28 أبريل، 2025 10:04 ص

ملتقى السليمانية التاسع: حوار رفيع في قلب مدينة الثقافة والتاريخ

ملتقى السليمانية التاسع: حوار رفيع في قلب مدينة الثقافة والتاريخ

استطاع ملتقى السليمانية التاسع الذي انهى أعماله امس ، والذي حضرت مدة انعقاده صحبة  مجموعة من الزملاء الإعلاميين  أن يرسّخ مكانته كأحد أهم الفعاليات الفكرية في المنطقة، ليس فقط بفضل المشاركين والمواضيع المطروحة، بل أيضاً بفضل البيئة الحاضنة له؛ بيئة مدينة السليمانية، التي أثبتت مجدداً أنها قادرة على احتضان الحوار الراقي، والمساهمة في رسم ملامح مستقبل أفضل للعراق والمنطقة.

لقد شهدت مدينة السليمانية أعمال  هذا الملتقى العريق ، وسط حضور نوعي تجاوز 700 شخصية بارزة من مختلف القطاعات السياسية والفكرية والدولية، يتقدمهم رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني، وعدد من المسؤولين والممثلين الدوليين ، في الحدث السنوي الذي أُطلق لأول مرة عام 2013، وبات يشكّل منبراً استراتيجياً للحوار المفتوح، وملتقى يجمع بين صُنّاع القرار من العراق والمنطقة والعالم، لمناقشة التحديات التي تواجهها المنطقة، واقتراح رؤى وخطط لمواجهتها بجرأة وعقلانية.

جاء تنظيم النسخة التاسعة من الملتقى مميزاً، سواء من حيث الإعداد اللوجستي أو تنوع المحاور والمشاركين، مما عكس احترافية القائمين عليه وحرصهم على استدامته كمنصة حوارية ذات تأثير حقيقي. وقد تجسدت هذه الاحترافية في حسن الضيافة، ودقة التنظيم، وجودة المداخلات التي غطت طيفاً واسعاً من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وفي كلمته خلال افتتاح الملتقى، عبّر رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني عن تقديره العميق لمدينة السليمانية، واصفاً إياها بأنها “رمز للثقافة والتاريخ والنضال ضد الديكتاتورية”، مشيراً إلى أهميتها كمركز للحوار البنّاء والانفتاح الفكري. كما سلط الضوء على توجهات حكومته الإصلاحية، مؤكدًا أن الإنسان العراقي هو جوهر العملية السياسية، وأن حكومته تتبنى نهجًا يهدف إلى بناء دولة قوية وعصرية، تضع الخدمات في صدارة أولوياتها.

وأعلن السوداني نيّته الترشح للانتخابات المقبلة، مؤكداً أن حكومته مستمرة في تنفيذ مشروعها الإصلاحي، ومشدداً على ضرورة تجنيب مؤسسات الدولة أي تدخلات سياسية قد تعرقل مسار التنمية والاستقرار. كما استعرض جملة من الإنجازات التي تحققت خلال الفترة الماضية في مجالات البنية التحتية والطاقة وتوفير فرص العمل، مع التركيز على دعم وتمكين الشباب بوصفهم عماد المستقبل.

من جهته، ألقى الدكتور برهم صالح، رئيس مجلس إدارة الجامعة الأمريكية في السليمانية، كلمة ترحيبية بالحضور، مؤكدًا أن المنطقة تمر بتحديات كبيرة، لكنها في ذات الوقت تملك فرصاً حقيقية لتجاوزها من خلال الحوار والتفاهم المشترك، مضيفاً: “نطمح لبناء واقع جديد، خالٍ من العنف، يعتمد على استغلال الموارد وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة”.

أما ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، السيد محمد الحسان، فقد شدد على أن العراق يعيش اليوم واقعًا مختلفًا عمّا كان عليه في السابق، مؤكدًا أن بعثة الأمم المتحدة قد لا تكون ضرورية مستقبلاً، وهو ما يعكس حجم التطور في الوضع السياسي والأمني.  وأشار إلى أهمية الانتخابات المقبلة باعتبارها استحقاقاً دستورياً محورياً، مؤكداً دعم الأمم المتحدة لهذا المسار الحيوي.  

لقد كانت السليمانية، هذه الم العريقة التي تتكئ على إرث طويل من الثقافة والفكر والنضال، أكثر من مجرد مكان انعقاد للملتقى، بل كانت روح الحدث ونبضه. شوارعها الهادئة، وجبالها التي تحتضنها كأم رؤوم، وكرم أهلها الذي يفيض دفئاً، جعلت من الملتقى مناسبة متكاملة تعكس وجه العراق الحضاري والمتسامح.

ومن المفيد ، التذكير بما قدمه د. برهم صالح المعروف بسياسته الاصلاحية ، ذات الطابع الراقي والواقعي ، من افكار ومداخلات اسهمت في بناء جدار صلب في بنيان هذا الملتقى الذي اصبح علامة متميزة في الساحة السياسية في المنطقة .   

أحدث المقالات

أحدث المقالات