بعد اكثر من عشرين سنة لايملك اي منا الا ان يسأل نفسه هل من سبيل لانقاذ العراق بغير التغيير الشامل والجذري الذي اعلنه ىبشكل واضح وصريح ابطال تشرين في 2019من خلال الشعار الكبير ( نريد وطن ) . فقد كان واضحاً ومنذ ان تم تشكيل مجلس الحكم بصيغته المحاصصاتية ان هنالك اتجاهاً اميركياً لتحويل العراق الى منطقة صراع طائفي وتأجيج الصراعات الثانوية وتغليبها على القيم الوطنية ، ويبدو ان هذا التوجه كان يتوافق مع الاحزاب الاسلاموية التي وجدت فيه ضالتها لتحقيق غايتها في تقويض اي توجه ديمقراطي حقيقي .. وما يؤسف له غياب هذه الحقيقة عن احزاب وشخصيات وطنية توهمت ان باستطاعتها تصحيح الاوضاع الشاذة ببناء نموذج حكم مدني ديمقراطي فشاركت بعملية سياسية ولدت ميتة سريرياً بسبب المحاصصة المقيتة باسوأ انواعها .. وقد اثبتت السنوات اللاحقة ومنذ تجربة اول انتخابات برلمانية في 2005 والى اليوم الخطأ الذي ارتكبته هذه الشخصيات والاحزاب الوطنية وضعف مبرراتها .. فقد تصاعد النفس الطائفي وتمترس بالسلطة والمال السياسي وهيمن على مقدرات الوطن وخسرت الاحزاب الوطنية فرص الحصول على فرص متكافئة تجعلها قادرة على منافسة الاحزاب الاسلاموية في الانتخابات البرلمانية بكل ما فيها من تلاعب وتزوير ، وبقي دورها ضعيفاً في الاحداث ففقدت ثقة عدد غير قليل من المواطنين .. وبدلاً من ان تراجع الاحزاب الوطنية سياساتها وتغيير خطابها بما يتناسب والتحديات التي مر بها العراق ،استمرت بنفس مواقفها ولم تثبت للمواطن قدرتها على تطوير اساليب عملها وحل اشكالاتها وخاصة ما يتعلق بتوحيد صفوفها بدلا من حالات التشرذم .وحين بدأت الجماهير وخاصة الشباب تعبر عن تذمرها وغضبها من الفساد وفقدان السيادة والفوضى وضياع القانون وعدم المساواة منذ تظاهرات 2011 وتطور حركة الاحتجاج وتصاعدها في تشرين 2019 ، فشلت الاحزاب الوطنية في مواكبتها والتفاعل معها مما اضاع فرصة التغيير الذهبية التي كانت متاحة حيث ان ضعف تأثير لاحزاب الوطنية بالتأثير على شباب تشرين وبقاء هؤلاء الشباب بلا قيادة موحدة سمح لاحزاب السلطة وغيرهم من اختراق تجمعات انتفاضة تشرين وافشالها مع الاسف ..
الخلاصة بان المرحلة التي يمر بها العراق بكل مخاطرها وتداعياتها تتطلب منا الحديث بصراحة متناهية فما عاد هنالك مكاناً للمجاملات ،و لست في موقع الواعظ لاحزاب وطنية لها تاريخها النضالي المشرف واتمنى ان يتسع قلب هذه الاحزاب لرأي صحفي متواضع ، غير ان وجعنا كبير مما آلت اليه الاوضاع في العراق ،لذا ومن هذا المنطلق نأمل من الاحزاب والشخصيات الوطنية ان تعيد حساباتها وتعمل علىتوحيد صفوفها والتخلي من عقد الماضي والوقوف عن اسباب الانحسار وضعف دورها في الساحة السياسية والعمل على تشكيل جبهة وطنية واسعة هدفها التغيير الكبير والجذري لانقاذ العراق لانه الخيار الوحيد لاستعادة الوطن عافيته ..