لا شكّ أنّ الأنباء التي تحدّثت عن مطالبات رئيس مجلس النوّاب أسامة النجيفي ومن قبله نائب رئيس الوزراء صالح المطلك , الولايات المتحدة الأمريكية بتزويد عشائر الأنبار بالسلاح والترّيث في إرسال السلاح إلى العراق لمقاتلة الإرهاب , قد أعاد موضوع تسليح الجيش العراقي إلى الواجهة , فالجميع يعلم أنه بعد قرار الحاكم المدني في العراق بول بريمر بحل الجيش العراقي , كانت هنالك جهودا داخلية وخارجية حثيثة لمنع إنشاء جيش عراقي قوي قادر على حماية أرضه وشعبه ونظامه الجديد , فمبدأ الدولة القوية والجيش القوي يتعارضان كليا مع التطلعات القومية الكردية في إنشاء وطن قومي للأكراد في شمال العراق , ولهذا فإنّ جهود حكومة إقليم كردستان ومنذ سقوط النظام الديكتاتوري في العراق وحتى هذه اللحظة , تنصّب في وضع كل العراقيل والعقبات أمام تسليح الجيش العراقي بالأسلحة الحديثة والمتطورة , مبررة ذلك بمخاوف استخدام هذا السلاح بشن حرب جديدة على إقليم كردستان , ولهذا ترى كل القيادات الكردية ودون استثناء تؤكد على الدوام بأنّ مخاوف المجتمع الدولي ودول الجوار والمكوّنات العراقية الأخرى من تسليح الجيش العراقي هي مخاوف مبررة ومشروعة .
وللاسف الشديد أنّ هذه التبريرات الكردية الواهية ومساعي الأكراد في عرقلة تسليح الجيش العراقي بالمعدات والأسلحة الحديثة والمتطورة , كانت على الدوام تلقى آذانا صاغية من بعض السياسيين قليلي الخبرة وبعض الكتل السياسية المحكومة بالأجندات الطائفية , حيث كانت هذه القوى السياسية على الدوام تفتعل الأزمات والمشاكل أثناء مناقشة ميزانية الجيش العراقي الذي يفتقد لكل شئ يمّكنه من حماية أرضه وأجوائه وأمنه , وقد اشار رئيس الوزراء نوري المالكي في أكثر من مناسبة إلى أنّ تأخر تسليم الاسلحة والطائرات للعراق يعود لتدخل جهات عراقية وإقليمية لعرقلة تسليح العراق , معللا هذا الأمر بأنّ هذه الجهات لا تريد عراقا قويا .
وموضوع عرقلة تسليح الجيش العراقي بالمعدات والأسلحة الحديثة والمتطورة , هو جزء من المؤامرة التي تستهدف تمزيق الوطن العراقي والانقضاض على نظامه الجديد , ومطالبات بعض المسؤولين في الدولة العراقية الولايات المتحدة الأمريكية بعدم إرسال السلاح للجيش العراقي , هو تآمر وخيانة للوطن وللقسم الذي أقسمه هؤلاء المسؤولين بالحفاظ على استقلال العراق وسيادته والسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي , فمن غير المعقول ولا المقبول أن يصل التآمر على الوطن بهذا الشكل الفاضح والعلني , فها هي الأجندات القومية والطائفية تلتقي في معاداتها للجيش العراقي الذي يقاتل الإرهاب الدولي ويسعى لتأمين حدوده وأمنه اللذان يتعرضان لتهديدات حقيقية من بعض دول الجوار .
إنّ التآمر الإقليمي والمحلي بمنع تسليح الجيش العراقي وإضعافه , قد وصل إلى مديات خطيرة تستدعي الوقوف عندها , خصوصا بعد زيارة اسامة النجيفي وصالح المطلك إلى الولايات المتحدة الأمريكية وجهودهما في عرقلة إرسال السلاح إلى الجيش العراقي من أجل التصدي للتنظيمات الإرهابية المارقة , وهذا يستوجب من أعضاء مجلس النوّاب إيقاف فصول هذه المؤامرة القذرة , وتوجيه تهمة الخيانة العظمى لهما , باعتبار أنّ مساعيهما هذه تنصّب في خانة أعداء العراق المتربصين لتمزيقه والانقضاض على نظامه الديمقراطي , فالبلد بدون جيش قوي قادر على حفظ حدوده وأجوائه وأمنه سيكون هدفا سهلا لكل طامع يتربص به , ولا بدّ لكل غيور وحريص أن يعي هذه الحقيقة .