26 يوليو، 2024 9:31 م
Search
Close this search box.

كرسي الطالباني ، مفتاح حل الأزمة السياسية

Facebook
Twitter
LinkedIn

اعتاد السيد رئيس الجمهورية على تكرار مبادراته الحوارية بين الأطراف السياسية المختلفة,على أمل أن تمشي سفينة المحاصصة إلى برها المجهول لنا على الأقل,لتقليل الاحتقان السياسي والطائفي المتذبذب صعودا وهبوطا(وفقا لمقياس الشارع العراقي),
ولكنها محاولات غير جدية ,وليست شاملة ,لأنها لا تحمل في طياتها أي جديد,وليس فيها ما يرضي الأطراف المعترضة على دورها في العملية السياسية, والشراكة الحكومية(القائمة العراقية-المكون العربي السني),
كذلك لم نرى أية مبادرة جادة صدرت عن أي مكون, أو من قبل أي كتلة برلمانية ,تحمل لنا حلولا ناجعة تأخذ بأيدي الشعب والوطن إلى جادة الأمن والاستقرار ,والنمو والازدهار,والاتجاه بقوة نحو إعادة الأعمار الحقيقية
(وليست الترقيعية أو ما يسمى إعادة تأهيل البنى التحتية),
من خلال الشروع بحملة كبيرة لمكافحة الفساد المالي والإداري,والقيام بجملة من الخطوات الدستورية المعدلة ,للنهوض بالواقع البرلماني والوزاري والسياسي عموما.
لقد تكرر الحديث عن تهميش المكون السني وتغييب دوره وحضوره في الأداء السياسي الحكومي,والسبب يكمن كما نعتقد هو بالخطأ الفادح الذي ارتكبه هذا المكون في إعطاء قيادة شكلية للسيد علاوي(وهو شيعي بنظرهم ),
مما عطل المفاوضات المتبادلة مع القوائم الأخرى(قائمة التحالف الوطني),على اعتبار إن السيد علاوي كان ينافس (بعد نتائج الانتخابات الأخيرة) دولة القانون على منصب رئاسة الوزراء,
كان الهدف المزعوم والمعلن من قبل القوائم والشخصيات المنضوية تحت راية القائمة العراقية,هو الهدف الوطني الجامع لمكونات المجتمع وأطيافه المختلفة,لكن الواقع اثبت عكس ذلك تماما,حيث بقيت بعض أطراف المكون السني(السياسي وليس الاجتماعي)
تطمح إلى تعطيل الأداء الحكومي وخلخلة الأوضاع الأمنية ,وعرقلة النجاحات والخطوات الوطنية المقدمة من قبل مجلس الوزراء,وزيادة في حجم الأزمات المفتعلة للتقليل من أهمية الانسحاب الأمريكي,البعض حمل الموضوع أسبابا نفسية, بأن المكون السني السياسي لايقبل سياسة الأمر الواقع,ولا يريد أن يشعر بأن الديمقراطية قد قلبت معادلة التاريخ السياسي للدولة العراقية, الذي اعتادوا النوم عليه والعض على صفحاته بقوة,
هذه الأسباب إضافة إلى جملة عوامل خارجية وداخلية ,بدت وكأنها ترجح كفة الشروع بتحويل تلك المناطق التي يمتلك أصواتها(المناطق المكون السني)إلى أقاليم فيدرالية مرتبطة مركزيا بحكومة بغداد الاتحادية,
بينما نحن نعتقد إن التهميش الذي يشعر به إخواننا العرب السنة يجب أن يعالج جذريا,وفقا لمراحل مدروسة,تبدأ بنهاية أزمة الزعامات المتعددة للقائمة العراقية,والابتعاد عن اتهام القضاء العراقي بتهم باطلة(كالتسييس والجهوية وعدم نزاهته وهذه مخالفات خطيرة تحدث بها الهاشمي النائب المطلوب للتحقيق),وتركه يعمل دون قيود واتفاقات وصفقات سياسية مشروطة,والعمل على إعادة لغة الحوار بين الكتل البرلمانية الكبيرة(لاسيما التحالف الوطني),حيث يمكن أن نقسم تلك الخطوات الجوهرية إلى عدة نقاط منها:
أولا:يمكن مراجعة كرسي الرئاسة على اعتبار إن المكون الكردي ليس له أي حق وفقا لمبدأ المحاصصة والتوافق, بأي موقع من مواقع الرئاسات الثلاث,وذلك لما يتمتع به من استقلالية كاملة في إقليم كردستان ,
(ولان الموضوع لايشبه التجربة اللبنانية ,التي تعودت كتله على التقسيمات الثلاثية,لان المكونات الاجتماعية المختلفة في لبنان متداخلة مناطقيا واجتماعيا,بينما الوضع في العراق مختلف تماما,تكاد تكون بغداد فقط يشترك فيها المكون العربي السني والشيعي ,وهم أيضا في الأعم الغالب مقسمين إلى مناطق معروفة ومحددة,وبقية المكونات موزعة بشكل منفصل, جنوب, وسط ,شمال),
وقد أثبتت تجاربه الإدارية رغم العديد من التحفظات الحكومية والجماهيرية على بعض الممارسات الاستفزازية لسلطة المركز الاتحادي,نجاحه الواضح في العديد من المجالات الإدارية والخدمية والعمرانية والاقتصادية,
هذا فضلا عن إن السيد الطالباني يمكن له أن يتنازل عن هذا المنصب بدواعي الكبر والمرض ,وانتفاء الحاجة المعنوية والاعتبارية للمكون الكردي من هذا المنصب
(وقد ردد السيد الطالباني كلماته الكردية في الجمعية العمومية للأمم المتحدة,معلنا ولادة ثقافة كردية معترف بها عالميا)
,وإسناد هذا المنصب للمكون السني,بحيث يصبح لهذا المكون العربي المهم(الذي يلتقي مذهبيا مع المكون السني الكردي),فيصبح لهم منصب البرلمان ورئاسة الجمهورية ,مع ترك بقية التوزيعات الوظيفية للدرجات الخاصة على حالها السابق(وفقا لمرض المحاصصة والتوافق).
ثانيا:إعلان البراءة الكاملة من قبل القوائم الكبيرة (وبالأخص العراقية) من الأعضاء الذين يدينهم القضاء بجرائم إرهابية,ومن حزب البعث المحظور,وإدانة جرائم الإبادة التي ارتكبت بحق أبناء الشعب العراقي,والعمل بجدية مع الحكومة ومجلس الوزراء لتكملة بناء الدولة والوطن ,والامتناع عن التدخل في شؤونها,مع الموافقة على منح السيد رئيس الوزراء صلاحيات واسعة يتحرك بها دون قيود(أو ما يسمى بالشراكة والمشاورة واخذ رأينا في كل صغيرة وكبيرة),على اعتبار إن الرئاسات الثلاث هي في نهاية المطاف من يصنع القرار الحكومي الوطني الرسمي.
ثالثا:العمل على إعطاء المزيد من الصلاحيات الإدارية والمالية لمجالس المحافظات المحلية,والانتقال تدريجيا نحو النظام الإداري  اللامركزي,وذلك من خلال فتح مكاتب محلية تمثل الوزارات الحكومية كافة(عدى الاتحادية أو السيادية ,الخارجية الدفاع, الداخلية,الخ),يمكن أن تشرف (أو لايشرف )عليها مجالس المحافظات(رؤساء اللجان فيها) ,أو حسب الدرجات الوظيفية المتوفرة والممنوحة لتلك المكاتب,هذه الخطوات سوف تمنح المزيد من الصلاحيات الخاصة بالمحافظات ,وتجعلها قادرة على الأداء والعطاء دون الرجوع إلى سلطة المركز, والخضوع لروتينها القاسي
(عدى الأمور والمواضيع والمشاريع الإستراتيجية الوطنية),
وبالتالي تصبح مسألة التحول نحو سلطة ونظام الأقاليم أمرا يسيرا,يمكن لأهالي تلك المحافظات أن يختاروا بين النظام اللامركزي وبين الفيدرالية(اغلب الازدحام المرورية على الطرق الخارجية وحوادث الموت بين بغداد والمحافظات ,هي فقط لكثرة المراجعين للوزارات والمستشفيات المتوجهين إلى  العاصمة بغداد),
أما البقاء تحت رحمة السلطة المركزية , تشكل تعقيدا للنظام الديمقراطي الحديث,وقيدا مرفوضا من الجميع,فهذه أمور انتهت في اغلب دول العالم,وأصبحت الحكومات الالكترونية,هي البديل المنطقي لكل المراجعات الورقية.
إن الحوار السياسي بين الكتل لا يمكن أن يكون بديلا عن العدالة واحترام السلطة القضائية(وهي سيد السلطات  التشريعية والتنفيذية),
كما يجب أن لا يقترب تماما من أسوار تلك المؤسسات الشرعية والأخلاقية المقدسة,بل عليها أن تجد مخارج أخرى للازمة,وفقا لمبدأ التنازلات السياسية المطلوبة في ظل الظروف العصيبة والحساسة,
لينعم الجميع بثروات وبركات بلده دون استثناء,وحتى ترضى النفوس الهائجة والمتلهفة لكراسي الحكم الناصعة,فهم لازالوا بعيدين عن فهم فلسفة الحكم في النظام الديمقراطي,حيث يتساوى فيه كرسي الحاكم مع كرسي موظفيه وأفراد شعبه,
مع إننا نرى العكس في كل دورة حكومية ,أو في كل فصل تشريعي ,تختلف الصورة,نجد إن كرسي  الرئاسات الثلاث يعلوا فوق كراسي زملاءهم الآخرين!
لا فرق بين كرسي احد في الحكومات الديمقراطية.
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب