أتذكرون مسرحية وليم شكسبير (( Midsummer night dream )) حلم ليلة صيف ؟ ما أكتبه هو هلوسات ليلة صيف حارة أنقطعت فيها الكهرباء , بسبب أخوتنا في الأسلام الذين ( بلعوا النخل مع السلي ) على حد تعبير أخوالي في الهويدر , حر تموز وأنقطاع الكهرباء جعلني في حالة أرتباك المعنى , وعندما يرتبك المعنى في سياق الكلام , فهذا يعني أن هناك عدم وضوح أو اضطراب في الفهم , حيث يصبح المعنى غير محدد أو متداخل وغير مفهوم , يحدث هذا عادةً عندما تكون هناك كلمات أو عبارات غير واضحة , أو عندما تكون هناك تناقضات في الأفكار المطروحة , مما يجعل من الصعب تحديد المعنى المقصود , ذلك مادفعني أسطر كل الهلوسات :
نبتدأ مع من كتب : (( من البديهة القول إن اللصوص لا يبنون دُولاً , ولا يحافظون عليها إن وُجدت , وكذلك القبليون والجهويون والإقليميون , والعقائديون )) , وأن الفضيلة والشرف ليست حصرا بالمسلمين , كان أبو اسحق الصابي أديبا بارعا وكاتبا معروفا , كان أبو اسحق الصابي يصوم رمضان احتراما للمسلمين , ويحفظ القرآن ويقتبس آياته في كتاباته , كان الصابي رفيقا مخلصا وصديقا وفيا للشريف الرضي ولما توفي سنة 384 هجرية رثاه الشريف الرضي بقصيدة مشهورة , لامه الناس وعاتبوه على ذلك وحجتهم أن الصابي وكما هو معروف من اسمه لم يكن مسلما , فرد عليهم الشريف الرضي بقوله : (( إنما رأيت فضله )) , أعرفتم قيمة الفضل عند عميد الطالبيين ؟ هنا يرتبك المعنى لأسأل : هل من فضل لأي من سياسيي مابعد 2003 أو لمسؤولي الكهرباء علينا لنرثيهم كما فعل الشريف الرضي ؟
وفقاً للأدب الشعبي المصري حول سُبل واختيارات البشر والأمم , وبعد (( سكة السلامة )) التي يسود فيها العقل والحكمة , و(( سكة الندامة )) التي ينبغي فيها تجنب النزق لدى الإنسان والآيديولوجيات التي تعمي الأمم , فإن (( سكة الذي يذهب ولا يعود )) ينكسر فيها الأمل , ويحدث فيها الانزلاق إلى الرمال الناعمة التي كلما تحرك فيها المعني بالاختيار , يغوص أكثر ويكون الغرق والاختناق نصيبه , هنا يرتبك المعنى , أليس المقصود بالمجتمع المدني أنه غير عسكري , أو غير ديني , بل أنه ليس متخلفاً ؟ وعلامات التخلف مثل علامات التقدم , لا عدّ لها , ليس البذلة الجديدة , بل البذلة اللائقة والشارع النظيف , والبيت النظيف , والمدينة النظيفة , كما كانت مدننا قبل وصول الهكسوس , الذين أوقعونا في متلازمة الكهرباء .
حين تَشرُقُ من جديدٍ بعدَ تجربةٍ مريرةٍ , علَيكَ أن تكونَ شمساً لِمَن كانَ معكَ في ظلمتِكَ ,
ففي ظل العولمة , بات من السهل أن تتأثر الثقافات المحلية بالأنماط العالمية , وقديماً عند العرب كان يُقال عن الحرب التي تُشنّ فجأة في الصباح , الفلانيون (( صبّحوا )) الفلانيين , وفي التنزيل الكريم (( فساء صباح المُنذرين )) , وفي الأرياف يُقال: (( فاتك القطار )) , يُقال لمن تقدّم به العمر ولم ينجز شيئًا , أو لمن بقي متشبثًا بماضيه بينما الدنيا من حوله تغيّرت, هو مثل شعبي بسيط , لكنه يحمل حكمة عظيمة تنطبق تمامًا على حال بعض الدول والشعوب اليوم , حين تبقى الشعوب على الرصيف والتاريخ يمضي , فيا أيها النور الذي ابتكر الحياة , فقدت بكارتها الحروف , فلا جديد لما جرى .
يقول الأديب السوري أدونيس: (( أنا أشك في أن هناك حبا في العالم العربي , هناك غرائز وحب تملك و إنجاب , العالم العربي بعيد عن كل ما يمت الى الحب )) , ويقول هاشم بلطي : (( ما لصوتي على شفرة البوح تسقط أجراسه ؟ أهي رجفة العشق؟ أم هو جزر الجسد )) , ليرد عليه شاعر أحرقه الحر والغيض من الحكام : ((أذا ذُكِرَ الجَمالُ فأَنْتَ أَجمل , وإنْ ذُكِرَ الوَفاءُ فَلَستَ تَبْخَلْ , فأِنْ لَم تَنْتَفِض وتَشِدُّ أَزْري , فَرُبَّ .. كَما أُكِلْتُ أَنا سَتُؤكَلْ )) , نقول : يقاس الذهب بعياره لا بلمعانه , ويقاس التقي بأفعاله لا بأقواله ,
ويقاس الصديق بصدق وفائه لا بطول وصاله , وهكذا نجد كل الأشياء تقاس بجوهرها لا بمظهرها , الجميع يضيء على السطح ولكن العبرة بمن يتلألأ بـ الأعماق والناس في هذه الحياة معادن , فكن أنت كالذهب مهما صهرته الحياة يبقى غالياً وثميناً , وتبا للفسدة .
في وقتٍ تثقُ فيه أنَّكَ ارتقيتَ إلى مُستوىً عالٍ جدّاً منَ الوعيِ والنقاءِ والصِّدقِ , يُباغتُكَ القدَرُ بفخٍّ جميلٍ مُغرٍ لِتَهبِطَ درجاتٍ , قد يكونُ الفخُّ من صديقٍ أو مُحبٍّ , ردَّةُ فعلِكَ على الفخِّ , من وُقوعٍ فيه أو تجنُّبٍ له , تُؤكِّدُ لكَ أينَ تَقِفُ بالضَّبطِ في هَرَمِ الوعيِ , وهل كنتَ فعلاً قد نَجَحتَ في كُلِّ الاختباراتِ والتجارِبِ المريرةِ السَّابقةِ حتّى أصبحتَ جبلاً لا يَهتزُّ أمامَ أحجارِ الطَّريقِ , ومن الحكم الجميلة التي قرأتها : لا تزرع الشوك في أرض تمر بها , فربما عدت فيها حافي القدم , والحياة , كالطريق الملتف , كل شيء تفعله , قد يعود اليك – يوما ما- لذا , افعل كل ما هو جميل, فهو مردود إليك .
لا عليكم , مثل البحر انا اغضب وأثور وأهدأ , اصمت لاخبئ بأعماقي كل بوح , لكن , احذروني في اعصاري ان غضبت وضاق احتمالي , هاقد أكملت مقامة هلوساتي الشائطة حرا , ولا زالت الكهرباء مقطوعة , فجازى الله المؤمنين مسؤوليها.