21 ديسمبر، 2024 6:46 م

عذراً يا قدس….فالعرب منشغلون بقتل بعضهم البعض

عذراً يا قدس….فالعرب منشغلون بقتل بعضهم البعض

سبق وإن كتبت مقالاً بعنوان القدس.. تجدد المواجهات في ساحات الأقصى، كان لا بد لي أن أتمهل لأرى ما الذي سيفعله المجتمع العربي والدولي تجاه حقيقة ما تفعله إسرائيل المغتصبة من عمليات إقتحام للمسجد الشريف وسلب هويته الإسلامية والعربية، ولعل التصعيد الإسرائيلي للقدس وتهويد سكانها ومعالمها ، جعلني أعود مرة أخرى للموضوع وذلك لأهمية إيضاح حقيقة ما يقوم به المغتصب المتعطش لسفك الدم وقتل الأبرياء وإنتهاك حرمة المقدسات بالرغم من الصيحات والمناشدات الصادرة عن كافة الجهات الفلسطينية.

 

السؤال الكبير الذي يفرض نفسه دائماً هنا هو: أين الرجال الذين تنتظرهم فلسطين وعلقت صورهم في في شوارعها وأزقتها وحاراتها ؟ …مجرد منافقين يتاجرون بأرض ودماء الفلسطينيين الأبرياء، أمر معيب ولا أخلاقي من موقف بعض الأنظمة العربية من القضية الفلسطينية وسعيها الحثيث للتطبيع مع الاحتلال الصهيوني وإقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع الكيان المجرم الذي يحتل أرضاً عربية بقوة الإرهاب الدموي، الذين ما فتئوا يلهثون وراء فُتات العدو الصهيوني في مفاوضات عبثية إستمرت لعقود، دون أن تحقق للشعب الفلسطيني وللأمة بأسرها سوى الخراب والدمار.

 

منذ سنين طويلة والقضية الفلسطينية على طاولات المؤامرات العربية والدولية ، فالكل يبيع والكل يتآمر من أجل بيع ملف القضية الفلسطينية ، والبعض يقبض من أجل التنازلات ، وهناك من يسعى ليبقى الإحتلال في قلب الشرق الأوسط . أليس كان أولى بالحركات الإسلامية التي تخرج كل يوم لقتل آلاف الأبرياء من المسلمين أن يأتوا إلى فلسطين ويعدلوا بوصلتهم نحو العدو، لا أن يحاربوا المسلمين في العراق وسورية وليبيا واليمن وغيرها.

 

العدوان على القدس اليوم من قبل إسرائيل، أتى توقيته المدروس لكسر يد المقاومة الفلسطينية، وإبادة الشعب الفلسطيني، فالذي يحدث في القدس، ليس حلقة من حلقات الصراع مع الإحتلال فحسب، لكنه أيضاً معركة فاصلة بين مسار المقاومة ومسار التسوية والإستسلام، فبعد أن راهن فيها الكثير على سقوط محور المقاومة، ثبت أن مكونات هذا المحور خرجت أقوى مما كانت عليه، إذ فشلت القيادة العسكرية الإسرائيلية من منع الصورايخ الفلسطينية من السقوط داخل المستوطنات، ناقلة رعب المعركة الى عمق الجبهة الداخلية التي لطالما تغنى القادة الصهاينة بكونها بمنأى عن الإستهداف.

 

أما على الجانب الآخر إن كلمة الفصل والقرار اليوم لم يعد لأحد سوى للأبطال في الميدان، فهم باتوا الأمل الوحيد للأمة المكلومة في رسم خارطة طريق جديدة للدولة الفلسطينية، فما نراه من إنجازات يمثل ثمرات لما غرسته أيادي الشهيد أحمد ياسين والشهيد فتحي الشقاقي وإبراهيم المقادمة وعبد العزيز الرنتيسي وغيرهم كثر، ولم يعد تحرير القدس وفلسطين مستحيلاً بعد أن قدمت المقاومة الفلسطينية بسالة منقطعة النظير أمام العدوان والغطرسة الصهيونية في حروبها الأخيرة.

 

ونقول أنه بعد هرولة العرب إلى التطبيع مع إسرائيل لم يبقي أمام الفلسطينيين إلا التخندق وحدهم في خندق الموت و الاستشهاد بشرف مدافعين عن الحق الفلسطيني الغير قابل للتصرف مع مناصري النضال الفلسطيني الشرعي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية، ومهما يكن فهي فرصة أمام الفلسطينيين لينهوا الانقسام ويتوحدوا لتحرير البلاد من المحتل الغاشم. لذلك لا بد من التحرك الفوري والعاجل، والرد بكل غضب على مخططات الاحتلال، بالإضافة الى الاستمرار في دعم نضال شعبنا الفلسطيني وصموده، صوناً لكرامة الإنسان، وإنهاءً لأبشع صور الاحتلال، وحماية للمقدسات الإسلامية والمسيحية من دنس الاحتلال .

 

مجملاً…. إن القدس هي الحصن المنيع بوجه الكيان العبري وبوجه إجرامه، لذلك فأن المسجد سيظل إسلامياً خالصاً لا يقبل القسمة، وإنه لن يكون فيه موطئ قدم للاحتلال ومتطرفيه مهما بلغت غطرستهم وعربدتهم من خلال صمود أبناء الشعب الفلسطيني الذين يرابطون للدفاع عن الأقصى بصدورهم العارية، وسيبقى الأقصى الشريف قبلة المسلمين الأولى وثالث المسجدين عنوان القضية الفلسطينية ورمز عزتها، وأن مدينة القدس والمسجد الأقصى لن نستعيدهما إلا بالمقاومة بكل أشكالها وعلى راسها المقاومة المسلحة.

 

وأختم بالقول، لنكن أمة واحدة في وجه الغطرسة الإسرائيلية والأميركية مستعدين للتضحية صوناً لكرامة الإنسان، وإنهاءاً لأبشع صور الاحتلال…………

 

فتحية من سورية الأبية المرابطة، إلى كل مقاوم وكل شهيد يسقط على أرض فلسطين من أجل تحريرها شبراً شبراً.

[email protected]