13 ديسمبر، 2024 2:43 م

في ظلال الاستقامة

في ظلال الاستقامة

-1-
الخط المستقيم :هو الخط الخالي من الإعوجاج والالتواء .

والانسان المستقيم : هو صاحب المسار المستقيم، والسلوك المعتدل، البعيد عن الزَيغِ والانحراف .

وعلى هذا فالاستقامة هي أكبرُ علامةٍ على الصحة والسلامة

ومن هنا :

قال الامام الشهيد أية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر – رضوان الله عليه في العدالة { إنّها بمعنى الاستقامة .

وهذه الاستقامة تستند الى طبيعة ثابتةٍ في الانسان المستقيم …

وكلما كانت المسؤولية أكبر وأوسع وأجلّ خطراً كانت العدالة في من يتحملها بحاجة الى رسوخ أشدّ وأكمل في طبيعة الاستقامة لكي يُعصم بها من المزالق }

الفتاوى الواضحة ص132 / ط مركز الابحاث

والدراسات التخصصية للشهيد الصدر

-2-

قال تعالى مُخاطِباً سيّدَ الرسل والانبياء (ص) :

{ فاستقِم كما أُمرتَ } هود / 112

والمروي عن ابن عباس :

” ما نزل على رسول الله (ص) أية كانت أشد عليه ولا أشقّ من قوله تعالى :

( فاستقم كما أُمرت )

ولذلك قال لأصحابه حين قالوا له :

أسَرَعَ اليك الشيبُ يا رسولَ الله :

” شيّبتني هود “

-3-

ويقول الشاعر :

حنانَيْكَ فاعرفْ أيَّ نهجيْكَ تَنْهَج

طريقان شتّى مستقيمٌ وأعوجُ

انهما طريقان مختلفان متضادان …

فأين السليم من السقيم ؟

وأين الأصيل من الدخيل ؟

والمهم :

انّ الاستقامة هي خيار الأبرار الذين {لا خوفٌ عليهم ولاهم يحزنون} .

-4-

إنّ الارهاب هو احدى النتائج المروعة لنبذ الاستقامة ، لانه وليدُ الغُلوّ والتطرف، وهما نقيضا الاستقامة والاعتدال .

وقد أصبح الارهاب اليوم خطراً عالمياً يهدّد الامن والسلم الدوليين .

وما داعش وأخواتها من الرضاعة الاّ الامثلة البارزة على حجم التوحش والسقوط الفظيع بعد أن أصبحت الاستقامة غائبةً عن الساحة ..!!

-5-

ان الاستقامة مطلوبة على كُلّ المستويات :

مطلوبة على المستوى الشخصي ،

ومطلوبة على المستوى الاجتماعي مِنْ قِبَلِ الجماعات البشرية الممتدة عبر أرجاء المعمورة

ومطلوبة على المستوى الدولي

ولكننا – للاسف الشديد – قلّ أنْ نظفر بها في مظان الحاجة اليها …

انّ منطق القوة هو الغالب ، بينما لابُدَّ أنْ تَكونَ قوّةُ المنطق هي الغالبة..!!

-6-

قال كاتب عربي :

” انه قرأ مقالاً في مجلة لكاتب عربي شهير قال فيه :

انه – اي الكاتب – حين كان عضواً في البعثة العلمية بانكلترا اشتبك في نقاش حاد مع انكليزية مثقفة حول الاسلام والمسيحية فقالت الانكليزية – مُتحديةً جميع المسلمين بشخص الكاتب المسلم :

أني ألخص مبادئ المسيحية كلها بكلمة واحدة ،

وهي المحبة ،

فهل تستطيع أنت – أيها المسلم – أنْ تأتي بكلمة تجمع مبادئ الاسلام ؟

فأجابها الكاتب المسلم :

أَجَلْ ،

انها كلمة التوحيد

قال الكاتب بعد ان نَقَلَ هذا الحوار :

لم يكن الجواب موفقا …

ثم قال :

لو وُجِّهَ اليّ هذا السؤال لأجبتُ :

ان هذه الكلمة هي الرحمة .

واستدل على صحة جوابه بالعديد من الآيات والروايات، مبتدئا ببسم الله الرحمن الرحيم الى قوله تعالى ” وما أرسلناك الاّ رحمة للعالمين “

وعلّق المرحوم الشيخ محمد جواد مغنية قائلا عن الكاتب: لم يكن موفقا في اختياره كلمة الرحمة لانه لم يزد شيئا على ما قالته الانكليزية حيث أخذ كلمة المحبة منها وترجمها الى كلمة الرحمة .

ولو كنت حاضراً … لأجبت بكلمة (الاستقامة)

انّها الكلمة الجامعة المانعة للاستقامة :

في العقيدة : بما فيها التوحيد والتنزيه عن الشبيه

وأيضا الاستقامة في :

الأعمال ،

والأخلاق :

والأحكام :

وجميع التعاليم بما فيها الرحمة والمحبة والتعاون .

إنّ الرحمة من مبادئ الاسلام وليست الاسلام بكامله، كما انّ التوحيد أصلٌ من أصوله ، لا أصوله بأجمعها

وبما انّ الاستقامة تجمع المحبة والرحمة والتوحيد وسائر الأصول الحقة والأعمال الخيرية والاخلاق الكريمة المستقيمة ،

وبما انها المقياس الصحيح للفضيلة والكمال الذي يبلغ بالانسان الى سعادة الدنيا والاخرة، لذلك كله أُمرِنا أنْ نكرّر في صلاتنا صباحَ مساءَ :

{ اهدنا الصراط المستقيم }

ولا شيء أدل على أنَّ الاستقامة هي الكُلّ في الكّل من قول أبليس اللعين:

” لاقعدن لهم صراطك المستقيم “

وجاء في الحديث الشريف :

” قال سفيان الثقفي :

يا رسول الله :

قل لي في الاسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدكَ قال رسول الله :

قُلْ :

آمنتُ بالله ثم استقم “

واختصاراً :

ان معنى الاستقامة ان نقف عند حدود الله ،

ولا ننحرف عن الحق الى الباطل ،

وعن الهداية الى الضلال ،

وان نسير بعقيدتنا وعاطفتنا وجميع أقوالنا وأفعالنا على الصراط المستقيم …”

[email protected]