ملامح القبح الجميل

ملامح القبح الجميل

كان قبحي هو كل ما يميزني عن الأخريات، على الرغم من أن اغلب أحلامي قد تحطمت على صخرته، لكنني اعتدتُ عليه، لاسيما إنه كان جواز مرور لثقة النساء والرجال على حد سواء… جميعهم يفتحون قلوبهم لي، يحدثونني دون حرج عن مغامراتهم، أحلامهم وآمالهم دونما خشية من منافسة، كأني كرسي أعتراف جوال.
لا أدري كيف تسللت إلى قلبه ذلك الزميل الوسيم الذي يحدثني عن مغامراته العاطفية بتفاخر. اضحك وأهلل لحديثه.. بضحكة طفولية يسترسل متباهيا في سرد المزيد. على الرغم من علاقاته الكثيرة، كان يمقت النساء، باستمرار يلعنهن، يراهن سببا للكوارث البشرية في كل زمان، لا يبدو علي الاعتراض، فلا مميزات أنوثة تضعني في خانة النساء. فضلا عن إنني إعتدتُ المسايرة، لا ذوق أو معتقد محدد عندي، هكذا أجمِّلُ قبحي.. بأن أساير الجميع.
كان يستثنيني من اللعن ، ربما لأنه في قرارة نفسه يدرك بأنني غير محسوبة منهن، ولخطأ بايولوجي ما، أضيفت لي تاء التأنيث.
بدأت أعرف ما يفضله بالمرأة، وما ينفره منها، دون وعي مني أصبحت أشذب طباعي وفق تلك المواصفات، ملابسي.، طريقة كلامي، حتى نبرة صوتي، خضعت جميعها لرغباته، جلوسي قبالته سبع ساعات يوميا جعلته يدمنني، بعد مدة طويلة، اقترح أن نلتقي خارج الدوام، وافقتُ دونما تردد، إذ لأول مرة سوف أخرج مع رجل.
لم يأبه إلى العيون التي كانت تخترقنا، رجل في غاية الوسامة مع إمرأة في غاية القبح، شعور برضا والحبور كان يلفني وأنا أرى نظرات الحسد من الأخريات، وهن ينظرن إلى باقة الورد التي قدمها لي، ندتْ صرخة من إحداهن وهي تراه يركع عند قدمي ويطلب مني الاقتران به، لم أتمالك نفسي حينها أو كيف اتصرف، أستاذنتُ للذهاب إلى الحمام. قمتُ مسرعة وانا اترنح بين الطاولات، لم أحفل بملامحي التي بدأت تتساقط، تدحرج انفي تحت إحدى الطاولات فالتقمته قطة كانت تتربص به، فمي كفراشة حلق بعيدا ملتصقا بأحدى الثريات، أذناي الطويلتين سقطت إحداهما في صحن الشوربة الموجود على طاولة، لم ينتبه الرجل الجالس فيها حيث كان مشغولا بمغازلة رفيقته، أما اذني الأخرى فسقطت تحت ياقة قميصي، ما أثار امتعاظ من في المطعم هو شعري الذي تناثر في كل الارجاء ، حاولت الوصول إلى الحمام بأسرع ما يمكن، إحدى عيني سقطت وأنا أحاول دفع باب الحمام ، سحقها كعب سيدة صادفتني عند الباب، هالني حين نظرت بعيني المتبقية إلى المرآة، لم تكن لي أية ملامح!! بارتباك بدأت اعيد تخطيط وجهي، استدعيت صور النساء اللواتي كان يتحدث طويلا عن جمالهن ، تأخرت طويلا وأنا انتظر سقوط آخر معاقل ملامحي،عيني اليمين، استبدلتها بعين خضراء برموش أخاذة. على عجالة وضعت تسريحة تناسب ملامحي الجديدة ، حينما رجعت إلى الطاولة كان ينتظر بفارغ الصبر، استغرب جلوسي قبالته، قال بلطف مصطنع عذرا سيدتي لقد جلست في المكان الخطأ، فترَ فمي عن ابتسامة رقيقة، وأنا أنطق برقة تدربت عليها في طريقي من الحمام إلى الطاولة، أنا هي.. حبيبتك.. التي لا تشبه النساء!
صمت قليلا قبل أن ينتفض واقفا يصرخ بأعلى صوته: لكنك تشبهيهن!!! خرج وسط ذهول الجميع وهو يكمل:اللعنة عليكِ وعليهن جميعا.

أحدث المقالات

أحدث المقالات