم ومن الأول ينهض الأب ومن الجهة المقابلة ينهض سجين آخر في الوقت نفسه محاولان عدم إيقاظ السجناء الباقين..يمسك الأب صحنا فارغا ويمسك الآخر علبة نفايات فارغة..يضرب الأب ضربة على القضبان محدثة صوتا ويجيبه الآخر ويضرب الأب ضربتين ويجيبه الآخر وهكذا حتى يحدثا إيقاعا
الأب:(بصوت منخفض ) هلو
السجين الثاني:(بصوت منخفض أيضا) أهلا
الأب:هل تسمعني؟
الثاني:اجل
الأب:لازلت حيا؟
الثاني:ها إنني أتحدث معك
الأب:منذ متى وأنت هنا؟
الثاني:لا اعرف، وأنت؟
الأب:اعتقد منذ خمسة سنوات أو عشرة، أتذكر كان نهارا ويوما مشمسا ثم اختفى الضوء حتى الساعة
الثاني:كل الذين معي لا اعرفهم لأنهم وجوه جدد الكل يختفون ولا اعرف أين يرحلون
الأب:أحيانا أتمنى إن ارحل معهم بالرغم من إني لا اعرف مصيرهم كم مللت هذا السجن
الثاني:ولم أنت مسجون؟
الأب:أتمنى أن اعرف وأنت؟
الثاني:قالوا لي أنت سياسي
الأب:وهل صدقتهم؟
الثاني:طبعا وهل أستطيع الرفض
الأب:يعني أنت سياسي
الثاني:كلا
الأب:ولماذا صدقتهم ؟
الثاني:لأنهم أرادوا ذلك
الأب:(بصوت منخفض)
صحيح وهل هتفت بحياة الرئيس
الثاني:في كل تحقيق وقبل أن يسألوني أو يطلبون مني بل حال دخولي غرفة التحقيق اهتف بحياة الرئيس، وأنت
الأب:أنا مثلك وقد أزيد على ذلك أحيانا
الثاني:لا خيار لنا 
الأب:ولهذا نهتف بحياته
الثاني:لم اصدق بأنني أحدّث شخصا في هذا العالم، هل أحدّثك عن يوم اعتقالي ؟
الأب:أسمعك قل
الثاني:اعتقلوني لأنني احمل كتبا
الأب: ممنوعة؟
الثاني:لا اعرف
الأب:هذه هي المشكلة، إننا لا نعرف
الثاني:هل أنت محكوم أم تنتظر
الأب:محكوم بالمؤبد وليتهم يشنقوني وانتهي من هذا العذاب
الثاني:من طالب بإعدامي هو نفس المحامي الذي وضعوه للدفاع عني، ما أن تحدث قال:
-:إن هذا الماثل أمامكم هو ابن زنا
الأب:وطالب بإنزال أقسى العقوبات بحقك
الثاني:هل كنت موجودا؟
الأب:ربما نفس المحامي أو نفس التعليمات
الثاني:المهم كلانا ينتظر الآن
الأب:اجل ولكن ماذا؟
إظلام

عودة إلى الإنماء الأول
ليل / داخلي
الأب:(يحاول تغير الموضوع)
لم أتناول العشاء اليوم وقلت لنفسي:ليس هنالك عشاء أشهى وأطيب من الذي تقاسمك فيه ابنتك حبيبتك
البنت:(تبادله الشعور نفسه بناء على رغبته في التغير)
دلني على المطبخ وساعد العشاء حالا
الأب:المطبخ في مكانه لم يتغير
البنت:بالنسبة إليك
الأب:(محافظا على هدوئه)
كيف أتعبك وأنت القادمة اليوم من السفر، قبل ذهابي إلى المطار طلبت العشاء من المطعم المجاور لبيتنا هل تذكرينه الآن صارت له فروع في كل مكان، هل اتصل به الآن العشاء جاهز
البنت:اتصل به أرجوك ، سأقوم بإعداد الطاولة (تحاول فتح حقيبة سفرها)
الأب:ما الذي تفعلينه
البنت:جلبت معي بعض الشراشف لامي، التي كانت تعتني بك وتحب النظافة والترتيب
الأب:لا عليك من أمك الآن لدي أغطية استعمله يوميا، وهي نضيفة
(يخرج غطاء باليا من تحت الدائرة الوسطية ويرميه على الأرض)
افرشيه هنا يشير إلى الدائرة الكبيرة
البنت:(تمسك الأغطية بتقزز ولكنها تضعه على الدائرة في نهاية الأمر) اختلاف كبير
الأب:(في الوقت الذي ترتب البنت الغطاء يتصل بإدارة المطعم)الو..مساء الخير(يصغي)عرفتني(يصغي)جميعكم تعرفون صوتي لأنني زبونا دائما
البنت:(تصغي إلى المكالمة وتحدث نفسها)
أعرفك جيدا لا تعرف الطبخ، ولا تريد المعرفة، لذا تعتمد على من يطبخ إليك
الأب:(يتواصل بمكالمته)اجل لو سمحت
(يصغي)
نعم
(يصغي)
الآن
(يصغي)
ولا تنسى المقبلات
(يصغي) لدي ضيف عزيز
البنت:(مع نفسها أيضا)ضيف أيها الجنرال انه بيتي
الأب:(يغلق سماعة الهاتف)كل شيء جاهز ثواني ويصل العشاء، هل تشربين الماء أو العصائر مع الأكل
البنت:أفضل الماء أيها…………
الأب:دعينا نأكل دون ألقاب
البنت:إذا أريد ماء
الأب:(يهم بالخروج)نحن لا نشرب إلى ماء صحي
البنت:أكيد ويستوردونه لكم أيضا
(يبتسم الأب وكأنه لم يسمع شيئا..يخرج)
إنها الحقيقة
(تبقى وحدها تتجول في المكان )
الماء مستورد، والعشاء يعدونه لكم، ويديرون مدارسكم وجامعاتكم وسجونكم، ويمنحونكم راتبا بالمجان
الأب:(يدخل وبيده قنينة ماء صحي مع قدحين يضعهما على الطاولة وفي الحال يرن جرس الباب)
وصل العشاء
(يتجه إلى نفس المكان الذي دخل منه هو والبنت )
البنت:كم حلمت بان يكون عشاءي الأول من طبخ أمي، إلا انه عشاء جاهزا وأمي………..
الأب:(يدخل حاملا العشاء المسلفن)لا تحدثين نفسك كالمجنونة
البنت:كل شيء هنا يدعو إلى الجنون
الأب:(يعود إلى محاوله في تغير الموضوع ويبتسم ابتسامة مفتعلة)
إلا هذا العشاء الفاخر
(يفتح السلفان بهدوء وكأنه سيكشف عن سحر لتظهر وجبة الطعام الفاخرة والتي تكفي لعشرة أشخاص)
إنني لا أستطيع المقاومة
إظلام
الإنماء السابع
ليل / داخلي
نكرر مشهد الإنماء السادس في كل شيء سوى بتغير السجناء..قضبان سجن على جانبي المسرح تحيط بعدد من السجناء المرميين على الأرض بشكل غير منتظم ومن السجن اليمين ينهض السجين الأول ومن الجهة الأخرى ينهض السجين الثاني في الوقت نفسه محاولان عدم إيقاظ السجناء الباقين، يمسك الأول صحنا فارغا ويمسك الآخر علبة نفايات فارغة..يضرب الأول ضربة على القضبان محدثة صوتا ويجيبه الثاني ويضرب الأول ضربتين ويجيبه الثاني وهكذا حتى يحدثا إيقاعا
الأول:(بصوت منخفض ) هلو
السجين الثاني:(بصوت منخفض أيضا) أهلا
الأول:هل تسمعني؟
الثاني:اجل
الأول:لازلت حيا؟
الثاني:ها إنني أتحدث معك
الأول:منذ متى وأنت هنا؟
الثاني:لا اعرف، وأنت؟
الأول:ربما شهور أو سنوات
الثاني:كل الذين معي لا اعرفهم لأنهم وجوه جدد الكل يختفون ولا اعرف أين يرحلون
الأول:أحيانا أتمنى إن ارحل معهم بالرغم من إني لا اعرف مصيرهم كم مللت هذا السجن
الثاني:ولم أنت مسجون؟
الأول:أتمنى أن اعرف وأنت؟
الثاني:قالوا لي أنت إرهابي
الأول:وهل صدقتهم؟
الثاني:طبعا وهل أستطيع الرفض
الأول:يعني أنت إرهابي
الثاني:كلا
الأول:ولماذا صدقتهم ؟
الثاني:لأنهم أرادوا ذلك لم نصدق بسقوط الرئيس السابق
الأول:كم حلمت بيوم الخلاص ولكن يبدو أنني كنت ساذجا
الأول:(بصوت منخفض)كن حذرا السجون الآن اخطر
الثاني:لم أسمعك هل قلت شيئا
الأول:كلا كنت أحدّث نفسي
الثاني:لم اصدق بأنني أحدّث شخصا في هذا العالم، هل أحدّثك عن يوم اعتقالي ؟
الأول:أسمعك قل
الثاني:اعتقلوني لأنني احمل كتبا
الأول: ممنوعة؟
الثاني:لا اعرف
الأول:هذه هي المشكلة، إننا لا نعرف
الثاني:هل أنت محكوم أم تنتظر
الأول:انتظر وأنت؟
الثاني:مثلك انتظر ولكن لا اعرف أي شيء
الأول:ربما النهاية
الثاني:عسى أن تأتي
الأول:أفضل من هذا الظلام
الثاني:المهم كلانا ينتظر الآن
الأول:اجل وهذا هو الألم
إظلام

عودة إلى الإنماء الأول
ليل / داخلي
الأب:(وهو يلملم بقايا الطعام)
كيف كان العشاء ؟
البنت:لذيذ ولكن ليس كما حلمت به
الأب:حتى العشاء حلمت به؟
البنت:وكأنك نسيت الغربة؟كم مرة حدثتني عن أشهى الأكلات والنكهات التي لم نتذوقها هناك؟هل نسيت يوم كنت تمسك بالفاكهة الكبيرة التي تشبه البلاستك وكنت تقول للفاكهة في الوطن طعم آخر
الأب:هنا كل شيء له طعم
البنت:(وكأنها غير مقتنعة بإجابته)صحيح
الأب:غرفتك مرتبة أحسن ترتيب، رتبتها لك الخادمة
البنت:الخادمة؟
الأب:بل الخدم
البنت:(تضحك بهستيريا)حقا نحن في عصر جديد
الأب:وأين المشكلة؟
البنت:هل نسيت يوم كنت تحتج على الدول الغنية التي تستخدم الفقراء بأبخس ألاثمان
الأب:ولازلت احتج على هذا الاستغلال
البنت:احتجاجك الأكبر هو على التسمية، لم ترض بتسميتهم بالخدم وكنت تقول:هذه كلمات ماتت مع عصور الظلام،
الأب: ويجب استخدام كلمة عاملة أو موظفة لأنها أكثر احتراما
البنت:إذا ما الذي تغير، في بيتك خدم وليس موظفين
الأب:تعودت على ذلك بعد أن ناداهم الجميع بالخدم حتى صارت مشاعة بيننا
البنت:هذه مشكلة أخرى، التعود، إنها المفردات المستوردة للعصر الجديد
الأب:(مع نفسه)يبدو أننا لا ننتهي من هذا
(إلى البنت)
هل تودين مشاهدة غرفتك الآن أم………..
البنت:أريد الذهاب إلى أمي أولا
الأب:هذا مستحيل الآن، سيغتالونك لأنك قادمة من دولة……
البنت:يبدو أن البلد امن بوجودكم
الأب:لا تنسي إنها فترة ولادة وستنتهي

إظلام

الإنماء الثامن
نهار / خارجي
على المنصة الثانية، جنديان بكامل قيافتهم الحربية يحرسان بوابة سجن كبير تمتد جدرانه على جهتي المشهد، وتعلوه أسلاك شائكة، على مسافة ليست بالبعيدة الأم تجلس القرفصاء ممسكة بيديها بضعة أكياس من القماش
الأم:(تنهض بهدوء متجه صوب الجنديين)
هذه الساعة الثالثة وأنا انتظر
الجندي الأول:اعرف
الأم:صدقني يا ولدي……….
الأول:(يصرخ بها) لست ولدك ولا تكرريها ثانية وإلا……..
الأم:انه يوم الزيارة وان لم تصدقني انظر إلى هذه البطاقة
(تبرز له بطاقة صفراء )
التي فيها كل التواريخ
(تدفعها إليه وفي الحال يأخذها الجندي الثاني)
الجندي الثاني:(وهو يأخذ البطاقة)
اعرف انه يوم الزيارة لكنها أوامر، قالوا لنا ممنوع أية زيارة الآن
الأم:سخنت لهم الأكل والآن قد برد……….
الأول:إن لم تكف عن هذه التخاريف فسأرمي الأكل إلى الكلاب
الأم:منذ يومين وأنا أعده لهم جمعت كل ما يحبونه
الثاني:قلت لك يا أمي ستدخلين، ولكن بعد أن يسمحوا لنا بفتح الباب
الأم:ولماذا ؟
الثاني:لان ال……………
الأول:هل أنت مجنون؟هل تعرف من هي حتى تشرح لها الأسباب، قل لها ممنوع وكفى
الأم:هون عليك يا ولدي، أنا أم وقلبي مفجوع وأمك….
الأول:إن تحدثت عن أمي سأفرغ بندقيتي في راسك
الثاني:(يقترب منها ويهمس بإذنها)
حال خروج لجنة التفتيش من الباب الخلفي سأسمح لك بالدخول
الأول:هل تخبرها بأسرارنا
الثاني:كلا أقول لها إن مر الأمر بسلام يمكنك الدخول
الأول:وان كانت اللجنة شديدة فسيتعفن الأكل حتما ( إلى الأم)في أي سجن ابنك
الأم:تعني أولادي
الأول:المهم ابنك أولادك زوجك
الأم:(بحسرة)كلا أولادي فقط، لا اعرف في أي سجن
الثاني:عسى إن يمر اليوم بسلام علينا وعليك
الأول:إذا كيف تذهبن إلى داخل السجن؟
الأم:في المرة الأولى لم اعثر عليهم وقضيت يومي بالبكاء والسؤال والتوسلات وبعدها تعودت على الطريق
الثاني:هل هم محكومين أو موقوفين
الأم:موقوفين
الأول:ولماذا هم في السجن ؟
الأم: لا اعرف
الثاني:(يتحاور عبر الجهاز المعلق على كتفه)
نعم سيدي، حاضر سيدي، تأمر سيدي
(إلى الأول)
الأمور لا تبشر بالخير
( إلى الأم)
لا اعتقد بأنك ستدخلين اليوم
الأم:ماذا؟
الثاني:الأوامر تقول ممنوع الدخول
الأم:ومتى يمكنني زيارتهم
الأول:في الشهر القادم
الأم:يبدو انك لا تعرف معنى شوق الأم، شهر آخر واني احلم كل ليلة باحتضانهم وتقبيلهم وأنت تقول الشهر القادم
الثاني:أنها أوامر
الأم:أللعنة على……………

إظلام

الإنماء التاسع
نهار / داخلي
(البنت في مكتب مدير القناة تقف هي على جهة وهو في الجهة المقابلة)
المدير:لقد تمت الموافقة على إيفادك
البنت:أشكرك
المدير:ستزورين بلدك وفي الوقت نفسه تعملين فيلما وثائقيا
البنت:كنت أتمنى دخول الوطن ساعة التغير
المدير:وقتها كانت الأمور معقدة ويصعب على قناتنا توفير أية حماية لك
البنت:وهل هناك أية حماية الآن
المدير:الأمر مختلف الآن ولهذا وافقت اللجنة عليك لأنك تعرفين بلدك وتجيدين لغته ولا يعتبرونك أجنبية ولك سكن وهذا كله من صالح القناة
البنت:اعرف إنكم مستفيدين من رحلتي ولكن رغبتي بزيارة البلد ومعرفة آخر التغيرات قد تساوي رغبتكم أو تزيد عليها
المدير:يمكنك استلام الكاميرا وجميع مستلزماتها
البنت:سأستلمها بالحال وحال دخول الوطن واعتبارا من الحدود ستكون بداية فيلمي الوثائقي
المدير:اهتمي بالتفاصيل
البنت:بالمسؤولين والفقراء والمترفين والمسحوقين
المدير:إذا التقيك بعد عودتك
إظلام
الإنماء العاشر
ليل / داخلي
(الأم مع ابنيها على المنصة الثالثة ثم يلتحق بهم المهرب )
الأم:هل تصدقان بأنه سيأتي
الأول:أكيد
الثاني:ليس لأنه شريف وملتزم وصاحب كلمة
الأول:لأنه مستفيد
الأم:المهم يهرب أبيكم من سجنه، وجميع طلباته سهلة
الأول:سيطلب أرقاما فلكية
الأم:وإذا كان كذابا
الثاني:نكون قد خسرنا أبينا ومالنا
الأول:ونكذب عليك إن قلنا نطالبه بأي شيء، لأنه نذل ويمكنه تلفيق أية تهمة لنا جميعا ويضعنا في السجن، ونفقد في هذه الحالة من سيدفع الرشوة لإخراجنا(يرن جرس الباب)
الثاني:(بسخرية) رجل شهم وملتزم
الأول:دقيق في موعده هذه دلائل نذالته وحرصه على رشوته
الأم:كفى عامله بلطف لأننا بحاجة إليه
الأول:وهل املك غير ذلك
صوت ألثاني:(يذهب لفتح الباب.يختفي…نسمع صوته )
أهلا أستاذ نورت البيت
(يدخل رجل سمين قصير ذي شارب مرتديا ملابس عسكرية ويعقبه الثاني)البيت بيتك
الأول:(يستقبله بلطف مفتعل)لا اصدق حضرتك في بيتنا، كان عليّ فرش البساط الأحمر قبل قدومك
المهرب:اسكت تريد تضيّعنا لا بفرش البساط الأحمر إلا للرئيس
الأم:تفضل أستريح يا ولدي هل تشرب شايا
المهرب:كلا إنني على عجل لدي واجب اليوم ولأنني أعطيتكم كلمة وقلت لنفسي يا هذا عليك الذهاب إليهم
الأول:(بنفس الإيقاع السابق) نبيل
الثاني:ولأنك على عجل، فأسالك إذا:ما هو السبيل لتهريب أبي من السجن
المهرب:سهلة
الأم:يا لك من رجل طيب
الأول:(ينظر إلى أمه باستخفاف)
لا تتعجلي( إلى الرجل)وماذا علينا فعله
المهرب:شيء بسيط
الأم:طيب ولا وجود لأمثالك
المهرب:قائد السجن وبعض من حراسه يطلبون مالا(بدهاء) اقسم لكم لا استلم منه شيئا سوى فعل الخير، أتمنى أن اخلص أبيكم من الموت كي يكون ضميري مرتاح
الأول:والمطلوب؟
المهرب:خمسة ملايين
الأم:(تصرخ)ماذا؟
الثاني:لكننا لا نملك مليونا واحدا
المهرب:بهذه الطرية اذهب إلى واجبي واخبرهم بفشل زيارتي(بدهاء أكثر من قبل) ولكن لا أريد أخافتكم وأقول:انسوا أبيكم ولا تفكروا بوجوده في الحياة
الأم:(بتوسل)أرجوك يا ولدي ساعدنا، أرشدنا ماذا نفعل
المهرب:بسيطة
الأم:(فرحة) كيف ؟
المهرب:هذا البيت ملككم؟
الأم:(بسرعة)اجل
المهرب:اعرف شخصا يشتريه وبسرعة
الأم:اتصل به إذا
الأول:(يصرخ بها) مستحيل يا أمي
الأم:والحل؟
الثاني:(إلى الأول) لنفكر بعقل(إلى الرجل)سأعطيك الجواب اليوم ليلا
المهرب:(وهو يخرج)كل يوم تأخير يزداد الخطر على أبيكم (يخرج)
الثاني:حياة أبي هي الأهم والبيت يمكننا تعويضه
الأول:أكيد ولا اعتراض على ذلك، لكنهم يستغلوننا أنهم سفلة أوغاد
الثاني:ولا اعتراض على ذلك أيضا
الأول:وأين نسكن؟
الأم:لدينا ارض في الريف ويمكننا بناء غرفة أو غرفتين من الطين ونتحمل السكن فيها
الثاني:ولا تحسبوا حساب أبي لأننا سنهربه خارج الوطن حتما
الأم:كيف
الأول:نتصل بها وهي تتكفل بالباقي، هذا إذا خرج طبعا
الأم:(تتقدم إلى وسط المنصة وبقرار)
سأبيع البيت ويخرج، اذهب له يا ولدي واخبره بقرارنا

إظلام

عودة إلى الإنماء الأول
ليل / داخلي
البنت:كنت تحلم بالعودة من اجل نقل كل ما شاهدته أو تعلمته من تطور هناك
الأب:كنت
البنت:والآن ؟
الأب:محاولة التغير صعبة لأنها تصطدم بالرفض دائما
البنت:وسكك القطارات ومترو الأنفاق الذي كنت تقول عنه
-:(تقلد صوته)يوم تتوفر خدمة القطارات هناك ستتحسن صلة الرحم وسيزور الأخ أخيه
الأب:ويوم تتوفر خدمة مترو الأنفاق سنتسابق مع الزمن
البنت:القرار بيدكم وانتم من يحكم البلد
الأب:بالشكل فقط
البنت:هل انتم دمى
الأب:ليس بهذا الشكل ولكن (بصوت منخفض)القرار الأخير ليس لنا
البنت:في البناء يكون القرار ليس بيديكم ولكن في  موت الناس تتسابقون في البطولات
الأب:(بشدة وصوت عال)
هذا اتهام لا اقبله
البنت:هناك من سيعرف الحقيقة ذات يوم إن كان هذا اتهاما أو جريمة منظمة
الأب:اشعر بالتعب وعلي أن ارتاح
(يدخل إلى العمق ويختفي)
البنت:(وحدها) بداية الهروب ولكني سأستجوبهم جميعا
إظلام
الإنماء الحادي عشر
ليل / داخلي
(الأب داخل السجن الأول ماسكا القضبان وفي كامل حزنه، ومن على المنصة الثانية ينزل المهرب ليكون في مواجهة الأب)
المهرب:أنت
الأب:من (يتلفت يمينا وشمالا) أنا ؟
المهرب:لم أر في حياتي رجل محظوظ مثلك
الأب:(بفرح) حقا؟ كيف؟
المهرب:لديك محكمة بعد يوم غد صباحا ولا تنسى ترتيب حالك
الأب:هي نفس الملابس مذ يوم دخلت
المهرب:لا عليك قبل وصولك للمحكمة ستستلم ملابس جديدة(بهمس)وهناك من سيرتب الأمر
الأب:(بجهل)كيف؟
المهرب:زوجتك وولديك يعرفون كل التفاصيل المهم استعد أيها المحظوظ
الأب:حاضر
المهرب:(بهمس أيضا)عليك الاختفاء عن الوجود لأنه خطر علينا جميعا
الأب:كيف؟ لم اعد افهم شيئا
المهرب:ستفهم لاحقا
إظلام

عودة إلى الإنماء الأول
ليل / داخلي
الأب:(وهو يضحك) هل تصدقين باني لم اعرف أية تفاصيل عن التهريب  إلا بعد وصولي إليك
البنت:كل هذا كان من اجل سلامتك، ولكن متى عرفت قيمة تضحياتهم ؟
الأب:(بسرعة) كما قلت لك حال وصولي…………
البنت:وما أن وصلت إليهم إلى هنا كافأتهم وأودعتهم السجن
الأب:عدنا ثانية
البنت:إني أسالك فقط
الأب:إن استمرت أسئلتك على هذه الحال ستكون النهاية غير طيبة
البنت:تهددني ثانية؟
الأب:(يحاول تغير الموضوع)
كلا اعني أننا لا نستطيع التفاهم
البنت:(تقلده بعد أن تتخذ زاوية بعيدة عنه)
كم احلم بإدخالهم المدارس والجامعات وأعلمهم أحسن تعليم
(تعود إلى حالها وتقترب منه)
طالما كنت تردد هذه الأحلام
الأب:لازلت احلم
البنت:(تقلده أيضا)ابني لهم مراكز تعليم وترفيه وأسكنهم كل في بيت وأعلّمهم الاعتماد على النفس……..
الأب:ومن قال لك باني لم اعمل على ذلك
البنت:واضح
الأب:بإمكاني حجز مساحة نصف البلاد وتحويلها إلى حدائق وملاعب ومدارس وجامعات ومراكز اختبار
البنت:ولكن؟
الأب:إنهم ضدي ولا يتفقون مع أفكاري
البنت:لهذا تخلصت منهم (برهة) أسالك يا أبت
الأب(بنفاذ صبر) نعم
البنت:كيف سيحققون حلمك في استمرار ذريتك وهم يتناقصون، إن لم نقل ينقرضون
(تقلده)
سأزوجهم وأرعاهم وأوفر لهم كل مستلزمات الحياة وادخل أطفالهم أحسن المدارس…………..
الأب:لم أكن أتصور بأنهم بهذه القسوة………….
البنت:القسوة لا تعرف طريقها إلى قلوبهم، قل أنهم بسطاء ولا يطلبون أكثر من حقهم ولكنك ……………
الأب:إني تعبت وسأطلب الشاي، هل تشربين معي؟
البنت:(بحزن)اجل

إظلام

الإنماء الثاني  عشر
ليل / خارجي
(رجلان ملثمان ولا نرى من ملامحهما أي شيء،وهما الأب والمهرب)
المهرب:اقترب وأصغي جيدا ولا وقت للإعادة
الأب:تفضل
المهرب:ولا كلمة عليك الاستماع فقط والتنفيذ دون نقاش
الأب:حاضر
المهرب:هل عرفتني؟
الأب:كلا
المهرب:أفضل وهذا ليس ضروريا، لقد تم تهريبك من السجن وهذا يعني الحكم عليّ بالإعدام وعلى جميع عائلتي إن انكشف سري، وما أمامك سوى ساعات للهرب خارج الحدود
الأب:ولكن………..
المهرب:ممنوع مشاهدة الأهل والأصدقاء وممنوع النظر إلى الخلف وليس أمامك سوى العبور
الأب:كيف أصل إلى هناك
المهرب:لك الحق في هذا السؤال، اذهب بهذا الاتجاه دون توقف وستجد هناك سيارة بانتظارك
الأب:أ….
المهرب:انتهى، عليك الذهاب الآن وأنا أيضا علي الهرب قبل أن يراني احد، ولكن اعلم إذا ترددت فستتم تصفيتك هناك قبل أن تفتح أبواب السجن، وإلا سنكون جميعا طعاما للكلاب
الأب:هل……
المهرب:(يهم بالذهاب)إنهم بانتظارك، وليس هناك أي شخص آخر على الطريق، أنت والمهربين وأشباح الموت
( يختفي المهرب وفي الوقت نفسه ينطلق الرجل ماشيا إلى أمام حتى يختفي هو الآخر)

إظلام
عودة إلى الإنماء الأول
ليل / داخلي
(يدخل رجل وهو نفس المهرب يحمل أقداح الشاي ويخرج)
الأب:أول شيء قمت بعمله استرجعت هذا البيت الذي سرقه منا الخونة اللصوص القتلة
البنت:كيف تصرفت معهم؟
الأب:أدخلتهم السجن وتركتهم يتعفنون فيه حتى الموت دون يعرف عنهم احد أي شيء
البنت:يعني عاقبتهم مثل ما عاقبوك
الأب:اجل وبعضهم بلغنا عنه بأنه مختطف، ولا نعرف عنه سبيلا
البنت:وما الفرق بينك وبينهم، كونهم خونة لصوص قتلة، وانتم الجدد أصحاب نظرية التغيير
الأب:لا يمنعني هذا من الانتقام
البنت:الانتقام من الأفراد اللذين ليس لهم سلطة أو قانون، كانوا مثلكم تحركهم سلطة الأوامر، كيف تفكر بهذه الطريقة وأنت الناطق باسم رئيس الدولة
الأب:(يضحك)هل تصدقين
البنت:ماذا ؟
الأب:عرفت الشخص الذي قام بتهريبي وهو الذي جلب الشاي لنا الآن
البنت:لأمانته طبعا
الأب:وهو كذلك بالفعل
البنت:(وكأنها تتذكر)سوف أنسى هذا الأمر وأسالك عن الأهم
الأب:لازال هناك أهم
البنت: لماذا ترتدي بزة عسكرية وأنت الناطق المدني
الأب:(يضحك)إنها للتمويه
البنت:حتى وأنت في أعلى المراكز تستخدم التمويه، أنا حائرة يا أبت
الأب:اعلمي بأننا نعيش في غابة
البنت:انك تدفعني لتكذيب قصصك البطولية التي كنت تسردها عليّ
الأب:(يصرخ بها) كلا أرجوك إن لم يصدقني العالم فلا يعنيني شيئا، إلا أنت، صدقيني كل الذي سمعتيه كان صحيحا، ولكن واقع اليوم غير حلم الأمس
البنت:هل حقا بأنك لم تعترف أثناء التعذيب، هذا إذا كانوا قد عذبوك أصلا
الأب:أيام وليالي وهم يكتشفون بجسدي وسائل تعذيب، ولم افشي أي سر أو اعترف على احد
البنت:وأين هم الآن
الأب:من؟
البنت:رفاق دربك؟
الأب:اعرف بعضهم
البنت:والبعض الآخر؟
الأب:ربما
البنت:وربما……..أبي اشعر أني اختنقت في سجنك سأصعد سطح الدار لأطل على مدينتنا عسى أن تزيل قضبانك عن كاهلي
الأب:أي سجن وأي قضبان
البنت:هل مازال الطريق كما هو
الأب:أي طريق
البنت:الصعود إلى سطح الدار
الأب:(يضحك) ولماذا يتغير
البنت:إذا دعني اذهب لاشهم الهواء كي لا التحق مع رفاقك الذين ضاعت أسمائهم
الأب:قبل أن تذهبين دعيني ادخل غرفتي لأغير ملابسي أنا أيضا
(يخرج)
البنت:الممر نفسه أم تغير على التغير الجديد
(تخرج هي الأخرى من نفس مدخل الباب الرئيس متجهة إلى سطح الدار ثم تختفي ولا نسمع إلا صوتيهما)
صوت الأب: (من داخل غرفة نومه)
كما هو أيتها المشاكسة
صوت البنت:أبت لماذا صار السلم صغيرا
صوت الأب: لا اعرف
صوت البنت:(تصرخ) أبت أين المدينة
صوت الأب:(يضحك أيضا ) في مكانها
صوت البنت:الظلام يخيم على كل شيء، أبت إنها سابحة بحزنها والليل جاثم على أنفاسها إنها سجينة مثلي حررها وحررني يا أبت
صوت الأب:هل أصاب عقلك شيء، ماذا بك تعالي هنا
صوت البنت:جننت يا أبت هذه ليست المدينة التي حلمت بها، هذه مدينتكم المتشحة بالسواد
صوت الأب:اهدئي وانزلي يا حبيبتي
صوت البنت:حبيبتي هذه الكلمة كنت تقولها لي يوم كنت صغيرة ولكنك لا تجيد قولها الآن
صوت الأب:حبيبتي اقسم إليك
(صوت طلقات نارية متكررة وفي الحال يدخل الأب مسرعا إلى خشبة المسرح)
الأب:هل أنت بخير
البنت:(وقد دخلت هي الأخرى مرعوبة وخائفة)
ما هذا يا أبت الطلقات كانت باتجاهي
الأب:اعرف ذلك
البنت:ولماذا
الأب:إنهم حمايتي
البنت:كان من الممكن أن اقتل على يد حمايتك
الأب:أنت محظوظة وسأعاقبهم جميعا
البنت:لأنهم لم يقتلوني أليس كذلك
الأب:(مرتبكا) أغيّرهم أفضل لأنهم غير جديرين بحمايتي
(يرن هاتف الأب الذي يرد عليه وفي الوقت نفسه يرن هاتف البنت التي ترد عليه هي الأخرى فيأخذ كل منهما زاوية من خشبة المسرح ويمكننا تقطيع المكالمتين)
الأب:الو
البنت:الو
الأب:اعرف ذلك
 البنت: توقعتك أنت
الأب:إنها ابنتي كانت خارج الوطن
البنت:الأمور تسير على ما يرام لكنني غارقة بحزني
الأب:سأصدر قرار بنقلهم جميعا ومعاقبتهم
البنت:(وهي تصغي إلى أبيها أيضا) اعرف ذلك
الأب:( بهمس)كونوا حذرين إننا أمام تحقيق
البنت:(نحاول الإصغاء أيضا) إنني في ذروة الفيلم الوثائقي(بهمس أيضا)يبدو إنني في
الأب:كونوا قريبين من الحدث
البنت: اجل يمكنني تامين ذلك وخاصة بعد أحداث  السطح
الأب:لا تشغل هاتفك وأنا أيضا
البنت: الجميع هنا يحب الظهور وخاصة على التلفاز
الأب:(بهمس)المشكلة إنها تعمل في قناة تلفزيونية معادية (ينهي المكالمة ويقترب من البنت)
البنت: بتأكيد سأسأله ولكني متأكدة من موافقته
الأب:موافقة من؟
البنت:موافقتك يا أبي
الأب:بخصوص ؟
البنت:ان نبث كل ما سجلناه
الأب:لا مانع لدي لاني وجه إعلامي معروف
البنت:هذا رائع……………………
الأب:تصورتكم ستسالون عن مسيرتي
البنت:(تتدارك الموقف)أكيد ستأتي إليك أسئلة عن شخصكم وكفاحكم كما تزعمون
الأب:نزعم ؟
البنت:في المقابلة عليك أن تنسى باني ابنتك سأكون ملتزمة بشرف المهنة كما كنت تعلمنا
الأب:أكيد وأنا احترم فيك ذلك (برهة)متى نبدأ؟
البنت:قلت لك بأنني بدأت مذ دخولي الحدود
الأب:ولكن هناك أمور يجب حذفها
البنت:يبدو انك لم تكن تعلم بان هذا كله كان مباشرا
الأب:(يصفق بيديه يدخل المهرب) سأتحدث عن سيرتي وبطولاتي
المهرب:نعم سيدي
الأب:جهزوا القاعة
المهرب:تأمر (يخرج)
البنت:(باندهاش)ساعد الكاميرا وأنت تغير ملابسك
الأب:سأرتدي ملابسي حالا ……….
البنت:سنصورك من الحزام فما فوق
الأب:(يهم بالخروج)وهو كذلك ( يخرج)
البنت:(تذهب إلى إحدى حقائبها..تخرج الكاميرا وتعدها، تستمر بالمكالمة مع مدير المحطة وخلال هذا المشهد ينزل من السقف جدار ملتصق عليه رفوف وكتب وجدار آخر علقت عليه لوحات معروفة عالميا لتكون غرفة ذات بهاء )                       
        الو هل مازلت على الخط  
(تصغي) جيد وسمعت كل شي          
(تصغي)توقعت ذلك                     
(تصغي)سيكون حاضرا كما سمعت
(تصغي) اجل
(تصغي) جميل
(تصغي) يكون أكثر جمالي
(تصغي) أكيد
(تكون قد انتهت من إعداد الكاميرا)
الأب:(يدخل..يخلع معطفه ليظهر بهية جديدة وهو مرتديا بنطلون قصير (شورت) ومن الأعلى قميص وربطة عنق)هكذا                                      
البنت:اجل سأختار لك الزاوية الأجمل
(تختار له زاوية الجلوس وتحاول ترتيب كادر الكاميرا)
هكذا جميل
الأب:انتبهي إلى هذا يشير إلى (الشورت)
البنت:اطمئن لا احد يعرف  ما خفي إلا ابنتك
الأب:أحسنت
البنت:(تتحاور مع مدير المحطة)
أنا جاهزة أستاذ
(تصغي)أبدا انأ بالسؤال
(تصغي) وهو كذلك
(إلى الأب)سأسألك أنا بعض الأسئلة وسيشترك معنا جمهور من العالم لان البث وكما قلت إليك مباشر
الأب:أنا مستعد، يبدو انك محترفة
البنت:أشكرك(ترد على مديرها الذي يتصل عبر الهاتف) نبث.. واضح
(إلى الأب)انظر إلى أصابعي الثلاثة، عندما يختفي آخر إصبع هذا يعني إننا في الجو وليس لدي اي سؤال ويمكنك الحديث عن حياتك من نقطة تشاء
(في الوقت نفسه الذي تعطي إشارة الدخول في الجو تركز الإضاءة على وجه الأب مع بقاء شاشة الكاميرا الصغيرة مشتعلة بالإضافة إلى وجود شاشات تلفزيونات على المنصة الثانية والثالثة والسجن الأول والثاني والثالث وسنكتفي بهذه الإضاءة في جميع فضاء المسرح،
الأب:عن أية مرحلة من النضال أحدثكم ربما أوجز واقو لانا مناضل يوم كانت أمي حاملا بي
البنت: (وما أن يدخل الأب في شاشات التلفاز تسأله البنت) سنبدأ من الأخير حضرت الجنرال هل يمكن فخامتكم إخبارنا بأهم التطورات بعد دخولكم الوطن وإسقاط الحكومة السابقة
الأب:السؤال واسع وكبير أرجو من حضرتك حصر السؤال في أي جانب
البنت:معك حق، إن ما يعنينا هو المواطن أي الإنسان
الأب:انه في أحسن حال
البنت:كيف؟
الأب:لديه كل ما يحتاجه فقد بنينا له المدارس والجامعات والمستشفيات
البنت:لكننا نشاهد عبر الفضائيات بنقل مرضاكم ومسؤوليكم إلى خارج الوطن
الأب:هذا إعلام معادي
البنت:رئيسكم خارج الوطن للعلاج
الأب:(يرتبك ويحاول محاورة ابنته جانبيا)انتبه إلى أسئلتك
البنت:أنت على الجو أيها الجنرال ولأنكم في دولة ديمقراطية لهذا نسمح لأنفسنا بالسؤال
(تصغي للمدير)جيد
(تحاور الأب)هناك متصلين ولديهم أسئلة
الأب:أهلا بهم
(نسمع صوت شخص يسال عبر الهاتف وكأنه صوت قادم من بعيد)
الصوت1:سيادة الجنرال لدي أكثر من سؤال
الأب:أرجو أن لا تطيل لأنني مرتبط باجتماع
الصوت1:الإحصائيات تقول بأنكم لم تبنوا ولا مدرسة مذ دخلتم حتى اليوم، وان سمح لي الجنرال بذكر الأرقام التي تقول:بان حوالي مليون طفل تركوا مدارسهم مما زاد نسبة الأمية عندكم؟                  
الأب:من أي قناة أنت؟اعتقد أن إحصائياتك من الإعلام المغرض
(نسمع صوت فتاة تسال عبر الهاتف وهي الأخرى يأتي صوتها من بعيد)
صوت فتاة:أنا لا اعمل في أية قناة ولكني اعرف الكثير عن بلدكم،فما تعليقك على الملايين خارج الوطن؟
الأب:هم أحرار باختيارهم، بالبقاء هنا، أو العيش هناك
صوت2:عفوا سيادة الجنرال ألا تعتقد بان لديكم اكبر نسبة من المعاقين والمهجرين……….؟
الأب:يبدو إنكم جميعا أعداء الوطن وعليّ تنويركم
(بصورة خطابية وكأنه يخطب في جيش)
ليعلم الجميع بأننا بناة، ونحن من حمل الوطن على الأكتاف، ولو لانا لما كان هناك شيء اسمه وطن، زرعنا  وحصدنا، وها هو الجيل يأكل الثمر،لم يبق في الوطن أمي وفي كل حي مدرسة، ومستشفى، وجامعة، والخدمات فاقت أية دولة متقدّمة……..             
(يقطع الخطاب ويبث إعلان تلفزيوني لدواء مضاد للحشرات)
البنت:أبت كن واقعيا الجميع يعرف الحقيقة
الأب: ولكن أصحابك مغرضين وحسابي معك لاحقا
البنت:هذه نتائج الديمقراطية
الأب:(يرن هاتفه..يرد على المكالمة)
وهو كذلك
( إلى ابنته) علي إنها اللقاء لأنه يسيء إلى الوطن
البنت:هكذا قالوا لك
الأب:اجل إنني لا اعمل وحدي،جميعنا نتحرك بالأوامر العليا(يرن الهاتف ثانية..يرد على المكالمة  بحزن..يقترب من ابنته)صرت أخاف عليك
البنت:ممن ولماذا
الأب:هل يمكنك الهرب يا حبيبتي
البنت:الهرب
الأب:اجل
البنت:هل تمزح أنت في أول يوم ازور فيه بلدي أفكر بالهرب ومازلت لم ا رامي واخوتي
الأب:يمكنني مساعدتك
البنت:بنفس المهرب
الأب:اجل فانه يعرف كل الطرقات
البنت:كلا ولا أريد الهرب
الأب:المشكلة كبيرة وتجاوزت صلاحياتي
البنت:وهل لديك صلاحيات
الأب: نقاشي معك في بيتنا كان نقاشا
البنت:هكذا
الأب:ولكن اللقاء لم يكن كذلك (يضرب على رأسه) كان عليّ رفض اللقاء(بتوسل) أرجوك اهربي وسأساعدك مثلما ساعدتني
البنت:وان لم اهرب ما الذي سيحدث
الأب:(ينهار على الأرض)شيء فضيع لا يمكنك تحمله،أرجوك(يرن الهاتف مع صوت اطلاقات نارية متواصلة) يبدو فات الأوان (يدخل المهرب مع ثلاثة رجال مسلحين ملثمين يضعون كيسا اسودا على راس البنت التي تصرخ وتمانع لكنها تخسر الجولة في النهاية)
المهرب:الأستاذ يبلغك اعتذاره ولكنها القوانين وعليك الإعلان عن اختطافها أو اختفائها(يجرون البنت خارجا..يبقى الأب وحده منهارا تركز بقعة ضوء على وجهه المتعب وببطء يعلن  أمام الكاميرا وعلى الشاشات كلها)لقد تم اختطاف ابنتي ومن يعثر عليها له عشرين مليون (يتلعثم بذكر اسمها)وسنعلمكم بآخر المستجدات وسوف لا يهدأ لنا بال إلا إذا اقتصصنا من الجناة .

تمت

أحدث المقالات