23 أكتوبر، 2024 7:23 م
Search
Close this search box.

قوانة التغيير

عزفت القوائم الانتخابية ومرشحوها على نغمة التغيير في الانتخابات الماضية، وكان التغيير مطلباً جماهيرياً دعمته المرجعية، حيث تم تفسير هذا الدعم بما شاءت الدعاية الانتخابية التي لم توفر جهداً للتأثير على الناخبين. الحاكم طالب بالتغيير وكذلك معارضوه، ونغمة التغيير تبدو نشازاً إلّا في المواسم الانتخابية. طالب البعض بالتغيير فقط لإسقاط الحاكم، بينما طالب هو بالتغيير لإبعاد مناوئيه حتى يستطيع تطبيق رؤاه بيسر وسهولة، الاتهامات متبادلة بين الطرفين، وكل منهما يرى أن الآخر عائق في فرض الأمن والازدهار الاقتصادي والتنمية البشرية. التغيير صار ثيمة الانتخابات الماضية، وغايتها التي اتجهت اليها بوصلة الجميع، ولكن يبدو ان التغيير لن يحدث، وإن تغيرت وجوه.
يا سادة يا كرام، التغيير يتم بتغيير الأساليب والأسباب، وتغيير الخطط والسياسات، والأهم تغيير النيّات. التحالفات ستعقد، وستولد الحكومة قريباً أو بعيداً، ولكنها ستبقى هي نفسها وان تم اختيار رئيس حكومة بديل للمالكي، وسينظر كل طرف لم ينل ما يكفيه الى الآخرين بعين الحسد والحقد، وسنشهد توقف عجلة البرلمان والحكومة، وقد تهاجمنا مشكلات وأزمات لا عهد لنا بها جديدة ناتجة عن تحالف الأعداء. لا أود النظر الى المستقبل بسوداوية، لكن من لا يرى من الغربيل فهو أعمى. لن تفرز الانتخابات وجوهاً جديدة، والتبديل في دم البرلمان الفاسد لن يكون واسعاً، الحيتان العملاقة ستفرض رؤيتها على الآخرين.
يراهن الكثيرون على التيارات العلمانية او الاسلامية المعارضة، واتمنى ان لايفوتكم ان أزمات العراق عابرة للحدود، وأن تشكيل الحكومة المركزية يختلف عن حكومات المحافظات، ومهما كان صدق العلمانيين أو تقوى الاسلاميين فإن فن المعارضة مادة لم تدرّس في السياسة العراقية، ستجد الحكومة الجديدة مهما كانت وطنية أكثر من سبب يعطلها، وستنطلق المبادرات والاتفاقات في اربيل والبصرة والنجف والرمادي، ولكن سيخرج الزعماء منها وهم يبتسمون لبعضهم بغيض ويضمرون الشر. العراق منهك، وأرضه لاتحتمل دكتاتورية جديدة، ولاديمقراطية رخوة، العراق بحاجة الى عقل وقوة وضمير. أن يبقى الوضع كما هو فإنه يعني الدمار، وأن يسعى طرف واحد للتغيير فهو ضحك على الذقون.
الانتخابات فرصة للتغير، ولكن ليس لتغيير الوجوه فقط.

أحدث المقالات