14 ديسمبر، 2024 3:01 ص

لعب جهال : الحكومة العراقية وتظاهرات العراق

لعب جهال : الحكومة العراقية وتظاهرات العراق

إندلعت في بعض مناطق العراق خصوصاً في بغداد مظاهرات توسعت خلال اليومين السابقين لتشمل أعداد كبيرة من العراقيين معظمهم من الشباب ممن ليس لهم أي إرتباط بحزب أو بمليشيا مسلحة أو بشخص أو برمز ديني ” متخلف أو حتى متحضر ” أو بقوى خارجية مهما كانت ، فقط يجمعهم الشعور الوطني الذاتي والمجرد لبلد أسمه العراق والإنتماء المطلق للعراق فقط وليس لأي شيء آخر. وَمِمَّا يؤسف له إن السلطة تعاملت بكل وحشية وعدم مهنية لقمع هذه التظاهرات السلمية بحيث سقطت أعداد من القتلى والجرحى دون أي مبرر . وبدل أن تسارع الحكومة والسلطة الحاكمة لدراسة الوضع وأبعاده بشكل جاد ومعالجة الأمور بالشكل الصحيح والحضاري لجأت الى أساليب القمع الوحشية التي يمارسها عادةً روؤساء المافيات والعصابات والمليشيات المسلحة والنظم الديكتاتورية والفاشية . ولكون العراق يَدّعي بأنه يمارس النظام الديموقراطي ، أي ليس نظاماً ديكتاتورياً أو فاشياً ، إذاً فإن المسؤولين عن إدارة شئون البلد بإجراءاتهم القمعية والوحشية للتظاهرات السلمية تعتبر ممارساتهم هذه ضمن ممارسات روؤساء المافيات والعصابات والمليشيات إتجاه الأفراد والمجتمع عندما تتعرض مصالحهم للخطر . ومن البساطة أن نبين بأن تصرف الحكومة والسلطة إتجاه المظاهرات السلمية وما تمخض عنها من ردود أفعال وإجراءات ما هي إلا عبارة عن ” لِعب جَهال ” :
أولا: جميع المراقبين أثبتوا سلمية التظاهرات عموماً ، وإذا كان هناك بعض التجاوزات من قبل بعض المندسين للقيام ببعض الأعمال التخريبية فيمكن ببساطة رصدهم ومحاسبتهم وليس من خلال إستخدام الرصاص الحي ليودي بأرواح متظاهرين ومحتجين أبرياء ينادون بأبسط الحقوق الإنسانية. وهذا يدل على إن السلطة الحاكمة هي من زرعت بعض من عناصرها للقيام ببعض من أعمال الشغب وذلك لإتهام المتظاهرين بهذه الأعمال المفتعلة لتبرير وحشيتها في قمع هذا النشاط الجماهيري العفوي . وعليه فإن دور الحكومة والسلطة في هذا المجال عبارة عن ” لِعب جَهال “.
ثانياً: إجتمعت عباقرة الروؤساء ( رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء وروؤساء الأحزاب والكتل السياسية ” المقدسين جميعاً ” ) لتدارس الوضع ومواجهة هذه الحالة الإستثنائية والخطرة لتتمخض عن عبقريتهم الفذة بيان من عدة فقرات من المهم جداً تلخيصها لإثبات مسلسل ” لِعب جَهال “. أهم ما تمخض عنه إجتماع ” العباقرة ” هو ما يلي : ( إقرار عدد من القوانين ، إجراءات مباشرة بقضايا الفساد ، إحترام المبادئ الديموقراطية ، دعم الحكومة ومجلس النواب لتحقيق الإصلاحات البنيوية والإقتصادية ، وضع برامج حقيقية بجداول زمنية لها ، توفير فرص العمل للقضاء على البطالة ، خطط بناءة لتوفير السكن ، حوار وطني بناء …. الخ ).
والسؤال هنا لكافة السياسيين وروؤساء الأحزاب والكتل والشخوص والرموز التي تولت مسوؤلية إدارة العراق ومستقبله منذ عام ٢٠٠٣ ولحد هذا اليوم : أين كُنتُم خلال الستة عشر سنة الماضية ولحد الآن من هذه الوعود الإصلاحية والتنموية لكي تفكرون وتصرحون بالبدء بها الآن وكأنما كُنتُم ، قبل هذه التظاهرات ، مشغولين بكيفية الإستحواذ وسرقة موارد البلاد ما دام عموم الشعب جاهل ومُستغفَل وبسيط وقانع لواقعه بأساليب الجهل والتغييب العقلي والذهني الذي مارسته أحزاب الإسلام السياسي المتخلف الذي تولى قيادة العراق ، والآن ما دام الشعب بدأ إدراك الحقيقية وصَحِيّ من غيبوبته ” نسبياً ” بدأتم بإتباع الأساليب التقليدية في تخدير الشعوب والضحك عليها بإجتماعات صورية خبيثة ومخادعة للرئاسات ورؤساء الكتل والأحزاب الحاكمة لإمتصاص هذا الهيجان الشعبي ومن ثم ” تعود حليمة على عادتها القديمة ” حسب المثل العراقي الشهير. أليس هذا ” لِعب جَهال ” أم ماذا ؟.
ثالثاً: خلال فترة التظاهرات السلمية يخرج أحد كبار رموز السلطة في العراق ومن يتحكم بقراراته المهمة ، وهو جاهل لا يحمل أي مؤهل دراسي مناسب أو مؤهل علمي أو ثقافي أو إدراكي ، والذي يتمشدق بالوطنية بمناسبة وغير مناسبة ، ويتبعه مع الأسف قطيع من البشر لا يفقهون من الدنيا إلا ما يأمر به ” السيد ” بتغريدة تنم عن أقصى درجات الجهل والغباء وهي عدم المشاركة بالمظاهرات الوطنية الخالصة بحجة غبية وهي الحفاظ على صبغة ” الوطنية البحتة ” للمظاهرات وإبعادها عن صبغة ” التيارية ” . بهذه التغريدة الغبية أثبت هذا الرمز الذي يتحكم ، مع آخرين على شاكلته ، بمصير البلد بأنه شخص طائفي وفئوي يهمه فقط تياره بمعزل عن مصلحة الوطن من ناحي ومن ناحية أخرى ولائه الحقيقي والضمني للجارة إيران وإطاعة أوامرها وكذلك الخوف من نجاح المظاهرات الوطنية البحتة والسلمية من إسقاط الحكومة وهذا الرمز المتخلف هو جزء مهم من الحكومة ويتحمل كل الإخفاقات والتخلف والمآسي الذي يعاني منها الشعب العراقي . ويبقى ، مع الأسف ، وقوف أتباع ( أي قطيع ) هذا الرمز المتخلف والجاهل دون مشاركة فعلية للتظاهرات الوطنية عدا البعض منهم ممن تجرد عن هذه التبعية العمياء وشارك في التظاهر بدافع الوطنية المخلصة غير المسيّسة وهؤلاء يستحقون كل التقدير والإحترام . ألم يكن تصرف مثل هؤلاء الرموز المتخلفة عبارة عن ” لِعب جَهال ” ؟.
والى مقالة أخرى من مسلسل ” لِعب جَهال ” .