قصف دمشق ليس الأول بتأريخ المواجهات العربية الاسراــ ئيلية فقاهرة المعز وبغداد الرشيد وبيروت المقاومة سبق ان تعرضت هذه العواصم الاكثر رمزية وحضوراً بتأريخ المواجهات الى انتهاكات لسياداتها المفترضة ، والأكثر تعرية للنظام العربي سقوط العاصمة اللبنانية بيروت كأول عاصمة محتلة من قبل القوات الاسراــ ئيلية عام 1982 وسط صمت عربي مريب وانشغال العراق بحربه الدامية مع ايران !
اختلفت او اتفقت ، سواء مع نظامي العائلة الاسدية أو الرئيس الجديد احمد الشرع او الجولاني لافرق ، فان قصف دمشق ،وهي تلملم جراحات حرب اهلية منذ عقد ونصف، يعرّي منظومة النظام العربي برمته بشخوصه وشعاراته ومتبنياته ومشاريعه القومجية والاسلاموية، بما فيها مشاريع التطبيع على اختلاف مسمياتها وتلاوينها والستائر التي تختفي خلفها بما فيها الشعارات الاكثر ثورية عن التحرير والقاء الاسراــ ئيليين في البحار التي اصبحت ضيقة على الفلسطينيين انفسهم التي اغرقتهم تلك الشعارات وممارساتها في تيهان النزوح العاشر الى حدود البحث عن البديل في الصحارى العربية الشاسعة !
قصف دمشق في قلب سيادتها المقر الرئاسي ووزارة الدفاع لايعد عدوانًاسافرًا على السيادة السورية، وانتهاكًا فاضحًا للقانون الدولي، وتجسيدًاواضحًا لنهج الاحتلال في زعزعة استقرار المنطقة وخدمة مشاريعه التوسعية ، بل هو عدوان “لا ينفصل عن مشروع “ممر داوود”، الذي يسعى من خلالهالكيان الصهيوني إلى إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية للمنطقة بما يخدمأجنداته ويقوّض أمن المشرق ووحدة دوله” كما شخّصه بيان لتحالف السيادة الذي يتزعمه خميس الخنجر في أول واسرع رد فعل على قصف دمشق .
الغريب ان الانظمة العربية مجتمعة وفرادى عاجزة عن اتخاذ موقف حقيقي وجاد ،ولانذهب في آمال الشجاعة والفرسان والمواجهات بعيداً ، فيختلط علينا الثوري بالشعاراتي مع الواقعي ، فالعجز وصل الى اقصى مدياته بما في ذلك العجز الدبلوماسي ، وويبدو المشهد في جوانيته وتحليله المنطقي ، ان الجميع تريد الهرولة أمام المشروع الاسراــ ئيلي لكن ” الاخلاق العربية ” و ” العيب من الجيران ” تحولان دون الهرولة الأكثر سرعة وتمييزا وسلاسة للأهداف حتى قبل نتنياهو نفسه الذي يتلاعب بعدادات المنطقة كما يشاء ومن خلفه حماة الديار في واشنطن !