مالكم وحصّة “يوسف” التموينيّة ؟.. أتريدون دفنها ببئر !

مالكم وحصّة “يوسف” التموينيّة ؟.. أتريدون دفنها ببئر !

الإنسان موقف ومبدأ وبهما تقاس رجولته .. من عدمها ..

والرجال مخابر كما يقال ..

والشعوب الحيّة لا تنسى مناقبها ومفاخرها ..

ماري انطوانيت .. عفواً .. أقصد .. السيّد نوري المالكي بدأت في عهده إجراءات جريئة ومؤذية للشعب العراقي بنفس الوقت , اتّخذتها حكومته بحقّ هذا الشعب منذ تنصيبه “بالانتخابات” خلفاً لخير سلف “ابراهيم الجعفري” كرئيس لوزراء العراق ولغاية الآن من أبرز قرارته المؤذية حاليّاً قرار حكومته إلغائها الحصّة التموينيّة ..

كانت حكومة السيّد المالكي قدّ ابتدأت مشوار إيذائها شعب العراق “برمي الشعب بكتل الاسمنت” حين تمّ البدء بتقطيع أوصال بغداد ومدن العراق الأخرى بدون أخذ رأي أو تصويت الشعب العراقي عليها ! , وذلك بعزل أحيائها بعضها عن بعض في عمليّة “عزل جماعي إجرامي” استمرّ تسعة أعوام ! ؛ سرعان ما تنصّل عن القرار السيّد المالكي عندما عبّر في وقتها عن “استغرابه” بقرار زرع الحواجز الكونكريتيّة وهي تقطّع أوصال بغداد والمدن العراقيّة وتحيل شعب العراق إلى أشبه ما يكونو بـ”طيور ودجاج وأرانب” مدجّن ومحبوس في أقفاصه ثمان سنوات ولحدّ الآن ! ,  وعقّب المالكي على ذلك في ذلك الوقت على أساس  أنّه  كان لا علم لما جرى به ولا بمن اتّخذ القرار قائلاً أنّه مثل باقي العراقيين لا علم له بها ! , وهو كذب صريح بطبيعة الحال كما أثبتت بعد ذلك الأيّام .. ولإحباك تمثيليّة “الاستنكار” أو الاستغراب تلك والّتي اعترت سعادته حينها , أمر “بعد عودته الميمونة من مصر” بتخفيف منظر هذه الكتل الكونكريتيّة الّتي ألهبت درجات حرارة بغداد صيفاً طيلة 8 سنوات , وخفّضتها إلى ما دون منخفاضاتها الطبيعيّة في الشتاء ؛ عندما حشد مجموعة “رسّامون” يخفّفون من قساوة منظرها أمام أنظار المارّة في عمليّة تجميل “وتزوير” لوحوش مفترسة قلّ نظيرها ..

تلك الكتل الكونكريتيّة الّتي انتشرت على ضفاف شوارع بغداد” وصدّعت مشاعر العراقيين بلونها “الرصاصيّ” هذا اللون الّذي طالما استخدمه المرحوم “الفريدهتشكوك” كخلفيّة لمصائده المفاجأة في أفلامه المرعبة , زادت بأضعاف مضاعفة من عمليّات القتل المنظّم للشعب العراقي بأنواع التفجيرات وبأنواع الاغتيالات وعمليّات الاختطاف والخطف وكانت ساتراً ممتازاً لعمليّات القتل بالكواتم , وبانفجارات تدميريّة شاملة بعضها اقترب من نووية هيروشيما ! , ممّا يعني أنّ قرار نشرها كان قراراً خاطئاً ولم يكن سوى تحدٍّ لمشاعر الشعب , في حين , أنّ من واجب الحكومة ( الحفاظ على أمن المواطن ) باتّخاذ إجراءات انسيابيّة وتدابير أمنيّة حقيقيّة وباحتياطات تتبّعها الحكومات المحترمة لشعوبها بتخطيط علمي وبرسم ستراتيجيّات أمنيّة مدروسة بشكل عميق وبدراسات عمليّة تراعي مشاعر مواطنيها , هكذا الأصل بين الرئيس والمرؤوس ! لا أنّ تستهين بشعبها وتعتبره معبراً لملذّات مناصب ذاتيّة تعامل الشعب وكأنّه مواكب ومجاميع لطم  وركضات ورايات مبتلّة بماضٍ سحيق ! , فكثيراً ما أقيل وزير أو رئيس  في البلدان الّتي تحترم مواطنيها على إثر غرق طفل أو اختطافه أو اختراق أمني في بلدان أوروبيّة أو في غيرها الفقيرة الحال أيضاً كالهند مثلاً أو سريلانكا , ممّا يعني أنّ “حكومتنا” الّتي استمرأت “ميانتها” بالاتّكاء على الشعب لتحقيق مصالحها الذاتيّة , في واد , والشعب العراقي في واد آخر .. !

مغالطات تعصف بكلّ من ينافح دفاعاً عن هذه “الحكومة” تمتلأ بها كتاباتهم لا تقلّ حججهم المفتراة خطورةً على الشعوب من حجج الأفتاء السلطانيّة لوعّاظ السلاطين رغم علمهم بأنّهم يدافعون عن حكومة هي في حقيقتها لا بالعير ولا بالنفير وليس لها أدنى تأثير على مساحة ولو بضعة أمتار في الداخل العراقي “سوى أبراجهم المحميّة الّتي يحتمون بها في اتّخاذهم قراراتهم الّتي تتعاكس وطبيعة مشاعر الفرد العراقي” وليس لها أدنى تأثير خارج حدود العراق لا سياسيّاً ولا اقتصاديّاً ولا دينيّاً ولا اجتماعيّاً ولا عسكريّاً  .. حكومة “معرّتة” ومتشبّثة “لكطع النفس” بتلابيب وبأقدام كراسيّ الحكم لا يريدون مفارقتها حتّى لو أبيد الشعب العراقي وفني عن بكرة أبيه “بحكم الميانة الزفرة” , في حين أنّهم هم أنفسهم هؤلاء أعضاء الحكومة من أخبرنا , وصدّقناهم , سابقاً , وبوسائلهم الخاصّة , أنّ “السيّدة ساجدة” زوجة الرئيس العراقي صدّام حسين قالت أنّها لا تُمانع من حكم العراق ولو بقي منه ثمانية أنفار فقط ! , ويا سبحان الله , كان ما روّجوه , جاء دون أن ننتبه حينها , بالتزامن مع إدلاء “مادلين أولبرايت” وزير خارجيّة الولايات المتّحدة الأميركيّة آنذاك بمقولتها المنحرفة الشهيرة حينما سألوها عن مشاعرها كأنثى وكأمّ في جريمة  وفاة المليون ونصف المليون طفل عراقي قضوا بسبب حصار العراق , أجابت هذه الأمّ والأنثى : “أنّ إسقاط النظام العراقي يتطلّب أكثر من ذلك .. !

حامله وناقله وجليسه و”شاربه” , ولكنّ الحديث النبويّ هذا ينطبق في السياق نفسه أيضاً على ناقلوا السوء كلاماً بذيئاً أو نفاقاً او غيبةً وليس الخمر وحده.. فهل يتحمّل كتّاب حكومة الجهلاء , مع أعضائها , وزر مقتل وجرح وإعاقة الملايين من الضحايا العراقيين منذ حصار العراق وبعد احتلاله وتدميره أم أنّ أعضائها فقط يتحمّلون ذلك الوزر! .. بالتأكيد أنّ “من يزيّن لهم أعمالهم” لأعضاء هذه الحكومة من أقلام السوء وإسكار المخدوعون وتخديرهم  أكثر تحمّلاً للوزر منهم , فهم المنافقون “إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار”  صدق الله العظيم  .. يعني الّذي يزيّن بقلمه أعمال هؤلاء المنصّبون من قبل دول “الكفر” في النار أسفل فرعون بنصّ القرآن إن كانوا يؤمنون به حقّاً ..

غالبيّة العراقيين يعلم في سرّه أنّ الراعي الأميركي هو من يتقصّد في جعل هذه الحكومة حكومة ضعيفة  تتأرجح باستمرار لحين ما يجد مصلحة له في تغييرها , لامتصاص نقمة شعب العراق “وهكذا سيستمرّ الحال لمئة سنة قادمة إنّ لم يجدّ ويجتهد شعب العراق ويبحث عن طريقة ما توصله لكنس حكومات محميّة ومرهونة إرادتها لدول الخارج  ,  بربيع حقيقي يفجّره فيهم عنوةً وبالقوّة لا ربيع تفتيتي مزيّف فجّرته قوى خارجيّة برسم مسبق وناعم لامتصاص اعتمال تراكمي في نفوس الشعب العربي حان وقت “امتصاصه” ! ..

المدافعون عن “إلغاء” بطاقة التموين هذه ليس لهم ولا لأعضاء الحكومة ولا لوعّاظهم من كتبة ومفتون دجّالون منافقون مصلحيّون , أدنى تصوّر , أو أنّ لديهم علم ولكنّهم منافقون , بأحوال السوق العراقي , وبأحوال المعوزون والمحرومون الّذين باتوا يمثّلون ثلاثة أرباع الشعب العراقي تحت ضلّ حكومة تتلاعب بمئات المليارات من الدولارات كما يتلاعب الصبية بالتراب , بما يثبت إثباتاً عمليّاً أنّ الحصار على العراق لا زال قائماً ! .. إذ ليس الحصار في حقيقة جوهره هو فقط المنع المباشر عن وصول الطعام والدواء ومستلزمات الحياة الكريمة عن الشعب المستهدف.. بل هو المنع الغير مباشر لجميع هذه المستلزمات !؟ , وهو ما يفسّر للمدقّق الفطن وكأنّ الحصار على العراق تحوّل من مرحلته الأولى , أي من الحصار المباشرة ,  إلى مرحلة ثانية تختلف طبيعتها عن مرحلتها الأولى عندما كان الحصار مباشراً .. أمّا كيف نستدلّ بكون الحصار الجائر لا زال مستمرّاً على العراق بل بأشدّ من ذي قبل , هو ما نلحظه على أسعار المواد الغذائيّة الّتي ارتفعت إلى أرقام تجاوزت السقف العالمي وتضاعفت عن ما هي عليه في أوربّا نفسها بالضِعف , علماً أنّ دخل المواطن الأوروبّي الشهري هو الضعفين عن ما يتقاضها “سعيد الحظّ” المواطن العراقي ممّن حصل له على وظيفة “مرهونة” ! , ومع ذلك فلا يكفي مرتّبّ هذا الموظّف هو وعائلته خمسة أيّام أو عشر في أحسن الأحوال إذا ما حاول أن يتماشا ومستلزمات الحياة العصريّة الّتي وعدت بها باقة أحزاب وأعضاء العمليّة السياسيّة الوافدة من الخارج شعب العراق بأسره وليس طبقة معيّنة منه ..  فالكهرباء أصبحت شبه معدومة ولا يقوى عليها كاملةً إلاّ من كان “راتبه” يتجاوز الثلاثة ملايين دينار في حين أنّها كانت في مرحلة الحصار المباشر بعكس ما عليه في مرحلة الحصار الثانيّة الحاليّة , عندما كان التيّار الكهربائي شبه مستمرّ ! .. والتعليم بجميع درجاته بالرغم من الحصار المباشر كان تعليماً يفوق دولاً معافاة ومرضيّ عنها من قبل دول الغرب , بينما اليوم يتسوّل الكثير من العوائل العراقيّة دول الجوار أو الأبعد في الحصول على مقعد دراسي لأبنائهم “العوائل من عقيد جايجي فما فوق” احتراماً لمستقبل أبنائهم .. أمّا الخدمات الصحّيّة فحدّث ولا حرج ! فقد فقد العراق جلّ اطبّائه في مرحلة الحصار “الأوّل” ولكن التعليم العراقي , القويّ آنذاك رغم قسوة الحصار كان يعوّض باستمرار ما يفقده من أطبّاء ومهندسون وفنّانون .. أمّا اليوم فجميع من يريد أن يرى مستقبله واضح أمامه يصيح في سرّه “يا فكيك !” كما يقول المصري ما أنّ يحصل على دراسته “الثانويّة” ! فيمتهن التسوّل حول المهرّبين وحول السفارات العربيّة أو الأجنبيّة , ممّا انعكس ذلك بالتالي على الوضع العلمي والاجتماعي وعلى الروابط الأسريّة الجامعة للعراقيين وأصبح الخواء الوطني صفة أو “ضمير ثاني” يحدّث العراقي بانّ بلده الحقيقي ليس هذا بل خارج الحدود !

الحصار هو أن ترى الملايين من العملة الصعبة تتطاير أمام عينيك ولكنّك لا تستطيع الإمساك ولو بقيمة شراء  قوت يوم واحد لك أو لعائلتك !! … كان المواطن العراقي أيّام الحصار “الأمّ” يسمع سماعاً بالعملة الصعبة ولكنّه قليلاً ما كان يرى شكلها , بينما اليوم يراها بعينيه اللتين برأسه في برامج الفضائيّات الّتي تتغنّى برفاهيّة العراقي الجديد وفي دعايات الفنادق والنقل بالطائرات وفي المنتجعات وفي أنواع المنتجات الكهربائيّة المستوردة ولكنّه لا يستطيع مشاركة ذووا الحظّ والحضوة أقارب المسؤولين والمسؤولين وخدمهم وحماياتهم المليونيّة أو الإمساك بواحدةٍ منها , وهنا الأمر يشكّل منتهى الخطورة على الأوضاع النفسيّة لثلاثة أرباع  الشعب العراقي وهي الفئة الكبرى المحرومة من هذه الامتيازات الّتي يتمتّع بها فئة خاصّة من الشعب نستطيع أنّ نطلق عليها “الفئة الذهبيّة” ..!!

الـ”ستلايتات” والثلاجات بأنواعها والهواتف النقّالة والمراوح وجميع المواد الّتي يمتلأ بها السوق العراقي وتفترش أرصفة شوارعه  والّتي تدفّقت جميعها عليه منذ أوّل أيّام الاحتلال تمتصّ “وهو المطلوب أميركيّاً وإسرائيليّاً” غالبيّة أموال النفط المتدفّقة على العراق و”المعفيّة” من التخصيصات العسكريّة ! ؛ ليس معناه أنّ الحصار تمّ رفعه عن الشعب العراقي كما يتصوّره من ارتبكت عليه الرؤية البصريّة ! إطلاقاً .. بل إنّ كلّ الّذي بات يفترش حياتنا من بضاعة مستوردة يثبت أنّ دول الجوار وغيرها هي في حقيقتها من رفع عنها  الحصار سنة 2003 بعد غزو السوق العراقي وليس الشعب العراقي ! .. ولا ننسى أيضاً أنّ “الحصار” قدّ تمّ رفعه أيضاً عن جميع استخبارات الدول العربيّة والموساد الاسرائيليّة والسي آي إي الأميركيّة والكي جي بي الروسيّة والسافاك أو اطّلاعات الإيرانيّة والّتي كانت جميعها تحلم باختراق شبر واحد من حدود العراق زمن الحصار المباشر أو سبر غور وشيجة بحجم “نانو” من وشائج ضمير العراقي .. !

أنا أشبّه وضع العراق الآن ومنذ تسع سنوات بفرصة استراحة “بين الدروس” سرعان ما “يدكّ الجرص” ويعود كلّ شيئ إلى وضعه الطبيعي بذهاب كلٍّ إلى “صفّه” ! وهو لابدّ ويكون كذلك .. فهذه الحكومة يجب الحجر عليها من قبل جهات تراعي ضميرها , كون هذه , الحكومة مجازاً , باتت ما يمكننا أن نطلق عليها حكومة القرارات المدمّرة لشعبها .. ولو كانت تمتلك هذه الحكومة قوّة حقيقيّة واسعة بين شرائح المجتمع العراقي , ولديها قوّة عسكريّة حقيقيّة أيضاً توازي قوّة العراق “أيّام زمان” , سوف لن تقتصر قراراتها المؤذية على الإجهاز على المواطن العراقي فقط ومطاردته في لقمة عيشه وقطع كل ما يمكن أن يوصله إلى سبل الحياة الكريمة وإبعادها عنه واعتقاله وتغييبه في المعتقلات وغياهب السجون وبأنوع متفنّنة من طرق التعذيب , بل ستختلق الحروب تلو الحروب على دول الجوار “من الّتي تشعر في ذاتها أنّها تكرهها لله في لله !” مثل تركيا والأردن وسوريا و”السعوديّة” وقطر ومصر وليبيا وتونس واليمن “وإيران لأ  إيران  لأ إيران لأ” ! كما يقول المنولوجست المصري “ثلاثي أضواء المسرح” العِشا لأ العِشا لأ العِشا لأ في نقده لحياة الراقصات قبل أربعين عاماً في إشارة إلى التديّن المزيّف الّتي تمتهنه بعض الراقصات في تلك الفترة لتحسّن من سلوكها المهنيّ القبيح أمام الناس , فهي تصلّي جميع الأوقات “فقط العشاء لا” ! .. ولشهد العراقيّون الأمرّين , ليس بحرب ثمان سنوات بل بحروب لا تقلّ عن أربعون عاماً من ويلات تلك الحروب تزيد أضعافاً ممّا كانوا يتّهمون به “النظام السابق” عندما كان النظام والشعب المكتوي بأفعال إيران العنصريّة وتخفّيها نفاقاً خلف مأساة الحسين ع حين كان يدافع عن العراق ضدّ دول وحكومات تستاهل الذبح ونثر دماء ولحوم جيوشها في الهواء كما أثبتت

الشنائع والفضائع الّتي عملوها بالعراق عقب غزوه عرباً وفرساً وغيرهم ..

البطاقة التموينيّة هي هويّة الحصّة التموينيّة فرضتها “مغامرة” احتلال الكويت ممّا حدا ببعض الاقتصاديين العراقيين البارعين , وما أكثرهم في ذلك الوقت , عندما وضع نفرٌ مبدع منهم  أسس هذه “الحصّة” العظيمة الّتي كانت الدرع الواقي والسياج الكونكريتي الحقيقي الّذي حافظ على حياة ملايين العراقيين من وطأة أبشع وأجرم حصار اقتصادي وسياسي وعسكري واجتماعي وعلمي وثقافي ضرب حول العراق أريد به إبادة شعبه وتغييبه عن الوعي كاملاً , لا حصار النظام أو تجويعه كما زعم إعلام القوادة والعهر واللحم الرخيص , كون هذا الشعب العظيم قارع لوحده  العرب ودولها والغرب ودولهم , حسبت له وسيحسبها التاريخ له , قصر الزمن أم طال , كأعظم شعب واجه العالم بما لا ولن يأت قبله ولا  بعده , بمفرده , ومرّغ أنف أقوى قوّة , بالتراب , وسيشهد الله جلّ في علاه بذلك أمام الجميع يوم الحشر , رغم ما قدّم الكم الهائل من الضحايا والشهداء مكانهم الآن مع الرسول والانبياء وآل البيت بإذنه سبحانه ..

فلولا الحصّة التموينيّة لانتشرت أيّام سنوات الحصار المباشر , جميع  الأوبئة والأمراض الخطرة ولأصبح البلد غير آمن تماماً ولسرق الأخ اخيه ولقتل بعضنا البعض لأجل لحم “جرادة” ولفتحت حدود العراق لجميع عصابات العالم ولفتحت شبابيكه لأخطر مافيات العالم من الّتي دخل بعضها بعد الغزو , ولشرّعت أنفاقه ومداخله الخلفيّة لجميع مخابرات دول العالم ولاستحدثت أسواق بيع الأعضاء البشريّة والكلى والقلوب ربّما ولبيع “الظنى” وفلذّات الأكباد أطفالاً وولداناً وصبيةً وبنات علانيةً بين الأزقة والحارات ..

“إبادة جماعيّة” واجهتها بالنيابة عنّا حصّتنا اليوميّة الغالية صديقة العائلة ومعيلها الدائم ومنعت عن المواطن العراقي والأسرة العراقيّة الحصار الأعظم في التاريخ , فلولاها لشهد العراقيّ صباح كلّ يوم جثثاً مرميّة بين ازقّة الحارات وفي الشوارع “وهو غرض رئيسي من أغراض الّذين وقفوا خلف فرض الحصار لكنّهم فشلوا” ولجرى الناس يركضون خلف فأرة أو صرصار كما حصل في “حصار الكوت” وفي حصار الموصل الشهير وفي حصار “ليننغراد” ولتمّ التهام جميع الدواب ولأكل الناس بعضهم لحوم بعض ولأبيد أكثرنا إن لم نكن جميعاً ولصار القتل بالمجّان ولأصبح العراق عبارة عن ولايات مبعثرة ليس لها لا ساس ولا راس مثلما يقال “بالعامّيّة” العراقيّة ولأصبح العراق أثراً بعد عين .. ولكنّ الله ستر “بسورة يوسف” عليه الصلاة وأتمّ التسليم ..

أنا من أنصار بقاء هذه الحصّة العظيمة ثابتة تمارس كطقس شهريّ وطني مثلما تمارس انشطة “رفع العلم” .. لأنّ الحصّة هذه أصبحت شاهد وراوية تحكي للأجيال القادمة سنوات الجمر والنار والحصار الّتي ضربها العالم حول العراق العظيم  .. فالأمم العظيمة هي الّتي تتناسب وعظمة القوى المعتدية عليها .. والرجال على قدر أفعالها , وهذا ما يدركه الّذين يقفون خلف إلغاء هذه الحصّة بعد أن حاصروها منذ 2003 ولغاية إصدار “الغزو” والإلغاء .. !

الحصّة أصبحت رمزاً من رموز عبور المحن والكوارث العظام فهي برأيي كسفر صراع كلكامش وانكيدو الّذي أدخل “الخلود” للعالم بمسمّيات خالدة للأشياء .. وهي بمثابة سفينة نوح وهي عجيبة جديدة من عجائب جديدة من عالم قادم وهي حصّة النبيّ يوسف الّتي عبر بها بشعب مصر “السبع العجاف” ..

حكومتنا ناقصة عقل وإدراك , تريد , وبنوايا خبيثة يقف خلفها من يقف ! أن تذهب تضحيات الشعب العراقي سدىً دون أثر يُذكر يسجّل لهذا الشعب الأعظم , بغضّ النظر عن نظامه آنذاك , وببسالته طيلة ثلاثون سنةً ؛ أنّا تُذهب هباءاً منثوراً لا والله , بمحاولة ضرب هذا السياج الحديدي الكونكريتي الفولاذي بقرار جائر وعدواني ومغرض تماثل قوّته التدميريّة القوّة الّتي دمّرت البنى التحتيّة العراقيّة .. 

أعظم بناء اقتصادي تحتي أمدّ شعب العراق العظيم بالغذاء وجبرت خاطره طيلة سنوات التدمير ـ العربي الغربي الفارسي ـ الّذي تعرّض لها وجعلته واقفاً كالطود الشامخ شموخ برجه ببابل يناطح غيوم الشرّ بألوانها السموميّة التدميريّة , ولأجل ذلك بارك الله في هذه الحصّة فجعل مكوّناتها بعد ذلك أوصلها الباري إلى ( 22) مادّة غذائيّة وحليب أطفال أغنت المواطن وحصّنته اكثر حتّى أنّه أخذ يبيع ما زاد منها ! ؛ طمستها حكومات الاحتلال الطائفيّة رغم تدفّق مئات المليارات عليها فأنزلوها بدل أن يحصّنوها أكثر بمواد تصل حتّى الأدوات الاحتياطيّة للسيارات وبطاقات تسجيل اقتناء السيّارات بأنواعها “بحسب الوضع المهني لربّ العائلة”  وخصم 50 بالمئة من ركوب الطائرات والحافلات العامّة وخصومات لتذاكر حفلات رقص الباليه وتذاكر دخول المسارح وحفلات الموسيقى “لتشجيع المواطن وفتح آفاقه أوسع فأوسع” وبأنواع الطرق والأساليب المنمّية , وبدل أن يضمّنوها كلّ ذلك وغيره ؛ وإذا بهم ينزلونها إلى حصّةً يبوس مكوّنها بين ثلاث إلى خمس مواد غذائيّة بالكاد تكفي سدّ رمق ملايين العاطلين عن العمل !

الحصّة التموينيّة يجب أن يمارس طقوسها الشعب العراقي كلّ شهر كما يمارس “زكريّا” إحياءاً لصمود النبيّ زكريّا سنين طوال مواجهته آلام “الفرديّة” الّتي كان يعاني منها ..

الحصّة التموينيّة يجب أن يدرّس كلّ ما يتعلّق بها في مدارس ومعاهد وكلّيّات التعليم بأنواعه أسوة بما أضيف في العراق الجديد لتلميع تاريخ بعض “دول الجوار” !

لتبقى الحصّة التموينيّة حيّة بيننا كأحد أفراد أسرة كلّ واحد منّا , كيداً بالمغرضين , تروي للأجيال صمود العراقيين كما صمدت “صينيّة الزكريّا” وألواح شموعه تصارع أمواج الطوفان وكما صمد “مدفع أبو خزأمة” يدافع عن بغداد في عهود الظلام التركي الفارسي العنصريّين ..

أحدث المقالات

أحدث المقالات