اشد العجب مما اقرؤه او اشاهده او اسمعه من الاصدقاء او من غيرهم من تعليقات واراء وسخط ، سواء في وسائل الإعلام المختلفة او وسائل التناطح الاجتماعي ، حول اخر جرائم المحاصصة المقيتة ( وهي الوليد غير الشرعي لاحتلال العراق البغيض والذي مازال مستمراً حتى اليوم ) ، واقصد هنا التصويت على قائمة سفراء وقناصل العراق في الخارج.
ومرد اعجابي ودهشتي واستغرابي هو تساؤلات مشروعة من الغالبية العظمى من شعب العراق اولها : هل ترك سياسيو الصدفة شيئاً في العراق الا وتقاسموه : المناصب والكراسي والوزارات ووكلاء الوزارات والمديرين العامين والمحافظات والهيئات المستقلة والمديريات العامة والاقسام والشعب وصولاً الى اللجان الدسمة والمزايدات والمقاولات والمناصب الامنية والعسكرية .. و اغلبها بلا كفاءة او جدارة او استحقاق او مهارة ، فقط ترشيح او توصية او دعم من هذا الحزب او ذاك ، من هذا التيار او ذاك ، من هذه القومية او تلك ، وليذهب الشعب الى الجحيم .. فهذا هو قدره وجزاؤه اذ يصوّت ويقبل بهذه الشلة الفاسدة عديمة الوطنية والانسانية كل اربع سنوات .. وكل من يعترض فهو اما بعثي او من أيتام النظام السابق او من ابناء السفارات او ارهابي او ناشط يتلقى الدعم من الخارج ، وخذ بالك فان الخارج نوعان : فاذا اخذ الدعم من الشرق فهو مجاهد وبطل ويستحق كل الامتيازات والمكافآت ، واذا كان يتلقى الدعم من الغرب فهو عميل ومرتزق وخارج عن القانون ويجب محاسبته والقصاص منه ..وهذا التفسير يختلف باختلاف المنطقة او القومية او المذهب .
باعتراف أعضاء في مجلس النوام العراقي فان قائمة السفراء العراقيين في الخارج والتي ابدعت الحكومة في اختيارها ودافعت عنها دفاع الصحابة الاوائل كان قد تم التصويت عليها في المجلس في نصاب غير مكتمل وهذا اول خرق لدستور بريمر سيء الصيت .. ثم ان القائمة التي صوت عليها المجلس النائم كانت بلا سيَرٍ ذاتية او تعريفية بالمرشحين الذين يفترض انهم من افضل الشخصيات التي تمثل العراق بالخارج بتاريخه وارثه الحضاري .. ويبدو ان الحكومة كانت ضامنة لاقرارها لانها ابدعت في توزيعها على الاحزاب والقوميات والمذاهب والمناطق لا باستحقاق بل باسم المحاصصة والتوافق واللحمة الوطنية!!! .
فكم من هؤلاء السفراء والقناصل يتقن اللغة الانجليزية او اية لغة اخرى ؟ وكم منهم يحمل شهادة عليا في القانون او الدراسات السياسية والعلاقات الدولية ؟وكم منهم تخرج في معهد الخدمة الخارجية الذي اسسته الحكومة لتخريج اعضاء البعثات الدبلوماسية في الخارج ؟ ومن الطبيعي ان هذه القائمة سيتبعها قوائم وقوائم وفق معايير المحاصصة للقناصل ونواب السفير والملحقين : العسكري والتجاري والثقافي .. ثم قوائم اخرى للموظفين والكتبة والچايچية والحبربش والامن والسواق .. وخلي ياكلون الولد ويتونسون ويشبعون بخيخ وسهرات ودولارات باوربا وامريكا واليابان وغيرها .. وخلي ولد الملحة يعانون انقطاع الكهرباء والحر والرشاوي والزحام والعيش في العشوائيات.. فمن يمسح اكتاف رئيس الحزب او الكتلة او الطائفة و يسير بهواه هو مواطن من الدرجة الاولى ، وباقي الشعب كله من الدرجة العاشرة .
هل فرغت الجامعات والدوائر العراقية من الكفاءات الدبلوماسية ومن الاساتذة الاكفاء المشهود لهم بالنزاهة والاحترام حتى نرشح سفيراً عمره ثلاثين عاماً لمجرد ارضاء والده ، وهل نتجاهل كفاءات معينة لكي نرشح سفيراً مطلوباً للعدالة ولا يعرف الصك من البوك ولا يعرف حتى التحدث باللغة العربية ؟؟. ليس هناك جواب لان الذي يرشح امثال هولاء هو مثلهم تماما والنتيجة ان هناك سفراء اخزونا بلبس الدشداشة العراقية والتجول خارج السفارة، او تصوير زوجته بملابس البيت مع المطربين ، او رفع علم كردستان ( المقدس ) على تلك السفارة او القنصلية ناهيك عن التعامل مع الناس وكأن السفارة او القنصلية ملكاً صرفاً له ولحزبه او قوميته .. دون ان يلمس المواطن اية مواكبات حديثة او متطورة او عصرية في الخدمات القنصلية في غالبية دول العالم..
ونصيحة للمعترضين على المحاصصة او قائمة السفراء الجديدة : اصبر اربع سنوات ، وانتمِ الى كتله دسمة او حزب او تيار ، وداوم على مدح رئيس الكتلة او الحزب او القومية وامسح اكتافه وارفعه الى السماء وادفع له المقسوم ، وخلال سنوات قليلة دبّر لك شهادة معتبرة ماجستير او دكتوراه من سوق الحاج مريدي او ايران او لبنان او اي جامعة اهلية عراقبة مهما كان مستواها او كانت وهمية تدرّس عن بعد ، وانا اضمن لك انك ستجد نفسك اما مديراً عاماً او وكيل وزير او سفيراً للعراق في اليابان او فرنسا ، وبالعافية عليك .. ولا تنساني وتنسى نصيحتي عندما تحمل جواز السفر الدبلوماسي لك ولوالديك ولعائلتك واحفاد احفاد احفادك من الدرجة العاشرة وعندما تركب الجكسارة واللكزس او التاهو المظللة ، سواء داخل او خارج العراق !.