نشر المندلاوي الجميل ماأسماه ,عتاب صادق الى سرور : (( لا تعذليني فاني ماعدت اسمعه لانه يغريني بكثير من الحماقات )) , وكأنه يصرخ بمقام اللامي بصوت محمد القبانجي لقصيدة قيس بن الملوح :

(( مَتى يَشتَفى مِنكَ الفُؤادُ المُعَذَّبُ وَسَهمُ المَنايا مِن وِصالِكِ أَقرَبُ ,

فَبُعدٌ وَوَجدٌ وَاِشتِياقٌ وَرَجفَةٌ فَلا أَنتِ تُدنيني وَلا أَنا أَقرَبُ

كَعُصفورَةٍ في كَفِّ طِفلٍ يَزُمُّها تَذوقُ حِياضَ المَوتِ وَالطِفلُ يَلعَبُ

فَلا الطِفلُ ذو عَقلٍ يَرِقُّ لِما بِها وَلا الطَيرُ ذو ريشٍ يَطيرُ فَيَذهَبُ

وَلي أَلفُ وَجهٍ قَد عَرَفتُ طَريقَهُ وَلَكِن بِلا قَلبٍ إِلى أَينَ أَذهَبُ  )) .

 يقول الشاعر : (( علامة ما بين المحبين في الهوى…عتابهم في كل حق وباطل )) ,
العتاب هو التعبير عن اللوم أو الملامة أو التأنيب على فعل أو قول أو سلوك , ويتمثل في إظهار عدم الرضا عن شيء ما, وقد يأتي العتاب في سياقٍ معين , وغالبًا ما يكون بين الأحباء والأصدقاء, ويُعتبر دليلًا على المحبة والتقدير , ولا ريب ان مظفر النواب يقول : (( إبياهي أعاتب ؟ شو بحت روحي وگضت توميلك ,  طرزت روحي إبريسم أشگر ياترف بشليلك ,  كون انه اگودن مهرتك ,  كل العمر واحجيلك , جم دوب اعاتب ؟ والعتب ينساك وإيساويلك )) .

غالباً ما يُشار الى فراقية ابن زريق أو عينية ابن زريق , بـ(( لا تَعذَلِيه)) , وهي قصيدةٌ كَتَبها الشاعرُ العباسي ابن زريق البغدادي في سنوات الشفق التي قضاها في بلاد الغربة , كتب في سطورها رثاء رجل غادر وطنه بغداد متجهاً إلى بلاد الأندلس ,انطلق حاملاً وعداً , تاركًا زوجته التي يحبها ليكسب لقمة عيشه , ومشتاقًا للعودة إليها , لكن القدر تدخل ولم يكن الحظ في صفه , استسلم بعد أن أصيب بمرض في الأندلس حتى لاقى حتفَهُ في النهاية , تاركًا أحلامه دون تحقيق , حيث يقول : (( لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ , جاوَزتِ فِي نصحه حَداً أَضَرَّبِهِ مِن حَيثَ قَدرتِ أَنَّ النصح يَنفَعُهُ , فأستعملي الرفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلاً مِن عَذلِهِ  فَهُوَ  مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ )) , عتاب هذه الأيام أصبح شائعاً كتلوث مُناخي بشع , ولسرور نظرة عتاب مستمرة تُبقيك منتبهًا كي لا تخطئ في حقها , وأحيانًا التوقف عن العتاب بحد ذاته عتاب , فتأكد أنك حينما تحتاج ( سرور) ستضع كل خلافاتكما جانباً وستجدها معك , موجعٌ أن تُعيد قراءة أغراءات الحماقات أكثر من مرة , وفي كل مرة يشعر قلبك بوجع أول مرة .

يقولون : (( وليس عتاب الناس للمرء نافعًا … إذا لم يكن للمرء لب يعاتبه
ومن لذة الدنيا وإن كنت ظالمًا… عناقك مظلومًا وأنت تعاتبه )) .
 (( العتاب في أساسه حب , ولكن شدة العتب غضب  ,وعدم العتب لامبالاة بعد تعب , لهذا عندما تفقد الرغبة في عتاب من تحب , فإعلم انك شيعت حبه إلى مثواه الأخير لأن الناس لا تتخلى الا بعد أن تحترق ايديها من شدة التمسك والتعب , فلا أحد يتخلى عمن كان يحب بدون سبب , و العتاب أفضل من الصمت , الصمت يقولون عنه لغة العظماء ,وليس الشتاء فقط هو موسم البرد , الجفا برد , والخيبة برد , والخذلان برد , وتغير الأحباب برد , فقدان الشعور برد , وبرد الروح أبشع من برد الجسد , وقد يكون ستر الجهلاء , وقد يكون للنفوس إرهاق  , هو صمتٌّ في ظاهره لكن في جوهره ضوضاء  , قد يكون هروباً من واقعٍ لايطاق  , فيه الكثير من النوايا تساء  , الصمت قد يكون رسالةً موجهةً , وقد يكون جواب  , وربما هو شيءٍ من العتاب , هناك من يراه تجاهلًا , وخلف كل صمتٍ ألف حكاية )) .

(( اعاتب من اهوي علي قدر وده ولا ود عندي للذي لا أعاتب )) , لا تتعود على أحد كثيرا حتى لا تكسر قلبك فمهما كآنت علاقتك به قـوية سيأتي يـوم ويتغير ولن تجده كما كان ويقل الـسؤال والاهتمام , وعند سؤالك له امآ ان يـعـتذر لك بـالـظروف أو يـضع اللوم عليك , وربما لا يهتم أصلآ , وينتهى اللقاء بدون وداع وسلام , ظلمنا انفسنا كثيراً حينما سعينا لارضاءهم , وبادرنا بمصالحتهم لكن الغرور الذي يتملّك أرواحهم نحن من زرعناه , واليوم يزيدنا قسوه وانكسار اصبحنا نبحث عن الهدوء فقط لان كثر التنازلات فى البدايه يجعلك لا شىء فى النهايه لتبكى على حلم ضاع مع الرياح ,  والمشاعر كلما زاد صدقها صعب الحديث عنها , والثقه كالحياة لاتمنح للشخص  مرتين , فبالقلب نحب , وبالعقل نكره , وبالاثنين نصاب بالجنون , هناك أشياء كالحلم لا تعرف متى بدأت وكيف إنتهت حتى كلمة عتاب لا تفيد بشيئ , فهل أقتنعت الآن بأن المبالغه في الإهتمام بمن نٌحبهم يزرع في نفوسهم دلالاً قد يٌفسد أخلاقهم ؟

أخيرا هناك من كتب : (( بيننا القليل من الرسائل , القليلة جدا , قليلة الحروف , لكن بيننا الكثير جدًا من الفهم والتفهم , يكفيني أن تكتب لي : كيف حالك ؟ لأفهم أنك لا تسألني عن حالي فقط  , إنما تخبرني أنك ما زلت على العهد , الميثاق , وأكتب لك : أنا بخير, فتفهم أنها أنا بخير بك , ومعك , ولك )) .